الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله النويس.. النجم والسهم

عبدالله النويس.. النجم والسهم
6 نوفمبر 2013 19:14
عبدالله النويس.. كنت في الزمان حساماً وضرغاماً.. كنت في السهل الممتنع، لغة وفي الحوار سواراً وأدواراً.. كنت في تعب الليالي، نجماً يتهجى لغة السماء، ويمطر الغيمة بعداً في التاريخ والجغرافيا، تضاريسك، سيدي، عشب المهارات في ترتيب الكلام، وأشجارٌ أثمارها فطرة جدلية، عارمة في الضجيج، كنت سيدي في المشهد ألقاً، وقلقاً، وحدقاً، ونسقاً، وعنقاً، وعُقداً، وعَقْداً، ونجداً، ووجداً ومجداً، ووجوداً، حضوره دوماً، كما تجلس الأقمار في حضرة السكون، وكما تترقرق الجداول، في صهد الصحارى، وكما تحدق النجوم في صفحات السماء، وكما تفكر الغيوم في بسط نفوذ الماء على الأراضي الجدباء. أنت.. أنت في الوصال فصل وخصال.. أنت النهل والمآل، في حومة الفكرة، وتقاسم البوح، على شفة الكلمة.. أنت المعادلة المترفة، في صياغة جملة الكلام، وأنت الجزيرة المعشوشبة بأجنحة الطير، ورفرفة أوراق التطلع، إلى نسمة تحرك بياض الموجة، وتسهب في الوشوشة.. أنت المنطقة، ازدانت بالأحلام، كما جاشت نوارسها، تبحث عن الأسئلة، في تلافيف المدى، ولا نقطة بعد السطر، إذ تذهب العبارة، باستثارة الوعي، واتساع رقعة الفضاء، والذروة القصوى أنك في الحُلُم حِلْم، وعلم وقلم.. وأنك في الابتسامة، علامة على مصالحة الذات، وشهامة المنجز الثقافي. رواية أبطالها كُثر أنت الرحلة في المنجز لم تكتمل فصولها، ورواية أبطالها كُثر، والثيمة بُعدك، والقيمة ما حصدته السنوات من حرقة في الزمان، يقظة في المكان، وانتباهة المطر، أنك ما زلت رغم الرياح، تربة خصيبة هضيبة، رحيبة، نجيبة، رطيبة، وأنك.. أنك، في المعنى جملة فعلية، مرفوعة على وتد التاريخ، مبني من جهد وعرق، مسقوفة بأحلام لم تزل كأجنة مجهضة.. أنت في الخصومة حِلمُ المهج الرحيمة، أنت في الوفاق عناق، وقيمة وشيمة، أنت الشكيمة المضمخة بعطر الحنايا والسجايا والثنايا، والطوايا، وما افتلج وما ابتلج، وما انبلج من فجر، ودهر، وقدر، وما فاضت به زرقة البحر، من دُرٍّ وجوهر.. أنت في المكان، هالة ومقالة، وصبابة الكلمات إذ تفيض بالمعنى وتزخر بالمغزى، أنت في الخضم زخم وحجم، ورقم تكبر به المعادلات الصعبة، وتمتد ألسنة بحارها، حتى مشارف الجبال، وأفواه السؤال، أنت في الذاكرة، موقد ورافد.. أنت في الذاكرة نبوءة ونبوغ وبلوغ ونخوة العقل، حين يتطيب بماء المكرمات، ويستفيق على فوح وضوع، وضوء ووضوء، يغسل القلب، ويملأ وعاء الروح، بنداء خفي كالهديل، كسلسبيل الجداول المترفة بالعذوبة، وصفاء القريحة.. أنت في الذاكرة، معادلة لا تقبل القسمة على اثنين، ولا شبيهك إلا أنت، أنت في الجزالة شجرة تُخلد جذورها في أحشاء المعاني، وتفرد أغصاناً في سماوات الوعي. أنت في السؤال وحيد، تقرأ الملامح التي مضت بصمت ثم تغسل الحروف بحبر العين، وتنشف الصفحات، بأنامل كانت نصلاً للقلم، أنت يا سيدي نهر نسي ماءه، عند نواصي الذاكرة، وما بين الحين والآخر يمد وتداً، ويجذب القطرات بكف اليد الواحدة، ولا يصفق ندماً لأنك يا سيدي نخلة الأمس، ورطب اليوم، وتمرة الغد، لأنك في العزلة تخصب وعيك، وترمي بالنظرات نجوماً، تملؤك شجناً ولحناً وفناً وإبداعاً، لأنك في الوحدة تختزل الزمان، بتلاوة الأشجان، مستدعياً خصال النجباء، ممتلئاً بقيم الأوفياء، ممتداً في المدى أفقاً، يزرع أبعاده بخيوط الشمس، وينسج قماشة الأمل من أعشاب الفرح، لأنك عندما تسرج خيول الدمعة، تمضي بالحنين إلى أقصى مداه، وتستعيد الصور، وترتل آيات الذاكرة القديمة، فتمتلك الأشواق، ولست أنت أول العشاق، من دهمتهم صبابات جذرت في الأعماق أعشابها، ثم هفهفت على العشب، بأجنحة القلب ثم أطفأت السعير بماء الوريد، ثم غطّت الحلم بشرشف الطمأنينة. لأنك يا سيدي للموجة بياض، وللمهجة حياض، وللبهجة رياض، لأنك في رحلة النهر من المنبع حتى المصب، النبتة التي استحضرت طاقتها الإيجابية، ثم أينعت وسمقت، وتمادت في البلوغ حتى طالت شغاف الغيم، لأنك من نهج الفصاحة والحصافة، نهلت، ونلت واستقمت وأقحمت رحلة التكوين بتبوؤ الجبال الشاهقة، وقطف الأمنيات من القمم الشم، لأنك هكذا، فأنت في الوعي منطقة خضراء. مازلت في المشهد عبدالله النويس.. مكتبك في جريدة “الاتحاد”، عرينك ومن قبلك وبعدك عرائن وقرائن، مدوا الجسور وفتحوا الثغور، وتمادوا في الهوى أشواقاً وأحداقاً وأنساقاً، من بعدك يا سيدي، مضت القافلة، وما زلت أنت في المشهد، صورة وسورة، وأسْوَرة ومحورا وجوهرا، وقمرا في العتمة ضوؤك، وفي ضوئك وضوؤك، والمراحل تترجل الأفراس، تهب الرايات للساريات، والنجوم أصابع تشع بالأمل، والغيوم رموش تظلل المقل، أنت يا سيدي، صياغة الإعلام، ونخوة الأيام، والحبل السري لأجنة الكلام، وإن شاح الظرف، فظرفك سيدي مطوي على رسالة مبجلة، كنت أنت فيها العنوان، والمتن والصولجان، أنت البناء والبيان، وأنت المحسنات البديعية، لعبارة ما تخلت عن بريقها رغم مساحة النسيان.. أنت يا سيدي، صاحب السؤال، عن أصدقاء مروا من هنا، عند قارعة الذاكرة ووجوه تلافت وتساقت، وحاكت نسيج المعرفة، على لوحة التأمل، ومضت وبعدها تبدو الصورة، معلقة على حائط المبكى، تبدو الملامح كأنها الأثر من بعد عين، تبدو أنت الواقف نخلة بجذور الأولين، والعاشقين الذين ضمنوا القصيدة قوافي وأوزاناً، وصاغوا من بحر التذكر بحراً جديداً لعروض الشعر، وما جاد به الفراهيدي. أنت في النهل، والسهل، والبذل، والجدل، وأنت في الحوار، نهر يجدل خصلات الماء، مسترسلاً كأنك الوعد الأبدي، كأنك التراب يحضن أشواق الشجر، ويدفئ الزهر، بنبض المطر، لأنك أصل الندى، والتمادي في الحث والنث والبث. أبو خليفة.. جدير بالكلمات أن تطرب الصفحات، بالتنوين والتسكين والتضمين والتلوين، وباليقين إذا أمكن، جدير بالصفحات أن تخصب بالمعاني عندما تنهض الذاكرة، وتحطب في حقل خصوبتها، وتسابق غزلان الحلم، لأجل ورود ماء الحقيقة، جدير بنا سيدي أن نصطاد في بحار الذاكرة طيور الوعي، ونستدعي دفاتر الزمن، لعلنا نضع النقاط على السطور، وننهي رحلة النسيان، لعلنا نمتطي صهوة أحلامنا، ونتذكر دوماً فرساناً، مروا من صحارينا وأيقظوا فينا أشجار الوعي، ووصفوا على الأغصان ثمرات النضوج، ثم مضوا، مترجلين أو مترقبين، أو منتظرين، ماذا يجيش في الخواطر من نبض الكلم، وماذا يدور في أحشاء الحلم، وماذا تخبئ الأذهان من حكايات الأمس. أنت يا سيدي، أنت في كراسة الوعي مدرسة، ومؤسسة، أنت جذوة الكلمة، ونصل العبارة، أنت قدوة ونبذة مطولة.. أنت الخلاصة والقصاصة، التي اختصرت موسوعة الزمن في صفحات استنارت بالإلهام المعنى، أنت النار والقلم والقرطاس والكلم، أنت النون وهمزة الألم، أنت في كتاب الأولين، ناس وينوس ومستأنس بعذاب الموئل والشجن، أنت القابض على حرفة الأمل، معتنقاً الصرامة، في عالمك البديل، مستبداً حتى الرهافة، متبدداً حتى التقانة، مستوحياً من عقيدة الانسجام مداك الواسع، مستشرفاً النهار التالي، ببصر وبصيرة، منتمياً إلى الوطن لكل ذرة من ذرات الروح والجسد، متسامياً بالقلب حتى بلوغ السويداء والنياط. عبدالله النويس، المتبتل في صومعة الصمت، الرابض في خلوة الكلام الهائم في ملكوت العزلة المبجلة، الضارم في وهدة الروح، الذاهب في دياجير الوحدة المزلزلة، النابت خطوة على الأرض، بخفة الماء بشفافية ورق التوت، بأحلام الطير المتربص باللذة المؤجلة، عبدالله النويس، المتأهب بقول شيء تبديه الابتسامة الرقيقة الجاسر، الناظر، الباهر، الساهر، الناقر، المثابر في صياغة الصمت نسيجاً من قماشة الروح المدنفة، الظاهر شهاباً من أتون السماوات الباهرة في جوف المكان، وتحت ضوء النفس الشفيفة، تبدو سيدي قنديلاً يتهجى ألسنة السعير، تمضي كأنك الشعاع، باتساع الفضاء، بحجم الكوكب بقوة المنكب بحفلة النجوم، الناهضة منذ الأبد، وزعزعة الريح، في ثنايا الكون، وهتاف الأغصان فوق الشجر، باصطفاف الليالي كأنها الملاءات المخملية، شادياً أنت، متداعياً على الجسد المنهك، بروح كالجبال لا تخبو ولا تنحني، لا تجثو ولا تنثني، تصفد ذاتاً، تمسد صفحة القلب بأنامل الفرح، لا تكسر عصاك ظهور النوق الهاربة، ولا تلجم خطاك عثرات الكثبان الرهيبة، تشيد بيت التأملات، من طين الإرادة، وتبني الفكرة من كنوز مآثر، ومخابر، وأواصر، ومسابر، وخواطر، وجواهر، ومحاضر، وكواسر.. حارس الكلمة أنت ونابسها وفارسها، وقابسها.. أنت.. أنت الفانوس، والقاموس، والناموس، والناقوس، أنت المغرم بتجاويف المعنى، لذلك كان لابد من نطفة في الصدر تنمو أشجارها، ذاكرة تتوهج بأثمار الحب، وحيث تتوهج أنت بكل ما يعنيه الخصب والصخب. ? ?أبو خليفة جدير بالكلمات أن تطرب الصفحات بالتنوين والتسكين والتضمين والتلوين وباليقين إذا أمكن ? ?حارس الكلمة أنت فارسها وقابسها.. أنت الفانوس والقاموس والناموس والناقوس أنت المغرم بتجاويف المعنى
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©