الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلطة «الكيبورد»..

سلطة «الكيبورد»..
6 نوفمبر 2013 19:19
«الإنترنت في العالم العربي.. ميدان وكيبورد» ليس كتاباً بالمعنى التقليدي، لكنه تقرير علمي يصدر سنوياً، تعده الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهذا هو التقرير الرابع، ويقدم رصداً لاستخدام الشبكة العنكبوتية في العالم العربي. بلغ عدد السكان في عالمنا العربي، حوالي 342 مليون نسمة، وبلغت عدد خطوط الهواتف المحمولة نحو 270 مليوناً، بينما وصل مستخدمو الإنترنت إلى 103 ملايين، وحوالي 43 مليوناً يستعملون «الفيس بوك». أما «تويتر» فإن مستخدميه نحو 1.5 مليون. وحققت مملكة البحرين رقما قياسيا في استخدام «تويتر» إذ وصل العدد إلى 160 ألف مستخدم من عدد السكان البالغ نحو 1.5 مليون نسمة، وأقل نسبة لمستخدمي «تويتر» قياساً على عدد السكان في السودان، إذ وصل عددهم إلى 9500 مستخدم من إجمالي عدد السكان البالغ 45 مليون نسمة، قبل انفصال الجنوب عن الشمال. وحققت دولة الإمارات أكبر رقم لمستخدمي الإنترنت مقارنة بعدد السكان، حيث بلغ مستخدموه نحو 5.7 مليون مستخدم، بينما عدد السكان على أرض الإمارات 8.2 مليون. وجاءت مصر والسعودية في قائمة مستخدمي «تويتر» إذ بلغ عددهم في البلدين نحو 400 ألف مستخدم ومقارنة لعدد السكان بين مصر والسعودية تأتي السعودية في المقدمة. والأرقام تقول الكثير في هذا الصدد، أكبر عدد لمستخدمي الإنترنت في مصر حوالي 31 مليون مستخدم، وأقل عدد في الصومال حوالي 110 آلاف، وفي العراق أعلى نسبة لمستخدمي «الفيس بوك»، حيث يبلغ 100 في المئة من مستخدمي الإنترنت حوالي 1.5 مليون، وأقل الدول العربية حجباً لمواقع الإنترنت هي العراق وتونس ولبنان، وأكثرها حجباً هي المملكة العربية السعودية، وأكثر الدول ملاحقة قانونية للنشر على مواقع «تويتر» هي الكويت. في تقديم للتقرير/ الكتاب يعلق د. رونالد مينا ردوس المدير الإقليمي لمؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية، أن أثر الإنترنت كان أقوى في البلدان غير الديمقراطية، لأن المجتمعات الاستبدادية عادة ما يخضع تدفق المعلومات فيها وحرية تداولها لقيود شديدة من لوائح وقوانين وأعراف وتقاليد تتيح لرجال السلطة أن يقوموا بإدارة الرأي العام والتحكم فيه، ونتيجة لذلك يمكنهم تحويل مسار الاختلاف السياسي إلى الطريق الذي يقررون هم، إن لم يتم منعه من الظهور كلياً. وقد امتلأت هذه الدول بالعديد من أجهزة الرقابة على المطبوعات وعملية النشر، وعلى الصحف ووسائل الإعلام، الأمر الذي جعل مهمة الحكام سهلة وميسورة في السيطرة على آراء المعارضة وقمعها، ولكن مثل هذه المهمة باتت صعبة للغاية في ظل وجود الإنترنت ووسائط المعلومات الحديثة، ذلك أنها تختلف عن الوسائل التقليدية، ولعل المشهد الذي وقع في مصر خلال شهر فبراير 2013 يكون كاشفاً لصعوبة وربما استحالة فرض الرقابة، حيث قضت إحدى محاكم القاهرة بحجب مواقع «اليوتيوب» لمدة شهر عقاباً له على بث الفيلم المسيء لرسول الله (ص)، ولما كانت الجهات المسؤولة في مصر عن الاتصالات هي المعنية بتطبيق حكم المحكمة، فقد أعلن المسؤولون رسمياً أنه لا يمكنهم حجب هذه المواقع نهائياً، وأن أقصى ما يمكن فعله هو حجبها لمدة ربع ساعة فقط، وأن هذه الفترة سوف تكلفهم كثيراً من الناحية المالية، وبعد مراجعة وتدقيق اتضح أنه لا يمكن المنع نهائياً ولا لدقيقة واحدة، لذا صرف النظر ـ واقعياً ـ عن تنفيذ الحكم في هذه الجزئية، ويبدو أن وزارة العدل أدركت هول المسألة. لم تكن تلك هي المرة الأولى في مصر، فقد سبق أن أصدرت محكمة القضاء الإداري في مايو 2009 حكماً يلزم الحكومة المصرية بإغلاق المواقع الإباحية، بناء على دعوى كان أحد المواطنين قد رفعها، ولم تنفذ الحكومة هذا الحكم في حينه لصعوبة التنفيذ، وفي مايو 2012 تقدم عضو بالبرلمان، تابع لحزب «النور» السلفي، بطلب إحاطة لحجب المواقع الإباحية، بناءً على ذلك الحكم الذي صدر ولم ينفذ، ووافق البرلمان على طلب النائب مبدئياً، وثارت ثائرة مستخدمي المواقع ونشطاء المجتمع المدني ضد هذا الطلب، الذي لم يحدد معنى المواقع الإباحية والمقصود بها، وساد التخوف من أن يمتد المنع إلى المواقع التي تنشر الأخبار والمدونات، وكانت المفاجأة أن طلب النائب لم يتم تحويله للمناقشة، ذلك أن الحكومة أعلنت صراحة أنه لا يمكن منع مثل هذه المواقع، واعتبرت المسألة في النهاية قضية أخلاقية، أي من يتخوف على الأخلاق العامة لا يتجه إلى مثل هذه المواقع، والمعنى الأعمق والأهم لذلك كله أن الرقابة التي كانت تفرض من قبل بيسر وسهولة لم تعد ممكنة الآن، ومن المضحكات المبكيات أن الكثير من الكتب التي صودرت ومنعت لعقود طويلة مثل كتاب «رجوع الشيخ إلى صباه» تم وضعها على بعض المواقع ومن ثم صارت متاحة، وأدى هذا إلى صدور طبعات ورقية عدة منها، ويتم تداولها لدى أكشاك الصحف والكتاب في شوارع القاهرة، وأدركت الجهات الرقابية عبث مطاردة الكتاب وغيره من الكتب التي منعت لعقود طويلة. ويرفض د. ميناردوس القول الذي تردد بين البعض في عام 2011 عن أن ثورات الربيع العربي، هي ثورات الإنترنت والفيس بوك، فذلك قول يكشف قدراً من التسرع والتسطيح في الوصف، ما حدث في عدد من الدول العربية، خاصة في مصر وتونس وليبيا واليمن، كانت له أسباب خاصة بطبيعة الحكم والاستبداد في كل بلد، لكن الإنترنت وأدوات الاتصال الحديثة سهلت على المواطنين الاتفاق العام وتبادل المعلومات والأخبار، وهو ما لم يكن ميسوراً من قبل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©