الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

القرن الأفريقي.. منطق التاريخ وتقاطع المصالح

17 مارس 2007 01:41
علي العمودي: جغرافيا تعرف المنطقة النافرة من شرق القارة السمراء، بمنطقة القرن الإفريقي التي تضم سياسيا الصومال وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي وكينيا، وإلى حد ما أوغندا· أما القرن الإفريقي جيواستراتيجيا فله تشعبات كثيرة تضم اليمن وبلدان جنوب الجزيرة والخليج· وهي منطقة حيوية جدا على تماس مع الأمن القومي العربي الذي تعد امتدادا له، خاصة أن هذه المنطقة تمسك بعصب الحياة في أهم وأكبر دولتين عربيتين في إفريقيا مصر والسودان، فمن إثيوبيا وأوغندا تجري مياه النيل شريان الحياة في الوادي الذي يحمل الاسم ذاته، وهو كذلك بالنسبة لكل الأراضي التي يمر بها من المنبع إلى المنصب· ورغم هذه الأهمية الجيوسياسية للمنطقة، إلا أن نصيبها من الاهتمام العربي لم يكن بالقدر الذي ينبغي أن يكون عليه، وقد كان لهذه المنطقة اتصال حضاري بالعرب منذ حقب التاريخ المبكرة، وكذلك بالإسلام الذي دخل هذه البقاع مع بدايات الدعوة الإسلامية· وقد تعاظمت الأهمية الاستراتيجية للمنطقة مع ظهور النفط كعامل حاسم في المصالح الدولية باعتبارها تقع بالقرب من منابعه وموانئ تصديره· كما أنها منطقة مضطربة تضم مسلمين ومسيحيين وقوميات عربية وغير عربية، بل إن عدد القوميات في إثيوبيا وحدها لا يعد ولا يحصى· يقول الكاتب والمؤرخ الإريتري محمد سعيد ناود في معرض حديثه عن الارتباط التاريخي بين العرب وهذه الأجزاء من القارة الإفريقية إن ارتباط هذا الجزء من القارة الإفريقية بالعالم العربي ارتباط قديم موغل في القدم، وهي تختلف كليا في الكثير من أوجهها عن باقي الهجرات التي عرفتها البشرية في مناطق عدة من الكرة الأرضية· وقدم هذا التواصل ينعكس اليوم في التأثير والتأثر الواضح والترابط والوجدان واللغة والثقافة والسمات البشرية· ويقول ناود إن العوامل الرئيسية وراء أسباب هذه الهجرات متنوعة ولكن في مقدمتها الظروف الطبيعية القاسية في أرض العرب، ويذهب بعيدا للقول إن بعض المؤرخين يعتقدون أن العنصر المعروف باسم كوش بن حام بن سيدنا نوح هم أول من سكن سواحل البحر الغربية، ويرجحون أن يكونوا الأصول الأولى لقدماء المصريين· كما يشيرون إلى الهجرة السبئية من جنوب الجزيرة العربية التي تركت بصماتها وآثارها بشكل واضح من خلال موجات متتالية للقبائل السبئية القادمة مما يعرف حاليا باليمن وحضرموت· وقال ناود إن الكتب لا تحدد لنا الكيفية التي جاءت بها هذه الموجات أو أعدادها، ولكن من الثابت أنها جرت قبل ميلاد السيد المسيح بآلاف السنين، البعض يذهب إلى ما لا يقل عن عشرة آلاف عام· وقال إن النقوش الحجرية المكتشفة تشير إلى قبائل سبئية وحميرية عبرت البحر عن طريق باب المندب وجزر دهلك باتجاه مرتفعات إريتريا والحبشة، وكان على رأس هذه القبائل النازحة من الجنوب العربي قبيلة تدعى الأجاعز اختارت الاستيطان في الأقسام الجنوبية من المرتفعات الإريترية، ومنها انتشرت لغتها الجئزية وهي لغة سامية مكتوبة ومعروفة بين سكان الهضبة، وهناك قبيلة أخرى عبرت البحر أيضا تدعى قبيلة حبلشات استقرت إلى الجنوب من مواطن القبيلة الأولى، فيما يعرف حاليا بإقليم تيجراى في الحبشة، والذي في ربوعه قامت مملكة اكسوم التاريخية، وبمرور الأيام أطلق اسم الحبشة على سائر البلاد· ويقول ناود إن الأحباش مدينون للجنوب العربي من ناحيتين: الاسم الذي عرفت به بلادهم، ومن ناحية اكتسابهم اللغة المكتوبة التي كانت مفتاح حضارتهم وكتبوا بها تاريخهم وتراثهم· ويواصل مستطردا اتجه جزء من المهاجرين العرب كذلك إلى هضبة هرر في القسم الشرقي من المرتفعات، معهم ومن خلالهم دخلت لهجاتهم السامية وحضارتهم السبئية، بما في ذلك الحرف السبئي في الكتابة ومهاراتهم العمرانية والزراعية· ويقل ناود لقد حطت هذه القبائل رحالها فوق الهضبة الإريترية والحبشية ومعها كنوز لا تقدر من التراث الأصيل ومعالم حضارة عريقة متمثلة في اللغة المكتوبة والمهارات الزراعية والأساليب الجديدة في التحكم في مياه الأمطار من خلال إنشاء المدرجات والمسطحات الزراعية على سفوح الجبال وزراعتها بالمحاصيل الغذائية، وكذلك بناء السدود استنادا لخبرتهم في بناء سد مأرب· ويقول ناود إن أول لغة سبئية دخلت البلاد هي اللغة الجئزية التي سرعان ما اندثرت بتأثير اللهجات المحلية التي تغلبت عليها اللهجات الكوشية حتى انحصر استخدامها في الطقوس الدينية ومدونات الكنيسة، بعد أن اعتنق الأحباش المسيحية في القرن الرابع الميلادي· كما تشير الكتب أيضا إلى وصول أعداد كبيرة من عرب جنوب الجزيرة في القرنين السابقين للميلاد استقر بعضهم في الحبشة، بينما اتجه البعض الآخر مع النيل إلى بلاد النوبة· ويقول ناود إن ابن خلدون أشار إلى استقرار أعداد كبيرة من عرب اليمن في بلاد النوبة والسودان حوالي القرن الأول قبل الميلاد، كما أن مجموعات أخرى من القبائل العربية جاءت إلى أراضي البجه في القرن السادس الميلادي أي قبل ظهور الإسلام، وقد ضمت هذه المجموعات بطونا من قبائل حمّير· وقال ناود إن الظاهرة البارزة لهجرة القبائل العربية في ذلك الوقت اتجاههم للعمل في المناجم لاستخراج الذهب والمعادن النفيسة في إقليم البجه الذي كان يمتد من جنوب أسوان حتى الهضبة الشمالية من إريتريا، واختلطت قبيلة بلي اليمنية بالبجه أيام حكم البطالمة لمصر، والذين كانوا يعتمدون عليهم كثيرا في تجارتهم عبر البحر الأحمر وحراسة قوافل هذه التجارة، ويبدو أن عددا من قبيلة بلي تركت التجارة وآثرت الاستقرار في بلاد البجه وأصبحت الطبقة الحاكمة فيها· ويختم ناود ها السرد التاريخي بالوصول إلى مرحلة ظهور الإسلام وهجرة بعض صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقال إن الدفعة الأولى من هؤلاء المهاجرين كانت تزيد عن العشرة أشخاص من بينهم عثمان بن عفان (رضي الله عنه) وزوجته أم كلثوم ابنة النبي (صلى الله عليه وسلم)· وقال إن الميناء الذي رست فيه سفينة المهاجرين من المسلمين الأوائل كان ميناء معدر على الشاطئ الإريتري حاليا ومن ثم ساروا إلى مملكة اكسوم، حيث أكرم النجاشي وفادتهم· وقال إن التواصل الإسلامي استمر حتى عهد الدولة العباسية التي كانت لها حروب مع عظيم البجه مكنون بن عبدالعزيز في أسوان الذي اعترفت بعد ذلك بمملكته وأبرمت معاهدة معه مقابل أداء الخراج· ويقول المؤرخ الإريتري محمد سعيد ناود إن الشاطئين الشرقي والغربي للبحر الأحمر مرتبطان تاريخيا ومصيريا ثقافيا وحضاريا ودينيا ومصالح مشتركة منذ القدم، بحكم الهجرات المتتالية من جزيرة العرب باتجاه منطقة القرن الإفريقي، وقد أخذت مسلك وممرات مختلفة باتجاه موانئ لعبت أدوارا هامة في تاريخ هذه المنطقة مثل عيذاب وسواكن ومصوع وزيلع وبربرة ومقديشو، أو الهجرات الأخرى التي تمت عبر باب المندب واتجهت شمالا أو تلك التي تمت عبر مصر واتجهت جنوبا· ويضيف: ومن هنا يجيء أيضا التأثير الأبرز الذي يتضح من خلال انتقال الأديان كما هي في الجزيرة العربية إلى هذه المنطقة، فاليهودية والمسيحية والإسلام كلها نزحت مباشرة إلى المنطقة من الجزيرة العربية، وقبلها كانت الوثنية التي كانت سائدة في ممالك سبأ وحمير والحجاز من بعدهما· وعلى الرغم من بعض الحروب التي كانت تنشب بين الدويلات الإسلامية وملك الحبشة المسيحية، إلا أن ذلك لم يمنع من تعايش الأديان والشعوب والقوميات في أتون الحضارات المتلاحقة في هذه المنطقة في أجواء من التسامح· القوى الاستعمارية·· وإثارة الشعوب يقول الكاتب والمؤرخ الإريتري محمد سعيد ناود في كتابه ''العروبة والإسلام في القرن الإفريقي'' إن شعوب هذا الجزء من القارة الإفريقية عاشت في حالة من التسامح والعلاقات الطيبة رغم اختلاف معتقداتهم الدينية حتى وصول القوى الخارجية بدءاً من الحملات الصليبية وحتى الاستعمار الحديث· وقد آن تلك القوى التي كان يحركها الدافع الاستعماري حاولت تغليف دوافعها بطابع ديني من خلال غرس وتغذية مخاوف وحساسيات وسط الحبشة التي يقول إنها استسلمت لهذه الطروحات بأنها ''القطر المسيحي الوحيد في إفريقيا يحيط به بحر من الإسلام والوثنتية''· وقال ناود إن هذه الطروحات أثمرت عن سياسة خاطئة في الحبشة دائمة التطلع والاستنجاد بما وراء البحار ولا سيما نحو أوروبا· وقال: نلاحظ في الحروب الصليبية عندما ظهرت فكرة إقامة حلف تشترك فيه الحبشة للإطباق على مصر من الشمال والجنوب، وكذلك ظهرت فكرة تحويل مجرى النيل لحرمان مصر منه· فقد نشأت فكرة التحالف الأوروبي الحبشي عام 1222م، بعد فشل الحملة الصليبية الخامسة عندما أرسل أسقف عكا جلك دي متري رسالة إلى ملك الحبشة يدعوه للانضمام إلى هذا الحلف من أجل إنقاذ الأماكن المسيحية المقدسة من يد المسلمين، واتفق معه على حملة مزدوجة للإطباق على مصر من الشمال والجنوب، ولم يتم تنفيذ مثل هذا الحلف لصعوبته· كما أن داؤود بن يوسف ملك الحبشة (1381-1411م) هدد بتحويل مجرى النيل، وقام بشن هجوم على حدود مصر وبلغ أسوان مستغلا حالة الفوضى التي كانت تضرب مصر في عصر السلطان برقوق المملوكي· وهذه الأطماع الاستعمارية لم تمنع إيطاليا المسيحية من محاولة اجتياح إثيوبيا المسيحية أيضا بعد أن احتلت إريتريا بالكامل وأعلنتها مستعمرة تابعة لها في العام ،1890 لأن الإمبراطور الإثيوبي منليك نجح في التصدي لها وألحق هزيمة نكراء بالقوات الإيطالية في معركة عدوة الشهيرة· وبعد سنوات من تلك الهزيمة قامت إيطاليا الفاشية بقيادة موسوليني باجتياح إثيوبيا واستعمرتها بالكامل حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وهرب الامبراطور هيلاسلاسي ولم يعد إلى بلاده ويسترد عرشه إلا بعد تحرير قوات الحلفاء لها· ومن أمثلة المصالح قبل العقائد يضرب ناود مثالا آخر عندما انطلقت المقاتلات البريطانية من قواعدها في عدن لقصف اكسوم في قلب تيجراى التي تعد عاصمة الكنائس الإثيوبية وساعدت هيلاسلاسي على سحق تمرد أهلها الذين بلغ التنافس بينهم وبين الأمهرا أشده، وثار شعب التيجراى بقيادة منظمته ''وياني''على هيلاسلاسي وتمكن من السيطرة على إقليم التيجراى بأسره، إلا أن تحالف بريطانيا مع الإمبراطور أجهض تلك الثورة· ويختم ناود آراءه بالقول إن الأطماع مازالت قائمة وكذلك الأدوار وإن اختلفت الوجوه· وبعد هذه الجرعة من التاريخ، خرجت بصحبة الرجل الثمانيني- أمده الله بالصحة والعافية - من ذلك المبنى المقام على ربوة على الطراز الإيطالي ويضم عدة دوائر حكومية لنتمشى باتجاه أسمرا التي كانت كعادتها في العصاري هادئة بانتظار سكون الليل· ورغم سنوات الكد والكفاح المثقل بالذكريات كان الرجل مفعما بالنشاط وهو يقودني عبر الطرق التي تحف بها الأشجار نحو مكتبة أنيقة، حيث تعرض مؤلفاته· وما لا يعرفه الكثيرون منا أن ناود أسس وقاد في نوفمبر من العام 1957 حركة تحرير إريتريا، وظل مواكبا للعمل السياسي حتى تحقق حلمه باستقلال بلاده في 24 مايو ·1991 وإلى جانب تفرغه للكتابة الصحفية يعمل مستشارا في قسم الدراسات التابع لمكتب رئيس الوزراء في أسمرا· مؤتمر برلين في التاريخ الحديث للمنطقة يعد مؤتمر برلين 1885 و1884 علامة فارقة في تاريخ هذه المنطقة الملتهبة، إذ أسفر عن رسم خريطة تعد عامل قلق وتوتر ومثارا للحروب التي شهدتها هذه المنطقة، ففي هذا المؤتمر جرى تقاسم أراضي الصومال الذي يعد أكبر دولها التي تمتك شواطئ بحرية على بحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي، فحصلت إثيوبيا على منطقة الأوجادين أو الصومال الغربي الذي يعتبر خمس المساحة الحالية لإثيوبيا، بينما كانت فرنسا تسيطر على المنطقة المعروفة باسم الصومال الفرنسي أو جيبوتي، وأخذت إيطاليا جنوب الصومال، بينما كان شماله من نصيب بريطانيا، وألحق أجزاء من الجنوب إلى كينيا، وهي المنطقة المعروفة اختصارا باسم انفذي· وبعد أن نالت العديد من دول المنطقة استقلالها بقيت هذه الحدود المرسومة ومازالت بمثابة حقول ألغام تنفجر كلما اقتربت منها التحالفات السياسية التي ما لبثت أن ظهرت بحكم حرب النفوذ والمصالح وحتى حقبة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي· وصولا إلى الحرب العالمية التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب· وقد خاضت كل من إثيوبيا والصومال ثلاثة حروب بسبب هذا النزاع والتقسيم· ساحة حروب في مكتبه بأديس أبابا التقينا بالبروفيسور كينفي إبراهام السفير الإثيوبي المتجول ورئيس المعهد الدولي الإثيوبي للسلام والتنمية وصاحب عشرات المؤلفات حول جيوسياسية المنطقة، والذي قال لنا: للأسف هذه المنطقة كانت بؤرة لصراعات هي نتاج الحرب الباردة، صراع بين الولايات المتحدة والغرب من جهة والاتحاد السوفيتي وحلفائه من الجهة الأخرى، وقد كانت إثيوبيا الامبراطورية في ظل حكم هيلاسلاسي حليفا للولايات المتحدة، والصومال في عهد سياد بري حليفا للاتحاد السوفيتي، إلا أن هذا الوضع تغير في العام ،1974 حيث أطاح انقلاب عسكري بهيلاسلاسي، وأصبحت إثيوبيا في عهد منجستو هيلا مريام الحليف الأول للاتحاد السوفيتي حينها، وفي عام 1991 أطاحت ثورة أخرى بنظام منجستو العسكري، وأصبحت إثيوبيا دولة ديمقراطية اتحادية ليبرالية، ورغم أنها على علاقة مع الغرب والشرق، إلا أنها تعد أقرب للولايات المتحدة بسبب دور واشنطن في قيادة الحرب على الإرهاب الذي عانت منه إثيوبيا أيضا، وكانت من ضحاياه· ومع ذلك فلها علاقاتها الجيدة مع روسيا والصين وهي علاقات اقتصادية بحتة في الوقت الراهن· ويستثمر الصينيون أكثر من الغربيين حاليا في إثيوبيا، وهذا هو الاتجاه الجديد للبلاد لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية· بين المسيحية والإسلام حول تصوير الصراع في القرن الإفريقي مؤخرا على أنه صراع بين الإسلام والمسيحية، قال البروفيسور كينفي هذا محض افتراء، إثيوبيا تعد أحد أفضل النماذج في التعايش بين الأديان، المسيحيون والمسلمون عاشوا هنا في تجانس وتفاهم تام خلال الخمسة عشر قرنا الماضية· المسيحية وصلت إلى هنا عام ،330 وتقبلت دخول الإسلام إلى هذه المنطقة حتى قبل أن يصل إلى بعض مناطق الجزيرة العربية نفسها، وذلك يعود إلى هجرة بعض صحابة النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) إلى الحبشة، حيث وفر لهم النجاشي المأوى والحماية وسمح لهم بحرية ممارسة شعائرهم الدينية· والذين يجرون لموضوع صراع الأديان هم أصحاب أفق ضيق، وهم يحاولون بتطرفهم استخدام الإسلام لتحقيق أهداف سياسية، والدين منهم براء، وقد شاهدنا كيف قاموا بتفجيرات إرهابية في السعودية بهدف قلب نظام الحكم، وكذلك هاجموا مصر واستهدفوا كل العرب والمسلمين المعتدلين من أجل تحقيق أهدافهم· وإثيوبيا اليوم نظام علماني يفصل الدين عن الدولة، ويجب أن ننظر دائما إلى ما يوحدنا ويجمعنا في هذا الوطن أو ذاك· حكماء لمنع حروب الفقراء وعما أسفرت عنه القمة الإفريقية الأخيرة في أديس أبابا من تشكيل لجنة أطلق عليها لجنة الحكماء، تضم زعماء ورؤساء سابقين لإطفاء حرائق القارة السوداء، ووقف الحروب والنزاعات فيها؟ قال الأكاديمي الإثيوبي المخضرم إن الناس ينتظرون خططا تنموية، وانتشالهم من مستنقع الفقر الذي يرزحون تحت وطأته، بسبب قلة الموارد والانقلابات والصراعات على الحدود غير المرسومة، وكما قلت سابقا فإن غياب المؤسسات الديمقراطية في مختلف الدول الإفريقية أسهم أيضا في تأزيم أحوال القارة وشعوبها، لذلك فإن هذا الجهد بتشكيل لجنة للحكماء كان قد سبقه جهد مواز بتشكيل الاتحاد الإفريقي هيئة من الخبراء لتقييم الأداء الحكومي· التعاون العربي الأفريقي وعن نظرته للتعاون العربي الإفريقي، يقول البروفيسور كينفي للأسف لا يجري بالصورة المطلوبة، والمستوى الذي يجب أن يكون عليه بين طرفين تجمعهما عوامل عدة من الترابط الجغرافي إلى البشري· وهناك مسؤولية أخلاقية على الدول الغنية تجاه الأخرى الفقيرة، وذلك من خلال تقديم المنح والقروض الميسرة وإقامة المشروعات الاستثمارية، سيما وأن أراضي هذه القارة غنية بموارد زراعية ومعدنية هائلة للغاية· وأورد لك هنا الحالة التي تمثلها إثيوبيا على سبيل المثال وهي بلد كبير، تعداد سكانه يقترب من 70 مليون نسمة، وتزخر أرضه بالذهب وغيره من المعادن وبإمكانه تصدير الهيدروكهربائية من منابع النيل التي تنبع 86 بالمئة من مياهه من النيل الأزرق، بينما 14 بالمئة فقط هي من بحيرة فكتوريا، وانظر بعد ذلك في مستوى التعاون القائم بين هذه الأطراف المستفيدة من مياه النيل أكثر من الدولة التي ينبع منها النهر أساسا· الحرب على الإرهاب وعن توظيف بعض الأنظمة في إفريقيا الحرب على الإرهاب للتخلص من معارضيها قال البروفيسور كينفي: في البداية لا أعتقد أن الحرب على الإرهاب تسير في الاتجاه الصحيح، وأعتقد أن الحملة انتقائية وتحمل آثارا مدمرة على بعض الشعوب، وبدلا من أن تقضي على الإرهاب تساهم في تعزيزه كما شاهدنا في العراق وأفغانستان، وبعض الدول العربية أخذت على عاتقها التصدي بمفردها لهذه القضية وإزاحة من تريد من الحكام، وبدلا من حل المشكلة أصبحت هي نفسها جزءا من تلك المشكلة، والكثير من الأصوات التي ارتفعت بعد 11 سبتمبر لم تساهم في إحلال السلام العالمي، بل أججت الوضع بصب الزيت على النار كما في المثالين اللذين أوردتهما· إن التصدي للإرهاب يتطلب تغييرا في الاستراتيجية السياسية والتكتيكية الخاصة بالتعامل معه، فتجريد الحملات العسكرية هنا أو هناك لا يكفي، قدر ما يتطلب الأمر التعامل مع جذور القضايا التي تمثل بيئة خصبة يفرخ فيها الإرهاب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©