الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«ملتقى أبوظبي الاستراتيجي» يحذر من صعــود جيل جديد من الإرهابيين وتصاعد الطائفية

«ملتقى أبوظبي الاستراتيجي» يحذر من صعــود جيل جديد من الإرهابيين وتصاعد الطائفية
3 نوفمبر 2015 00:33
أحمد عبدالعزيز ولهيب عبدالخالق (أبوظبي) اختتم ملتقى أبوظبي الاستراتيجي 2015، جلساته التي استمرت على مدار يومين، بمشاركة نحو 300 من صانعي السياسات والخبراء والأكاديميين من 40 دولة، محذرا من خطر صعود جيل جديد من الإرهابيين وتصاعد الطائفية في المنطقة والعالم، ومدى تأثير هذا الصعود في السياسات الإقليمية والدولية. وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات: «إن هناك ظاهرتين جديدتين ضمن الظاهرة الإرهابية الأوسع: الأولى، بروز جيل جديد من الإرهابيين الذين نشؤوا وترعرعوا في مجتمعات خارج منطقة الشرق الأوسط، مثل أوروبا والولايات المتحدة. أما الظاهرة الثانية فهي بروز الموجة الثالثة للظاهرة الإرهابية، وهي الموجة التي جاءت بعد تنظيم«القاعدة»، وعليه تستدعي هذه العناصر الجديدة مقاربات جديدة لفهم الظاهرة الإرهابية برمتها». وأضافت: إن الإرهاب أصبح ظاهرة معولمة، ولم يعد ظاهرة إقليمية، وعلى دول العالم ألا تتعامل مع الإرهاب فقط، بل عليها أن تتعامل مع فكر التطرف وجماعاته ونظراً إلى أن 30% من أعضاء الجماعات الإرهابية من الإناث، فيجب دعم دور المرأة في التصدي للإرهاب من خلال تعزيز المساواة بين الجنسين وتقوية حضور المرأة الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وأشارت إلى أن هناك تناسباً عكسياً بين الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية وبين الإرهاب، وهذا ما أثبتته تجربة المغرب، فبعد تفجيرات الدار البيضاء اتبع المغرب سياسة الإصلاح السياسي ومشروع تنمية الإنسان وإصلاح الخطاب والمؤسسات الدينية، وهو ما أدى إلى انحسار خطر الظاهرة الإرهابية في المغرب، لافتة إلى أنه للنجاح في محاصرة الظاهرة الإرهابية ينبغي تكامل استراتيجيات مواجهة الإرهاب على المستويين الوطني والدولي. وسعى الملتقى إلى مقاربة التحولات الجيوسياسية التي طالت خريطة توزيع القوة في العالم، وتحولات النظام الدولي، والتهديدات والمخاطر العالمية، وقضايا منطقة الشرق الأوسط، ومنها منطقة الخليج، ومن مداخلات المشاركين في جلسات هذا الملتقى، والتي نافَت على 70 مداخلة، والمناقشات التي أثيرت على هامشها، نوجز أهم الخلاصات والاستنتاجات. القوة في العصر الرقمي وناقشت جلسات «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي 2015» في يومه الثاني أمس، والذي اختتم فعالياته ونظمه مركز الإمارات للسياسات بالتعاون مع وزارة الخارجية ومجلس الأطلسي، بجلسة تحت عنوان «القوة في العصر الرقمي» علاوة على التغيرات والتحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي وتتأثر بها القوى الاقتصادية. وقال توماس رايت الباحث ومدير «مشروع النظام الدولي والاستراتيجية» في معهد «بروكنغز» بالولايات المتحدة الأميركية، الذي أدار الجلسة الأولي في ثاني أيام الملتقى: «إننا جميعا مطالبون اليوم بالبحث في دور القوة بعالمنا المعاصر الذي رسمت الثورة الرقمية ملامحه إلى حد كبير خلال الـ 20 عاما الأخيرة، وأن نفكر في ما يجب علينا معرفته مسبقا، ونحن نبحر بسرعة فائقة نحو مستقبل العالم الرقمي». وأضاف: «إن العالم بدوله ومنظماته غير الحكومية وأفراده يجب أن يكون مستعدا منذ الآن للتغيرات الهائلة، المتوقع أن يفرضها التقدم الرقمي بتعقيداته على شكل وأسلوب ومستقبل الحياة البشرية». وعن تطورات الأوضاع في مناطق الصراع، تحدث باري بافل نائب رئيس ومدير «مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي» التابع لـ «المجلس الأطلسي» بالولايات المتحدة الأمريكية: «إن تطورات الأوضاع في مناطق الصراع لاسيما في الشرق الأوسط، قد أنتجت شبكات إرهابية ذات بنى مركبة ومعقدة، استطاعت أن تكون من أبرز المستفيدين من الطفرة الرقمية، فتنظيم«داعش» مثلا يستخدم الفضاء الإلكتروني للتجنيد والتمويل والتسويق ونشر الرسائل ذات المحتوى الدعائي بشكل لافت وسريع الوصول إلى جميع أنحاء العالم». وقال بافل: «إن المجلس الأطلسي يرى أن هناك تراجعا واضحا للدول حتى الكبرى منها في المعركة الرقمية، وصعودا لافتا للمؤسسات والمنظمات غير الحكومية في هذا السباق المحموم نحو الهيمنة على أكبر حصة من منافذ الفضاء الرقمي واستخداماته التي تكاد لا تحصى». مفهوم القوة في خمسة عقود ورأى أندريه كورتونوف، مدير عام مجلس الشؤون الدولية في روسيا ومؤسسة أوراسيا الجديدة في موسكو: «إن مفهوم القوة قد اختلف جذريا خلال السنوات الـ 50 الأخيرة، إذ أصبح بإمكان الدول وحتى بعض المنظمات الأمنية والميليشيات الإرهابية أن تعبر الحدود بسلاسة، وأن تخوض حروبا إلكترونية ضارية من بعيد وتنتصر فيها في عالم الواقع، على قوى تقليدية لطالما عرفت بالصلابة». واعترف كورتونوف أن من المنظمات والأفراد الذين يقودون الثورة الرقمية في العالم اليوم، وحتى أولئك الذين هم عملاؤها في السوق الرقمية، قد تفوقوا على القطاعات الرقمية التابعة للدول المركزية، لأنهم أرقى علما وأكثر تعليما وخبرة من غيرهم». وفي معرض إجابته حول رؤية الصين وتعاملها مع الثورة الرقمية، قال ليو كانج، مدير«برنامج البحوث حول الصين» في جامعة«دوك»الأميركية وعضو الأكاديمية الأوروبية، ان بكين تواجه تحديا مضاعفا في العصر الرقمي، فالإنترنت الصيني لا يزال يفرض رقابة صارمة على حرية تداول المعلومات للأفراد، وهذه معركة ستكون خاسرة في نهاية المطاف بحكم طبيعة الثورة الرقمية ذاتها ورغبة الناس في التواصل بشكل مباشر مع العالم الذي يعيشون فيه. وأضاف كانج سي باحث بجامعة بكين، أن الصين تشاطر منذ سنوات الولايات المتحدة وباقي دول الطفرة الرقمية، مخاوفهم من الإرهاب الإلكتروني، والقرصنة التي تزداد ذكاءً وخطورة ويظهران عند مهاجمة واختراق الحصون الأمنية والاقتصادية للدول ومؤسساتها ذات الطبيعة الحساسة». من جانبها، قدمت ألين ليبسون الباحثة والرئيسة الفخرية لـ«مركز ستمسون» بالولايات المتحدة الأميركية، مقاربة مختلفة عن تلك التي ذهب إليها عدد من المشاركين في الجلسة النقاشية، إذ رأت «أن الدول العظمى لا تزال أقوى مما يعتقد الكثيرون في سباق المواجهة الرقمية مع القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، إلا أن التزامها الديمقراطي بتمكين الأفراد من أدوات العصر الرقمي، قد يعطي انطباعا بأنها قد فقدت جزءا كبيرا من قوتها الرقمية». ولفتت ليبسون النظر إلى «وجوب الاهتمام بالجانب الإيجابي لكل المنتجات التي تعتمد أساسا على الثورة الرقمية، فالثورة الرقمية تضع دائما الخيارات أمام الجميع. الطائرات من دون طيار مثلا، لطالما وصمت بأنها مجرد آلة للقتل والاغتيال، لكن الاستخدامات المدنية والتجارية التي بدأت تظهر الآن لهذه الطائرات، ربما تغير تلك الصورة تماما». القوى العظمى «الرقمية» وقال جيامبيرو جياكوميلو الأستاذ المشارك في العلوم السياسية في جامعة «بولونيا» الإيطالية: «إن الولايات المتحدة الأميركية هي القوة الرقمية العظمى في العالم اليوم وهي تستخدم هذه القوة الهائلة في مجالات شتى ولأغراض مختلفة». واتفق جياكوميلو مع الآراء التي ذهبت إلى الاعتراف بقدرة بعض الأفراد والمنظمات غير الحكومية، ممن لا يمتلكون مصادر كبيرة مثل تلك التي تملكها الدول«على إحداث أضرار فادحة بخصومهم أو ضحاياهم في كثير من الأحيان». وعبر يوهان إريكسون مدير البحوث في المعهد السويدي للشؤون الدولية، عن «مخاوفه من سعي الحكومات الشمولية حول العالم لفرض مزيد من الرقابة الصارمة على التكنولوجيا الرقمية وحرية تداول المعلومات، لأن ذلك من شأنه تعميق الفجوة المعرفية بين تلك الدول وباقي الكوكب». التحولات الاقتصادية العالمية وقام المشاركون في ثاني جلسات أعمال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي 2015، تحت عنوان «تأثير مستقبل الفضاء المعلوماتي في القوة والدولة»، الإجابة على أسئلة ضاغطة يطرحها التطور التكنولوجي من قبيل تأثير تطور المقدرات المعلوماتية للدول وللفاعلين ما دون الدولة على مفاصل السلطة والعلاقات الدولية وعلى مفهوم الدولة الوطنية، كما تناولت بالتحليل مدى جاهزية دول المنطقة لمواجهة التحديات التي يطرحها الفضاء المعلوماتي لأمنها وسياساتها وهويتها. وبدأت مديرة الجلسة نازلي شكري أستاذة العلوم السياسية ومديرة «شبكة النظام العالمي للتنمية المستدامة»، بسرد سريع لعناوين التحديات التي يفرضها الفضاء المعلوماتي قائلة «إن الحلبة المعلوماتية نشأت وتطورت وأديرت من قبل القطاع الخاص وأن الدول والحكومات دخلتها بشكل متأخر وهذا الأمر يستدعي فهمنا لهذا الواقع الجديد من أجل تحسين إدارتنا له ومواجهة التحديات التي يفرضها». فضاء المعلومات وقال أنتونيو لوبيز إستوريز عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الشعب الأوروبي الإسباني، في مداخلته إن ما يهمه كسياسي يعمل على قضايا الأمن ورسم السياسات هو خلق توازن بين الانفتاح على المستقبل الذي يمثله فضاء المعلومات وعدم خلق جدران عازلة أو إقامة أنظمة رقابة جماعية وأضاف أن حق استعمال المواطنين لوسائل الفضاء المعلوماتي يجب أن يكفل لأنه وسيلة للمشاركة والتأثير الإيجابي على أصحاب القرار». وأشار لوبيز إلى حادثتي التجسس بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ممثلا في ألمانيا قائلا إننا تعلمنا الدرس منهما وهو ضرورة بناء جسور الثقة بين الحلفاء وتركيز الجهود لمحاربة العدو المشترك الممثل في الإرهاب. ووصف ناصيف حاتي سفير جامعة الدول العربية في إيطاليا والفاتيكان والمندوب الدائم للجامعة في الأمم المتحدة، الإنترنت بأنه أداة«حررت العالم ولكن جعلته أكثر فوضى». وأضاف حاتي: إن عولمة الفضاء المعلوماتي تسببت في «بلقنة» خريطة الأمن المعلوماتي وتسببت في حرب باردة جديدة تجري في الفضاء الرقمي، مؤكدا على ضرورة الموازنة بين ضرورات الأمن والحفاظ على المصالح وبين حماية الحريات الفردية. واعتبر ما زياولن المدير التنفيذي لمؤسسة الصين للدراسات الدولية ومدير«جمعية الصداقة العربية الصينية»، أن الأنترنت لا يعترف بالحدود، ولكن هنالك حدود للدول ولمصالحها، وعلى الجميع أن يعمل من أجل حماية مصالحه وصد الإجرام الإلكتروني» مشيرا إلى أن ردم الهوة بين سياسات الإنترنت والتحديات التي يفرضها يمر عبر التعاون الدولي ومن خلال سن قوانين لإدارة الفضاء المعلوماتي وتبني منظومة قيم تحكمه. وركز فيتالي ناومكن، مدير«معهد الدراسات الشرقية»التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، على استعمال الفضاء المعلوماتي كأداة جديدة في الحروب متوقعا أن يزيد اللجوء إليه في الحروب المستقبلية التي تقوم على ثلاثة أضلع هي القوات الخاصة والطائرات من دون طيار والسلاح المعلوماتي. وشارك البدر الشاطري الأستاذ الملحق بكلية الدفاع الوطني الإماراتي، ملاحظاته بشأن تأثير الفضاء المعلوماتي على الدولة الوطنية قائلا إن مظاهر هذا التأثير بنيوية وسياسية وإيديولوجية وإنها تتفاوت في مداها بين الدول النامية والمتقدمة، معتبرا أن التأثير البنيوي يكمن في كون الفضاء الرقمي يفتح الباب أمام الهويات ما دون الوطنية للتعبير عن نفسها دون أن يمنحها إطاراً للاندماج في مجتمعاتها الوطنية، أما التأثير السياسي فيتصل بإعطاء الفضاء الرقمي فرصة لتعبير الجماهير الساخطة ويحد في الوقت ذاته من قدرة الدولة المركزية على استعمال القوة واحتواء التعبيرات الاحتجاجية. ويكمن التأثير الإيديولوجي في أن مفهوم الدولة لحدودها وهويتها أصبح محل منازعات من قبل قوى خارجية أو مجموعات تعمل من خارج الدولة. ووصف نبيل الخويطر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية لمشاريع الطاقة، الفضاء المعلوماتي بأنه الثورة التواصلية الرابعة في تاريخ البشرية بعد اكتشاف اللغة ثم الكتابة فالمطبعة، وكما أضافت الطباعة واستعمالاتها المتعددة للآراء السياسية في أوروبا، فإن التكنولوجيات الحديثة ستقوم بنفس الشيء في عالمنا الراهن». واعتبر الخويطر أن كل محاولات الرقابة على هذه التكنولوجيات ستكون دون فائدة وبدلا من صرف مبالغ طائلة عليها يجب اتخاذ قرارات صعبة باتجاه تعزيز إحساس المواطنين بالانتماء وبالفخر من خلال تعزيز مشاركتهم في الحياة العامة لمجتمعاتهم، مشيرا إلى أن السبيل الوحيد لمواجهة سيل المحتوى السلبي في الفضاء المعلوماتي هو عبر مواجهته بمحتوى إيجابي وبناء. التكنولوجيا والطاقة وحاولت الجلسة الرابعة من أعمال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني والتي عقدت تحت عنوان«التكنولوجيا والطاقة وإعادة التوازن الاقتصادي»، الإجابة على جملة أسئلة يأتي في مقدمتها التأثيرات المحتملة للتكنولوجيا الجديد، خاصة في مجال النفط الصخري، وتراجع أسعار النفط على اقتصاديات دول المنطقة وقدرتها على بناء قدراتها كل على حدة أو مجتمعة. وبدأ مدير الجلسة جعفر الطائي، العضو المنتدب لشركة«منار لاستشارات وإدارة مشاريع الطاقة الإماراتية»، بالقول إن«نجاح استراتيجيات الولايات المتحدة لاستخراج النفط الصخري من عدمها لن يقلل من المكانة الاستراتيجية لدول المنطقة ولا بطبيعة علاقاتها المحورية مع أميركا». وقال إن أهمية المنطقة كامنة في الكلفة المتدنية للإنتاج، لكن ظهور لاعبين جدد في أسواق الطاقة العالمية واضطلاعهم بأدوار متعاظمة تفرض عددا من التحديات على الدول المنتجة للنفط الأحفوري. واعتبر جيفري فرانكس، مدير مكتب«صندوق النقد الدولي» في أوروبا والممثل الأوروبي الدائم في الصندوق، أن«الاقتصاد العالمي دخل نقطة انعطاف في دورة إنتاج واستهلاك السلع وفي مقدمتها النفط الأحفوري». وتوقع أن تظل أسعار النفط لسنوات طويلة تحت عتبة الـ100 دولار، ما سيطرح تحديات كثيرة على مستوى التخطيط وإدارة الموارد وتنويع الاقتصاد وضبط مستويات الإنفاق والعجز. واعتبر فرانكس أن العامل المحدد في مدى قدرة الدول على امتصاص صدمات أسواق الطاقة هو استعدادها للتكيف مع الواقع الطاقي الجديد. وفي هذا الصدد توقع ألا يتأثر موقع دول الخليج وقوتها على الساحة الدولية مقارنة مع دول أخرى كفنزويلا وإيران التي لم تكونا حزام أمان خلال فترة ارتفاع الأسعار. ودعا فرانكس إلى ترقب تراجع حصة النفط الأحفوري في سلة الطاقة العالمية والاستعداد له من خلال التخطيط والاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة الكثيرة ومنها الطاقة الشمسية. كما توقع استمرار ما أسماه«ثورة النفط الصخري» وإن بوتيرة بطيئة بسبب كلفة الإنتاج التي لا تزال مرتفعة. واعتبر أن تأثير تقلبات الطاقة في علاقات القوة لا يهم دول الخليج في علاقتها بالولايات المتحدة بقدر ما يهم القوى الكبرى فيما بينها، ضاربا المثل بسياسة التدخل التي ينتهجها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي اعتبر أنها غير مستدامة بسبب تأثر روسيا المتوقع بتراجع الأسعار على المدى البعيد. وتناول مارات تيرتروف، المنسق الرئيس للأمانة العامة لمنظمة«ميثاق الطاقة»بالاتحاد الأوروبي، تأثير التكنولوجيا الحديثة في مجال الطاقة على تحولات القوة والتوازنات العالمية واعتبر أنه ليس دورا محددا بالمقارنة مع عوامل السوق كمعدلات النمو في الصين، وبعض العوامل السياسية كغزو العراق. وضرب تيرتروف مثلا بحقل الغاز المصري«شروق»الذي لن تشكل عوامل التكنولوجيا عائقا أمام تطويره، بينما سيتأثر سلبا أو إيجابا بحجم الطلب الداخلي والدولي. وتناول محمد الصبان، المحلل الاقتصادي وكبير مستشاري وزير البترول السعودي السابق، التوقعات القائلة بإمكانية«إفلاس»المملكة العربية السعودية نتيجة تراجع أسعار النفط قائلا إن الأمر لا يعدو كونه أماني لن تتحقق بالنظر إلى الاحتياطي المالي السعودي القوي، ومستوى الدين العام المنخفض لديها، فضلا عن شروعها في سياسات لترشيد الإنفاق وتنويع مصادر الدخل. كما نفى الصبان أن تكون هنالك علاقة بين تراجع أسعار النفط وارتفاع حجم الاستثمار في الصخر النفطي قائلا إن«الصخر النفطي وجد ليبقى، خصوصا أن الفجوة بين كلفة إنتاجه وكلفة إنتاج النفط التقليدي تتضاءل. ولذلك على الدول الخليجية أن تتكيف مع الأمر وتستبقه بالعمل على تنويع اقتصادياتها». وحاول جيفري فرانكس من صندوق النقد الدولي تصحيح ما نسب إلى مؤسسته بشأن«إفلاس السعودية»بالقول إن«الصندوق تحدث عن سياسات إنفاق سعودية غير مستدامة لأنها تخلف عجزا ماليا كبيرا يتراوح بين 15 و18 في المئة من الناتج الداخلي المحلي. وهذا يطرح برأينا تحديات على سياسات إعداد الموازنة». وتناولت الجلسة كذلك توجه اليابان المتزايد نحو الطاقة النووية وحجم التأثير المحتمل لذلك على توازنات القوة وأسواق الطاقة في العالم، وفي هذا السياق، دافع شويشي إيتوه، مدير ومحلل أول في«معهد اقتصاديات الطاقة» في اليابان، عن توجه بلاده نحو هذا النوع من الطاقة بالنظر إلى افتقارها التام لموارد طاقية داخلية واعتمادها الكلي على الاستيراد، وبسبب العجز المالي المزمن وغير المستدام والذي تفاقمه الواردات النفطية. وقال إيتوه إن الطاقة النووية ستشكل 20 في المئة من سلة اليابان الطاقية بحلول 2030. إعادة هيكلة ناقشت الجلسة الثالثة، إعادة هيكلة في الاقتصاد العالمي، والذي يشهد تغيرات عدة وتحولات في معدلات النمو، وصعود قوى جديدة في الصناعة ومختلف وسائل الإنتاج وسياسات مبتكرة في الأنظمة النقدية والمالية، والتي أدت بدورها إلى إحداث تأثير ملحوظ أدى إلى هذه التحولات التي طالت الصين والولايات المتحدة ودولاً أوروبية عدة، وقوى كبرى وتكتلات اقتصادية. وقال جويل ناتشيتنزا المدير التنفيذي لمعهد مابونجوبو بجنوب أفريقيا: «إن النمو الاقتصادي يتباين في القارة الأفريقية عنه في قارة آسيا، وهناك قوى اقتصادية عالمية عليها أن تعيد النظر في اقتصاداتها، وعلى رأس هذه القوى«الصين»، ونحن في جنوب أفريقيا نعتمد على العملية الصناعية بمختلف مراحلها وتطوراتها، ولكن بالنسبة للصين لا يعني أن السلع الأولية التي تنتجها لا يعاد استخدامها وإنتاجها مرة أخرى، وتمثل مصدر دخل لمناطق أخرى عدة في العالم، مشيرا إلى أن ثمة عبئاً جديداً في الصين، وهو الاعتماد على عملية تخطيط المدن وإنشائها، وأن هذا القطاع من الاقتصاد ينمو بشكل كبير، الأمر الذي يتطلب استخدام كميات كبيرة من المواد الأولية التي تستوردها الصين من الخارج، وبهذا يمكن أن يؤدي إلى تحولات في اقتصادها بالمدى المتوسط. وأضاف ناتشيتنزا أن الاستهلاك في الصين التي تملك عدداً كبيراً من السكان يفوق المليار إنسان يمكن أن يفيد الدول الأفريقية، والتي تنتج الغذاء والمحصولات الزراعية المتميزة، ولاسيما الفواكه التي تعتمد عليها الطبقة المتوسطة في مجتمعات الصين، وبالطبع فإن اقتصاد الصين يعتمد على الطبقة المتوسطة التي لديها نمط استهلاكي يمكن أن يقودها للاعتماد على الاستيراد لبعض احتياجاتها. إعادة هيكلة النظام الاقتصادي أبوظبي (الاتحاد) خصصت الجلسة الخامسة لقراءة عمليات التحول التي تشهدها بعض الاقتصادات المؤثرة في العالم، والتي حملت عنوان «إعادة هيكلة النظام الاقتصادي». وقدم الخبراء المشاركون في هذه المناقشات، رؤاهم الخاصة بالمخاضات الصعبة للاقتصاديات التي تشهد عمليات انتقال وتحول تؤثر على مناخ الأعمال الوطني والدولي، والتوجهات والمسارات المستقبلية لهذه الاقتصادات، وفي مقدمتها الاقتصاد الصيني. وقال مدير الجلسة ادوارد لويس، كبير معلقي وكتاب صحيفة «فاينانشال تايمز» في الولايات المتحدة الأميركية، «إن الصين بوصفها أحد أكبر محركات نمو الاقتصاد العالمي، تواجه شكوكاً داخلية وخارجية، حول قدرتها على إنجاز مشروعها العملاق في التحول الاقتصادي من الأنموذج الاستثماري إلى الاستهلاكي، ونجاحها في المحافظة على موقعها كقوة اقتصادية قائدة في العالم، في الوقت ذاته». وأضاف «إن العام 2015 شهد لأول مرة في التاريخ الاقتصادي، تفوق الهند على الصين من ناحية معدلات النمو الاقتصادي والاستثمارات الأجنبية المباشرة». ورأى تشن يي، مدير «معهد الدراسات العبرية واليهودية، في جامعة بكين الصينية، إن الاقتصاد الصيني الذي تسيطر عليه الدولة بشكل مركزي، رغم قيامها باعتماد كثير من آليات السوق الحرة، يشهد تحولاً اقتصادياً صعباً، يجعل عملية التنبؤ بمآلات هذا الانتقال ونتائجه أمراً بالغ التعقيد». اعتبر جول نتشيثنزي، المدير التنفيذي في «معهد مابونجبوي للتفكير الاستراتيجي» في جنوب أفريقيا، «أنه حتى لو نجحت الصين في تحقيق التحول الاقتصادي في الوقت المناسب وبأقل كلفة ممكنة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، فإن عليها أن تتوقع ظهور منافسين حقيقيين لها، وأولهم كما تقول المؤشرات الاقتصادية، الهند». وأكد ليونيل فرنانديز، الرئيس السابق لجمهورية «الدومينيكان»، «إن التباطؤ في معدلات النمو التي بدأ يسجلها الاقتصاد الصيني منذ 3 أعوام وصولاً إلى تسارع هذا التباطؤ في العام الحالي، قد خلف آثاراً اقتصادية واجتماعية كبيرة في دول أميركا اللاتينية». وفي تعليقه على المقارنة ذات الطابع التنافسي بين الاقتصادين الصيني والهندي، قال براسانتا برادهان، الباحث في«معهد الدراسات والتحليلات الدفاعية» بالهند، «إن الاقتصاد الهندي الذي ينمو منذ عام 1991 بفضل السياسات الاقتصادية الناجعة، كان من الممكن أن يسجل معدلات نمو أكثر من الحالية، لكنه يعاني من تحديات محلية مثل سوء الإدارة، وغياب العدالة في توزيع الثروات، فضلاً عن البطالة وغيرها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©