الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحنة الهايتية... ودواعي «الوصاية» الأممية

28 يناير 2011 22:16
أندريس أوبنهايمر كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية أوضحت كارثة هايتي الإنسانية والفوضى السياسية المتصاعدة المرافقة لها أكثر من أي وقت مضى أن الطبقة السياسية في البلاد في حاجة إلى مراقبة وإشراف دولي -إما قيام البلدان المانحة بتحديد مهلة للفرقاء لتشكيل حكومة وطنية لإعادة بناء البلاد، أو وصاية مؤقتة من قبل الأمم المتحدة. صحيح أن فكرة وصاية أممية على هايتي-سواء سميت حماية أو انتداباً أو إدارة مؤقتة أو أي شيء آخر- ليست جديدة؛ إذ تطرح منذ عقود في الأوساط الأكاديمية والسياسية والدبلوماسية: ويستطيع الباحث إيجاد ما لا يقل عن 623 ألف مدخل لعبارة "هايتي والوصاية" في محرك البحث "جوجل". وقد اقتُرحت الفكرة آخر مرة بعد زلزال 12 يناير 2010 من قبل السيناتور الديمقراطي السابق "كريس دود" ومستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبجنيو بريجنسكي. ولكن الآن، وعقب تقرير منظمة الدول الأميركية الذي يؤكد أن انتخابات 28 نوفمبر شابتها عيوب واختلالات قانونية، وأن على المرشح الرئاسي المدعوم من قبل الحكومة ألا يشارك في جولة الانتخابات التالية، أصبحت هناك أسئلة متزايدة بشأن مستقبل الشراكة الحالية بين الحكومة الهايتية والمانحين الدوليين، وبشأن ما إن كان ينبغي أن يكون ثمة دور دولي أكثر قوة وحضوراً في هايتي. وكان ثمة تبادل للاتهامات بين المسؤولين الهايتيين والبلدان المانحة حتى قبل الأزمة السياسية الحالية؛ غير أن الوضع الآن ازداد سوءاً مع النزاع حول نتائج انتخابات نوفمبر، ووصول الديكتاتور السابق جان كلود دوفالييه "بيبي دوك" وسط وضع إنساني مزر؛ ذلك أن أكثر من 800 ألف شخص ممن شردهم الزلزال ما زالوا يعيشون في الخيام؛ وهناك تفش لوباء الكوليرا. كما أن معظم السكان عاطلون عن العمل؛ وثمة مخاوف من انتشار أعمال العنف على نطاق واسع. ويقول مؤيدو وصاية الأمم المتحدة على هايتي، مثل "دود"، إن الحكومة الهايتية غير موجودة في الواقع؛ وذلك على اعتبار أن هايتي فقدت الآلاف من المسؤولين الحكوميين خلال الزلزال الذي دمر 28 من مباني الوزارات الحكومية الـ29. ولئن كانت هايتي غير مؤهلة قانونيّاً تحت ميثاق الأمم المتحدة للخضوع لوصاية الأمم لمتحدة لأنها دولة مستقلة وذات سيادة، فإن الحكومة الهايتية تستطيع أن تسمح لقوات حفظ السلام الأممية الحالية في البلاد، التي يبلغ قوامها 9 آلاف رجل، بتوسيع دورها. ويقول مؤيدو الفكرة أيضاً إن وصاية الأمم المتحدة خلال السنين الأخيرة في كل من البوسنة وكوسوفو وتيمور الشرقية كانت ناجحة وفعالة، مضيفين أن الهايتيين إذا كانوا وطنيين، فإن الوضع مزرٍ جدّاً وخطير إلى درجة أن معظمهم سيرحبون بدور دولي أكبر. وقد سألتُ عدداً من مراقبي شؤون هايتي البارزين هذا الأسبوع: هل حان الوقت لوصاية أممية في هايتي؟ فرد علي جيمس دوبينز، رئيس قسم الأمن الدولي في مركز البحوث "راند كورب" والمسؤول السابق بمجلس الأمن القومي في إدارة كلينتون، قائلاً: "لن أستبعد هذا الأمر في حال حدوث ارتفاع في أعمال العنف". ولعل الحل المثالي للمأزق الحالي هو قبول الرئيس "ريتي بريفال" بتوصيات منظمة الدول الأميركية، والسماح بجولة ثانية من الانتخابات بين المرشحين اللذين حددتهما منظمة الدول الأميركية كفائزين في الجولة الأولى، والسماح للمجتمع الدولي بلعب دور أقوى وأكبر في مراقبة الجولة الانتخابية المنشودة. "ولكن إذا لم يتبع بريفال، لسبب من الأسباب، نصيحة المجتمع الدولي وأدى ذلك إلى تفش لأعمال العنف على نطاق كبير، فإنه سيتعين بحث إمكانية اتخاذ تدابير أكثر تشدداً في تلك الحالة"، يقول دوبينز. وفي المقابل. يرى لي روبرت ماجاير، الأستاذ بجامعة "ترينيتي" الذي يرأس مجموعة عمل هايتي بمعهد السلام الأميركي، أن من شأن وصاية أممية أن تأتي بنتائج عكسية، لأن من شأن ذلك أن يُضعف مؤسسات هايتي أكثر، وعن ذلك يقول: "إن من مصلحة المجتمع الدولي أن تكون ثمة هايتي أقوى قادرة على إدارة شؤونها". مضيفاً أن مؤسسات هايتي العامة تم تجاوزها من قبل المانحين الدوليين؛ والحال أن "على المانحين الدوليين أن يعملوا في إطار شراكات مع المؤسسات العامة الهايتية، حتى وإن كانت ضعيفة". ومن وجهة نظري الشخصية، أعتقد أن على البلدان المانحة -إلى جانب الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأميركية ولاعبين كبار آخرين- أن تساعد على تنظيم ومراقبة جولة الانتخابات الثانية في هايتي، وأن تشترط اتفاقاً يتعهد فيه الفائز في الانتخابات بضم الخاسر وأحزاب معارضة أخرى في حكومة وحدة وطنية، وذلك مقابل صرف مليارات الدولارات من مساعدات إعادة الإعمار. لقد تم ذلك في عدد من البلدان من قبل، مثل اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وسيساعد بلاشك في مساعدة هايتي على الوقوف على رجليها مرة أخرى. أما إذا فشل ذلك وأدت الأزمة السياسية إلى العنف، فينبغي توسيع مهمة الأمم المتحدة الحالية وتعزيزها بتفويض لتنسيق كل جهود إعادة الإعمار. وبعبارة أخرى، يتعين أن تكون ثمة وصاية أممية مؤقتة، وصاية ينبغي، لأسباب تتعلق بالآداب السياسية، تسميتها أي شيء غير ذلك. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©