الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا وتحدي الاعتماد على الذات

18 فبراير 2017 23:24
سيمثّل نائب الرئيس الأميركي «مايك بينس»، ووزير الدفاع «جيم ماتيس» الولايات المتحدة في مؤتمر الأمن في ميونيخ المنعقد حالياً، والذي يحضره 47 وزير خارجية، وشخصيات عالمية مرموقة. والوجود الأميركي في المؤتمر هذا العام محسوس بشكل خاص، لأن المؤتمر بات، كما يصفه المراقبون، من الفعاليات الكبرى، التي يشارك فيها خبراء استراتيجيون من مختلف دول العالم، كما أنه يمكن أن يخدم أيضاً كمنصة يتمكن القادة الأوروبيون من خلالها، من التعبير عن رفضهم للآراء الراديكالية، التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال شؤون العالم. وعدم مبالاة ترامب الواضحة بالمؤسسات التي صاغت السياسات الدولية خلال فترة تزيد عن نصف قرن -من الناتو إلى الاتحاد الأوروبي، بل وحتى الأمم المتحدة أيضاً- سبب قلقاً للمسؤولين الأوروبيين طيلة الأشهر الماضية. يضاف إلى ذلك أن الأحزاب الأوروبية المنتمية لليمين المتطرف، والموجودة في بلدان مثل فرنسا وهولندا وألمانيا، ما زالت تركب موجة القومية المتطرفة ذاتها، التي جاءت بترامب إلى السلطة. والقائمون على المؤسسة الأوروبية، التي كانت تعتبر حليفاً متحمساً للغاية لواشنطن، باتوا الآن قلقين من أي تأثير سلبي لرؤية البيت الأبيض الجديدة للعالم. وهذا القلق يمثل محور اهتمام مؤتمر ميونيخ هذا العام، فالتقرير التحضيري عن المؤتمر المعنون «ماذا بعد الحقيقة، وبعد الغرب، وبعد النظام؟»، عبارة عن تأريخ لمصير حتمي مثير للتشاؤم. وحسب رأي «فولفجانج إشينجر»، الدبلوماسي الألماني المخضرم، ورئيس المؤتمر، فإن رغبة ترامب الواضحة في رؤية الاتحاد الأوروبي وهو يتفكك ترقى إلى «إعلان حرب»! وجاء في التقرير أيضاً أن الركائز الأساسية للديمقراطية الليبرالية، والنظام الدولي، باتت معرضة للخطر في الوقت الراهن. ومن بين أوائل الزعماء الأوروبيين، الذين هرعوا للدفاع عن تلك المرتكزات، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، المتوقع أن تلقي خطاباً في المؤتمر، يمكن تفسيره على أنه رد على عقيدة «أميركا أولاً» التي يتبناها ترامب. وكانت ميركل قد أدلت بتصريح لوسائل الإعلام في وقت سابق من هذا الأسبوع، قالت فيه: «لا توجد هناك دولة لديها القدرة على حل المشكلات بمفردها، والعمل المشترك، في رأيي هو الشيء الأكثر أهمية». فبعد أن عقد عدة اجتماعات في ألمانيا مع عدد من وزراء خارجية مجموعة الدول العشرين، حث وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون موسكو على الانسحاب من شرق أوكرانيا. وفي بروكسل انتقد ماتيس زملاءه في حلف «الناتو»، لعدم مساهمتهم بنصيب عادل في الإنفاق الدفاعي عن أوروبا، وهي شكوى أميركية مستمرة منذ زمن طويل، ولكن تيلرسون أكد في الوقت ذاته على التزام بلاده العسكري نحو الحلف. وفي مقال في «الفاينانشال تايمز»، قدمت كاتبة العمود آن أبلباوم مقترحاً غريباً، لحكومات غرب أوروبا. فقد قالت: «يجب على بريطانيا، مع فرنسا، وألمانيا، وغيرهما من الدول الأوروبية، إطلاق معاهدة أمنية أوروبية جدية، تعكس الحقائق السياسية الجديدة». وأضافت أبلباوم في مقالها: «بمعنى آخر: يجب على القوى الدفاعية الرئيسة خلق منظمة مكافئة للناتو، على أن تبدأ هذه المنظمة في الاستعداد بهدوء لليوم الذي تسحب فيه الولايات المتحدة مظلتها الأمنية من أوروبا». وبعبارة أخرى: تريد أبلباوم أن تقول إن «من الأفضل لدول أوروبا أن تكون آمنة أكثر من أن تكون آسفة»، وفي عصر مثل عصر ترامب قد تصبح هذه العبارة هي الشعار السائد. * كاتب أميركي متخصص في شؤون السياسة الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©