الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء يطالبون بالتصدي لمحاولات النيل من مجالس العلم

علماء يطالبون بالتصدي لمحاولات النيل من مجالس العلم
7 نوفمبر 2013 21:28
حسام محمد(القاهرة)- في كتابه الشهير «تبيين كذب المفتري» قال ابن عساكر رحمه الله قولته الشهيرة «لحوم العلماء مسمومة»، بمعنى أن الكلام في أهل العلم جرح في العلماء وجرح فيما يحملونه من الشريعة، لأن الناس لن يثقوا بهم إذا كثر القول فيهم والخوض فيهم، ولهذا يجب عند كثرة الكلام وخوض الناس في أمر من الأمور أن يحرص الإنسان على كف لسانه، وعدم الكلام إلا فيما كانت مصلحته ظاهرة، حتى لو سئل فإنه يقول: نسأل الله الهداية: نسأل الله أن يهدي الجميع وعلى الرغم من اعتراف الجميع بأن علماء يحوون فيما بين صدورهم العلم النافع للناس فإن البعض من قليلي العلم ما زالوا يتجرؤون على علماء الدين في كل مكان بل ووصل الأمر إلى قيام هؤلاء باتهام أحد هؤلاء العلماء وهو في مجلس العلم بأنه لا يراعي الله في أعماله وفي الوقت الذي توقف فيه العلماء عن الرد باللغة الجافة نفسها فإن القلة غير الواعية ما زالت تستخدم لغة بعيدة كل البعد عن سماحة الإسلام. قاعة الدرس ويقول الدكتور الأحمدي أبو النور عضو هيئة كبار العلماء ووزير الأوقاف المصري الأسبق إن مجالس العلم تتعرض بالفعل لهجمة غير مسبوقة على الرغم من أن محراب العلم له قدسيته والمفروض أن الإنسان عندما يدخل مجلس العلم أو قاعة الدرس أو ما شابه يلتزم الهدوء والأدب بل إن بعض علماء السلف أفتوا بحرمة إلقاء السلام عند الدخول لمجالس العلم فذكر ابن جماعة في كتابه «تذكرة السامع» «ص 146» عن بعض العلماء أن مجالس العلم من المواضع التي لا يُسلم فيها، ولكن اختار ابن جماعة أنه يسلم فيها، وأن هذا جرى عليه العرف والعمل وذهب جماعة من أهل العلم إلى كراهة إلقاء السلام على مجالس العلم لما قد يحصل بسبب ذلك من تشويش، فقد يحصل بسبب التشويش تصحيف أو غلط في الكتابة أو السماع ونحو ذلك. غاية كريمة ويضيف: العلم جهاد وسمو، كما تحف الملائكة طلاب العلم وتطوقهم بعناية من الله تعالى رحمة بهم وتشريفاً لغايتهم الكريمة وهناك آداب لحضور مجالس العلم حتى يستقيم القلب وتخشع الجوارح وتطمئن النفوس وتثمر عطايا ذلك الحديث الطيب، ومن تلك الوصايا إخلاص النية لله تعالى والحضور لطلب الأجر والعلم والانتفاع بذلك. أما الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة، فلفت إلى أن العلماء ورثة الأنبياء، وهم عدول الأمة في كل عصر وخيار الناس وأبصرهم بالحق، وهم مرجع الناس في معرفة دينهم فموالاتهم على الحق واجبة والتأسي بهم في الدين سبيل نجاة وتوقيرهم واحترامهم سنة متبعه وقد كان السلف رضي الله عنهم في معاملة العلماء على أكمل هدي قد اتسم منهجهم في معاملة العلماء بحفظ أصلين عظيمين يمثلان الاعتدال في معاملة العلماء والتوسط بين أهل الغلو والجفاء فالأصل الأول: هو توقير العلماء واحترامهم، لما شرفهم الله به من العلم وما خصهم به من الفضل والأصل الثاني: تجنب زلاتهم وعدم متابعتهم في أخطائهم. وأوضح أن منزلة العلماء التي خصهم بها الشارع الحكيم تتجلى بوضوح من دون سائر أصناف العالمين، كونهم مبلغين عن الله دينه ووصاياه، وناشرين بين الورى نوره وهداه، وهادين إلى صراطه المستقيم، وداعين إلى شرعه القويم، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. وقال الدكتور محمد الدسوقي : نحن عندما نقرر أنه لا بُدَّ من توقير العلماء واحترامهم وتبجيلهم إجلالاً لذلك العلم الذي حملوه بين أضلعهم ونشروا نوره في الناس كما أمرهم الله جلَّ وعلا، والذي هو في الحقيقة تعظيم وإجلال لله في ذاته وصفاته وأمره ونهيه وشرعه فإنَّ هذا لا يعني أننا نضفي عليهم قداسة العصمة من الخطأ التي أبى الله في شرعه أن تكون إلاَّ لأنبيائه، بل إننا نجيز عليهم وقوع الخطأ والزلل في جانب ما يجتهدون في بيان حكم الله تعالى فيه فضلاً عن غيره، ولكننا لا نتبعهم فيما أخطأوا فيه ومعرفة فضل أئمة الإسلام وقدر منازلهم لا تستلزم قبول كل أقوالهم ولا قبول ما وقع في فتاواهم من المسائل فقالوا بمبلغ علمهم والحق خلافها ووقوع ذلك منهم لا يلامون عليه ولا يوجب ترك جميع أقوالهم ولا يكون مدعاة إلى تنقصهم بل نأخذ من أقوالهـم ونترك فلا نؤثم ولا نعصـم ونأخذ مما أخذوا به هم أنفسهـم في اتباع من قبلهم لأننا متعبدون باتباع الحق لا سواه وكل يؤخذ من قوله ويرد إلاَّ رسول الله وعلى هذا تواطأت أقوال أئمة الإسلام رحمهم الله. فضل العلم وأشار الدكتور محمد رأفت عثمان العميد الأسبق لكلية الشريعة بالأزهر إلى الكثير من النصوص التي بينت فضل العلم وأهله لا تكاد تحصر، وإنك لتعجب من بعض قليلي العلم كيف يتطاولون على كبار علماء الأمة ويطعنون في أقوالهم وما زلت أذكر أنني كنت في أحد المؤتمرات وكان ملقى الكلمة أحد العلماء فإذا بسائل يلمز أحد العلماء الكبار ممن اشتهر بطلب علم الحديث حتى أصبح إمامًا فيه و لم يستطع هذا العالم أن يكمّل السؤال فقد سبقت عَبراته عِبارتِه، وقالها كلمة حقّ: «لقد بدأ هذا الإمام في طلب العلم علم الحديث قبل أن يخلَق أكثركم في أرحام أمهاتكم» لا نقولها غلوًا أو ادعاءً لعصمة هؤلاء العلماء، لكن الحقيقة بينت رسوخ هؤلاء العلماء وصدقهم ومكانتهم وإخلاصهم، ولا نزكي على الله أحدًا. شرف منزلة أهله أخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين». وقال الإمام أحمد رحمه الله: الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين والعلم يحتاج إليه بعدد أنفاسه.وأخرج البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم». وهذا يدل على فضل العلم والتعليم وشرف منزلة أهله بحيث إذا اهتدى رجل واحد بالعلم كان ذلك خيراً له من حمر النعم وهي خيارها وأشرافها عند أهلها فما الظن بمن يهتدي به كل يوم طوائف من الناس؟ وأخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها». وأخرج الترمذي بسند صحيح عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عالم والآخر عابد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، ثم قال رسول الله: «إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلمي الناس الخير» فكيف بعد هذا كله نهين علماءنا ومجالسهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©