الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هلال العام الهجري.. عبرة من مرور الأيام والشهور والأعوام

هلال العام الهجري.. عبرة من مرور الأيام والشهور والأعوام
7 نوفمبر 2013 21:29
أطل علينا هلال شهـر جديد وعام جديد، وهلال المحرم من كل عام يجدد للمسلمين ثقتهم بأنفسهم، ويفتح أعينهم على يوم مأمول وغدٍ مرتقب، وهكذا تمر الشهور بعد الشهور، فعلينا أن نأخذ العبرة من مرور الأيام والشهور والأعوام، إن لنا عبرة في مضيِّ الأيام سراعاً، ومرور الأعوام تباعاً، وهي في الواقع تُنتقص من أعمارنا، وتٌقتطع من حياتنا، لتوصلنا إلى الغاية المحتومة، والنهاية المعبَّر عنها بقوله تعالى:( فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ )سورة الأعراف الآية (34)، فما أحوجنا في مستهل كل عام، وحين تطوي عجلة الزمن عاماً كاملاً من حياتنا، تقتطعه من أعمارنا وتقرب به آجالنا، ما أحوجنا لأن نقف قليلاً على مفترق الطرق، لنحاسب أنفسنا على الماضي، ولنستعرض ما قدمناه، فنستدرك ما فات، ونتوب من العثرات. يوم جديد إننا في هذه الأيام ونحن نودع عاماً ونستقبل عاماً جديداً يجب أن نتدارك ما فاتنا، ?وأن يحاسب الواحد فينا نفسه قبل أن يُحاسَب، كما قال سبحانه: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا* اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً» سورة الإسراء الآيتان 13-14، وقوله ?عز وجل: «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ ليَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بنَا حَاسِبينَ» سورة الأنبياء الآية 47، حيث إننا سَنُسْأل يوم القيامة عن كل شيء، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لن تزول قدماً عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به» أخرجه الطبراني. وجدير بنا ونحن نستقبل عاماً جديداً ونودع عاماً قد انقضى بخيره وشره، أن ندعو الله? عز وجل أن يجعل هذا العام خيراً من سلفه، وأن يجعل خلفه خيراً منه، فما من يوم يبزغ فجره ويسطع ضوؤه، إلا ويناديك يا ابن آدم، أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنم مني بعمل الصالحات فإني لا أعود إلى يوم القيامة، وما من ليل يُرخى سدوله وينشر سكونه، إلا ويناديك يا بن آدم، أنا ليل جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني بطاعة الرحمن وطلب الغفران فإني لا أعود إلى يوم القيامة. ونحن هنا نتساءل: كم من إخوتنا وأحبائنا يقضون أوقاتهم في اللهو والغيبة والنميمة، ومشاهدة الأفلام الهابطة والمسلسلات الهدامة، أما آن لهم أن يعودوا إلى رشدهم ويتوبوا إلى ربهم! أليسوا مأمورين باستغلال الوقت في طاعة الله، فالصلوات موزعة على خمسة أوقات، وكذلك الصوم، والحج، والزكاة، مقسمة على شهور السنة، ونحن مسؤولون عن أعمارنا فلماذا نضيعها سدى هكذا؟! أعمار الأمة الإسلامية إنك إن طالبت أحدهم بالصلاة، قال: غداً أبلغ من الكبر عتياً، وأتوب وأصلي، ونسي قوله تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً}(سورة لقمان ، الآية (34)، فأعمار الأمة الإسلامية ما بين الستين والسبعين والقليل من يتجاوز، فنحن مسؤولون عن أعمارنا: “وعن عمره فيم أفناه”(أخرجه الترمذي)، كما أننا مطالبون أفراداً وجماعات ومؤسسات أن نتقي الله في أعمارنا، وأن نعلن الصلح مع الله، وأن نكثر من أفعال الخير، وننأى بأنفسنا وأهلينا ومجتمعنا عن طريق الشر، عسى أن تدركنا رحمة الله. وما دمنا لا ندري متى سنموت، فيجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره ورد الحقوق لأصحابها، من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال. إن تعاقب الشهور والأعوام على العبد ، قد يكون نعمة له أو نقمة عليه، فطول العمر ليس نعمة بحدّ ذاته، فإذا طال عمر العبد ولم يعمره بالخير، فإنما هو يستكثر من حجج الله تعالى عليه، لما روي عن أبي بكرة – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله”(أخرجه أحمد)، فما أحو جنا في مثل هذه الأيام أن نحمد الله عز وجل على ما وفقنا إليه من صالح الأعمال، فالفضل كله لله سبحانه وتعالى وحده أن هدانا إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ} (سورة الأعراف الآية (43)، ثم نعقد العزم وَنُوَطِّن النفس على أن نواجه العام الجديد، بقلوب مؤمنة ونيات صادقة، ورغبة أكيدة في فعل الخير واتباع الحق، وطاعة الله وتقواه. إن الواجب علينا أن يراجع كل واحد منا أعماله خلال العام الماضي، فإن وجد خيراً فليحمد الله، وإن وجد غير ذلك فعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، فالله سبحانه وتعالى فتح باب التوبة على مصراعيه لكل إنسان كي يعود إلى محراب الطاعة. إن التوبة كرم إلهي ومنحة من الله لعباده، عرفهم فيها كيفية الرجوع إليه إن بعدوا عنه، وكيفية التخلص من تبعات الذنوب إذا عصوه، كي يفروا إليه تائبين منيبين متطهرين. فضل الله ومن فضل الله على أمتنا الإسلامية أنه رحيم، وأن رحمته سبقت غضبه {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} (سورة الحجر الآية (49-50)، كما ووصف حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} (سورة الأحزاب الآية (45)، فهو صلى الله عليه وسلم البشير قبل النذير، ومن المعلوم أنه عليه الصلاة والسلام كان يغتنم كل مناسبة لتبشير الناس وترغيبهم في عفو الله ورحمته، وإظهار فضله وكرمه كيف لا؟ وهو القائل: “بشروا ولا تنفروا، يسروا ولا تعسروا”(أخرجه الشيخان). إن أجدادنا استغلوا أعمارهم في الخير، فكانوا العلماء النابغين الأفذاذ الذين طأطأ لهم الجميع إجلالاً واحتراماً في شتى المجالات، فكان منهم الفارابي، والرازي، وابن سينا، وابن الهيثم، والخوارزمي، والكندي، وغيرهم والحمد لله كثير. صيام يوم عاشوراء بين نبينا – صلى الله عليه وسلم – فضل صيام شهر المحرم كما ورد في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) (أخرجه مسلم). ويوم عاشوراء من الأيام المباركة في هذا الشهر، فقد قيل: إنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، ونَجَّى الله فيه موسى و قومه، وأغرق فرعون وقومه، كما قيل إنه فيه نَجَّى الله إبراهيم من النار، ويوسف من الجبّ، وغير ذلك من الآثار، وقد ذكرت الأحاديث فضله في تكفير الذنوب، كما ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله” (أخرجه الشيخان)، كما ورد في الحديث الشريف عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (صام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله: إنه يوم يُعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع) (أخرجه مسلم)، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، لذلك كان من السنة صيام التاسع والعاشر من شهر المحرم كما ذكرت الأحاديث الشريفة. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©