الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النظافة قيمة تساوي التوبة وصفها العلماء بـ «نصف الإيمان»

النظافة قيمة تساوي التوبة وصفها العلماء بـ «نصف الإيمان»
7 نوفمبر 2013 21:29
النظافة في الإسلام قيمة عظيمة، ينبغي أن يراعيها كل مسلم ويتحلى بها في كل الأوقات والظروف، وقد اهتم الدين الحنيف بهذه القيمة، وأعلى من شأنها إعلاء كبيرا، وجعلها نصف الإيمان، والنظافة في الإسلام ليست أمرا شخصيا يعمله صاحبه أو لا يعمله حسب رغبته ومِزَاجه، بل هي أمر ديني إذا لم يعمله صاحبه حَرَمه الله من ثوابها العظيم، وما الوضوء سِوَى مجرد مثال يبين أن النظافة في الإسلام أمر جليل ينبغي أن يؤخذ بكل جد. أحمد مراد (القاهرة)- حول اهتمام الإسلام بالنظافة سواء العامة أو الشخصية، أوضح الدكتور إبراهيم عوض الباحث في الدراسات الإسلامية، أن ذلك يظهر بوضوح في العديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، ففي الحديث النبوي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله طيِّب يحب الطيِّب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جَوَاد يحب الـجُود، فنَظِّفوا أَفْنِيَتَكم”، ويبين هذا الحديث النبوي أن النظافة ليست محدودة بالنطاق البشرى، بل يصل الأمر إلى الحد الذي يوصَف فيه الله تعالى ذاته بأنه نظيف، وأنه يحب النظافة، ولا يتوقف الحديث عند هذا الحد، بل يُتْبِع ذلك بأن يأمر المسلمين بالاهتمام بتنظيف أفنيتهم، وإذا كانت نظافة أَفْنِيَة البيوت تَشْغَل كل هذا الـحَيِّز من اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم، فما بالنا بالبيوت ذاتها؟ ثم ما بالنا بساكِنِي هذه البيوت أنفسهم؟، فلا شك في أن نظافتهم في الإسلام أهم وأوجب وقد بلغ من أهمية النظافة والطهارة في الإسلام أن قال الله تعالى في كتابه الكريم: “إن الله يحب التَّوّابين ويحب المتطهِّرين” قارِنًا، كما نرى، بين التوابين والمتطهرين بما يوحى أن الطهارة تساوي التوبةَ من الذنوب وتساوي الاستقامةَ النفسية والخلقية والعقيدية. كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “الطهور شَطْر الإيمان”، وهو ما يعني أن الطهارة والنظافة تمثِّل نصف الإيمان. الأعضاء الخارجية وأشار إلى أن الوضوء يَنْصَبّ على تنظيف الأعضاء الخارجية التي من شأنها أن تتعرض للغبار والتلوث والاتساخ أكثر من غيرها، فضلا عن أنها هي الأعضاء التي يراها الآخرون من الشخص أثناء تعاملهم معه، فيريد الإسلام أن تبقي هذه الأعضاء نظيفة بقدر الإمكان، ولأطول فترة ممكنة طوال اليوم والليلة. أما نظافة الجسم كله فيتكفل بها الغُسْل، وهو الشعيرة التطهيرية التي يمارسها المسلم على الأقل مرة كل أسبوع حين يستعد للذهاب يوم الجمعة لتأدية الصلاة الجماعية في ذلك اليوم، علاوةً على غُسْل يوم الجمعة بطبيعة الحال. والأعزب يجب عليه الاغتسال عند الاحتلام، كذلك إذا كان الشخص غير مسلم وأراد الدخول في الإسلام فإنه يغتسل، وحين يموت أي مسلم فإنه يُغَسَّل، وبالمِثْل يغتسل الشخص الذي غَسَّله، ومعنى ذلك أن النظافة ترافق الإنسان في الإسلام إلى أن يموت، بل إلى ما بعد مماته. النظافة العامة ويضيف: لقد حثنا الله عز وجل ورسوله على النظافة، وذلك في العديد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الدالة على ذلك، منها قول الله تعالى: «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد»، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده، وقد حرص الإسلام أيضا على أن يكون المسلم نظيف البدن والثوب، حسن الهيئة، لقوله صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا أشعث الرأس فقال:” أما يجد هذا ما يسكن به شعره” ورأى آخر عليه ثياب وسخة فقال “أما يجد هذا ما يغسل به ثوبه. أهمية بالغة وقال الدكتور عبد الله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: لقد اهتم الإسلام بالنظافة اهتماما كبيرا، وأعطاها أهمية بالغة، حتى جعلها شرطا لصحة الصلاة التي هي عمود الإسلام، فلا تقبل صلاة أحد إلا بالطهارة، وقد امتدح الله عز وجل أهل قباء، وجعل حرصهم على النظافة والطهارة سببا في حبه تعالى لهم، حيث قال:”فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ” . قال الإمام البغوي في تفسيره: أي يتطهرون من الأحداث والجنابات والنجاسات، وقال عطاء: كانوا يستنجون بالماء ولا ينامون بالليل على الجنابة. ويؤكد أن الإسلام هو دين النظافة، حث أبناءه عليها في جميع أحوالهم، عند صلاتهم، وأكلهم، وفي اجتماعاتهم ومجالسهم، بل وحثهم عليها عندما يريدون أن يأووا إلى مضاجعهم ليستريحوا من تعب العمل طوال النهار، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ على شِقِكَ الأيْمَنِ وَقُلِ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إِلَيْكَ، وَألجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةَ وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لا ملجأ وَلا مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِليْكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذي أَرْسَلْتَ. فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ”، وقد بين عليه السلام أن أمته تعرف من بين الأمم على كثرتها بهذا النوع من النظافة وهذا الأثر من الطهارة فيقول صلى الله عليه وسلم: “إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل”. نظافة ظاهرية ويضيف د. إبراهيم: قد تكون النظافة باطنية، وهي نظافة العقل والقلب والضمير، أو تكون نظافة ظاهرية، فالإسلام لا يكتفي من أتباعه بالاعتقاد في وحدانية الله سبحانه واليوم الآخر، وتأدية الصلاة والزكاة والصوم والحج وما إلى ذلك، بل يريد منهم، كي يكون إيمانهم صحيحا وكاملا متكاملا، أن يهتموا بالنظافة أيضا، ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: “النظافة تدعو إلى الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة”، فالنظافة تؤدي إلى دخول الجنة لأنها تدعو إلى الإيمان، والإيمان هو الطريق الموصِّل إلى الجنة، وهناك حديث آخر يقول: “النظافة من الإيمان”، وهو ما يدلنا على الدرجة الرفيعة التي تحتلها قيمة النظافة في الدين الإسلامي، فهي ليست شيئا ثانويا، بل هي من صميم الإيمان ذاته، وبدونها ينقص إيمان الشخص نقصانا كبيرا، ولأهمية النظافة وعُلُوّ مرتبتها في الإسلام يقول الرسول عن الوضوء: “إذا توضأ العبد فمَضْمَض خرجت الخطايا من فِيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فإذا مَسَح برأسه خَرَجَت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظافر رجليه”. مسؤولية مجتمعية أوضح الدكتور عبد الله النجار، الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الإسلام اهتم بنظافة الإنسان وأيضاً بنظافة المكان، وبالرغم من أن النظافة العامة في ذلك العصر لم تكن بحجم وتأثير النظافة العامة في العصر الحديث من حيث كمية النفايات وتنوعها ومخاطرها على الإنسان والبيئة، حيث إن نفايات ذلك العصر لم تكن سوى نفايات صديقة للبيئة جلها من بقايا الطعام إلا أن الإسلام حرص على الحث على النظافة العامة، فالنظافة من الأشياء التي يحبها الله سبحانه وتعالى ورسوله، وهي ليست ــ أي النظافة ــ مسؤولية القائمين على أمور النظافة بل هي مسؤولية عامة وهذا ما يفهم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: “إماطة الأذى عن الطريق صدقة”. كما أن الاهتمام بالنظافة من مسؤوليات الحاكم الأساسية، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يرسل فقط الصحابي الجليل أبو موسى لتعليم الناس أمور دينهم فقط بل أضاف إلى ذلك حثهم على الاهتمام بالنظافة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©