الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: «التسول».. ابتزاز وحرفة كسالى

العلماء: «التسول».. ابتزاز وحرفة كسالى
20 نوفمبر 2014 23:47
أحمد مراد (القاهرة) لم يعد التسول كما كان مجرد سؤال الناس عند الاحتياج للمساعدة، بل تجاوز ذلك بمراحل وتحول لمهارة في ابتزاز مشاعر الناس، حيث تعددت وسائله، وتنوعت أساليبه، وتحول المتسولون في بعض المجتمعات العربية والإسلامية إلى أشبه ما يكون بالعصابات المنظمة التي تتخذ منه مهنة تدر عليهم أموالاً طائلة يتحصلون عليها دون مشقة أو عناء. أكد علماء من الأزهر أن الإسلام الحنيف لا يقر «التسول» بأي شكل من الأشكال، ويعتبره من الأمور المذمومة التي يجب على كل مسلم أن يتجنبها، مشيرين إلى أنه ظاهرة غير حضارية في أي مجتمع، وسلوك مرفوض يورث الذل والهوان في الدنيا والأخرة. سلوك مذموم وصف د. أحمد محمود كريمة - أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر - التسول بأنه سلوك مرفوض لا يقره شرع ولا قانون وهو يعتبر من الأمور التي نهى الإسلام عنها، ففد ورد عن الرسول صلى الله وعليه وسلم أنه قال: «لا تزال المسألة بالعبد حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم»، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان.. قالوا فمن المسكين يا رسول الله.. قال: الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس شيئاً»، وفي حديث آخر: «من يكفل لي ألا يسأل الناس شيئاً أتكفل له بالجنة». مضار كثيرة وأضاف: هناك مضار كثيرة تترتب على التسول، فإلى جانب كونه ظاهرة غير حضارية في المجتمع فإنه يورث الذل والهوان في الدنيا والأخرة، وشدد على ضرورة دراسة ظاهرة التسول بشكل علمي للوقوف على العوامل المختلفة التي تدفع البعض إلى احترافه التسول، وعلى أساليب المتسولين المتعددة التي يتبعونها لكسب تعاطف الناس معهم، وخاصة في المناسبات الدينية مثل شهر رمضان المبارك وأيام عيدي الفطر والأضحى المباركين. وتابع: التسول قبل أن يكون ظاهرة اجتماعية، فهو في حد ذاته سلوك مذموم يتحول لدى البعض إلى عادة يومية يتخذها العجزة والكسالى كمهنة تدر عليهم أموالاً كثيرة دون عناء أو مشقة، والغريب أن الغالبية العظمى من الذين يمارسون سلوك التسول لديهم القدرة على العمل، ولكنهم يتكاسلون لأنه أقصر الطرق وأسهلها للحصول على المال الوفير، وخاصة في المجتمعات الشرقية الإسلامية التي تنتشر فيها قيم التعاطف والتعاون وقضاء حوائج الناس والمساهمة في فك كروبهم. مرفوض شرعا وقال د. العجمي الدمنهوري - العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: التسول سلوك مرفوض من الناحية الشرعية، وقد ورد عن الإمام أبي حامد الغزالي أن «السؤال - بمعنى التسول- حرام في الأصل وإنما يباح لضرورة»، وذلك لأن التسول لا ينفك عن ثلاثة أمور محرمة، الأول إظهار الشكوى من الله تعالى، إذ إن السؤال فيه إظهار للفقر، والثاني فيه إذلال السائل نفسه لغير الله وليس لمؤمن أن يذل نفسه لغير الله تعالى، والثالث إنه لا ينفك عن إيذاء المسؤولين غالباً. وأضاف: لم يكتف الإسلام في مقاومته لسلوك التسول بالمسلك النظري الذي تمثل في الترهيب من المسألة المقرون بعاقبتها الوخيمة، بل أضاف إليه مسلكاً عملياً، من خلال قوله صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى» واليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى هي السائلة، وقوله أيضاً: «من سأل الناس أموالهم تكثراً، فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر»، كما قال صلى الله عليه وسلم: «لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئاً»، ومن خلال هذه الأحاديث وغيرها يتضح أن الإسلام قد ذم المسألة، لما لها من أثر سلبي على التنمية الاقتصادية، وحتى لا يركن المتعطل إليها، بل يتجه إلى الكسب والعمل المفيد، إخراجاً لنفسه من دائرة المتعطلين. أسلوب حياة ويرى د. محمد أبوليلة - أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر - أن عادة التسول تحولت إلى أسلوب معيشة يسلكه البعض للحصول على المال بأسهل وأبسط الطرق مستغلين رغبة الأشخاص في التصدق وفعل الخير، وفي أحيان كثيرة يكون الدافع وراء التسول ليس الاحتياج، إذ إن أغلب من يتسولون يتخذون التسول مهنة دائمة لا تحتاج إلى قدرات خاصة، وإنما تتلخص في كيفية تحريك مشاعر الناس وإثارة شفقتهم للحصول على الأموال بسهولة. ويقول: التسول عادة مرفوضة شرعا والمتسولين عالة على المجتمع، وتحولوا من كونهم أيد عاملة تساهم في البناء والتعمير إلى طاقة معطلة تستنزف طاقات المجتمع وتأخذ ما لا تستحق. وإذا كان هناك من يريد تقديم الخير والمساعدة للمحتاج فعليه أن يوجه ذلك إلى من يستحقه بالفعل من خلال المؤسسات والهيئات الخيرية. كادر مع موضووع التسول جريمة منظمة أكد الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن ظاهرة التسول أصبحت تتخذ الآن شكل الجريمة المنظمة، وأصبح المتسولون في بعض الأحيان يعملون ضمن تنظيم عصابي وبأسلوب خاص من خلال تقسيم الأحياء إلى مناطق داخل المجتمعات العربية والإسلامية، وفي حال التعدي من أي دخيل على منطقة عمل شخص آخر تطبق عليه تشريعات اجتماعية وضعتها تلك الجماعات أو العصابات، ومن ثم يجب التحرك السريع لمواجهة هذه الظاهرة، التي تمثل خطراً كبيراً في بعض المجتمعات العربية والإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©