السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«الحرف والصناعات التقليدية».. عزف منفرد على أوتار التراث

«الحرف والصناعات التقليدية».. عزف منفرد على أوتار التراث
5 نوفمبر 2015 11:47

أشرف جمعة (أبوظبي) يعود سوق القطارة بالعين بما يحمله من زخم تراثي بالزوار إلى زمن الأجداد، فقد جمع الحرفيين وعمّاد الصناعات التقليدية في سوق متسع يستوعب الزوار الذين عمروا جنباتها في الأيام الماضية فهو بحق إطلالة عميقة على الماضي، حيث رائحة البخور العتيقة وتفاعل النساء الماهرات في الغزل على الكاجوجة، وتضفير الخوص والحبال لتظل النخلة رمز العطاء وملهمة الأجيال فهي شجرة الحياة تمد الناس بالظل وتمنحهم من مكوناتها النقية أشهى ما يتمنون، فالسوق يعبر في نسخة مهرجان الحرف والصناعات التقليدية الثاني المقام حالياً في مدينة العين وتنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة عن مشهد حضاري وثقافي تلاقي فيه الماضي البهي مع الحاضر المشرق الجميل فمن يصدق أن البيئة الإماراتية كانت غزيرة الإنتاج خصوصاً فيما يلبي احتياجات المرء اليومية بهذا الشكل، لكن سوق القطارة أعطى البشارة علي أن التراث المحلى ضوء غامر ومحرك قوي للجيل الجديد لكي يكون منتجاً ومحتفياً بموروثه الشعبي. سوق الحرفيات على امتداد السوق كانت دكاكين الحرفيات تتصدر واجهة سوق القطارة الشعبي في المهرجان، وبداخل هذه الدكاكين كانت تضج حركة من نوع خاص إذ الكثيرات من السيدات الماهرات في التراث كن يمارسن حرفهن التقليدية على أحسن ما يكون وهو ما شجع عديدا من الزوار على التوجه إلى هذه الدكاكين يجلسون بجوار الحرفيات ليستمتعوا بمشاهد الغزل والعمل على الحفاظ على أقدم الصناعات في الدولة والتي لا تزال تتنفس في الوقت الحاضر بفضل هؤلاء النسوة اللواتي لم تفصلهن المدنية والحضارة عن ماضيهن المشرف. مرحلة الكفاح ومن بين الحرفيات اللواتي كانت تعمل في صمت وعلامات الزمن القديم تظهر عليها وهي في حالة من السعادة الغامرة، طماعة الظاهري التي كانت تغزل التلي بحرفية تامة لافتة إلى أنها تعد نفسها جنداً من جنود التراث ومن ضمن حراسه المخلصين إذ تعمل منذ طفولتها على الكاجوجة وتلف الخيط وتصنع زينة الملابس دون ملل وهو ما أكسبها الصبر وإلى جوارها كان يجلس عبيد الكعبي الذي يعد نفسه من محبي التراث، موضحاً أنه رغم عمره الطويل الذي يحمله فوق ظهره فإنه يحب مشاهدة الحرف القديمة وطريقة صناعتها فهي تعيده إلى الزمن الذي عاش تفاصيله واستمتع كثيراً بأجوائه إذ يعد حياة الماضي مرحلة الكفاح ومن ثم السعي لتحقيق الوجود ومواصلة رحلة النماء ولم يكن ذلك يتوفر على حد قوله إلا بالجد والاجتهاد في التكيف مع كل الظروف المحيطة. الطريق للمستقبل وفي الدكان المجاور كانت تجلس غبيشة وهي واحدة من الحرفيات المتميزات وتقول: منذ سنوات طفولتي الأولى وتحديداً في سن السابعة وأنا أغدو على صناعة الملابس وتطريزها حتى غدوت من عشاق التلي واليوم أكمل المسيرة وأساعد مع غيري على أن تظل هذه الحرف موجودة تتناقلها الأجيال يوماً بعد آخر فالحرف التراثية ثروة وذخيرة للأجيال القادمة لافتة إلى أن الجهود الحالية فاقت كل التوقعات ورسمت بدقة الطريق للمستقبل وفي الغد القريب سيأتي جيل يواصل العمل على حرف الأجداد لتظل هذه الصناعة أمام العالم هي الصورة المعبرة عن طبيعة الحياة في الزمن القديم. إبداع إماراتي جاءت زيارة مركز القوع لذوي الاحتياجات الخاصة لتضع طلابها أمام تجربة حقيقية تبين قوة الإبداع الإماراتي في الماضي ومدى التمسك بالهوية الوطنية ومن ضمن الطلاب الذين رغم ظروف إعاقاتهم الجسدية، حرصوا على الحضور سامي الدرعي الذي جاء على كرسي متحرك رغبة في المشاركة في هذا المهرجان الذي تجتمع فيه الحرف والصناعات التقليدية ويرى أن المهرجان وخصوصاً جناح الحرفيات يرسم بدقة صورة واقعية من الماضي خصوصاً وأن الرجال والنساء الذين يعملون في الحرف المرتبطة بالخوص ومنتوجات النخيل والتلى والسدو لديهم خبرة طويلة وإخلاص نادر للتراث، مؤكداً أنه أثناء تجواله بين الدكاكين الموجودة وجد نفسه يسأل عن أشياء كثيرة في التراث وأن الأمهات الطيبات اللواتي يعملن في الصناعات الحرفية لم يبخلن عليه بالإجابة إذ وجد لديهن سعة صدر وطول بال. ليف النخلة ظل الوالد عبيد سيف الكعبي سنوات طويلة يحافظ على صناعة الحبال من ليف النخلة لكن طريقته التي تعتمد على المهارة جعلت الكثير من زوار مهرجان الحرف والصناعات التقليدية يتجمعون حوله ويحاورنه في الوقت نفسه، ويذكر عبيد أن الصناعات المتعلقة بالنخلة لا تزال تحتفظ بتوهجها ومصدر إلهام للجيل الجديد، مبيناً أن التراث المحلي يسير في مجراه الطبيعي إذ بلغ الاحتفاء به المدى خصوصاً وأن الجميع يتماهى معه وعديد من الشباب يسعون إلى تمثل الأجداد والسير على خطاهم. صناعة السعف وفي واحدة من المهن المورثة عن الأجداد «السعفيات» التي كان يجيد عملها ببراعة داخل مهرجان الحرف والصناعات التقليدية ربيع النعيمي الذي يصنع من السعف أدوات المنزل الإماراتي في الماضي فبرع صنع السراريد وأنواع كثيرة من المخراف والمهف والجفير والجراب وغيرهم من الأشياء التي كانت تعتمد عليها الأسرة الإماراتية، ويلفت ربيع إلى أن المهرجان قدم جميع صنوف التراث الإماراتي بشكل حقيقي وهو ما جعل الجيل الجديد من الشباب يظهر الإعجاب الشديد بكل ما قدم خلال الأيام الماضية. «ودك العجائب» في السوق الشعبي كانت الحركة الدائبة أهم سماته حيث الإقبال الكبير من قبل الزوار من مختلف الأعمار، واتسم العارض جمال الفلاسي بالثقة والقدرة على عرض منتوجاته ببراعة إذ إنه كان يعرض في دكانه «كريم ودك العجائب» ويبين الفلاسي أن الكريم سريع المفعول فهو له استخدامات عدة بحسب حالة المريض فمنه الذي يساعد على تنظيم الدورة الدموية والكثير منه يعالج مشكلات العظام واحمرار العيون وآلام الصدر وأوجاع القولون وحرارة القدم وعديد من الأمراض الأخرى وأكد أنه فعال واللافت أن بعض الزوار كانوا يقبلون عليه بشكل كبير إذ تذكر آمنة حميد جمعة أن كريم «ودك العجائب» جيد الاستعمال وهو يعبر عن الطب البديل الذي عرفه الأجداد وهي مقتنعة بالتداوي به وتراه من العلاجات الطبيعية المفيدة. وجبة الموروث يقول أحمد العامري مشرف مهرجان الحرف والصناعات التقليدية إن الإقبال الكبير كان سمة مميزة منذ بداية المهرجان إذ حضر جمهور من مختلف الفئات ومن طلاب المدارس والمهتمين بالتراث حيث سلط المهرجان الضوء منذ البداية على الحرف والصناعات التقلدية التي مارسها الأجداد في الماضي ، وقدم وجبة غنية بكل عناصر الموروث الشعبي خصوصاً وأن السوق الشعبي عرضت الكثير من المنتجات التراثية وهو ما جعل سوق القطار يتكامل في جميع ما قدم عبر البرنامج الحافل. شفاء للناس في أحد دكاكين السوق الشعبي كان أحمد الكعبي يرتب قناني العسل الطبيعي ويعرضها للجمهور فصحة الإنسان هي هدفه خصوصاً أن فوائد العسل كثيرة، ويرى الكعبي أن هذه الحرفة منبعها الأجداد الذين يعتنون بالنحل وينشئون المناحل في الأماكن الطبيعية بحيث يتغذى النحل من الطبيعة، مما يكون له عامل كبير في جودة العسل، مؤكداً أنه مهتم بتقديم العسل النقي الجيد فتنوعت بضاعته من العسل بالزعفران والزنجبيل والجبلي والعسل مع الشمع وعسل السدر والسمر وبالقرفة وحبة البركة، ويشير إلى أنه قبل أن يبيع أي نوع من العسل يسأل الزائر عن الهدف من تناوله العسل، ويؤكد أن مهرجان الحرف والصناعات التقليدية واحة ظليلة مطلة على التراث، وأنه حظي بشعبية كبيرة لدى الجميع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©