الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأسرة والمدرسة شريكان

4 نوفمبر 2015 23:29
طرحت حوادث التعدي والاعتداء والضرب الأخيرة والمتبادلة بين معلمين وطلبة في بعض المدارس إشكالية مزمنة تتجدد فصولها كل فترة حول ملامح العلاقة بين طرفي العملية التعليمية وضوابطها. فقد شهدت الفترة الأخيرة إيقاف وزارة التربية والتعليم معلماً عن العمل بعد أن تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لهذا المعلم وهو يعتدي بالضرب على طالب، وشكلت الوزارة لجنة للتحقيق في الواقعة لمعرفة ملابساتها. وأعرب المجتمع المدرسي في واقعة أخرى عن استنكاره لحادثة ضرب معلم للغة الإنجليزية من قبل طلاب في إحدى المدارس، وذلك عبر فيديو تم نشره أيضاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وتباينت ردود الأفعال، حيث حمل البعض المسؤولية لوزارة التربية لأنها وجهت اهتمامها كاملاً للطلاب ولم توفر الحماية الكافية للمعلمين، كما طالب عدد من التربويين بضرورة العمل على تحسين صورة المعلم السلبية في أذهان الطلاب من قبل الوزارة وأولياء الأمور. فيما أشار البعض إلى ضرورة معاقبة من قام بتصوير ونشر الفيديو باعتبار ذلك جريمة يعاقب عليها القانون، فيما طالب آخرون بفصل المعلم الذي يعتدي بالضرب على طالب. وتزامنت مع تتابع هذه الوقائع وتكرارها دعوة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة منذ أيام لكل أب وأم لكي يوجهوا أبناءهم باحترام المعلمين، مطالباً المعلمين بألا يتهاونوا في أداء واجبهم تجاه الأمانة التي وضعت بين أياديهم. وحذر سموه من الاستهزاء بالمعلمين، حيث إنهم يؤدون مهنة عظيمة، ويقومون بدور وواجب كبير، وأن المعلم يعطي العلم، وينمي أفهام الأطفال، ويساهم في بناء شخصياتهم. فالعنف والتعنيف بكل صوره لا يرقى لرسالة للتربية والتعليم، وأصبحنا بحاجة لوقفة جادة لإعادة الانضباط إلى الميدان التربوي وتفعيل لائحة السلوك التي أقرتها الوزارة، لنؤكد على دور المعلم ورسالته بعيداً عن العقاب البدني والإيذاء النفسي، وواجب الطالب وإلزامه بقواعد المنظومة التعليمية وعدم التجاوز، حتى لا نتوه في هذه الإشكالية بين كل الأطراف وسط اعتقاد كل منهما أنه على صواب. ولا شك في أن الأسرة والمدرسة شريكان أساسيان في بناء شخصية الطالب وتنمية قدراته ومواهبه وضبط سلوكياته، فالأسرة هي الأقدر على تقويم الانحراف السلوكي خاصة في مرحلة المراهقة. ولكن هناك من يرى أن لائحة السلوك الطلابي التي وضعتها وزارة التربية والتعليم لتنظيم المجتمع المدرسي غير رادعة للحد من هذه الظاهرة، ويرون أن إجراءاتها العقابية مخففة، ويمكن الإفلات منها، ما يدفع كثيراً من الطلبة إلى الجرأة لارتكاب المخالفات. الموضوع يحتاج إلى بحث هذه القضية بالتعاون مع المدارس والأسر وأولياء الأمور ووزارة التربية والتعليم ومجالس التعليم بالدولة وقطاعات البحث العلمي والمتخصصين في علم النفس والاجتماع ووسائل الإعلام والجهات المعنية، فالإشكالية مزمنة وأطرافها حائرون، والأمر بحاجة لنقاش موسع من أجل الاتفاق على السبل الكفيلة للحد من الظاهرة واتخاذ الإجراءات الوقائية الفعالة. المسألة غاية في الأهمية وتكمن أهميتها في كونها تتعلق بأجيال هم عماد مستقبل هذه الأمة، فلا بد من تنشئة أجيال قادرة على تلبية متطلبات العصر والتعامل مع معطيات المستقبل وتحدياته. عمر أحمد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©