الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

انتظارات ·· أسئلة الزمان والمكان والموت

19 مارس 2007 02:11
الشارقة - فاديا دلا: صحا محمود أبوالعباس من كبوة مسرح العين ومسرحية ''ساهر الليل'' بعرض حمل عنوان ''انتظارات'' عن نص للكاتب عبد الله صالح، قُدم تحت مظلة مسرح دبي الشعبي· دلالة العنوان توحي بأن للوقت دورا محوريا في بنية العرض المسرحي لاسيما حينما تواجهنا عقارب الساعة على البروشور فندرك سلفا أن في انتظارنا ''انتظارات'' قد تطول وقد تقصر· الأسماء التي تعمل في ''انتظارات'' لها ثقلها وحجمها في الساحة الفنية الإماراتية، فعبد الله صالح واحد من مسرحيي الصف الأول ممثلا ومخرجا والآن كاتبا، وأشجان تعتبر أبرز بنات جيلها في فن التمثيل، وللمخرج محمود أبوالعباس جولاته في الساحة المسرحية الإماراتية وحضور فاعل لدى أغلب الجمعيات والمسارح التي عمل لها· يبدأ العرض بالإفصاح عن أحداثه الأولى، فثمة أربعة عازفين أمسكوا بكل زوايا الخشبة وصاروا يعزفون ألحانا تراثية، يمكن أن تكون مقاربة للموسيقى التصويرية التي تحفل بها الأعمال الدرامية، وفي مكان آخر ثمة اثنان متجاوران ندرك لاحقا أنهما عالقان في مصعد، وما يجعل للموضوع طرافته هو أن السيدة عروس تحتفل بليلة زفافها· في مكان كهذا ووقت كهذا، لابد أن تلعب الكلمة دورا في كسر حدة الملل والقلق والموت، لأن الصمت سيكون سلاحا ضعيفا في مواجهة هذا القدر، لذا استفاد المؤلف من حالة الانتظار والقلق والتوتر التي تعيشها هاتان الشخصيتان، بحيث اندفع ليرصد لنا ردود أفعال متلاحقة وذكريات بدأت تحكي عن نفسها وأحلاما قيد التحقيق برسم مستقبل قد يطول كثيرا وقد يأتي بعد خمس دقائق· يا لهذه المفارقة الغريبة، ولطالما عاقب الكتاب شخصياتهم الوهمية ذات الدلالات الواقعية بوضعهم في أسر أمكنة كهذه وجعلهم ينطقون ويعترفون، من قبيل الاعترافات الأخيرة لهم قبل مفارقة الحياة ثم يخرجونهم من الأزمة، والخسائر ستكون ضمن حسابات شخصية وروحية لكل واحد فيهم، وكأن شيئا لم يحدث· وربما طالت القائمة في سجل الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية التي تعرضت لمواقف مشابهة· المخرج في هذا العرض استفاد من كامل الخشبة في استخدام المصعد وتوزيعه على عدة مستويات، كل مستوى خلق له خصوصية تقديم المعلومة عن طريق سرد الأحداث ولجأ المخرج أيضا إلى كسر رتابة تلك الأمكنة بالخروج إلى منتصف المسرح من أجل تنويع حال البوح وإشراك فضاء المسرح كاملا في لعبة التذكر، وباعتقادنا أن استخدام الشاشة السينمائية لم يكن له داع لأن طبيعة عروض كهذه تدافع عن نفسها بنفسها وعبر الممثل أولا وأخيرا· وكان لابد من إضاءة فاعلة تبرز ردود أفعال الممثلين أثناء الخوض في تفاصيل لعبة الحياة· وأميل إلى تشبيه هذا العرض بعرضين مونودراما متوائمين في لحظة فعل واحدة، مختلفين في الشخصيتين، متكاملين في المكان والزمان· ''انتظارات'' عرض نتوقف عنده طويلا لنستمع إلى صوت الآخر في ظرف توقفت عنده الحياة وندرك عن قرب ماذا يفعل الإنسان عندما يضيق المكان والزمان به· وهل سيكون قادرا على الولوج إلى حياة أخرى أقل خسائر وأكثر حياة؟ أسئلة كثيرة كان العرض جديرا بتقديمها والبحث فيها تباعا، وهو بقدر ولا أقل من تحية شكر للعاملين في هذا العرض ولمسرح دبي الشعبي الذي عود الجمهور على مستوى طيب من الأعمال المسرحية التي يقدمها في أيام الشارقة المسرحية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©