الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالحكم الصعيدي: العلم بلا أخلاق كارثة و العلك تسبب في عقاب والدي

عبدالحكم الصعيدي: العلم بلا أخلاق كارثة و العلك تسبب في عقاب والدي
9 يناير 2009 00:12
أكد الدكتور عبدالحكم الصعيدي، أستاذ علم الحيوان والحشرات بكلية الزراعة جامعة الأزهر، أن تسبيح الكائنات خاصة النباتات والحيوانات والحشرات حقيقة نلمسها من خلال الدراسات والأبحاث العلمية، وشدد على ضرورة أن يتحلى الباحث العلمي بالأخلاق الإسلامية في أبحاثه خاصة فيما يتعلق بالاستنساخ والهندسة الوراثية واستخدام المبيدات والهرمونات في النباتات· ونتعرف إلى المزيد من أرائه في هذا الحوار· ؟ على الرغم من تخصصك العلمي في مجال الزراعة والحيوان والحشرات، فإنك تحسب على علماء الدين كفقيه وخطيب·· لماذا؟ ؟؟ لأني نشأت في أسرة أزهرية، فقد كان جدي الشيخ أحمد الصعيدي حافظاً للقرآن الكريم، وهو من فقهاء المالكية وله مؤلفات في هذا المجال· أما والدي الشيخ عبداللطيف الصعيدي -رحمه الله- فقد كان من علماء الأزهر، وكان مذهبه حنفياً، ولذلك نشأ في أسرتنا لون من ألوان التزاوج المذهبي· ومن الطرائف أن والدي عندما كان في السنة الأولى الابتدائية بالأزهر- وهي تعادل السنة الأولى الإعدادية الآن- تتلمذ على الفقه الحنفي، فوجد فيه شيئاً من العقل، ودخل شهر رمضان فأخذ يذاكر في مسجد القرية، والتف حوله الناس كطالب علم، يشرح لهم كتاب ''سبيل الفلاح بشرح نور الإيضاح على المذهب الحنفي في الفقه''، فوصل إلى نقطة ''ومضغ العلك لا يفطر الصائم''، والعلك هنا اللبان فاستغرب الناس وذهبوا إلى جدي وشكوا له فحضر سريعاً، وقام بضربه ''علقة ساخنة'' على مرأى ومسمع من الناس، وقال له: ''ليس كل ما تعلمه تقوله للعامة، هذا في الكتب وهو صحيح، ولكن هل تدري ما العلك الذي لا يفطر الصائم؟·· إنه أشياء صمغية لا طعم لها ولا رائحة ولا تفرز أي مواد، والذي يمضغه كأنه يمضغ قطعة من البلاستيك، فأنت أوقعت الحنفية في خطأ لا يقصدونه، وهذا خطأك أنت''· ؟ حث الإسلام على طلب العلم، فكيف كانت القيم الدينية حافزاً في هذا المجال، وما دور الأخلاق في مسيرة البحث العلمي؟ ؟؟ الأخلاق مهمة، ونلمس أهميتها في التقدم العلمي خاصة في عملية الاستنساخ والهندسة الوراثية والتي بدأت في النبات، ثم أدخلت على الحيوان ثم انتقلت إلى الإنسان وأصبحنا نعاني هذا الاتجاه ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أن هناك بعض التحفظات على هذه العمليات، فعندما تقع هذه البحوث في أيدي أناس لا أخلاق لهم، قد تحدث كارثة، وهذا ما نحذر منه دائماً ونقول إنه يجب أن نعلم الأخلاق الاسلامية لأبنائنا وللباحثين في مستقبل حياتهم البحثية· ويشير إلى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ''إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق''، فمن يتعلم الطب يجب أن يكون على خلق عظيم؛ لأنه سيطلع على عورات الناس فإذا لم يكن له دين يعصمه فسيفعل ما يغضب الله ورسوله، والذي يعمل في هندسة البناء والطرق إذا لم يكن لديه دين فسيغش وستكون كارثة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يحثنا على هذا ويقول: ''كل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام فليحذر أن يؤتى الإسلام من قبله''، فالإعلام ثغر والزراعة ثغر والطب ثغر والتعليم ثغر، وعندما لا نراقب الله في علمنا نجد الكوارث كما في المنتجات الزراعية واستخدام المبيدات والزيوت المعدنية المحرمة دولياً، والتي تتسرب إلينا بطرق غير مباشرة وغير مشروعة، والذي يدفع الثمن هو الإنسان المسلم ؟ من واقع أبحاثكم العلمية، نريد التعرف إلى بعض آيات الله في كونه؟ ؟؟ لديّ الكثير من الأبحاث العلمية، وهي تزيد على 120 بحثاً مرتبطة بآيات الله في الكون، غير أن هناك موضوعاً استوقفني أثناء بحثي العلمي، وهو أن بعض أنواع النباتات تأكل الحشرات، ولها مصائد وإفرازات ونظم عجيبة في ذلك، لتحتال على هذه الحشرات·· والنباتات آكلة الحشرات لها طرق وصور معينة، حيث تأتي مثلاً الذبابة أو البعوضة وتقف على جزء معين في النبات وعن طريق إنزيمات وهرمونات معينة يبدأ فتح قمع معين، تنبعث منه روائح عطرية تغذي الحشرة فتتحرك وتصبح في مرمى القمع، فينطبق عليها تماماً فتقع في بئر من المواد الهاضمة من الأحماض، وتهضم وتتبقى منها الفضلات فيطردها القمع ويلفظها، واتضح أن هذه النباتات على غير عادة النباتات الأخرى، تحتاج في غذائها إلى البروتين الحيواني، وهذه المسألة استوقفتني، ومن رحمة الله أن هذه النباتات ليست في المناطق المأهولة بالسكان وليست في المناطق الزراعية الجيدة، إنما هي في مناطق المستنقعات والأحراش، ولله سبحانه وتعالي في ذلك حكمة، وهي أنها تعمل على تقليل أعداد الحشرات الضارة بالإنسان مثل البعوض· ؟ ماذا عن تسبيح الكائنات الحية لله سبحانه وتعالى؟ ؟؟ هذه المسألة على درجة كبيرة من الأهمية، ولكن لا يعقلها إلا العلماء الربانيون·· فهناك علماء كثيرون يتحدثون عن الجانب العلمي دون أن يخوضوا في الجانب الإيماني·· وسوف أسوق مثلاً على ذلك من خلال أبحاثي ودراساتي العلمية، فنحن نتبع في حياتنا الأخلاق، وأهم صفة من صفات الأخلاق الحياء، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ''إن لكل دين خلقاً وخلق الإسلام الحياء''، وأنا أسمي الحياء خلق الأخلاق، وهو الضابط على الأخلاق جميعاً·· ومن هذا الخلق وجدنا أن بعض النباتات عندها من الحياء الكثير، ولذلك نطلق عليها ''الست المستحية''، وهي حينما تنشر أوراقها لتأخذ حقها من الحياة، ثم يلمسها إنسان، تسري في أوصالها هزة عجيبة وتبدأ لم أوراقها كأنها تستحي من أن يلمسها إنسان، وهذا من القدرة الإلهية ويدل على أن النباتات تحس وتشعر بنا كما نحس بها· فالنباتات والحيوانات والحشرات تسبح، ولكن هذه المنظومة تحتاج إلى مرسل ومستقبل ولا بد أن يكون هناك ضبط في هذه المسألة، حتى تعقل وحتى نعلم، ولذلك رأينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع تسبيح الحصى في يديه، ويسمع تسبيح الطعام في يديه، وقد اشتكى له العصفور والجمل بلغات لا نفهمها، وعلم الله سليمان كلام ولغة النمل·· وعندما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع تسبيح الطعام في يديه كان يسمعه لأبي بكر ثم يعطيه لعمر فيسمعه أيضاً تسبيح الطعام، ببركة وجود هذا الطعام في يد النبي - صلى الله عليه وسلم· إنما المؤمنون إخوة القاهرة (الاتحاد) - يدعو االإسلام إلى الأخوة في الإنسانية، فقد رد الله عز وجل أنساب الناس وأجناسهم إلى أبوين اثنين، ليجعل من هذه الرحم ملتقى وامتزاجاً: ''يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير'' الحجرات الآية ·13 وحول خلق الإخاء، يقول الإمام محمد الغزالي - رحمه الله - في موسوعة ''خلق المسلم'': من حق أخيك عليك أن تكره مضرته، وأن تبادر إلى دفعها، فإن مسه ما يتأذى به شاركته الألم، وأحسست معه بالحزن، أما أن تكون ميت العاطفة قليل الاهتمام، لأن المصيبة وقعت بعيداً عنك فالأمر لا يعنيك، فهذا تصرف لئيم، وبعيد الصلة عن مشاعر الأخوة التي تمزج بين نفوس المسلمين فتجعل الرجل يحزن لألم ينزل بأخيه، مصداقاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما معناه: ''مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحُمى''· والتألم الحق هو الذي يدفعك دفعاً إلى كشف ضوائق إخوانك، فلا تهدأ حتى تزول الغمة، فإذا نجحت في ذلك استنار وجهك واستراح ضميرك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ''المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه· من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته· ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة· ومن ستر مسلماً ســـتره الـــله يـــوم القيامة''· ومن علامات الأخوة الكريمة أن تحب النفع لأخيك، وأن تفرح لوصولك إليه كما تبتهج بالنفع يصل إليك أنت، فإذا اجتهدت في تحقيق هذا النفع فقد تقربت إلى الله بأزكى الطاعات وأجزلها مثوبة· عن ابن عباس أنه كان معتكفاً في مسجد رسول الله - عليه السلام - فأتاه رجل فسلم عليه ثم جلس فقال له ابن عباس: ''يا فلان أراك حزيناً· قال نعم يا ابن عم رسول الله، لفلان عليّ حق ولاء، وحرمة صاحب هذا القبر ما أقدر عليه· قال ابن عباس أفلا أكلمه فيك؟ قال: إن أحببت: قال: فانتعل ابن عباس ثم خرج من المسجد، فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟ قال: لا ولكني سمعت صاحب هذا القبر، والعهد به قريب، ودمعت عيناه، يقول من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق أبعد مما بين الخافقين''· لقد آثر ابن عباس أن يدع اعتكافه ليقدم خدمة إلى مسلم يطلب العون· ومن حق الأخوة أن يشعر المسلم بأن إخوانه ظهير له في السراء والضراء وأن قوته لا تتحرك في الحياة وحدها بل ان قوى المؤمنين تساندها وتشد أزرها· قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:''المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً''، ومن ثم كانت الاخوة الخالصة نعمة مضاعفة· قال تعالى: ''واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا'' آل عمران الآية ·103 وأخوة الدين تفرض التناصر بين المسلمين، تناصر المؤمنين الصالحين لإحقاق الحق وإبطال الباطل، وردع المعتدي، فلا يجوز ترك المسلم يكافح وحده في معترك، بل لا بد من الوقوف بجانبه على أي حال لإرشاده إن ضل، وحجزه إن تطاول، والدفاع عنه إن هوجم والقتال معه إذا استبيح، وذلك معنى التناصر الذي فرضه الإسلام· قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ''انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً· قال: أنصره مظلوماً، فكيف أنصره ظالماً؟ قال تحجزه عن ظلمه فذلك نصره''· وإذا رأيت إساءة نزلت بأخيك أو مهانة وقعت عليه فسانده حتى ينال بك الحق ويرد الظلم· روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: ''من مشى مع مظلوم حتى يثـــبت له حقـــه ثبت الله قدميه على الصــراط يوم تزل الأقدام''· وهناك رذائل حاربها الإسلام لأنها تناقض آداب الأخوة وشرائطها، فإذا نشب نزاع بين فئتين طبقت قوانين الإخاء: ''إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون''· الحجرات الآية 10 · وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من هذه الرذائل في حديثه الجليل قال: ''إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث· ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ولاتدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تعالى· المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم· كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه، إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم· التقوى ها هنا· التقوى ها هنا· التقوى ها هنا· ويشير إلى صدره، ألا لا يبيع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا· ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث''· هذه علامات الإخاء الصحيح· إخاء العقيدة الخالص لوجه الله، لا إخاء المنافع الزائلة، ولا إخاء الغايات الدنيا
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©