الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ندوة «الثقافة في قبضة رأس المال».. تعددت المقولات والإشكالية واحدة

ندوة «الثقافة في قبضة رأس المال».. تعددت المقولات والإشكالية واحدة
8 نوفمبر 2013 01:05
الشارقة (الاتحاد) - أقيمت مساء أمس الأول في ملتقى الكتاب، ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة للدورة الثانية والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يختتم فعالياته في السادس عشر من هذا الشهر، ندوة، حملت العنوان: “أخيراً، الثقافة في قبضة رأس المال”، أدارها الكاتب المسرحي والصحفي نواف يونس، وذلك في أرض المعارض في إكسبو الشارقة. وقد شارك في الندوة على التوالي: الدكتورة أماني فؤاد والروائي فادي عزّام والباحث المسرحي والناقد عبد الإله عبدالقادر. الثقافة والسلطة استهلت الدكتورة أماني فؤاد الندوة بالحديث عن حال المثقف العربي بدءا من أبي حيان التوحيدي الذي عدّته “أعظم المثقفين العرب في القرن الرابع الهجري”، مؤكدة أن عنوان الندوة مبهم وغامض “فكيف تكون الثقافة في قبضة سلطة ما، بدءاً من المفهوم العام للثقافة، وكذلك مفهومها النخبوي الخاص ومستوياتها وتنوعاتها”. وأشارت إلى أن ورقتها تتناول تلك الثقافة التي لا يمكن أن تكون في قبضة سلطة ما، الثقافة التي ينتجها مثقف “حقيقي قادر على قول الحقيقة في وجه سلطة ما، مدافعاً عن الناس، خاصة أولئك الذين لا يجدون من يدافع عنهم”، وقالت: “إن المثقف هو صوت فردي أو ظاهرة فردية” متخذة من طه حسين ومثقفين مصريين تنويريين آخرين نموذجا لفكرتها حيث إن وجود هذه الظواهر الفردية في زمن واحد تقريبا معا يجعلهم يشكلون تيارا ثقافيا. كما أكدت أن هذه الثقافة لا تنضوي تحت أي سلطة سواء أكانت دينية أم سياسية أم رأسمالية، إذ ينتجها “مثقفون قادرون على ترك امتيازاتهم في لحظة ما لأن المثقف الحقيقي انشقاقي بطبعه”؛ ثم انتقلت لتتناول فكرة الثقافة الجماهيرية التي ينتجها رأس المال العربي عبر القنوات الفضائية والتي تؤيد هدفا واضحا يتمثل في تكريس الواقع السائد لجهة هيمنة رأس المال هذا على الوعي الجماهيري وبالتالي الهيمنة على السلطة السياسية، في حين أن وجود المثقف الحقيقي في برامج هذه القنوات نادر جدا وطبيعة القضايا التي تطرح عليه تعتبر هامشية بالنسبة للقضايا الثقافية الملحة، بحسب ما أشارت إليه، لتتساءل: فهل يعني هذا الأمر أن الثقافة في قبضة السلطة بالفعل؟ ثم أجابت: “لا إنها في قبضة الخطاب الديني المتطرف” الذي وصفته بأنه “رجعي ومتخلف تساهم في صنعه قنوات فضائية”. وفي سياق البحث عن حلّ ما قالت: “الثقافة العربية في بلادنا تحتاج إلى الغربلة وتحتاج إلى مثقف حقيقي يتخلى عن موقفه إذا كان هذا الموقف مجاورا لأي سلطة سياسية أو دينية”، مؤكدة في ختام حديثها أن “المثقف يحتاج إلى رعاية حقيقية من رأس مال الدولة بما يجعله قادرا على إنتاج خطاب ثقافي حرّ يبقى من بعده”. مماحكة لا بد منها أما الروائي فادي عزّام فتقدم بانطباعات شخصية عن الوضع الثقافي العربي الراهن بعيدا عن المرجعيات مستذكرا حكاية وزير الإعلام النازي “غوبلز” الذي كان يتحسس مسدسه كلما ذكرت كلمة “ثقافة”، وكذلك ذكر بيتين شهيرين للشاعر أبي حسن الجزار: كيف لا اشكر الجزارة ما عشـت حفاظـاً وارفـض الآدابـا وبها صـارت الـكلاب ترجيّـني وبالشعر كنت أرجو الكلابا كما استذكر أيضا حكاية تيمورلنك مع احد الشعراء الذي قال له بأنه لا يسوى شيئا، مشيرا إلى أن هذه الحكايا تكشف عن حقيقة تتمثل في أن مماحكة المثقف للسلطات ضرورة. وأشار إلى أنه ما من سلطة إلا ويحميها: كاهن وجيش وبنك، حيث من غير الممكن أن تتكرس سلطة دون ذلك، في حين أن المثقف العربي، خاصة مثقف اليسار وعبر مواقفه من السلطة قد ساهم في تحويل النظرة الاجتماعية نحو الثقافة بحيث أصبحت كلمة مثقف أو ثقافة جديرة بالسخرية من قبل الناس. ودعا فادي عزام إلى العودة إلى رواية “المثقفون” للفرنسية سيمون دي بوفوار، مؤكداً أن هناك ثقافة جديدة هي الثقافة التي ينتجها الشباب العربي في البلاد العربية التي تشهد حراكا سياسيا وخطابا ثقافيا جديدا واصفا إياها بأنها الثقافة المقبلة. سلبيات وإيجابيات وإلى المتحدث الأخير عبد الإله عبد القادر الذي أشار إلى غموض في العنوان يتيح للمرء أن يتناوله من جانب واحد أو جوانب متعددة، وهو موضوع مهم وذكي بالنسبة لطرحه على الثقافة العربية في اللحظة الراهنة. وقال: “من المسلم به انه لا يمكن لثقافة أن تستمر من دون رأس المال، خاصة أن دور وزارات الثقافة العربية قد انتهى لصالح المؤسسات الخاصة ذات الشخصية الاعتبارية، وقد حدث ذلك لأن الوزارة لا تنتج مثقفا أو شاعرا أو مبدعا، وكذلك لأن معظم الأنظمة العربية تتصف بالفاشية فلا تنتج إلا وزارات فاشية، كما العراق سابقا، لا شاغل لها إلا تكريس صورة الديكتاتور وسلطته”. ثم تحدث عن تجربة المؤسسات المالية في الغرب التي تقدم دعما كبيرا يخدم الثقافة بوصف هذا الدعم جزءا من استراتيجيتها، على الرغم من أنه لدينا ملاحظات عليها لكن حقيقة الأمر أنها رأس مال وطني يدر على الثقافة وهذا ما يلزمنا هنا، حيث على رأس المال الوطني أن يتحمل جزءا من المسؤولية”. وقال: “عندما تتدخل هذه المؤسسات فإن هناك جانبا سلبيا وآخر إيجابيا. يتمثل الأول في أن هناك مؤسسات تسعى من خلال الثقافة لأن تضع الناس تحت سيطرتها بهدف أن تجمّل صورتها، في حين يتمثل الجانب الإيجابي في أن هناك مؤسسات أخرى ذات رأس مال وطني يستهدف دعم الثقافة والمثقفين”، متخذاً نموذجاً على ذلك كلاً من مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، ومركز جمعة الماجد للتراث والثقافة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©