الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند.. مزيد من النمو مزيد من النفايات

21 نوفمبر 2014 22:01
قيل لنا: إن هناك جزيرة صغيرة من البلاستيك في منتصف المحيط الهادي. وأن هناك أيضاً جبلا صغيرا من شحم الخنزير، ولكن ليس هناك أي مكان في العالم تظهر فيه نفايات كما هو الحال في الهند. تضم مومباي، مدينتي، نحو 20 مليون شخص. ووفقا لإحدى التقديرات، فإن كل شخص ينتج 630 جراما من النفايات يومياً– أي 12600 طن متري في جميع أنحاء المدينة كل يوم. وتعد مومباي أيضاً أغنى مدينة في الهند، وكلما كنت أكثر ثراء، كلما زادت النفايات التي تنتجها. هذه فقط بالنسبة للنفايات التي نراها. فالمجاري التي يرجع إنشاؤها إلى القرن التاسع عشر تسير بمحاذاة مواسير المياه، وكلاهما يسهل اختراقه. ومؤخرا، افتتح رئيس وزراء الهند الجديد «ناريندرا مودي» حملة النظافة في الهند. هذا أمر جيد، فالنظافة من الإيمان، كما كانت تقول جدتي. ونحن في الهند نعتقد أننا شعب نظيف. فالهندوس والمسلمون يستحمون كل يوم، وفقا لتعاليم الكتب المقدسة. كما أننا ننظف مساكننا كل يوم، وفي الطبقات المتوسطة الحضرية، يرمي الناس مياه الشرب إذا مر عليها يوم لأنها أصبحت «راكدة». ولكن هذا على المستوى الشخصي. عدت مؤخرا من نيودلهي، وهناك شعرت وكأن رأسي عالق في أنبوب العادم الخاص بإحدى الشاحنات. فالمئات من الوزراء والمسئولين يسافرون في جميع أنحاء المدينة في مئات من السيارات، وكل منهم يشكو من كثافة المرور ونوعية الهواء، ولكن لا أحد يعترف أنه جزء من المشكلة. في عام 1901، أصيب «المهاتما غاندي» بالدهشة لأن الوفود بأحد اجتماعات حزب المؤتمر الوطني الهندي والمجتمعون في المدينة التي كان يطلق عليها «كلكتا» قد جعلوا دورات المياه في المسكن الذي يقيمون به في منتهى القذارة لدرجة أنه يستحيل استخدامها. ثم قاموا بتحويل شرفة في المنزل إلى مرحاض في الهواء النقي. وقد قام الشاب «غاندي» بتوبيخهم ولكن قيل له إن تنظيف دورات المياه من اختصاص عمال النظافة. وعمال النظافة في الهند ليسوا هم الأشخاص الذين يختارون أن يكونوا مهندسين في الصرف الصحي. ولكنهم الأشخاص الذين ولدوا ليكونوا كذلك، وليس من المفترض أن يأملوا في أي شيء آخر. وهم الأشخاص المنبوذون من المجتمع الهندي؛ وهم أناس «لا يمكن لمسهم»، واعتادوا كذلك على أنهم «لا يمكن رؤيتهم». ثم بدأ «غاندي» يناديهم بـ «داليت» أو «شعب الله». ومنذ ذلك الوقت أطلقوا على أنفسهم ذلك الاسم، الشعب المكسور أو الأشخاص المضطهدين. وربما تكون التحفظات- وهي الكلمة الهندية التي نص عليها الدستور للتعبير عن الإجراءات الإيجابية– قد ساعدت الكثيرين منهم كي يصبحوا أطباء ومحامين. لكن معظم الأشخاص الذين ينظفون دورات المياه ما زالوا من الـ «داليت». نحن لدينا سياسات للتعامل مع النفايات، لكنها لا تُنفذ. وعلى الرغم من أن الحكومة في مومباي تطلب من السكان فصل النفايات الجافة عن الرطبة، إلا أن عمال البلدية يخلطونها في سلة المهملات. وهناك أيضا جامعو الخردة، والأشخاص الذين يشترون المخلفات من الأوراق والزجاجات. كما يتم شراء الملابس القديمة من المدن وبيعها في القرى. أما الأجهزة الإلكترونية المستخدمة فيتم تجديدها، والأسطوانات المدمجة يتم طلاؤها بالرموز الدينية وتعليقها في السيارات. وهكذا نواصل إعادة تدوير المخلفات للأفضل. ولكن لم يعد بإمكاننا الاستمرار. فقد أصبح هناك الكثير من الأشياء الناتجة عن الآثار العكسية للعولمة. عندما كنت بالصف الثالث، عام 1975، كنا نكتب بالطباشير على السبورة. وكنا نكتب دروسنا بالقلم الرصاص، ومن وقت لآخر نقوم بمحو ما كتبناه ونعيد استخدام الدفاتر مرة أخرى. وفي نهاية العام الدراسي، كنا نمزق الصفحات غير المستخدمة من الدفاتر ونجمعها معا في مذكرة. أما الآن فلا شيء من هذا يحدث، فقد أصبحنا أكثر ثراء، ولكننا أصبحنا أكثر إنتاجاً للنفايات. جيري بينتو * * كاتب هندي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©