الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ما تأثيرات النص المفتوح على الرواية العربية؟

ما تأثيرات النص المفتوح على الرواية العربية؟
5 نوفمبر 2015 22:17
إبراهيم الملا (الشارقة) هل استطاعت الرواية العربية المعاصرة اختزال المدى الشاسع لمفهومي النص المفتوح وتداخل الأجناس الأدبية والفنية؟ وهل التماهي بين حقول الكتابة المختلفة يمنح شرعية لولادة صنف أدبي جديد يستوعب التقنيات الجديدة للسرد، ويتجاوز النمط الكلاسيكي والرومانسي والذهاب بمغامرة الكتابة نحو تخوم بصرية وتشكيلية أكثر إبهاراً وأعمق طرحاً وأغنى مساحة؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت محوراً للنقاش والجدل في ندوة «دونما حدود تماهي الأجناس الأدبية» المعدة ضمن الفاعليات الثقافية للدورة الرابعة والثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، والتي احتضنتها مساء أمس الأول قاعة ملتقى الكتّاب في مركز إكسبو الشارقة. تحدث في الندوة كل من الروائية اللبنانية المقيمة في فرنسا هدى بركات، والشاعرة والروائية الإماراتية فاطمة سلطان المزروعي، والروائي التونسي الدكتور شكري المبخوت الحائز مؤخراً جائزة البوكر العربية عن روايته «الطلياني»، وقدم المشاركون في الندوة الأديبة الإماراتية أسماء الزرعوني. أشار المبخوت في بداية حديثه إلى أن مفهوم النص أو الأثر المفتوح يرتبط بنزعة التمرد على الأجناس الأدبية المكرّسة، ورفض الانصياع لقوانينها، واستدرك المبخوت قائلاً: «ولكن مسألة الخروج والانزياح عن القواعد المنمّطة هي في الأساس نزعة رومانسية، نشأت مع الرومانسيين الألمان، ضمن فلسفة متجاوزة لا تقتصر فقط على وصف الطبيعة أو الذات». وأضاف المبخوت بأن جذور الأثر المفتوح تعود إلى الرغبة في كسر خطيّة النص الأدبي، واستيحاء أفكار جديدة من الشعر، أو من الفن التشكيلي على سبيل المثال، بحيث يصبح النص شيئاً متحركاً وليس ثابتاً وواضحاً في معالمه الكبرى على الأقل، وبالتالي فإن قارئ الرواية مثلاً سيكون هو صانع النص في النهاية أو هكذا يراد لمثل هذه النقلة الجديدة في الكتابة الروائية كما أوضح المبخوت لأن ما سيطرحه الروائي هنا سيكون بمثابة مقترحات أولية يشكلها القارئ بعد ذلك حسب تصوراته الشخصية ومرجعياته الخاصة. وقال المبخوت: «وكأن دور المبدع في نصه الروائي المفتوح أن يقدم برنامج عمل يتوفر على عدَّة احتمالات ينجزها القارئ في خاتمة الرواية». وأكد المبخوت أن المفارقة الكامنة في نماذج النصوص المفتوحة، هي أنها نصوص قليلة ونادرة، ولسبب بسيط وهو أنها أشبه بالموضة أو الأزياء المبتكرة والبديعة التي نشاهدها في عروض خاصة ولكننا لا نرتديها في حياتنا اليومية، مضيفاً أن مصطلحاً مثل «تماهي الأجناس الأدبية» حمل تناقضاته وغموضه وإشكالاته من تداخل وتشابك تفسيرات الرومانسيين للمصطلح. أما الروائية هدى بركات صاحبة روايات مهمة مثل «حجر الضحك» و«أهل الهوى» و«ملكوت هذه الأرض» فشاءت خلال طرحها لمفهوم النص المفتوح أن تركز على الرواية العربية المعاصرة، والتي اعتبرتها نموذجاً صارخاً للانفتاح على العالم وليس على الأجناس الأدبية والفنية الأخرى فقط، وقالت إن الروائي العربي اليوم لم يعد ملزماً بتتبع الشروط والفروض القديمة مثل ضرورة تكوين خزين لغوي هائل أو أن يستنطق الأحداث التاريخية، أو يطَّلع على الروايات التقليدية الضخمة حتى يصبح متميزاً في كتابته السردية ونتاجه الأدبي عموماً، لأنه كما قالت لا يمكن عزل الرواية العربية اليوم عن ما يحيط بها من فنون العصر، ولا يمكن منعها من أن تتكسَّب شيئاً من الموسيقى والرسم والسينما، وأن يتواصل الروائي فيزيائياً مع الضوء واللون والتكوين النحتي والفنون السمعية والبصرية. وقالت الكاتبة الإماراتية فاطمة المزروعي أن من الطبيعي أن تكون هناك تحليلات وآراء وأفكار متعددة ومتضادة فيما يخص مفهوم النص المفتوح، لأنه ومنذ الفجر الكتابة فإن الإنسان ما زال يسلك ذلك الدرب المتواصل والمزدحم بالرؤى والابتكارات والمصطلحات الأدبية والنقدية، والتجديف ضد المفاهيم القديمة، وأضافت بأن كل تيار يحاول أن يقدم المتميز والأكثر حضوراً وتوهجاً، مشيرة إلى أن هذه الأنماط المحتدمة من الكتابة والتنظير أفرزت أجناساً وحقولاً إبداعية تحاول مد الجسور بينها والاستفادة من التجارب المقابلة لها. ونوهت المزروعي أن استحضار مفهوم النص المفتوح لابد أن يستدعي في أذهاننا مفهوماً مضاداً وهو النص المغلق، وعلّقت على التضاد المفاهيمي هذا بأنه أشبه بالقوالب الجاهزة، وأن على الكاتب أن يقدم نصه الخاص به في النهاية، بغض النظر عن آراء القراء والنقاد حول هذا النص، لأن لكل متلقٍّ كما أوضحت وجهة نظره المستقلة وذائقته المتفردة التي لا يسيطر عليها الكاتب ولا يمليها عليه القراء والنقاد الآخرون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©