الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطوة بدل (2)

13 نوفمبر 2011 00:38
تحدثنا في العدد الماضي عن حاجتنا لأخذ وقفة مع الذات (خطوة بدل) لتنظيم علاقتنا مع أعز وأقرب الناس إلى قلوبنا، مع من تجري دماؤهم في عروقنا، ومع من تربطنا بهم صلة القرابة، واليوم نكمل مسيرة التغيير الذاتي لكثير من مجالات الحياة ومجرياتها اليومية لعل النفوس تصفو وتهدأ وتستقر. إن الإنسان مخلوق اجتماعي يرتبط في كل من حوله بعلاقات عديدة منها العلاقات العائلية، الصداقات، النسب، زملاء العمل والمجتمع الذي يعيش فيه. وفي كثير من الأحيان وبسبب كثرة المشاغل والطموح والسعي وراء تحقيق الأهداف تأخذنا هذه الأمور في مساراتها فتبعدنا شعورياً وفكرياً عن تلك العلاقات الجميلة وبالتالي تتفكك أو تضعف الارتباطات المعنوية التي تربطنا بهم شيئاً فشيئاً، فنجد أنفسنا إما بعيدين عنهم مسافات طويلة تقاس إما بوحدات قياس المسافات (كالكيلومتر) أو بانخفاض المخزون البنكي للمشاعر تجاههم ونحن لا ندرك ذلك حتى وإن تواجدنا جسدياً بينهم. وكوني أخصائيا ومحلل أول معتمدا في علم الجرافولوجي وتحليل التواقيع والرسومات أقول لك إن هذا الأمر يظهر جلياً من خلال خط اليد والشخبطات والتواقيع. نُشمٍّر عن سواعدنا ونركض ركض الوحوش بحثاً عما يسعد من تركناهم في بيوتنا وننسى أن أكبر سعادة لهم أن نكون بينهم، أن يكحلوا أعينهم بنا، أن تلتصق أجسادهم بأجسادنا لكي تشعر بالأمان فترتاح فتنموا بشكل صحيح وتهدأ نفوسهم بعيداً المخاوف والقلق والتوتر، إنه مطلب بشري فطري. قد يقول بعضنا: «نحن نسعى لطلب الرزق وتلبية حاجاتهم وبناء مستقبلهم»، فنقول لهم بأننا لا نتحدث عن الابتعاد الطبيعي في طلب الرزق في الحدود التي تسمح لنا بالتواجد بينهم، ولكننا نتحدث عن الأمور المبالغ فيها، الأمور التي تجعلنا مشغولين أكثر من اللازم ومن دون ضرورة ملحة، الأمور التي تجعلنا نخرج من منازلنا والأبناء نيام ونعود إليها وهم نيام، نتكلم عن الأمور التي تنسينا في كثير من الأحيان أن الأبناء بحاجة ماسة لتواجدنا بينهم لأسباب عدة منها أننا نمثل لهم القدوة والمثل الأعلى، ويرون فينا قوتهم وشجاعتهم، يشعرون معنا بالأمان، الراحة، السكينة والاستقرار النفسي، وما أقوله هنا موجه للأب وللأم معاً. أحد الأصدقاء الأعزاء من إحدى الدول الخليجية ذهب للعمل في دولة خليجية أخرى لفترة معينة، حدثني فقال: «اتصل بي ذات يوم ابني البالغ من العمر 9 سنوات وطلب مني الرجوع بإلحاح وهو يبكي، فقد كان يقول: «يُبا ارجع يُبا ارجع». عزيزي القارئ قد تضطرنا ظروف الحياة في إحداث خلل في نظام حياتنا الأسرية والخاصة، ولكننا مع ذلك نحتاج لوقفة حقيقية مع أنفسنا، لوقفة بسيطة لتغيير كثير من جداولنا وسلوكياتنا وأفكارنا لكي نعيد لحياتنا مجراها الذي يُسعدنا ويسعد كل من له صلة بنا. إننا لا نزال في نفحات عيد الأضحى المبارك، لنستفيد منه في أخذ وقفة لإعادة موازين حياتنا، ونسعى لإصلاح ما قد يكون تأثر سلباً بما أحدثناه في الماضي. إنها مناسبة جيدة لتصفية القلوب ونشر المحبة والتواجد بين من بعدنا عنهم. لنعيش الحياة بأجمل معانيها. dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©