الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الواحة

الواحة
9 يناير 2009 00:13
روى القزويني في (آثار البلاد وأخبار العباد) أن الخليفة العباسي هارون الرشيد قرأ يوما قوله تعالى (ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) فاستعظم اغترار فرعون بملك مصر حتى كفر بمن أنعم عليه، وقال اطلبوا لي رجلا معروفاً بالسفه حتى أوليه مصر، فأتوا له بشخص فيه تلك الصفات يقال له (خصيب) فولاه مصر فإذا هو يحسن الأمور وينشر العدل والسخاء والعطاء حتى انتشر ذكره في البلاد وحتى قيل فيه: إذا لم تزر أرض الخصيب ركابنا فأي فتى بعد الخصيب تزور فتى يشتري حسن الثناء بماله ويعلم أن الدائرات تدور فقصده شعراء العراق وسمع بهم أبونواس وكان فتى صغيرا، فذهب معهم، فلما دنوا من مصر تحدثوا فقالوا: نحن من أرض العراق وندخل مصر وبها شعراء فلا نحب أن يأخذوا علينا خطأ أو عيبا، فليعرض كل واحد منا شعره حتى نقدره قدره· فإن احتاج شعر أحدنا لإصلاح فعلناه· فأظهر كل واحد منهم ما أعده من شعر حتى وصلوا لأبي نواس، فقالوا: وأنت أيها الفتى، هل لديك شعر تقوله؟ قال: نعم فاسمعوا، وأنشد: الليل ليل والنهار نهار والبغل بغل والحمار حمار والديك ديك والدجاجة زوجه والبط بط والهزار هزار فضحكوا وقال بعضهم لبعض، اجعلوه ينشد فإن في قوله ما يضحك الأمير· فلما وصلوا وأدخلوا على الخصيب وضعوا كرسيا على أن يقف عليه الشاعر لينشد قصيدته ففعلوا حتى انتهوا فقال بعضهم: ارفعوا الكرسي فقد انتهى الإنشاد، فصاح بهم أبو نواس اصبروا حتى أقول بيتا واحدا فإن شئتم بعده فارفعوا الكرسي· فأذن له الخصيب، فأنشد قائلا مفتتحا بالغزل ثم مدح فقال: يرمي إليك بها بنو أمل عتبوا فأعتبهم بك الدهر لا تقعد بي عن مدى أملي شيئاً فما لكما به عذر ويحق لي إذ صرت بينكما ألا يحل بساحتي فقر إلى أن قال: أنت الخصيب وهذه مصر فتدفقا فكلاكما بحر النيل ينعش ماؤه مصرا ونداك ينعش أهله الغمر فعجب الشعراء من أبي نواس، وهالهم مكره بهم، وخديعته إياهم، وكيف أنه أوهمهم أنه ساذج لا يحسن قول الشعر، كما عجبوا من جميل شعره، وأعجب به الخصيب إعجابا بالغا وأجازه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©