الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

القص من عهد «الحكي» إلى زمن التكنولوجيا

القص من عهد «الحكي» إلى زمن التكنولوجيا
6 نوفمبر 2015 22:10
إبراهيم الملا (الشارقة) ضمن الندوات المهمة في تحليلها لإشكاليات الكتابة الأدبية للطفل، نظمت إدارة معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين مساء أمس الأول، جلسة نقاشية في قاعة ملتقى الأدب بمركز إكسبو الشارقة بعنوان: «القص، ما هو كائن وما يجب أن يكون»، شارك فيها القاص والأديب الإماراتي عبدالرضا السجواني وهو من المؤسسين الأوائل لملامح المشهد الثقافي المحلي، وصدرت له مجموعات قصصية متعددة مثل: «زلة العذارى» و«انحدار» و«ذلك الزمان»، كما شارك في الجلسة الكاتبة هبه مشاري حمادة صاحبة الإسهامات المميزة في المسرح والدراما التلفزيونية والبرامج الموجهة للطفل بدولة الكويت، وقدّم المشاركين في الجلسة الكاتب والناقد الدكتور عزت عمر الذي أوضح أن محور الجلسة سيتناول أدب الأطفال واليافعين بما يمتلكه هذا الأدب بالتحديد من مضامين حضارية تتطلب اعتناء، خاصة بمحتواها وبتقنيات إخراجها وعرضها ونشرها. وطرح عمر سؤالاً إشكالياً مفاده: هل ثمة أدب للطفل في منطقتنا يستجيب فعلياً للزمن المعاصر والحافل بالمعرفة والتكنولوجيا الذكية والرقمية؟ أم أن موضوعاته ما زالت تراوح في مكانها القديم ولا تستجيب للجديد؟ إثارة الأسئلة في مستهل حديثها أشارت هبه حمادة إلى أن الكتابة يجب أن تثير الأسئلة في ذهن الطفل، أكثر من كونها مجرد آراء ورؤى ووجهات نظر يفرضها الكاتب ويمليها على المتلقي، وعبرت حمادة عن انحيازها لنوعية الكتابة التي تترك مساحات أو فجوات معرفية ليملأها القارئ، وما لم يفعل الكاتب ذلك، فإن القارئ الجديد سيهجر هذا الأدب المعلوماتي الذي يأخذ أحياناً شكل الوصاية وتلميع الأفكار وخلق شخصيات قصصية تتميز بالكمال والمثالية. وأضافت أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى تقليص (فترة الصبر) لدى المتلقي، فإذا لم يكن الكتاب مغرياً وفاعلاً ويحتوي على فراغات ذهنية يملأها القارئ بسياقاته النفسية والاجتماعية وبهمّه المعرفي وبمحصلته التراكمية السابقة، فإن مصير هذا الكتاب سيكون مرهوناً بمحدودية الانتشار والتوزيع وبالفشل أيضاً. ونوّهت حمادة بوجود غربة ملحوظة بين الطفل العربي والكتاب الورقي، ومردّ هذه الغربة كما أوضحت هو أن الكتاب الورقي يحتاج لعنصر التخييل، بينما الطفل اليوم أصبح يعتمد بحكم تعامله مع الوسائل السمعية والبصرية على الصورة كأسرع وأسهل وسيلة لنقل أو تلقي المعرفة أو الخبر أو المعلومة، مقارنة بالصياغة الكلامية التي تحتاج إلى نسج الجمل والتعابير والاستغراق في الصور المتخيلة والمقارنة الذهنية، وهي كلها كما قالت حمادة باتت مقرونة بعنصر (الصبر) الذي يفتقده الطفل العربي عموماً، والخليجي خصوصاً الذي لا يتحمل أكثر من 15 ثانية حتى يتواصل مع الخبر أو المعلومة، وهذه الفترة المحدودة للتلقي كما أشارت هي صنيعة الكم الهائل من التدفق السريع للمعارف في وسائل التواصل الحديثة، والاعتياد عليها كفترة قياسية باتت تؤثر على أغلب أفراد المجتمع، سواء في الحديث الشفهي أو التعبير اللغوي أو في الكتابة والتواصل البصري والسمعي مع المعلومة. وأوضحت أن صفة الإيجاز وغياب التفاصيل من عالم الطفل العربي اليوم، أثرت بقوة على ضعف اهتمامه بالكتاب وتخليه عن قراءة القصص والروايات التي تتطلّب المداومة والاستمرارية والدخول في طقس من العزلة والانتباه المركز تجاه النص المكتوب. تقنيات الكتابة بدوره، عنون القاص عبدالرضا السجواني مداخلته بـ: «أدب الطفل تحاصره التكنولوجيا»، مشيراً إلى أنه اقتبس هذا العنوان من شعار اليوم العالمي للطفل، معتبراً أن معظم الإشكاليات المحيطة بالكتابة للطفل سببه هذه التقنيات الجديدة بإمكاناتها الهائلة والمحتلة لفضاء ضخم وكبير من البدائل ذات الجاذبية المشوشة لمتعة القراءة والتفكير الإبداعي المستقل لدى الطفل. وأضاف السجواني أن الكاتب العربي بوجه عام عليه أن يتسلّح بتلك التقنيات والأساليب الحديثة في التواصل، بحيث يحاكي هذا التطور بكل معطياته، مؤكداً ضرورة مواكبة الكتاب العرب للنتاجات الأدبية الغربية الموجهة للطفل، نظراً لنجاح القصص والروايات الغربية في استقطاب شريحة واسعة من الفئات العمرية بين السابعة والثالثة عشرة رغم أن هذه الفئة العمرية في أوروبا مثلاً تتعامل مع الوسائل ذاتها التقنية الحديثة التي يتعامل معها الطفل العربي والخليجي في حياته اليومية. وعلّل السجواني سبب انقطاع الطفل العربي عن النصوص الأدبية المكتوبة إلى الخلل في أساليب وفنون السرد عند الكاتب العربي الذي لا يبذل جهداً حقيقياً ولا يجري بحثاً معمقاً حول العوامل والشروط الجمالية والاجتماعية والنفسية القادرة على استدراج الطفل وترغيبه في القراءة من خلال أسلوب واعٍ يعتمد على الجاذبية البصرية والإخراج الفني للكتب، ومزج الصورة بالنص وتحقيق المتعة والمعرفة معاً، والاقتراب من ذهنية الطفل وطريقة تفكيره في بيئة وزمن معينين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©