الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكتاب الورقي يتحدى الهجمة الإلكترونية الشرسة

الكتاب الورقي يتحدى الهجمة الإلكترونية الشرسة
9 نوفمبر 2013 20:27
قد يأفل سطوع الكتاب الورقي لكنه لا ينطفئ، قد يتألم من هجر القراء لكنه لا يموت، قد تصرفنا عنه جاذبية الشاشة المسطحة بلمعانها لكن لا تقوى على أن تنسينا إياه، قد نبالغ في الابتعاد عنه لكن لا نلبث أن نعود أدراجنا إليه نحتضنه بين راحتينا مدفوعين بالشوق لملمس تلك الصفحات ودفء الكلمات لنمضي برفقته أجمل الأوقات وقد أبدع المتنبي عندما قال: «أعز مكان في الدنيا سرج سابح ... وخير جليس في الزمان كتاب». فكيف يواجه خير جليس هجمة العولمة والكتاب الإلكتروني؟. (الشارقة) - يتحدث الدكتور إبراهيم السعافين، أستاذ الأدب العربي الحديث في الجامعة الأردنية، قائلاً: ما زلت أعتقد أن الكتاب الورقي له جمهوره وجاذبيته، ذلك لأن شكل الكتاب وطريقة إخراجه من العناصر التي تلفت النظر إليه، بالإضافة إلى سهولة الحمل بخلاف القراءة بواسطة الحاسوب أو الهاتف، وفي الغالب نجد أن الكثير عند القراءة يحيل الإلكتروني إلى الورقي لسهولة التحكم فيه، ولا أظن أن الكتاب الإلكتروني منافس سلبي، لكن قد يكون الكتاب الإلكتروني داعماً للكتاب الورقي. متعة الكتاب الورقي ويشير صالح عباسي، «ناشر» إلى أن الفرق كبير وشاسع بين القراءة ونحن نضم الكتاب الورقي بين أيدينا وبين التحديق في شاشة الحاسوب، صحيح أن هناك تأثيراً للعولمة! لكن القارئ لا يستغني عن متعة ملامسة الكتاب وشم رائحة الورق، وإذا نمت وأنت تقرأ الكتاب ليس أجمل من أن تستيقظ لتجده بقربك. ويرى محمد سلطان، أن الكتاب الإلكتروني مأخوذ من الكتاب الورقي، ولكن من اعتاد أن يقرأ في الكتاب الورقي لا يستلذ قراءة الإلكتروني لأنه سيفتقد إلى صدق المضمون وعقلية الخطاب التي تميز الكتاب الورقي. ويسلط محمد عبد العزيز الزعبي الضوء على خاصية الاسترسال التي تميز الكتاب الورقي عما سواه، فيقول: نحن عندما نقرأ صحيفة نقلب صفحاتها للوصول إلى ما نريد أو أننا ننظر نظرة شاملة سريعة على الصفحات وربما نركز على مواضيع بعينها من دون أخــرى وكذلك الكتاب الإلكتروني الخاضـــع لعملية الاختيار، أما الكتاب الورقي فنجد فيه حلاوة المتابعة والاسترسال، حيث كل صفــحة تقود إلى أخرى، وكل فصل يفتح الطريق لآخر، عندها لن تترك الكتاب الورقي من دون أن تقرأه كاملاً. سهولة النسخ الإلكترونية ومن وجهة نظر حكمت قباني فإن الكتاب الإلكتروني داعم للورقي، وذلك وفقاً للدراسات، فعندما نشأت تجربة الكتاب الإلكتروني، في أميركا ارتفعت مبيعات الكتاب الورقي، والسبب في ذلك أننا عندما نطالع الكتاب الإلكتروني يكون بمثابة إعلان للكتاب الورقي، والملاحظ فعلياً أن الكتاب الورقي الملموس يجذب إليه القارئ بقوة تفوق الإلكتروني. وتفضل أم محمد القراءة سواء ورقياً أو إلكترونياً، قائلة: المهم المحافظة على القراءة والإطلاع من أي نبع استقيه، ولكن إذا خيرت بين الورقي والإلكتروني بالتأكيد سوف أختار الورقي لأنني سأشعر بمتعة أكبر من خلاله، هذا فضلاً عن سهولة حمله بحقيبة اليد ولا يحتاج إلى شاحن وكهرباء . وتحدثنا فاطمة راشد عن الصداقة التي تنشأ بيننا وبين الكتاب الورقي موضحة: مع كل كتاب ورقي نقرأه لنا ذكريات وبين كل فصل وآخر محطات لا تنسى، نعيش مع الكتاب ربما أسبوع أو شهر أو أكثر، وأنا شخصياً أجد القراءة الإلكترونية باهتة تفتقد إلى تلك البهارات الجميلة التي يضيفها شكل الكتاب وعنوانه ورسوماته وملمس صفحاته. ويرى سعيد عبد القادر قد يلجأ البعض لشراء النسخ الإلكترونيـة ربما لانخفاض سعرها أو لسهولة الاحتفاظ بها، إذا كنت قارئاً نهماً ولم يكن لديك المكان الكافي والقدرة على الاحتفاظ بهذه الكتب وكي لا تتراكم في منزلك. الإلكتروني مكمل للورقي ومن وجهة نظر باسمة أيوب، فإن التحديـق فـي الصفــحات الـورقيــة تجـــده أقـــل ضـرراً على البصر من التحديق لساعات طوال أمام شاشة الحاسوب، فقد قمت بتحميل رواية من خلال الشبكة العنكبوتية، وبعد أن قرأت فصلاً من فصولها لم أستطع إكمالها، وكانت هذه المرة الأولى التي أبدأ بها قراءة كتاب ولا أكمله. ومن وجهة نظر معتز أحمد، أن لكل منهما جمهوره وشريحته وفئته، فمثلاً كبار السن يعشقون الكتب الورقية التي اعتادوا عليها، وعلى العكس نجد الناشئة يفضلون الكتاب الإلكتروني الذي يتناسب مع تطلعاتهم وربما يرضي احتياجاتهم المعرفية، ويجدونه الأنسب لهم. ويشير سامح محمود، إلى أن الكتاب الإلكتروني مكمل للكتاب الورقي، فنحن إذا ما أردنا أن نصل إلى معلومات حول كتاب ما نلجأ للبحث عنه إلكترونياً، وبعد الحصول على المعلومات نكوّن لمحة مختصرة حول الكتاب ثم نذهب لشراء الكتاب الورقي لنقرأه، لذا أجد أنهما يكملان بعضهما بعضاً. ويرى زاهر بدران أن قراءته الإلكترونية تقتصر على المقالات والدراسات، أما بالنسبة للقصص والروايات والكتب بمجالاتها المختلفة فلابد أن نقرأها من خلال الكتاب الورقي، لأنه الأنسب والتركيز من خلاله يكون أكبر. بينما يرى مصطفى الحسن، أن الكتاب الورقي محبوب لدى الذين تجاوزوا الخمسين عاماً، حيث يحتفون بالكتاب وبلمسه وبمضمونه فيغدق عليهم معرفة ويغدقون عليه حباً، وكانوا قديماً يقتصدون في مصروفهم لشراء كتاب وقراءته، أما الآن فسرقة الكتب أصبحت مباحة، وأطلقوا عليها «تحميل»، وهذه السرقة المباحة مكروهة. الإلكتروني تخطى الحدود الجغرافية يشير بيتر جورج إلى أن اهتمامه بأن تصل القصة أو الكتاب إلى أكبر عدد من القراء، ويجد أن الكتاب الإلكتروني أقدر على ذلك في وصول النص إلى أقطار العالم كافة، وهذا لم يكن أبداً متاحاً أمام النص الورقي الذي كانت تقام في وجهه عشرات الحدود التي تعدت الجغرافيا، في حين النص الإلكتروني يخترق كل هذه الحدود، وهذا هو أجمل ما فيه. وبالمقابل لا يمكننا الاستغناء عن جماليات النص الورقي الذي يمتلك سحراً خاصاً. وتوضح هديل عمر أن الكتاب الإلكتروني يخاطب العقل، أما الورقي فيخاطب العقل والوجدان، ولا ننكر أن الكتاب الإلكتروني يقدم إلى القارئ خدمات متعددة كتوفير الوقت والمال، لكنه لا يمتلك تلك الخصوصية التي تطبع الكتاب الورقي بصبغة خاصة وترفعه لمكانة مميزة لن يصلها الإلكتروني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©