الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرامج الكرتونية والإلكترونية لا تخلو من تداعيات سلبية على الصغار

البرامج الكرتونية والإلكترونية لا تخلو من تداعيات سلبية على الصغار
9 نوفمبر 2013 20:37
مع تحول المسلسلات الكرتونية من وسيلة لإشغال الأطفال بما هو ترفيهي ومفيد إلى أداة خطيرة قد تسهم في تدمير الوعي الإيجابي لديهم، بات من الملِّح تدخل الأهل في جلسات المشاهدة وجعلها فرصة للإرشاد والتوجيه. وذلك بهدف إطلاعهم على المواضيع والمشاهد التي يمضي أبناؤهم الساعات محدقين فيها ومأخوذين بصورها ومؤثراتها. (أبوظبي) - تصويب أي اعوجاج في أفكار الأبناء من مختلف الفئات العمرية، أمر في غاية الأهمية ينادي به الأخصائيون التربويون. وهو هذه الأيام أكثر ما يتبلور مع توافر الأفلام المصورة القصيرة منها والطويلة والتي بالإمكان مشاهدتها عبر أكثر من جهاز وأكثر من طريقة. إذ إن البرامج التلفزيونية المخصصة للأطفال قد خفت بريقها مع تقنيات الإنترنت وأجهزة الآي باد والهواتف الذكية، ومع ذلك فهي تدخل من ضمن تركيبة اللهو ذي الوجهين. والذي بقدر ما يمتع الأطفال في حينه، قد يكون له الكثير من التداعيات السلبية لاحقاً والتي تؤثر على سلوكياتهم. تجسيد وتقليد الأبطال الآباء والأمهات يعبرون بالإجمال عن ارتياحهم بمجرد أن ينشغل عنهم الأبناء عبر الجلوس أمام شاشة التلفزيون لمشاهدة أفلام الكرتون. وهم ضمنيا يرتاحون للأمر على اعتبار أنه من أفضل مصادر اللهو التي يعتقدون ـ خاطئين ـ أنها تسلي الأطفال ولا تؤذيهم. غير أن الخطر يكمن في الأفكار العنيفة والغريبة التي تبثها بعض هذه البرامج ويتشربها صغار السن والمراهقون ظنا منهم أن كل ما يرونه صحيح وقابل للتطبيق. كما أنهم ينصرفون أحيانا كثيرة إلى تجسيد المشاهد وتقليد الأبطال، سواء كانت من الأرواح الشريرة أو المخلوقات الغريبة التي تتلفظ بعبارات بذيئة على أنها محض كلام. وهذا ما يجعل فئة لا بأس بها من الأهالي تصر على أن تجالس أبناءها أثناء مطالعتهم لمثل هذه البرامج، من باب التأكد مما إذا كانت تقدم روايات تتناسب مع سنهم ولا تشوش على تفكيرهم. حركات قتالية وتذكر ديالا الأمير وهي أم لولدين في السابعة والتاسعة من العمر، أنها لم تكن واعية لخطورة الأمر عندما كان ولداها في مرحلة الروضة. غير أنها مع الوقت بدأت تلاحظ أنهما يطيلان الجلوس أمام الشاشة مما استفز فضولها لاكتشاف ما يجذبهما. وتقول إنها فوجئت من بعض المسلسلات الكرتونية التي يتم بثها باللغة العربية وتتضمن عبارات منافية للآداب ولاسيما بالنسبة لصغار السن. وعندها علمت من أين يأتي ولداها أحياناً كثيرة بالكلام البذيء الذي تعتبر أنهما يتناقلانه من باب التقليد. وتشير ديالا إلى أنها منذ ذلك اليوم أخذت تراقب بجدية البرامج التي يشاهدانها، كما أنها تعمد إلى إلغاء بعض المحطات والإبقاء فقط على تلك التي تبث البرامج التعليمية المفيدة. والسبب برأيها أن الطفل في هذه السن يحتاج إلى ما يثقفه ويزيد من معارفه أكثر من حاجته للهو وحسب. تقمص الشخصيات الكرتونية الرأي نفسه تسجله عايدة عبدالخالق التي تؤكد ضرورة مراقبة الأبناء بين فترة وأخرى أثناء انشغالهم في مطالعة أي جهاز إلكتروني. وتتحدث عن تجربتها مع ابنها الوحيد (11 عاماً)، والذي عانت ولاتزال تعاني من تقمصه للشخصيات الكرتونية التي يعشقها ويتمثلها. وتروي أن الأمر بدأ معه كنوع من المزاح عندما كان في الرابعة من العمر، غير أن إعجابه بأداء أدوار الشر وتعنيف الآخرين بدأ يزداد منذ سن السابعة. وكان كلما التقى برفاقه يمارس ضدهم شخصية المقاتل المدافع عن نفسه، سواء عبر تجسيد الحركات القتالية أو عبر تأدية الأصوات الغريبة المستفزة. وتقول عايدة إنها عرضته قبل سنتين على طبيب العائلة الذي نصحها بمنعه من مشاهدة هذا النوع من البرامج الكرتونية وخصوصاً المخلوقات الشريرة منها، لكنها عبثاً حاولت. وهو مع انتشار وسائل التواصل، بات يتبادل مع أصحابه الأفلام المصورة التي لا تقوى أمه على منعه من مشاهدتها عبر جهاز الآي باد. ومن خلال تجربتها تعترف عايدة بأنها أخطأت لأنها لم تتعامل مع الأمر بجدية منذ البداية، وهذا ما تداركته مع ابنتها الصغرى التي تشاركها في مشاهدة البرامج المناسبة لسنها. دعم عائلي وعن مشاركة الأبناء في اهتماماتهم عموماً، يقول عيسى الجنيبي، إنه مع حاجة الأهل إلى الراحة بعيداً عن الضجيج الذي يتسبب به صغار السن، فمن الواجب عدم الابتعاد عنهم لفترات طويلة في اليوم. وذلك لأنهم غالبا لا ينشغلون إلا بالأمور التي تحتمل الكثير من الشكوك، ولا ينفردون في مكان هادئ لا يحدثون فيه ضجيجاً إلا إذا كانوا منهمكين في مطالعة ما يعرفون أنه غير لائق ولا يسمح به أولياء الأمور. ويذكر عيسى وهو أب لولدين و3 بنات، أن تربية الأبناء ليست بالأمر السهل، والصعوبة لا تقتصر برأيه على فئة المراهقين وإنما تشمل مختلف الأعمار بدءاً من الطفولة المبكرة. وهو على دراية بوجوب مراقبة الأبناء بطريقة غير مباشرة للوقوف عند اهتماماتهم ومحاولة الانخراط بها. وذلك ما يقوم به بالتعاون مع زوجته التي تصر يوميا وبعد انتهاء الجميع من المذاكرة، على تحضير الأجواء المناسبة لجلسة عائلية ومشاهدة البرامج التلفزيونية. والهدف من ذلك بحسب عيسى وزوجته، المشاركة الكلية مع الأبناء، والتناقش معا حول ما يشاهدونه والاتفاق على صيغة واحدة يتفق عليها الجميع لجهة الصح والخطأ بالنسبة لأي سلوك يظهر من خلال الشاشة. تصويب السلوك الخاطئ يقول الموجه التربوي عدنان شرف، إن دور الآباء لا يقتصر على التوجيه اللفظي فحسب، وإنما عليهم إرشاد أبنائهم من خلال تصرفاتهم اليومية. إذ إن البيئة المنزلية التي ينشأ فيها الأطفال تكون المرجع الأساسي لهم لأي ردات فعل تجاه المجتمع والذات. ويذكر أن مسألة التعلق الأعمى بالبرامج التلفزيونية أو الألعاب الإلكترونية قد لا يشكل عائقاً تربوياً في حال متابعة الأهل، بقدر ما هو مضر في غيابهم. إذ إن الأحاديث التي تفرضها الجلسات المشتركة كفيلة بتخفيف حدة أي سلوك خاطئ قد ينتج من المشاهدة المبالغ فيها. ويوضح الموجه التربوي أن المشاركة مع الأبناء في أوقات الفراغ حين يشاهدون مسلسلا كرتونيا يحبونه أو يمارسون لعبة إلكترونية ما، له وجهان إيجابيان. الوجه الأول هو التعرف أكثر إلى ميول الأطفال والمراهقين وتصويب أي خلل في سلوكياتهم، والوجه الثاني هو جعل الأبناء يشعرون بدفء العائلة ودعم الأهل لهم ولكل ما يحبونه ويسعد أوقاتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©