الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون السوريون بين «داعش» وقسوة الشتاء

6 نوفمبر 2015 21:43
عندما سئل عن السبب الذي جعله يغامر بحياته وحياة خمسة أفراد من أسرته بعبور البحر في زورق مطاطي من تركيا إلى اليونان، جاءت إجابة اللاجئ السوري «غسان بدار» مفحمة في بساطتها قائلاً: «داعش استولت على منزل الأسرة، وكل شيء سحقته القنابل ومنازل الناس دمرت واضطروا إلى المغادرة». وبلدة دير الزور التي كان يقيم فيها «بدار»، وتقع على نهر الفرات شبه خاوية حالياً، بعد أن فر منها المدنيون المرتعبون من تقدم عناصر التنظيم الإرهابي. وكان «بدار» وأسرته التي تتضمن طفلين مبتلين تماماً عندما وصلوا إلى ساموس، إحدى جزر قضاء العطلات في بحر إيجة التي تحملت عبئاً كبيراً في هذا الخروج غير المسبوق لأكثر من نصف مليون لاجئ من سوريا والعراق وأفغانستان ومناطق أخرى هذا العام. وكان «بدار» وأسرته في البحر في قارب مطاطي مع نحو 50 سورياً آخرين عندما بدأ الماء يتسرب بعد ست ساعات من الرحلة ثم بدأوا يغرقون في الظلام. لكن حالفهم الحظ وأنقذهم قارب من دوريات خفر السواحل اليونانية. ووصف «بدار» ما حدث لهم قائلاً: «كنا منهكين، وواجهتنا المشاكل طوال الليل، وكان الأطفال خائفين للغاية». وربما يشعر «بدار» وأسرته بالإنهاك والصدمة لكنهم على الأقل وصلوا إلى اليونان أحياء. فكثيرون غيرهم لم يفلحوا في ذلك، وغرق أكثر من 50 لاجئاً من بينهم مواليد جدد وأطفال صغار في الأيام القليلة الماضية بعد أن انقلبت قوارب غير صالحة لعبور البحر. وتكافح اليونان التي تعاني أزمة اقتصادية كي تستوعب طوفان المهاجرين الذين يعبر كثيرون منهم الشريط البحري الذي يفصل الأراضي التركية عن الجزر اليونانية في زوارق مطاطية طلبا للجوء في الاتحاد الأوروبي. وقتلت الحرب السورية 250 ألف شخص وأجبرت نصف السوريين على الفرار من ديارهم، مما تسبب في أسوأ أزمة لاجئين يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية. ورغم الموت الكامن في الزوارق المتداعية وفوق أمواج بحر إيجه، مازال اللاجئون يتدفقون، وهم يعلمون تماماً المخاطر التي يواجهونها، لكنهم يؤكدون أن الوضع السيئ في بلدانهم لا يدع لهم خياراً آخر. وأجرت لجنة الإنقاذ الدولية - وهي منظمة مساعدات إنسانية مقرها الولايات المتحدة وتعمل في البلدان التي تمزقها الحروب حول العالم - مسحاً في الآونة الأخيرة على 800 لاجئ سوري يعتزمون خوض الرحلة إلى اليونان، وتوصل استطلاع الرأي إلى أن ظروف الشتاء القاسية لن تمنعهم من المغامرة في رحلة خطرة. وأكد اللاجئون أنهم سيعبرون البحر، أو يحاولون عبور الحدود التركية البرية مع اليونان، أو ينتظرون انتهاء مناخ الشتاء القاسي حتى يحل الربيع، وقال ثمانية في المئة فقط إنهم سيعودن إلى سوريا إذا بدا عبور البحر شديد الخطورة. وأكدت لجنة الإنقاذ الدولية أن «الشتاء واضطراب البحر لن يمنع الناس اليائسين من محاولة الوصول إلى أوروبا. لكن في الشتاء تصبح البحار غير مأمونة مما يتسبب في أعداد أكبر من الوفيات». وفي جنوب البحر المتوسط، يصبح الخروج الكبير للمهاجرين من ليبيا أبطأ تقليدياً، ويصل إلى حالة من التوقف تقريباً في شهور الشتاء عندما تجعل الأحوال المناخية القاسية المعبر البحري الطويل إلى جنوب إيطاليا أكثر خطورة، لكن في بحر إيجة، يدفع قصر رحلة الانتقال من تركيا إلى اليونان ويأس اللاجئين إلى مواصلة التدفق حتى في شهور الشتاء. وبينما كان أطفال «بدار» يرتعدون من برودة الصباح على جانب رصيف قال الوالد: «إذا ظل الوضع بمثل هذه الصعوبة في البلاد فسوف يواصل السوريون الرحيل، فلا بديل آخر، إنهم يريدون العثور على بر أمان. هذا كل ما في الأمر. إننا نعرض أنفسنا للموت، بحثاً عن السلام ونفعل هذا بصحة أطفالنا، هذه الأزهار الصغيرة». وذكرت الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة أن ما يصل إلى ثلث سكان سوريا البالغ عددهم قبل الحرب 22 مليون نسمة نزحوا عن بيوتهم داخل البلاد، وحذرت جماعات إغاثة من أنه سيكون من الصعب توفير منطقة آمنة إذ إنها ستكون محاطة بفصائل متحاربة، بل بث مجرد مناقشة هذا الاقتراح الخوف في نفوس بعض اللاجئين الذين يخشون أن يتعرضوا لضغوط للعودة إلى بلادهم، ويعتقد عاملون في مجال الإغاثة أن ذلك ربما كان عاملاً في موجة الخروج الكبيرة من سوريا مؤخراً. *نيك سكوايرز *صحفي مقيم في روما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©