الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيبال.. زلزال دستوري!

6 نوفمبر 2015 21:43
تقف نيبال على حافة هاوية أزمة إنسانية قد تكون أكبر من الزلزال الكبير الذي وقع في أبريل الماضي، والأزمة هذه المرة سياسية تمتد جذورها إلى الانقسامات الاجتماعية في نيبال. فقد تم إقرار دستور نيبال الجديد في سبتمبر وأثار قدراً كبيراً من الجدل. ونزلت الأقليات العرقية إلى الشوارع في احتجاجات واسعة النطاق ضد الفقرات التمييزية للنظام الحاكم الجديد. وفي غمرة هذا النزاع توقف استيراد الوقود من الهند مما خلق حالة طوارئ متفاقمة مع اقتراب الشتاء. ودستور نيبال الجديد مثير للجدل بشدة ومعيب بشكل واضح. فقد عكف السياسيون في نيبال على كتابة مسودة دستور جديد على مدار سبع سنوات. وتسارعت عملية الكتابة التي توقفت طويلاً بعد الزلزال الذي ضغط على الصفوة كي تحسم نزاعاتها السياسية، لكن الأحزاب رأت في هذا فرصة للإسراع بالتوصل إلى دستور يعزز سلطة المؤسسة المحافظة. ورغم أن 90 في المئة من أعضاء برلمان نيبال أيد الدستور، لكن النص الجديد خيب بشدة آمال كثيرين في البلاد. والغضب في قمته لدى طائفة تعرف باسم «المادهيس» تسكن السهول المتاخمة للهند، وهناك بنود جديدة تنكر حق المواطنة الكامل على نسل الزيجات التي أحدها نيبالي والآخر أجنبي، وتمنع هذا النسل من الترشح لمناصب عليا. وبالنسبة لـ«المادهيس» الذين يتزوجون عادة هنوداً عبر الحدود يعد هذا تمييزاً صارخاً. وصاحب هذا رسم حدود اتحادية تنكر على المنطقة التي يقطنها «المادهيس» أن تكون إقليماً إدارياً مما جعلهم ينظرون إلى الدستور الجديد باعتباره هجوماً صريحاً على جاليتهم. وتمخضت الأزمة السياسية عن نقص في الوقود، فعلى مدار ما يزيد من شهرين تحتج جماعات من السكان الأصليين بشكل عنيف وغير عنيف ضد الدستور. وقمعت قوات الأمن بوحشية هذه الاحتجاجات بينما تجاهلت الصفوة السياسية مطالبهم، وصعد «المادهيس» مطالبهم، وتعمدوا تعطيل طرق التجارة من الهند إلى العاصمة «كاتماندو». ويسود اعتقاد بأن الهند متواطئة في عملية تعطيل وصول الوقود، فقد انتقدت الهند الدستور الجديد، وجادل كثيرون في نيبال بأن الهند فرضت حصاراً اقتصادياً كوسيلة للضغط. ورغم أن الحقيقة الدقيقة غير واضحة فمن المرجح فيما يبدو أن الهنود لعبوا دورا متعمدا في نقص الوقود. والاضطرابات الحالية ضاربة بجذورها في الهوية القومية لنيبال، وهذا التأرجح طويل الأمد بين نيبال والهند محوري لفهم الأزمة الحالية. ورغم التاريخ الطويل من التعاون بين الهند ونيبال فإن الهند يجري تصويرها باعتبارها قوة تدخل أجنبية تتلاعب بالسياسة الداخلية في نيبال. وبسبب العلاقات الجغرافية والثقافية مع الهند ينظر كثيرون في نيبال إلى «المادهيس» بعين الريبة، وتعاطف الهند مع مطالب «المادهيس» أدى إلى تصاعد التوترات، وكثيرون يعتبرون هذا دليلاً على أن «المادهيس» هم «الطابور الخامس» المدعوم من الهند العازم على تقويض الهوية القومية النيبالية، وفي هذه البيئة تجاهل السياسيون النيباليون الدعوات للإصلاح وشوهوا صورة المعارضة، والفكرة القومية المتطرفة التي مفادها أن الهند وليس «المادهيس» هي التي تحرك الاحتجاجات التي أضعفت الحركة. ورغم التوترات فمازالت نقاط الالتقاء بين الهند ونيبال كثيرة؛ دينية وثقافية ولغوية، ولهما تاريخ طويل في التعاون. وبالإضافة إلى هذا، فإن الحدود الجبلية التي تسكنها جماعات متفرقة من السكان بين الهند ونيبال غير مناسبة للتجارة، وبينما قد يود القوميون النيباليون أن يروا نيبال تتحرك صوب الصين لكن الهند ستظل الحليف الطبيعي للبلاد رغم التوترات في الآونة الأخيرة. استيعاب مطالب «المادهيس» سيمثل عملية ترويج أوسع للدستور الجديد. والاستقرار السياسي الناتج عن هذا سيؤدي إلى إنهاء أزمة الوقود وتفادي كارثة إنسانية وتيسير التنمية المطلوبة بشدة، واتباع طريق آخر محفوف بالمخاطر، وإذا تم تجاهل مطالب «المادهيس» والجماعات العرقية الأخرى، فقد تصبح الحركة ضد الدستور أكثر تشدداً، وقد تظهر جماعات انفصالية، بينما تضر أزمة الوقود بملايين الأشخاص، وقرارات المؤسسة السياسية في نيبال في الأسابيع والشهور المقبلة سيكون له عواقب طويلة الأمد. * نيرابه كويرالا* جيفري ماكدونالد *أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد في جرينيل كوليدج الأميركية. ** مستشار في المعهد الأميركي للسلام ومحاضر في جامعة جورج واشنطن. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©