الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الحزب السياسي ورقة لعب جديدة بين الإخوان والدولة في مصر

22 مارس 2007 01:03
القاهرة - محمد عزالعرب: يبدو إنشاء حزب سياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر مستحيلا، فالجماعة والدولة وعلى ما يبدو راغبان في استمرار لعبة القط والفأر، سيما وأن الصراع بين الطرفين يصب في أهداف سياسية لكليهما، فالجماعة تريد اكتساب مزيد من الشعبية والتعاطف بورقة الإيحاء بأنها جماعة مضطهدة ومهمشة والدولة تريد أن يبقى الإخوان فزاعة أو شبحا يبرر إصدار قانون لمكافحة الإرهاب· وفي ندوة ''الجماعة الدينية والحزب السياسي والتي جاءت تحت عنوان ''هل يمكن التوفيق بين حزب سياسي ومرجعية دينية؟'' والتي نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، قال معتز الفجيري -مدير البرامج بالمركز - انه لا يمكن حظر المرجعية الدينية ما لم تنص في أهدافها وبرامجها ونظامها على ما يناقض المقومات الأساسية للمجتمع الديمقراطي، وتكرس التمييز على أساس الدين أو الطائفة أو المذهب، أو تغلق أبواب عضويتها أمام المواطنين المؤمنين بديانات وعقائد أخرى، وهذا النمط من الأحزاب يجب حظره، حتى ولو لم تكن لديه مرجعية دينية، وهو ما تكفل به قانون الأحزاب السياسية·· وأضاف أنه في إطار الحاجة لوضع قانون جديد يطلق حرية إنشاء ونشاط الأحزاب السياسية، فربما من الضروري للمشرع أن يعيد تعريف الأنشطة ذات الطابع السياسي، وأن يميزها عن التبشير الديني الذي تختص به الجماعات والمؤسسات الدينية، مشيرا إلى أن التعديل المقترح يتناقض في الصميم مع الصياغة الحالية للمادة الثانية للدستور، ما لم يكن مقصودا فقط حظر الأحزاب الدينية غير الإسلامية· وقال إن كل الأحزاب المصرية ذات مرجعية دينية إسلامية، وأكثر الأحزاب اتساقا مع روح الدستور، هي الأحزاب ذات المرجعية الدينية الواضحة، وإن أكبر الأحزاب المشروعة ذات المرجعية الدينية وأكثرها توغلا في توظيف الدين لخدمة السياسة هو الحزب الوطني الحاكم إما مباشرة، أو من خلال حكومته وأجهزة إعلامه· وفي المقابل فإن جماعة الإخوان المسلمين هي أكبر الأحزاب الدينية غير المشروعة التي توظف الدين في السياسة· ولذا يبدو التعديل الدستوري المقترح كوسيلة لإقصاء منافس في نفس الساحة وعلى ذات الجمهور، أكثر منه استهدافا لإقصاء الدين عن السياسة· وقال صبحي صالح - نائب الإخوان بالبرلمان المصري- انه يمكن التوافق بين الحزب السياسي والطرح الديني، وهو ما يؤكده الواقع العالمي، حيث برزت نماذج لهذا الوضع في دول عديدة مثل ألمانيا وأميركا وإسرائيل وإيران والفاتيكان، والإخوان المسلمون طرحوا كثيرا فكرة إنشاء حزب سياسي ذي مرجعية دينية لكن النظام يصر على حظر الجماعة· ويرى د· عمرو الشوبكي -خبير الجماعات الدينية - أن نية جماعة الإخوان المسلمين تأسيس حزب سياسي مدني، منفصل عن الجماعة الدعوية، تمثل تحولا كبيرا في تاريخ الجماعة، وبداية مرحلة جديدة ستحتاج إلى تأسيس ثان يميزها عن المرحلة الأولى التي قادها المؤسس حسن البنا، وظلت تحكم حركة الجماعة منذ تاريخ نشأتها عام 1928 · التأسيس الثاني كما أكد د· عمرو الشوبكي أن الثقافة السياسية التي بنيت على أساسها جماعة الإخوان المسلمين غير قادرة بمفردها على ملاحقة التطورات السياسية الأخيرة، خاصة بعد أن ازداد الوزن السياسي للجماعة، وزادت معها متطلبات نواب الإخوان الذين وجدوا أنفسهم أمام نوعية جديدة من المشكلات تستوجب مهارات وخبرات خاصة، لا تحل بالشعارات العامة مثل ''الإسلام هو الحل''، بحيث لن تستطع الصيغة القديمة التي تجند الأعضاء على أسس وشروط دينية أن تستمر بنفس الطريقة في عصر قائم على المنافسة السياسية والحزبية· وذكر د· الشوبكي أن حذر الإخوان لفترة طويلة من خطورة تأسيس الحزب مرده دوافع متعددة، بعضها يتعلق بالواقع السياسي ''الشرعي'' الذي تتواجد فيه أحزاب هامشية لا وجود لها في الشارع المصري بفضل القيود الأمنية وأخطاء قادتها، ولكن هناك أيضا دوافع أخرى تتعلق بطبيعة الخطوة التاريخية التي سيقدم عليها الإخوان في حال تأسيسهم حزبا سياسيا وستفرض عليهم التأسيس الثاني للجماعة· ويرى أن تأسيسا ثانيا لجماعة الإخوان المسلمين يجعلها تعي أن الانتماء الفكري والتربية العقائدية على أساس الإيمان بالإسلام الشامل، لا تصلح بمفردها لبناء نهضة أمة وأوطان حديثة، مشيرا إلى أن الإخوان أمامهم فرصة تاريخية للانفتاح على ''الايديولوجيات الناعمة'' التي تعني التعايش مع الواقع وفق رؤية نسبية· وأكد أن حزب الإخوان لن يرى النور في ظل النظام الحالي، وأن الطريقة السيئة التي أدارت بها الحكومة المصرية حربها مع الإخوان تزيد احتقان الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد، فقد ظلوا متهمين بأنهم يرفضون تأسيس حزب سياسي مدني، وحين فكروا في تأسيس حزب اتهموا بأنهم مناورون يسعون لبناء دولة دينية، رغم أنهم أعلنوا أن هدفهم تأسيس دولة مدنية، وأن من حق الجميع ألا يقبل بشرعية الوجود السياسي للإخوان إلا عبر الالتزام بقواعد الدولة المدنية الديمقراطية· وقال سامح فوزي -مدير تحرير جريدة ''وطني''- إن اللحظة الراهنة تتطلب تحديد العلاقة بين الدين والدولة لوضع مصر على طريق الاستقرار السياسي، بل ان هذا الاستقرار يتطلب الاستيعاب لا الاستبعاد لكل القوى السياسية، بحيث يكون الملمح الأساسي للمنافسة السياسية هو الطابع السلمي· وأوضح أن الإخوان عليهم تحديد موقفهم من الأعمال الإبداعية ''الفنية والروائية'' التي تصطدم مع التفسيرات السائدة للدين، وهو ما يتطلب معرفة القائم بتفسير الدين، بالإضافة إلى تحديد جوهر الدولة المدنية، فهل هي أحزاب ونقابات وانتخابات ودستور وقانون أم أنها قبل كل ذلك حرية اختيار، وحرية ممارسة الفكر وانتفاء أشكال الوصاية على العقل والفعل الإنساني؟ وقال إن الإخوان المسلمين تنظيم عالمي، يتفرع في مجتمعات عديدة، بحيث تثار شكوك حول الحزب الذي يريد الإخوان إنشاءه ليتبع التنظيم الدولي، أم سيكون مستقلا عنه أم ذراعا مؤسسيا محليا لتكوين أممي إسلامي، متسائلا عن مفهوم الوطنية لدى الإخوان· وطالب الإخوان المسلمين بتحديد موقفهم من النظام الاقتصادي، رأسمالي أم اشتراكي أم طريق ثالث أم عباءة واسعة تتسع لكل من يريد مكانا، علاوة على نظرتهم لأنفسهم في هذه المرحلة، وأي خبرة تاريخية يستلهمون وأي مستوى يسعون لبلوغه وأي مجتمع مفقود يحلمون به؟ وألمح فوزي إلى غياب البعد الخارجي في الخطاب الإعلامي للجماعة والنظرة الإخوانية للنظام العالمي والتعامل مع تعقيدات البيئات المحلية والإقليمية والدولية، وهل العالم فسطاطان وداران واحدة للإسلام والأخرى للكفر؟ ويقول: المعلن إن الإخوان المسلمين سوف يفصلون بين العملين الدعوي والسياسي على غرار تجربة الأردن، لكن التجربة العملية تحدد حدود الفصل بينهما ومدى إمكانية ذلك في بلد يوجد به جامع وجامعة الأزهر ومساجد تديرها وزارة الأوقاف ودار للإفتاء، متسائلا عن القوى الاجتماعية التي ينحاز إليها حزب الإخوان ''الطبقة الرأسمالية أم العمالية أم الوسطى''؟ ودعا فوزي الإخوان المسلمين إلى تحديد شرعيتهم واستنادها سواء للشارع أم للجنة شؤون الأحزاب، ولماذا لا تكون شرعية القضاء أهم من هذا وذاك؟ موضحا أن هناك تساؤلات مثارة حاليا بشأن موقف الإخوان من الأقباط، وما إذا كان حضورهم في الحزب مظهري للإفلات من تصنيف الحزب الديني المحظور قانونا، وعلى وشك الحظر دستوريا أم أن حضورهم تعبير عن اندماج ومشاركة، وقد صرح مرشد الإخوان بأنه لا مانع من انضمام الأقباط إلى الحزب·· فهل عبارة ''لا مانع'' تعني أن هذا الانضمام شكلي أم استدعائي أم وجوبي؟ كما يرى أن الأساس لقبول مشروعية أي تيار أو جماعة في الحياة السياسية يتحدد بناء على شرعية الإنجاز في حين أن الشرعية الدينية هي شرعية من لا إنجاز له وخصوصا المتمسحين بالدين· حجج الرافضين أشار خليل العناني - بمجلة السياسة الدولية- إلى أن حجج الرافضين لفكرة المرجعية الدينية تتركز في عدة نقاط، أولها أنها تعبر عن ردة فكرية ونكوص عن مكتسبات الحداثة والقيم المدنية التي يجب أن تنخرط فيها المجتمعات العربية· وثانيها أن ثمة تصورا راسخا لدى البعض باحتمالات انخراط أي فصيل إسلامي ذي مرجعية دينية، وهو في هذه الحالة الإخوان المسلمون، في ممارستهم نوع من الوصاية الدينية على المجتمع، محاولا فرض رؤيته للإسلام على بقية الأطراف والقوى التي قد تكون مختلفة معه سياسيا أو أيديولوجيا أو دينيا، وهو ما قد يعصف بالحقوق الفردية وفي مقدمتها حق الاعتقاد والاختلاف· أما ثالثها انه من شأن تمسك أي فصيل إسلامي معتدل بمثل هذه المرجعية أن يفتح الباب أمام التيارات الإسلامية الأخرى ذات النهج المتشدد في اللجوء إلى هذه المرجعية كمبرر لأي رؤى؟ وأوضح أن التيار العلماني في مصر لديه فوبيا ورفض مسبق تجاه أي فكرة تكتسي برداء إسلامي، سواء لأسباب حداثية تنطلق من ضرورة التخلص من الأفكار الدينية المرادفة للشعوذة والخرافة، أو لأسباب ثقافية تنطلق من ضرورة تطليق الثقافة التقليدية العربية والتخلص من هيمنة العقل الديني باعتباره تعبيرا عن التخلف والجهل، أو لأسباب سياسية تنطلق من ضرورة وقف المد الديني الإسلامي باعتباره خطرا يهدد وجود التيارات السياسية الأخرى· وأكد انه لا مشكلة في إنشاء أحزاب سياسية في مصر على أسس المرجعية الدينية لكن المشكلة أن يكون هذا التأسيس قائما على التفرقة بين المواطنين وفق عقائدهم الدينية، وهو مرفوض، وجميع الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في الدول العربية والإسلامية تنطلق من مرجعية دينية، بمفهومها المرن، ولا توجد مشكلة في التزامها بالديمقراطية والتعددية والمواطنة، لدرجة أن حزب العدالة والتنمية في المغرب فتح باب العضوية لليهود· وقال إن الإخوان لا يمثلون كيانا جامدا مغلقا وإنما يعبرون عن حركة متطورة تتعرض للتأثر بما حولها إيجابا وسلبا، لكن هناك مشاكل حقيقية تتعلق بكيفية تطبيق الجماعة لمفهوم المرجعية، حيث تعتبره مفهوما سياسيا ومجال للمزايدة بينها وبين القوى السياسية الأخرى، علاوة على عدم وضوح موقف الجماعة حتى الآن من مفهوم المواطنة للمرأة والأقباط، وهو ما يعكس جمود العقل الإخواني وتردده· وأكد خليل العناني أن تلحف أي جماعة بمسألة المرجعية الدينية، على غرار ما تفعل جماعة الإخوان المسلمين، لا يمثل ميزه أو أداة تستخدمها الجماعة في تمرير رؤيتها للدولة والمجتمع عبر شعاراتها الفضفاضة، بقدر ما هو مسؤولية ثقيلة، ذلك أن الفشل في ترجمة هذه المرجعية إلى منظومة من القيم الفكرية السامية، سيمثل طعنا مباشرا للفكرة ذاتها، ويزيد حجج المناوئين لها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©