زيارة رئيس جنوب أفريقيا للإمارات تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون

تشكل زيارة جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا اليوم الأحد إلى دولة الإمارات خطوة مهمة جديدة، في إطار تطوير العلاقات المتميزة بين دولة الإمارات وجنوب أفريقيا والاستفادة من الإمكانات الكبيرة المتوافرة لدى البلدين والموقع الاستراتيجي ووزنهما سواء في منطقة الخليج أو في القارة الأفريقية، بحسب بيان بثته وكالة أنباء الإمارات (وام). وتأتي زيارة رئيس جنوب أفريقيا للدولة والتي يلتقي فيها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وكبار المسؤولين ورجال الأعمال في الدولة لتؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين تجسد تطلعات القيادة في دولة الإمارات وجنوب أفريقيا، نحو بناء علاقة بين البلدين الصديقين تعكس عمق الروابط التاريخية بينهما وتطلعاتهما لبناء شراكة استراتيجية في المجالات كافة. وفي إطار هذا التوجه، شكلت زيارة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية لجنوب أفريقيا نهاية العام الماضي، واستقباله من قبل جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا أساساً قوياً لنمو وتطور علاقة متميزة بين البلدين. وأكد رئيس جنوب أفريقيا خلال اللقاء مع سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان حرص بلاده على تعزيز أواصر علاقاتها الثنائية مع دولة الإمارات، والتي توليها حكومة بلاده اهتماماً خاصاً نظراً للمكانة المتميزة التي وصلت إليها الدولة. وفي إطار هذا التوجه، عقد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، خلال زيارته لجنوب أفريقيا مباحثات مع ميتي إنكوانا موشابان وزيرة العلاقات والتعاون الدولي بجنوب أفريقيا، تركزت حول العلاقات الثنائية بين البلدين والسبل الكفيلة بتطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات. واستعرض سموه والوزيرة الأفريقية عدداً من الموضوعات المتعلقة بتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية وذلك من خلال التشجيع على استثمار الفرص المتاحة في كلا البلدين. وجاءت زيارة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان لجنوب أفريقيا تتويجاً واستمراراً للتواصل بين البلدين، والذي بدأ مع وصول نيلسون مانديلا إلى السلطة في عام 1994، حيث نمت علاقات جنوب أفريقيا مع منطقة الشرق الأوسط ودولة الإمارات خصوصاً على قدم وساق. وزار مانديلا المنطقة خلال رئاسته والتي بشرت بعهد جديد من العلاقات الوثيقة بين جنوب أفريقيا والمنطقة، وشهدت العلاقة الخاصة بين جنوب أفريقيا والإمارات نمواً واضحاً من خلال وتيرة الزيارات الدبلوماسية المتقاربة. وكانت هيلين زيلي رئيسة وزراء مقاطعة كاب الغربية بجمهورية جنوب أفريقيا والوفد التجاري والاستثماري المرافق لها، زارت دولة الإمارات بداية العام الحالي والتقت معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة التجارة الخارجية، حيث تركز اللقاء حول بحث آليات تطوير العلاقات الثنائية وزيادة المبادلات التجارية وتعزيز فرص إقامة مشاريع استثمارية مشتركة في مختلف المجالات. وأكدت معالي الشيخة لبنى القاسمي خلال اللقاء حرص دولة الإمارات على تعزيز العلاقات مع جنوب أفريقيا في مختلف المجالات، مشيرة إلى أهمية الاستفادة من فرص التعاون الممكنة بين الطرفين لتطوير التعاون التجاري الذي بلغت قيمته العام الماضي أكثر من 878 مليون دولار، لتتبوأ جنوب أفريقيا المرتبة 38 ضمن الشركاء التجاريين للدولة. وأكد يعقوب أبا عمر سفير جنوب أفريقيا لدى الدولة متانة العلاقات بين جنوب أفريقيا والإمارات، مشيراً إلى أن الإمارات تعتبر الشريك التجاري الأكبر لجنوب أفريقيا بحجم تجارة ثنائية بين البلدين يقدر بنحو ملياري دولار فيما تشهد أرقام التجارة بين البلدين تزايداً متسارعاً. وقال أبا عمر إن الإمارات تمثل سوق التصدير رقم 21 عالمياً لجنوب أفريقيا والأكبر على مستوى المنطقة. كما أن الإمارات تعد سادس أكبر مورد للنفط لجنوب أفريقيا. كما يعمل في الإمارات عشرات الآلاف من ذوي المهارات العالية من مواطني جنوب أفريقيا. وتحتل جنوب أفريقيا موقعاً مهماً على الصعيد الإقليمي والعالمي وتشكل وجهة استثمارية جذابة طبقاً لمؤشر التنافسية العالمي الأخير، حيث تحتل جنوب أفريقيا المرتبة 27 بين الدول ذات الاقتصاد الأكبر في العالم بإجمالي ناتج محلي يصل إلى نحو 354 مليار دولار (طبقاً لصندوق النقد الدولي)، إلى جانب إدراج جنوب أفريقيا مؤخراً في نادي النخبة من دول البريك (البرازيل وروسيا والهند والصين). فاقتصاد جنوب أفريقيا اقتصاد ناشئ وينمو بسرعة ولا يمكن التغاضي عنها كوجهة استثمارية ذات مستوى عالمي. وتعمل حكومة جنوب أفريقيا على معالجة بعض التحديات الاقتصادية التي تواجهها حيث من خلال خطتها لتدعيم السياسة الصناعية والتي من شأنها أن تخلق ما يقرب من مليونين و477 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة على مدى العقد المقبل. وتعمل جنوب أفريقيا على تنمية وتنويع الصادرات وتحسين الميزان التجاري وتنمية القدرة الصناعية على المدى الطويل، وتنمية التكنولوجيا المحلية وتحفز تنمية المهارات الأمر الذي يفتح الباب أمام المستثمرين من منطقة الشرق الأوسط للاستثمار في جنوب أفريقيا. وما يزيد من جاذبية جنوب أفريقيا كمركز للاستثمار الدولي توجه أفريقيا لبدء طفرة جديدة في مجال الطاقة المتجددة، حيث يتوقع أن يحقق الاستثمار في الطاقة المتجددة نمواً من 3,6 مليار دولار في عام 2010 إلى نحو 57 مليار دولار بحلول عام 2020 مع توجه استثمارات أجنبية ضخمة مباشرة في البنية التحتية للطاقة. وتركز حكومة جنوب أفريقيا على رفع مستوى البنية التحتية في الموانئ والتنمية. وتتعهد بتطوير البنية التحتية من خلال شراكة مع مستثمرين من القطاع الخاص، فهناك العديد من مشاريع الموانئ الجديدة المقترحة ومشاريع البنية التحتية ذات الصلة جار العمل فيها بما في ذلك توسيع مرافق ميناء “نغوارا” السائبة والجافة عموماً، وإضافة منشأة الصب السائل في ميناء كيب تاون وبناء محطة لغاز البترول المسال في “سالدانها” وتبلغ قيمة خط أنابيب المشروع الحالي نحو ثلاثة مليارات دولار. وبالقدر ذاته تشكل السوق الخليجية وخصوصاً السوق الإماراتية أهمية خاصة لجنوب أفريقيا، حيث سجلت صادرات جنوب أفريقيا إلى الإمارات خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي حوالي 460 مليون دولار في حين أن صادرات الإمارات إلى جنوب أفريقيا سجلت ما قيمته 431 مليون دولار، الأمر الذي يعكس تساوي كفتي الميزان التجاري بين البلدين ويؤكد أنهما كليهما يكملان بعضهما فيما يتعلق بالسلع والبضائع المطلوبة. وأكد سفير دولة جنوب أفريقيا في دولة الإمارات أن سوق دول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة وسوق الإمارات على وجه الخصوص مهمة جدا بالنسبة لبلاده. وقال: نحن نشجع وندعم عدداً من الشركات في جنوب أفريقيا ونحثها على المشاركة في عدد كبير من المعارض التجارية التي تستضيفها الإمارات. كما نشارك في معارض في الإمارات مثل معرض جلفوود وأوتوميكانيكا ومعرض جيتكس على سبيل المثال لا الحصر، من خلال عرض منتجات وخدمات شركاتنا وعرض قوة هذه الشركات التي تمتاز بقوتها وتعزيز التجارة الثنائية. وقال إن التحول يمر عبر الإمارات. فالاستقرار الذي ينعم به الجميع هنا مستمر في تشجيع تواصل الشركات الجنوب أفريقية والخبراء للمجيء للإمارات وإنشاء المحال التجارية والاستثمار والعمل، وهناك نحو 200 من شركات جنوب أفريقيا تنشط في الإمارات في قطاعات عديدة بما فيها المالية. وقال يعقوب أبا عمر إن الإمارات تتمتع بشعبية كبيرة بالنسبة للزائرين من جنوب أفريقيا وينعكس ذلك من خلال تعداد الرحلات الجوية بين البلدين، مشيراً إلى وجود خمس رحلات أسبوعياً من جوهانسبيرغ إلى دبي، فيما تعد الإمارات من الوجهات العشر الأولى لجنوب أفريقيا.