الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

خبز وخبزتوه ·· مسرحية تفضح الزيف الاجتماعي

22 مارس 2007 01:46
الشارقة ــ إبراهيم الملا: في التعاون الثاني خلال أيام الشارقة المسرحية بين المؤلف إسماعيل عبدالله والمخرج حسن رجب بعد عرض: ''بين يومين''، يحق للمرء أن يتساءل عن قيمة ونوعية النص المسرحي مقارنة بالتوجهات الفنية والموضوعية لدى المخرج، ففي العرض المقدم من مسرح رأس الخيمة الوطني ليلة الثلاثاء الفائت والحامل لعنوان: ''خبز وخبزتوه'' يتكشف لدى المتابع مدى التصاق الهم الإخراجي لدى حسن رجب بالهم الاجتماعي المتهادي على ضفاف الكوميديا والتراجيديا، في علاقة تتوسل التداخل والاشتباك بدل التنافر والانعزال، فما يقدمه إسماعيل عبدالله من نصوص تعتمد على اللغة المعتنى بها جيداً، وعلى الحالات المتأزمة وسط ظروف شائكة، هي في النهاية نصوص ناقدة ومحللة لمسببات هذه الأزمة· ومن هنا فإن تقديم عمل بمواصفات: ''خبز وخبزتوه'' في أيام الشارقة المسرحية لابد وأنه يدخل في لعبة توازنات وتوليفات بين العرض الجماهيري والعرض الحامل لسمات فنية مستقلة، فليس من السهل خلق مساحات للفرجة المسرحية وبتنازلات محتملة، وسط الرغبة الفنية والإبداعية لتقديم عمل لا يخرج عن الشروط الرصينة والجدية للمسرح· يتحدث عرض: ''خبز وخبزتوه'' عن أخوين ــ ''صلبوخ'' / أحمد الأنصاري، و''نوفل'' مروان عبدالله صالح ــ يذهبان إلى أفريقيا للعثور على والدهما المفقود وسط أدغالها منذ ثلاثين عاماً، وبعد استهلال مفعم بالرقص والأزياء الأفريقية، ومعتمد بشكل كبير على كوميديا الموقف، والاستعراض الغنائي والإيقاعي، يتعرف الشقيقان إلى الأب ــ (موسى البقيشي) ــ ويعودان به إلى الإمارات، ولكن الإشكالية الكبرى لهذه العودة تمثلت في ضرورة طلاق الأم (عائشة عبدالرحمن) من زوجها الثاني بخيت (جمال السميطي)، وهي العودة التي خلقت إشكالا آخر حول نصيب الأب الأصلي من ميراث والده، وإعادة الأبناء لنسب والدهم بعد أن تم إلحاقهم بزوج الأم، ووسط هذه الصراعات والذكريات والنقاشات الحادة، تعود الكوميديا مرة أخرى إلى مساحات منتقاة من زمن العرض، وذلك عندما يقوم الأب بممارسة السحر ومساعدة الأندية الرياضية مقابل مبالغ مالية كبيرة، وفي المشاهد اللاحقة تتأكد هوية الأب من خلال أحد الشهود الذين عاصروه قبل رحيله، ومن خلال الرواية التي يسردها الأب حول رحيله والتي أدت على الرغم من مرارتها إلى إنقاذ منزل زوجته ووالدها من سيطرة وتملك النوخذة، فسافر إلى أفريقيا كي يساهم في فك رهن البيت وهناك تاهت سفينتهم وتحطمت على شواطئ غريبة ومجهولة· وبعد هذه الاعترافات والانكشافات الذاتية المرة على الماضي يقوم بخيت بتطليق زوجته، ويتأهب الجميع لعودة العلاقة المفقودة منذ ثلاثين عاماً بين حليمة التي أصيبت بالعمى بعد فراق زوجها، وبين مبارك صلبوخ الذي ولد من جديد في عائلته ووسط أبنائه، وفي نهاية العرض وأثناء الاحتفال بليلة العرس يفسد (بخيت) الحفل ويصر على ضرورة فحص جينات الأب ومقارنتها بجينات الأبناء(نوفل) و(صلبوخ) لتقديمها كوثيقة رسمية للمحكمة قبل الحكم في تفاصيل الميراث وقانونية الزواج، وهنا يسقط في يد الابن الأكبر (صلبوخ) ويعترف أنه قام بتأليف كل هذه الحبكة طمعاً في الميراث لا أكثر، فتنهار الأم وتصاب بحالة من الهلوسة والضحك الهستيري المقرون ببكاء مرّ وعميق· عرض: ''خبز وخبزتوه'' الذي تألق فيه كل الممثلين تقريباً، ونشير هنا إلى جمال السميطي على وجه الخصوص، هو عرض تلخصه القصيدة الشعبية التي باحت بها الأم والتي تقول كلماتها: '' لقبور ما تنقرى من خط شواهدها/إشمدريك في بطنها نيران مدفونة/جانك نويت الفرج جفف مدامعها/القلب ما ترقصه سكين مسنونة''· وهي قصيدة تعبر في النهاية عن طغيان الزيف والخديعة القائمة على حب المال وشهوة الصيت الاجتماعي، على حساب القيم العائلية والروابط الإنسانية المقدسة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©