الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة في خطاب «حالة الاتحاد»

4 فبراير 2014 00:15
الدبلوماسية، الدبلوماسية، ثم الدبلوماسية. الشركاء، الشركاء، ثم الشركاء. كانت هذه هي أبرز الكلمات التي شدد عليها أوباما في الجزء المتعلق بالسياسة الخارجية من خطابه حول حالة الاتحاد باعتبارها جوهر استراتيجيته العالمية خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقال أوباما في هذا الصدد: «على أميركا أن تنأى عن وضع الحرب الدائمة»، مضيفاً «إنني أعتقد اعتقاداً جازماً أن زعامتنا وأمننا لا يمكن أن يعتمدا على الجيش فقط». وبالمقابل، علينا أن نعمل على بناء «قدرات شركائنا الأجانب» والانخراط في «دبلوماسية قوية تقوم على المبادئ». بيد أن ما لم يشر إليه أوباما في خطابه هو شروط ومتطلبات إنجاح هذه الدبلوماسية والشراكات. والواقع أنه لا أحد ينكر أن أميركا، والجيش الأميركي، قد تعبا من الحرب، وهو ما يفسر لماذا يركز الرئيس والجمهور الأميركي على المشاكل الداخلية أكثر، وبالتالي، فلا غرو أن يكون قد خصص أقل من ثلث خطابه للسياسة الخارجية. وعلاوة على ذلك، لا توجد أيضاً رغبة في إرسال قوات أميركية إلى الخارج لمقاتلة مزيد من التنانين (ولا ينبغي لها أن تكون). ومما لا شك فيه أن أوباما وكيري يستحقان الإشادة والتنويه عما بذلاه من جهود في المحادثات حول إيران وسوريا والنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، غير أنه كان ثمة شيء ناقص بخصوص تشديد الرئيس على أهمية الدبلوماسية والشراكات باعتبارهما من الوسائل الاستراتيجية الرئيسية للبلاد. والأكيد أنه بالنظر إلى غرق الشرق الأوسط في حروب أهلية وحالة من عدم اليقين، وإلى تصاعد الشعور القومي الصيني، فإن دور أميركا كقوة تسعى لفرض الاستقرار في العالم مهم وحاسم، غير أنه يمكن التماس العذر للحلفاء والخصوم عبر العالم للارتباك الذي يصيبهم بشأن نوع الدبلوماسية التي ينتهجها أوباما ودعمه (أو عدم دعمه) للحلفاء الذين يواجهون متاعب، وذلك لأنه في بعض الحالات الحرجة، يبدو أوباما غير مستعد لتوفير العضلات المطلوبة لإنجاح «الدبلوماسية القوية». وحتى الآن، يمكن القول إن الرئيس أبلى بلاء حسناً في ما يتعلق بإيران. ولعل المحادثات حول برنامج طهران النووي واتفاق الأشهر الستة المؤقت هما أبرز نجاح له في السياسة الخارجية حتى الآن (يشار هنا إلى أنه ذكر إيران 10 مرات في خطابه، بينما لم يأت على ذكر الصين سوى مرتين). ولكن السبب الذي جعل المفاوضات مع إيران تحقق تقدماً، مثلما يوضح ذلك أوباما جيداً، هو «دبلوماسية أميركا المدعومة بالضغط»، أي أن العقوبات الاقتصادية القاسية هي التي حملت إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ولكن فيما يتعلق بسوريا، يبدو الرئيس غير مستعد لممارسة ضغط من النوع الذي قد يفضي إلى نتائج دبلوماسية. وفي مقابلة معبِّرة ودالة مؤخراً مع ديفيد ريمنيك من مجلة «ذا نيويوركر»، قال الرئيس الأميركي إنه يعتقد أن انخراطاً أكبر من جانب الولايات المتحدة في تسليح المعارضة ما كان ليُحدث فرقاً. أما الاعتقاد بخلاف ذلك، يقول أوباما، فهو «من قبيل الخرافة». وفي المقابل، يعوِّل أوباما وكيري (الذي غيَّر موقفه وفقاً لموقف رئيسه) على «الشريك» الدبلوماسي روسيا، والشريك الممكن إيران، لفهم الوضع جيداً، أي أنهما سيدركان خطورة مواصلة دعم الأسد. والحال أن المراهنة على مثل هذين الشريكين لحل الأزمة السورية الطاحنة هو «الخرافة» بعينها. إن الاعتماد على مثل هذه «الشراكات» لن يجلب النتائج التي يرجوها أوباما، بل إنه قد يدفع الحلفاء والخصوم معاً إلى أن يخلصوا إلى أن أوباما ضعيف للغاية حتى يدافع عن مواقفه أو مواقف حلفائه، سواء بخصوص إيران أو سوريا أو النزاعات في بحر جنوب الصين. أما بخصوص تمكين الشركاء وتقويتهم، فهنا أيضاً يبدو أن سياسة الرئيس تفترض أن النتائج ستأتي لوحدها من دون استعمال العضلات وراء الجهد. وعليه، فإن ما أثار قلقي في خطاب حالة الاتحاد لم يكن رفض أوباما الصائب لمزيد من الحروب في الشرق الأوسط أو الدعوات إلى مزيد من الاعتماد على الشراكات والدبلوماسية، وإنما الفشل في الاعتراف بأن هذه الشراكات والدبلوماسية ليست حلاً سحرياً وقد تتطلب دعماً أقوى مما هو مستعد لتقديمه. ‎ترودي روبن محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©