الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة مشربك: «جحر الأرنب» يكشف زيف العولمة وتأثيرها على هوية الشباب

فاطمة مشربك: «جحر الأرنب» يكشف زيف العولمة وتأثيرها على هوية الشباب
14 نوفمبر 2011 12:12
من صلب الحياة والواقع الذي يعيشه شبابنا وشاباتنا في الإمارات وغيرها من الدول العربية اختارت فاطمة إبراهيم مشربك قصة وقضية فيلمها الوثائقي، الذي تنافست به مع غيرها من الطلبة على مستوى العالم في مهرجان سان بطرسبرج السينمائي في روسيا، وفازت بجائزة أفضل فيلم وثائقي دولي.. وهذا التميز الكبير إنما هو جزء من إبداعات كبيرة للطالبة الإماراتية فاطمة مشربك التي تدرس الإعلام في سنتها الرابعة في كلية التقنية العليا للطالبات في الشارقة. تتحدث فاطمة مشربك (22 سنة) لـ “الاتحاد”، عن سبب اختيارها لدراسة الإعلام وإن كانت واجهت صعوبة في قبول عائلتها لذلك وتقول: “اخترت دراسة الإعلام لرغبتي الشديدة في التعبير عن أفكاري، ومشاعري وآرائي بخيال واسع حر وإبداعي، ولأنني طالما تمنيت أن أحدث تغييرا في مجتمعي، وذلك بمساهمتي في جعله أفضل من حيث الأخلاق والسمات والثقافة والوعي، كما أن ميولي كانت منذ صغري فنية حيث كنت أعشق الرسم، بالأخص رسم الشخصيات الكرتونية والذي تحول في مراهقتي لمجال فني آخر وهو الأفلام، التي كانت ولاتزال تشد انتباهي، لكن قبل دراستي كان مجرد اهتمام وفضول، والذي أصبح فيما بعد وخلال التحاقي بدراسة الإعلام معرفة دراسة وعمل أمارسه برغبة تامة، لذا أنوي أن أتخصص في مجال التلفزيون والإخراج لأنني وجدت خلال دراستي نقاط قوتي في مادة الإخراج التلفزيوني أكثر من المواد الدراسية الأخرى كالتصميم الجرافيكي أو الصحافة أو التسويق، ما قد يدعمني لتحقيق الهدف والحلم الذي بسببه اخترت دراسة الإعلام”. اسم غريب وتضيف: “لم أواجه أية صعوبة في إقناع عائلتي أبداً، وذلك لأن عائلتي تثق بي وتعرف أخلاقياتي، ومن وجهة نظري مجال الإعلام كأي مجال آخر وليس مدعاة للخجل، لكن قد يكون بعض العاملين في مجال الإعلام هم السبب في تشويه صورته، ما يدعو بعض العائلات لمنع بناتهم من دخوله أو دراسته ! وأحمد الله أن عائلتي متفهمة من ناحية الدراسة بحيث تعطيني حرية اختيار المجال الذي أرغب فيه”. أما عن الفيلم الوثائقي الذي فازت به مشربك فيحمل اسما غريبا هو “جحر الأرنب”، وعن طبيعة هذا الفيلم وفكرته ومن ساعدها في تصويره ومونتاجه توضح قائلة: “الفيلم الوثائقي بصور عامة هو فيلم يعرض وقائع حقيقية غير خيالية، بحيث تكون الشخصيات السرد والأماكن حقيقية، وقد يكون موضوعه علميا أو اجتماعيا ثقافيا أو سياسيا... وهو أشبه بمقال كتابي لكن بشكل تصويري، مختصر وأقل تعقيدا، وقد قمت بتأليف وإخراج وإنتاج فيلم جحر الأرنب كجزء من مشاريع الدراسة، وساعدني به أستاذي شاهين يزداني منتج الفيلم وثلاثة من زميلاتي في الدراسة، وهن منار الماجدي حيث قامت بالتصوير السينمائي وكانت مديرة الإنتاج، وأميرة الزرعوني والتي قامت باختيار بعض اللقطات الإعلامية والتلفزيونية كبعض الدعايات التجارية، وأسماء محمد مصطفى حيث قامت ببعض الترجمة بمساعدة ميرة القاسمي وشاهين يزداني كما قامت بتصوير بعض اللقطات”. جحر الإعلام وتتابع حديثها عن فكرة الفيلم واسمه موضحة: “الفيلم يتناول تأثير الإعلام والعولمة في الشباب الإماراتي بشكل خاص والعربي بشكل عام، حيث يتناول ثلاث قضايا مختلفة ترصد تأثير الإعلام في هوية الشباب العربي حيث يجعله مشوشا ومضطرب الهوية عبر محاولة تقليد بعض المشاهير العالميين أو العرب من حيث الشكل والتصرفات أو اتباع جماعة معينة، كجماعة الإيمو أو الإنمي أو الروك، كل هذه الأمور نتيجة ما تقوم بعض جهات الإعلام بعرضه سواء على التلفاز أو الانترنت كاليوتيوب أو الفيس بوك ....الخ. أما القضية الثانية فتتناول تأثير الإعلام في تكوين مفهوم الكمالية للشباب والشابات من حيث عرضها لبعض برامج التجميل، الأزياء، وبعض البرامج التي تعرض حياة المشاهير أو حتى الشباب والتي تتضمن الكثير من الأمور السطحية كالمبالغة في الاهتمام بالجمال والمظهر، بالإضافة إلى ذلك بعض أغلفة المجلات والفيديو كليبات التي تعرض المشاهير بصورة كاملة ومبهرة والتي في الحقيقة ليست إلا وهما، لأن في الواقع هذه الكمالية لم تأت إلا باستخدام الفوتوشوب وغيرها من المواد التجميلية! وأخيراً يختم الفيلم بتناول تأثير الإعلام في طريقة استهلاك الشباب بحيث تدفعهم للمبالغة في الاستهلاك وشراء مالا يحتاجونه وذلك عن طريق الإعلانات التجارية التي توهم المشاهد بأهمية المنتج وتكوّن فيه حاجة مصطنعة وليست حقيقة في الواقع! وقد اخترت في البداية اسم “الدخيل” لفيلمي وحين ناقشت أستاذي اقترح علي اسم “جحر الأرنب” وكان هذا تشبيهاً بقصة “أليس في بلاد العجائب” التي تسقط في جحر لتنتقل إلى عالم وهمي، هذا العالم هو عالم الإعلام الذي أناقش جوانبه وأثره على الشباب الذين دخلوا جحره”. وتذكر فاطمة القالب العام الذي تشكل منه الفيلم بأنه عبارة عن مقابلات لشباب وشابات إماراتيين على الأغلب، والبعض الآخر منهم من جنسيات عربية أخرى، كما يتضمن الفيلم أيضاً لقطات من فيديو كليبات عربية وعالمية وبعض الإعلانات التجارية وذلك لإظهار الحقائق المخفية. وتبلغ مدة الفيلم بحسب مشربك 22 دقيقة أما مكان تصويره فقد تم في بعض مراكز التسوق في الدولة وفي أحد المدارس الخاصة بالإضافة إلى كلية التقنية العليا للطالبات في الشارقة. إخفاق وسعادة وتروي لنا فاطمة مشربك حكاية مشاركتها في مهرجان سان بطرسبرج في روسيا وتقول: اكتشف شاهين يزداني وهو عضو هيئة التدريس في قسم الدراسات الإعلامية في تقنية الشارقة للطالبات وأحد صناع الأفلام ما لدي من إبداع عبرت عنه في صناعتي لفيلم “جحر الأرنب” فعمد إلى إرساله إلى مهرجان الخليج السينمائي ليتنافس مع الأفلام المشاركة فكان الترشيح من حظه على خلاف الفوز الذي لم يحالفه، لكن ذلك لم يكن محبطا لكلينا خصوصا أنه تم الاهتمام بالفيلم في نفس المهرجان عبر عرضه مرتين في شاشات السينما كجزء من المهرجان، والذي رفع من معنوياتنا كثيراً وجعلنا نشعر بمدى الاهتمام بالمواهب الإماراتية وتشجيعها. وبعد ذلك في شهر يونيو 2011 قام يزداني بإرسال الفيلم لمهرجان سان بطرسبرج السينمائي في روسيا لتكون ردة فعلي على ذلك سلبية أو متشائمة حيث صارحت أستاذي أنني لا أتوقع له الترشيح أو الفوز فالمنافسة كبيرة وهي على مستوى العالم ولابد أنه يوجد من قدم أفضل مني!! لكنه عبر لي عن تفاؤله بأن الفيلم سيترشح وسيفوز، وبعد شهرين من إرساله للفيلم لروسيا، تلقيت مكالمة هاتفية منه حيث بشرني بترشيح مهرجان سان بطرسبرج للفيلم، فكان الخبر مفاجئاً لي وفرحتي لم تسعني وقتها! وبعدها بوقت قصير قمت بالسفر لروسيا مع يزداني، لحضور عرض الفيلم في المهرجان”. فرحة الفوز وتستطرد حول فئات المهرجان ووصف لحظة إعلان الفوز وروعتها قائلة: “مهرجان سان بطرسبرج مخصص للطلاب صناع الأفلام في جميع أنحاء العالم حيث لها عدة أقسام ومن الأقسام التي أذكرها قسم الأفلام الخيالية وقسم الأفلام الكرتونية وقسم الأفلام الوثائقية التي تتفرع إلى قسمين: قسم الأفلام الوثائقية للطلبة الروسيين وقسم الأفلام الوثائقية للطلبة من الجنسيات الأخرى، حيث كنت مصنفة ضمن هذا القسم، وقد اخترت مجال الأفلام الوثائقية لأنني أجد نقاط قوتي فيه، ولأنني أحب أن أعبر عن أفكاري وآرائي واهتماماتي بشكل واقعي وحقيقي. أما بالنسبة لسبب ترشيحي من قبل مهرجان سان بطرسبرج بروسيا فأعتقد أنهم وجدوا فيلمي مثيراً للاهتمام وذلك بتناوله لقضية مشتركة قد تتواجد في أي مجتمع أو ثقافة متخذة أشكالاً مختلفة تتناسب مع بيئة كل ثقافة أو مجتمع، صعوبات وقد كنت المرشحة العربية الوحيدة حيث كان بقية المرشحين من دول غير عربية كروسيا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وفنلندا وهولندا وأمريكا والمكسيك، والغريب أن جميعهم أو أغلبهم من جامعات متخصصة فقط في المجال السينمائي والأفلام، على خلافي أنا حيث دراستي تتناول الإعلام بشكل عام، وعلى الرغم من ذلك وفقت وفاز فيلمي “جحر الأرنب” بلقب أفضل فيلم وثائقي دولي، وأكاد أجزم أن توقعي للفوز كان حلما صعب المنال، وفجأة أعلنوا اسمي بالفوز وأذكر لحظتها كيف أنني لم أحرك ساكناً، وبالمقابل كنت أنظر إلى شاهين يزداني ليعطيني الإشارة للذهاب إلى المنصة. فاعتليت المنصة والدهشة تحتويني لدرجة أنني لم أكن أشعر بأي شيء حولي، من فرط الفرحة التي سيطرت عليّ” لا شك أن فاطمة مشربك واجهت وفريقها صعوبات اعترضتهم في طريق نجاحهم تخبرنا عنها: “أول صعوبة كانت في الحصول على إذن تصوير في بعض الأماكن مثل مراكز التسوق التجارية والمدارس، بالإضافة إلى بعض الجهات الإعلامية، ما أخر عمل الفيلم وأخذ الكثير من وقتنا، لكن في النهاية حصلنا على الإذن من بعض المراكز ومدرسة واحدة فقط وهي مدرسة الشارقة البريطانية! بالإضافة إلى ذلك واجهت بعض الصعوبات في ربط الأفكار ببعضها في المونتاج وذلك لأنها كانت المرة الأولى التي أقوم فيها بإخراج فيلم وثائقي، الذي تختلف تركيبته عما قمت به سابقاً من فيلم قصير يضم إعلانا توعويا أو رسوما متحركة لكن بدعم من يزداني وتوجيهاته تمكنت من التغلب عليها، وانتهينا منه في غضون 3 أشهر”. هدف وحلم تلفت فاطمة مشربك إلى أهمية الأفلام الوثائقية ومدى تفهم المجتمع الإماراتي لماهيته قائلة: “من وجهة نظري الأفلام الوثائقية لها أهمية كبيرة لأنها تظهر حقائق وظواهر مهمة قد تتعلق بالمجتمع ككل، لكن أعتقد أن الكثير من أبناء المجتمع الإماراتي لا يزال غير واع بمفهوم الفيلم الوثائقي، أما بالنسبة لي فأذكر أنني عندما كنت في المرحلة الثانوية كنت أتابع الأفلام الوثائقية على قناة الجزيرة بشكل دائم والتي تتناول قضايا بعض الحوادث والقضايا المختلفة، بالإضافة إلى أفلام وثائقية أخرى تتعلق بالحيوانات أو الثقافات الأخرى”. وتطمح مشربك إلى أن تصبح مخرجة أفلام وثائقية لها مكانتها في المجتمع، وذلك لتحقق هدفها وحلمها في المساهمة بالرقي بمجتمعها، مؤكدة أنه ومن خلال معرفة الناس بها سيكون اقتناعهم وثقتهم أكبر بما تقدمه لهم.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©