الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أمـواج العمالــة المهاجـرة تهــدد بإغــــــــراق الــدول المتقدمــة

22 مارس 2007 23:40
إعداد - محمد عبدالرحيم، هدية سالم: تفيد الإحصاءات أن البشر أصبحوا يعيشون حياة أطول عمراً وأكثر صحة وعافية من أي وقت مضى، إلا أن ميل العائلات في جميع أنحاء العالم إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال يضع المزيد من التحديات أمام واضعي السياسات· ووفقاً لأرقام وإحصائيات الأمم المتحدة فإن أكثر المناطق تقدماً في العالم مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والتي ظلت تسهم بحوالي 70 في المئة من الاقتصاد العالمي ستصبح دولاً تقطنها غالبية من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الستين عاماً مقارنة بأولئك الذين في سن العمل خلال الـ20 سنة المقبلة· وفي الوقت الحالي يلاحظ أن نسبة السكان المعتمدين على الدولة ارتفعت إلى 50 في المئة، في حين أن المعدل كان حوالي 30 في المئة في بداية القرن الماضي· وتتربع اليابان وإيطاليا وألمانيا على قمة الدول التي تتسم بالنقص السكاني، إذ أن اليابان على سبيل المثال يتوقع لها أن تشهد تضاؤلاً في تعدادها السكاني من مستوى 127 مليون نسمة في العام الماضي إلى 100 مليون نسمة فقط في عام ·2050 وهناك اختلافات صارمة بين الدول حيث أن الصين - برغم سياسة الطفل الواحد التي تنتهجها - سوف تشهد نمواً في التعداد السكاني بمعدل 6 في المئة في عام ،2050 بينما يتوقع أن تشهد الهند نموا بمعدل يصل إلى 44 في المئة في الفترة نفسها· وكما جاء في تقرير أوردته صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' مؤخراً فإن المشكلة الخاصة بنسبة المتقاعدين إلى القوة العاملة مستمرة إلى ازدياد وبوتيرة متسارعة ما يرشحها لأن تلقي بآثار هائلة على جميع مناحي الحياة بما فيها السياسة والاقتصاد· وهنالك العديد من الأسئلة التي باتت تطرح بشأن القوة التي ستدفع النمو الاقتصادي وما الذي ستفعله الحكومات من أجل توفير الرعاية الصحية وسائر الخدمات الأخرى· فالأعداد المتزايدة من المتقاعدين مقابل التضاؤل المستمر في حجم القوى العاملة من شأنه أيضاً أن يؤثر على الأعمال التجارية والأسواق المالية لأسباب ليس أقلها أن المتقاعدين ربما يتجهون إلى المزيد من الإنفاق على الأسفار وبقية ضروب التسلية والترفيه· وتعني شيخوخة السكان أن تكلفة توفير معاشات التقاعد والرعاية الصحية والإسكان لأعداد متزايدة من الأشخاص المسنين سوف تمضي إلى ازدياد، وهو الأمر الذي بدأ يستقطب الاهتمام أكثر من غيره في أذهان الزعماء في منطقة آسيا الباسيفيكية· كذلك فقد بدأت تلوح في الأفق مشكلة النقص في العمالة، وباستثناء الهند فإن المواطنين في معظم بلاد العالم يرجح أن تشهد دولهم نوعاً من النقص في العمالة في خلال فترة العشرين عاماً المقبلة· بالإضافة لذلك فإن الدول التي تعاني من معدلات أكبر في اعتمادية السكان عليها وتراجع في التعداد السكاني مرشحة بسهولة لأن تعاني من ضعف النمو الاقتصادي وقلة عائدات الاستثمارات· وقال تقرير لمكتب لومبارد ستريت للبحوث: ''يخضع النمو الاقتصادي دائماً للتغيرات في حجم العمالة وفي النمو الإنتاجي· علاوة على ذلك، تميل عائدات الموجودات المالية على المدى الطويل لأن تتعلق بالنمو الإنتاجي، حيث إن العامل السكاني يمكنه أن يلعب دوراً حيوياً في التأثير على النمو الإنتاجي في الدولة ثم بطريقة غير مباشرة على عائدات الموجودات والأصول المالية''· ومع ذلك، هنالك بعض العوامل الايجابية أيضاً التي يمكن أن تتمخض عن التغيرات الديمغرافية بما في ذلك الدخول المتزايد إلى المعارف والخبرات من قبل الأشخاص المسنين واستحداث وخلق أسواق جديدة للمنتجات والخدمات التي يمكن تقديمها لهم، بالإضافة إلى إمكانية أن يؤدي زيادة عدد المسنين إلى مشاركتهم كأعضاء منتجين ضمن القوة العاملة· بالإضافة لذلك فهنالك سببان رئيسيان على الأقل يدعوان للاعتقاد بأن النمو الاقتصادي لن يتأثر بشكل سيء بسبب التغير الديمغرافي كما يتخوف المتشائمون أولهما: النمو المتسارع في الاقتصاديات الناشئة الذي تقوده البرازيل وروسيا والهند والصين، والذي سيستمر في دفع عجلة التوسع في الاقتصاد العالمي· وثانيهما: ارتفاع معدل الهجرة الذي استمر أيضاً يشعل حركة النمو العالمي، فالولايات المتحدة على سبيل المثال ظلت لسنوات عديدة تعتمد بكثافة على موجات المهاجرين المتدفقة نحوها من أجل رفع مستوى النمو الاقتصادي· بل إن المملكة المتحدة بدأت تستفيد من تدفقات العمالة من دول أوروبا الشرقية· وعكفت اليابان مؤخراً على دراسة إمكانية السماح بالهجرة إليها على خلفية ما تعانيه من انكماش في تعدادها السكاني· تباين هائل في الدخل تزامن التباين الكبير في مستويات الدخل مع التغير الديمغرافي في خلق حوافز قوية لدى الأشخاص للتفكير في عبور الحدود - سواء بشكل مشروع أو غير مشروع - وهم يبحثون ويتطلعون إلى الفرص والوظائف من كل نوع· وبات من المتوقع أن تتسارع موجات الهجرة وتدفقات العمالة العابرة للحدود في ظل اتساع الهوة في الدخل الوطني بين الدول وشيخوخة التعداد السكاني في شرق آسيا بشكل يضع المزيد من التحديات أمام واضعي السياسات على كلا الجانبين· وقال مانولو ابيلا كبير المستشاريين الفنيين في منظمة العمل الدولية: ''شهدت الهجرة نمواً بوتيرة أسرع بكثير مما كان متوقعاً لها في فترة العشرين عاماً الماضية وهناك العديد من الأسباب التي تدعوها لأن تمضي بقوة أكبر في المستقبل، فهنالك عامل رخص تكلفة الانتقال من دولة إلى أخرى واتساع هوة الاختلاف في الدخل ما بين هذه الدول''· لذا فقد استمرت جموع العمالة تهاجر وتتدفق من أفقر الدول في آسيا بمن فيها بنغلاديش وبورما ونيبال وأندونيسيا والفلبين والصين باتجاه الاقتصاديات المتقدمة التي تعاني من صغر حجم أو شيخوخة التعداد السكاني مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة، وكذلك نحو الدول المتوسطة الدخل مثل تايلاند وماليزيا· ومن المؤكد أن أرباب العمل أصبحوا أكثر سعادة باستغلال هذه الأحجام الهائلة من العمالة الرخيصة نسبياً، إذ يقول أبيلا ''متى ما توفرت أعداد هائلة من العمالة الرخيصة فإن أرباب العمل يسارعون إلى استغلالها وربما يستخدمون هذه العمالة الوافدة عوضاً عن الماكينات والمعدات''· وفي الوقت الذي تستمر فيه تدفقات أمواج المهاجرين من أجل العمل خاصة من غرب أفريقيا باتجاه أوروبا· وبدأ الأشخاص في جميع أنحاء العالم يلجأون إلى وسائل متعددة من أجل تحقيق الاستقرار في الأوطان التي يهاجرون إليها عبر السعي للحصول على الجنسية الجديدة· ففي الشهر الماضي أصبحت نقاط العبور بين هونج كونج تمثل أكثر ردود الفعل تطرفاً ضد أحد أكثر أشكال السعي المحموم من أجل نيل الجنسية· ووفقاً لتقارير صحفية متواترة فقد عمدت سلطات الهجرة في هونج كونج إلى منع دخول النسوة الحوامل القادمات من الصين الأم من دخول هونج كونج مستخدمين في ذلك حتى أشرطة التحقق الطبية على افتراض أن هؤلاء النسوة يسعين لولادة أطفالهن حتى يكتسبوا حق الإقامة في المستقبل والتمتع بالفرص الاقتصادية الهائلة التي يوفرها هذا الإقليم الأكثر ثراء والذي يتمتع بنوع من الإدارة الخاصة في الصين· بيد أن هذه الممارسة ليست مقصورة على الصين وحدها فقد ظل ''المهاجرون السياح'' يسعون لولادة أطفالهم في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يتم منح الجنسية للمواليد الجدد في الأراضي الأميركية بل إن العمالة هناك التي تخطط للعودة النهائية لأوطانها أصبحت تقرر البقاء لفترة أخرى قبل أن تضمن أن أطفالها أصبحوا أميركيين· أما في الاتحاد الأوروبي أيضاً فقد برزت أنواع جديدة من الهجرة التي تدعي حقها في المواطنة، وفي العديد من هذه الحالات فإن أحد الأشخاص من الذين كان أجدادهم يحظى بالمواطنة في إحدى الدول الأعضاء أصبح بإمكانه التقدم بطلب للحصول على الجنسية أيضاً· وكما يقول ميريام فيلدبلوم الأستاذ في كلية العلوم البشرية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ''هناك زيادة هائلــــــة في الحصـــــول على الجنسية المزدوجـــــة أو المتعددة خلال فترة العقدين الماضيين بســــبب ازديــــــاد الفرص الاقتصادية المتاحة أمام هؤلاء الأشخاص· قيود صارمة وعلى الرغم من هذه المساعي الحثيثة التي يبذلها المهاجرون وما يكابدونه من مشقات من أجل الدخول أو الاستقرار في الموطن الجديد فقد ظلت السياسات الحكومية في معظم الدول تعمل على تسهيل وتنظيم العمالة المستوردة في نفس الوقت الذي تمنع فيه بقاء هذه العمالة لفترات طويلة· وفي الولايات المتحدة الأميركية خلص تقرير أصدرته مجموعة ''ديسكفر أميركا'' التي تمثل كبريات الأعمال السياحية إلى أن 39 في المائة من معتادي السفر إلى الولايات المتحدة صنفوا الدولة بأنها ''الأسوأ'' في العالم فيما يختص بالهجرة وإجراءات الدخول خاصة تجاه القادمين من دول منطقة الشرق الأوسط· ولاحظت الدراسة أيضاً أن أميركا يسودها ''مناخ من الخوف''، كما تشهد ''أزمة في السفر'' بشكل أدى إلى انخفاض بمعدل 20 في المائة في حصة الولايات المتحدة في أعداد المسافرين من وراء البحار منذ عام ·2000 وقالت الدراسة أيضاً إن هذا النقص يؤدي إلى فقدان أكثر من 200 ألف وظيفة ويكبد الدولة 93 مليار دولار في حجم الإيرادات· تحذيرات وحذر تقرير لمكتب ماكينزي المتخصص في مجال الخدمات المالية من أن نيويورك أصبحت تخاطر بفقدان مكانتها ''كعاصمة مالية للعالم'' خلال فترة 10 سنوات من الآن· وخلص التقرير أيضاً إلى أن أكبر مشكلتين تعاني منهما الدولة تتمثل في الإفراط والتجاوز في اللوائح التنظيمية إلى جانــــب المخاوف من مواجهـــــة الدعاوى القضائية· وتتمثل المشكلة الثالثة تحديداً في ''القيود الأميركية الصارمة تجاه الهجرة، والتي أدت إلى تجفيف منابع العمالة الماهرة''· وأشار التقرير إلى أن ''وول ستريت'' ما زال يعتبر أفضل مكان للحصول على المهارات، إلا أن مدينة لندن أصبحت تقترب من اللحاق بها بعد أن باتت تستفيد من حركة العمالة الوافدة من الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، ومن حقيقة أن بريطانيا ليست لديها حصة مقيدة لأعداد تأشيرات العمل حتى بالنسبة لغير الأوروبيين· وفي معرض شهادته أمام الكونجرس في الأسبوع الماضي، قال بيل جيتس، رئيس مجلس إدارة مايكروسوفت إن شركات الكمبيوتر الأميركية بدأت تعاني أيضاً من النقص الحاد في المهارات وأن ''سياسات الهجرة الأميركية تتسبب في صعوبة اجتذاب الأذكياء والعباقرة من العمالة في نفس الوقت الذي نحتاجهم فيه بشدة''· وأصبحت هنالك الآن قلة قليلة من الطلاب العالميين الذين يدرسون في الجامعات الأميركية بسبب صعوبة حصول هؤلاء الطلاب الأجانب على وظائف في الولايات المتحدة في وقت لاحق·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©