الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مستكشفون وأدباء ومغامرون يؤكدون أن التكنولوجيا ساهمت في ترويج «أدب الرحلات»

10 نوفمبر 2013 00:16
إبراهيم الملا (الشارقة) - كيف يمكن لأدب الرحلات أن يستقطب فضول القراء في الأزمنة الحديثة والضاجة بتقنيات التواصل المتطورة والمتخطية لحواجز الزمان والمكان، وكيف يمكن استعادة الألق المعرفي والبريق الأسطوري المرتبط بزمن الاكتشافات الأولى التي تمّ توثيقها في القرون الوسطى وما بعدها، وأخيرا كيف يمكن إحياء المجد المفقود لأدب الرحلات وبعث تلك العوالم المفقودة والسحرية التي طالما طرقت مخيلة الشعراء والروائيين وجعلتهم يهيمون في أصقاع الدنيا لإرواء عطشهم الروحي وملاحقة شغفهم إلى الحدود القصوى من المغامرة والجنون، وافتداء الجسد من أجل الظفر بلذة الهيام والمتاهة. هذه الأسئلة وغيرها كانت إشارات تحريضية مناسبة ومتوائمة مع ندوة “مستقبل أدب الرحلات” التي أقامها معرض الشارقة الدولي للكتاب ضمن فعالياته الثقافية والفكرية المصاحبة، بمشاركة ثلاثة كتاب بريطانيين هم: روبرت تويغر ، وتاركون هال ، وطاهر شاه، بالإضافة إلى الكاتب الباكستاني سلمان راشد، وأدارتها الناقدة فيكتوريا آمادور التي أشارت بداية إلى أن الكتاب المشاركين في الندوة يملكون تجربة ممتدة ونوعية ومستقلة في التصدي لأدب الرحلات ليس في ميل هذا النوع من الأدب للتوثيق وحسب، ولكن لاشتماله على تعابير شعرية وتأملية طالما ارتبطت بأسلوبهم الخاص، وبحساسيتهم الروائية المفعمة بالتشويق والانعطافات السردية المدهشة والمفاجئة المستلة من الواقع والمتضامنة مع أحداث حقيقية عايشوها عن قرب واختبروا من خلالها قيمة ومعنى المخاطرة ببعدها الفيزيائي والجسدي المحض. وأضافت بأن الكاتب روبرت تويغر، بالإضافة لخوضه الكتابة في مجال أدب للرحلات، إلا أنه من الشعراء ذوي الأسلوب المميز في المشهد الشعري البريطاني المعاصر، وقالت إنه يملك روح المغامرين المنتمين للقرن التاسع عشر، وسبق له المشاركة في برامج وثائقية عدة، ومنها البرنامج الشهير المتعلق بمطاردة أطول أفعى في العالم. ووصفت الكاتب سلمان راشد بأنه من كتاب الرحلات النادرين في باكستان، واستطاع أن يتسلق وحيدا جبل كيتو الذي يفصل باكستان عن جمهورية الصين، من أجل الوصول إلى الجانب الشمالي الغامض والمهيب لهذا الجبل، أما الكاتب البريطاني المنحدر من أصول آسيوية طاهر شاه ففي جعبته 15 كتابا، وثق خلالها وبأسلوب مدهش مغامراته ورحلاته في بلدان ومدن وأماكن نائية ومجهولة عديدة في غابات أفريقيا وفي الهند والمغرب وأميركا وغيرها، وسبق له المشاركة في إعداد برامج وثائقية مهمة في قناة (ناشونال جيوغرافيك) وقناة (هيستوري)، ووصفت مقدمة الندوة الكاتب البريطاني تاركون هال بأنه من عشاق الأدب البوليسي الذي تمخض من تجربته الطويلة في السفر واكتشاف شبه القارة الهندية بما تحتويه من غرائبيات ومناخات خرافية ووقائع كابوسية وحالمة في الوقت ذاته. مصادر الإلهام وفي سؤال طرحته مديرة الندوة على المشاركين حول مصادر الإلهام التي دفعتهم لخوض هذه النوع النادر من الكتابة خصوصا في زمن مفتوح على أفق بصري ومعرفي مختلف، أشار الكاتب طاهر شاه إلى أن مصادر الإلهام لديه نبعت من خليط متعدد من القراءات في فترة الطفولة، ومن أهمها كتب المغامرات التي شبهها بالمفاتيح السحرية، والتي كشفت له عن مغارة الدهشة والرغبة في اكتشاف العالم، وأضاف طاهر شاه بأن الدافع الذاتي له دور مهم هنا، وضرب مثالاً على رحلته إلى أفريقيا من أجل دراسة النظم الديكتاتورية المنتشرة هناك. وأوضح الكاتب تاركون هال بأن السينما كان لها دور كبير في إثارة رغبة الاستكشاف لديه وخوضه بعد ذلك مغامرة الكتابة عن عوالم أكزوتيكية يصادفها لأول مرة في حياته بعيدا عن مدينته لندن الباردة والنمطية. وقال الكاتب سلمان راشد إن التمرد الداخلي ورغبته الدائمة في الهروب من البؤس الشائع في بلده هو الذي دفعه للذهاب بعيدا نحو مناطق لم يجرؤ الكثير من الكتاب من أصدقائه ومجايليه أن يزوروها بسبب الخطورة البالغة المترتبة على السفر إليها. أما الكاتب روبرت تويغر فأشار إلى أن روايات ومذكرات الأديب الأميركي الشهير هنري ميللر كانت أشبه بالإضاءات المنقذة التي أخرجته من حيرته الوجودية ومتاهاته الأدبية والنفسية ووجهته إلى كتابة أدب الرحلات التي باتت بالنسبة له أشبه بالخلاص الروحي والتوق المتواصل لكسر الهزيمة الداخلية ومعرفة الآخر عن قرب وملامسة الواقع الغريب من دون وسائط افتراضية أو بديلة. التقنيات الحديثة و أدب الرحلات وفي سؤال عن مستقبل أدب الرحلات والتحديات التي يواجهها هذا النوع من الكتابة التخصصية، في ظل انتشار تقنيات التواصل البصرية الحديثة، أوضح سلمان راشد أنه “استفاد من وجود هذه التقنيات المعاصرة في الترويج لكتبه على نطاق عالمي أوسع؛ خصوصاً مع ندرة القراء باللغة الانجليزية في بلده، وشيوع الأمية والفقر الذي لا يتيح لشريحة كبيرة من الناس هناك الاهتمام بالثقافة والتعرف إلى النتاجات الأدبية الصادرة من بلدهم، وقال إن هذا النطاق “يضيق أكثر عند طرح كتاب يتناول صنفاً أدبياً مجهولاً هناك يتعلق بأدب الرحلات!”. وأشار تويغر إلى أن شهرة الكاتب تغني أحياناً عن التواصل مع الوسائط الجديدة والترويج لكتبه من خلالها، واستطرد قائلاً: “بالنسبة لي فإن الإنترنت فتح لي منافذ مختلفة في التعرف إلى آراء القراء وانطباعاتهم حول ما أكتبه، وأرى أن هذا الأمر جيد بالنسبة لي”. ونوّه طاهر شاه إلى أنه يستثمر الوسائط الحديثة وبرامج التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك والصفحات الشخصية (البلوكس) في تقديم نبذة عن كتبه التي أصدرها وعن مشاريعه الجديدة، وأضاف أن انتشار هذه الوسائط وتداولها بين المتصفحين “يمكن أن يساهم في زيادة مبيعات الكتب خصوصاً إذا اقتناها أحد المشاهير وروجها بين متابعيه”. وأشار تاركون هال إلى أنه حوّل بعض أعماله إلى كتب مسموعة كي يتواصل معها رواد الإنترنت بسهولة، وقال إن النتائج “جاءت مدهشة لأن الأجيال الجديدة تفضل الوسائط المبتكرة على الأساليب التقليدية، مثل المدونات الأدبية المفتقرة لوسائل الجذب السمعية والبصرية”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©