الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أوروبا بسرعتين»... تهديد لمستقبل «اليورو»

13 نوفمبر 2011 23:32
لأول مرة في أوروبا يتم كسر إحدى المحظورات القديمة المتعلقة بتقسيم الاتحاد الأوروبي إلى منطقتين بسرعتين مختلفتين إثر أزمة الديون المستفحلة التي تجتاح دولاً مثل إيرلندا والبرتغال واليونان، وإيطاليا وتجبرهم على الركوع سياسياً ومالياً. ومع أن فكرة وجود دول محورية في الاتحاد الأوروبي أكثر دينامية في مقابل دول أخرى أقل تنافسية موزعة على المحيط اختصرت لسنوات المشروع المثالي لأوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية القائم على التكامل والاندماج، يرى منتقدو فكرة أوروبا بسرعتين، أنها قد تكون مضرة في حالات تراجع الثقة في الاتحاد الأوروبي كما هو اليوم، وإمكانية فتح الباب أمام الانقسامات الوطنية، فضلاً عن التداعيات غير المقصودة لمثل هذه الخطوة، غير أن جزءاً آخر من المراقبين المصرين على فكرة المسارين المختلفين داخل الاتحاد الأوروبي، يجادلون بأن الاتحاد في نسخته الحالية الذي يضم 27 دولة، يفتقر أصلاً إلى التنسيق الجيد، وأن الاتحاد الأوروبي- أردنا ذلك، أم أبينا- يسير وفق سرعتين متفاوتتين، وقد كان الرئيس الفرنسي، أول زعيم أوروبي يكسر "التابو" بمناقشة التقسيم الأوروبي الجديد، متحدثاً خلال الأسبوع الجاري عن أوروبا محورية ودول أخرى أقل دينامية في الأطراف، وذلك في خطاب ألقاه بجامعة "ستراسبورج" بفرنسا، قائلاً "في النهاية من الواضح أنه سيكون هناك سرعتان أوروبيتان، سرعة تسير نحو المزيد من التكامل والاندماج في منطقة "اليورو" وسرعة أخرى تميل نحو الكونفدرالية". وتأتي اليوم أزمة الديون لتعيد طرح الموضوع بدراماتيكية أكبر ، لا سيما بعد أزمة الديون في اليونان التي انطلقت في عام 2010 ووصلت ذروتها يوم الخميس الماضي باستقالة رئيس الوزراء واختيار "لوكاس باباديموس" خليفة له. وفي الوقت نفسه تعاني إيطاليا من معضلة الديون المتفاقمة التي أدت إلى بروز اسم "ماريو مونتي" كخليفة محتمل لبرلسكوني الذي أعلن نيته الاستقالة، وذلك بعد تصاعد كلفة الإقراض ووصول الدين العام إلى 1.9 تريليون "يورو"، ومن المتوقع أن يقود "مونتي" الذي كان مفوضاً للاتحاد الأوروبي حكومة تكنوقراط لتهدئة الأسواق وتبديد المخاوف. ومع أن مسألة أوروبا المنقسمة نوقشت سراً طيلة السنة الماضية في العديد من الدوائر السياسة والمالية بالاتحاد الأوروبي، إلا أن مسؤولاً كبيراً في الاتحاد الأوروبي، أدلى بتصريح لوكالة "رويترز" يوم الخميس الماضي مفاده، أن "فرنسا وألمانيا تشاورتا حول الموضوع خلال الأشهر القليلة الماضية"، لكن المفوض الأوروبي، "خوسي مانويل باراسو"، حذر خلال الأسبوع الجاري من اعتماد فكرة أوروبا بسرعتين، قائلاً في خطاب ألقاه ببرلين "لن يعم السلام والازدهار في شمال أوروبا وغربها، إذا لم يتوافر السلام والازدهار في الجنوب والشرق". غير أن المستشارة الألمانية بدت في الأسابيع الأخيرة وكأنها تتبنى سياسة أوروبا بسرعتين، حيث صرحت أمام البرلمان الألماني، أنها لا تحبذ تفكك منطقة "اليورو"، وإنْ كانت قد انقلبت على اليونان في قمة الدول العشرين عندما أكدت أنها مستعدة لتقبل فكرة خروج اليونان من منطقة "اليورو"، ويخشى اليونانيون من أن يعيشوا لسنوات قادمة، قد تمتد إلى الأجيال اللاحقة، تحت وطأة التقشف، فيما يجادل الألمان أنهم أيضاً يخافون من ارتباطهم لسنوات بإنقاذ الدول الأوروبية المتعثرة. وفي ستارسبورج بفرنسا، أشار ساركوزي إلى أن دول البلقان تنتظر دورها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أنه من غير الواقعي انتظار نفس الأداء الاقتصادي من الدول الجديدة التي ستنضم إلى الاتحاد ليتوسع إلى 33 دولة، وقد ساند هذا الموقف وزير المالية الألماني السابق، يوشكا فيشر، الذي دافع خلال الأسبوع الجاري عن فكرة أوروبا المنقسمة، معتبراً أن الاتحاد الأوروبي بصيغته الحالية أثبت عدم قدرته على التنسيق بين جميع أفراده، لكن من جهة أخرى يحذر العديد من المراقبين داخل أوروبا، من تبني فكرة قائمة على أوروبا بسرعتين والمستندة إلى اعتبارات قومية واقتصادية بحتة، فقد نقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسي أوروبي رفض الإفصاح عن اسمه قوله "إن فكرة التقسيم ستفكك كل ما بناه أجدادنا، وستهدم كل ما دافعوا عنه خلال الستين سنة الماضية. وهو ما سيعيد رسم الخريطة الجيوسياسية لأوروبا، ويفسح المجال لظهور أسباب التوتر، وقد يكون نهاية أوروبا كما نعرفها"، وفي هذا الإطار أفردت مجلة "الإيكونمست" بعددها لهذا الأسبوع تداعيات الانسحاب من العملة الأوروبية الموحدة والعودة إلى العملات القديمة مثل الدراخما اليونانية والليرة الإيطالية. بيد أن "جون-بول بريس"، المستشار القانوني السابق في المجلس الأوروبي يقلل من هذه التحذيرات، فهو يرى أن سياسة التوسع التي انتهجها الاتحاد الأوروبي بعد سقوط جدار برلين تجاه دول أوروبا الشرقية. كانت متسرعة وجاءت على حساب "تعميق" الاتحاد الأوروبي، وإذا عجزت أوروبا عن التحرك الفعال، فمن الأفضل، يقول المستشار السابق، "التفكير في أوروبا بسرعتين تعتمد على مجموعة محورية تشكل حالياً الدول الـ17 داخل الاتحاد". روبرت ماركاند - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان سيانس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©