الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شغف مستمر لتحقيق الأفضل

شغف مستمر لتحقيق الأفضل
1 نوفمبر 2012
أخبر الرئيس التنفيذي لحلبة ياس مارينا جاري ميناجان أنه لا يزال شغوفاً ومتحمساً ومتحفزاً كما كان لدفع عدد أكبر من الإماراتيين إلى المنافسة والمشاركة في هذه الرياضة. روسيا المكسيك، الأرجنتين، اليونان، تايلاند، وجنوب إفريقيا. كل هذه الدول عبرت مؤخراً عن رغبتها في موافقة بيرني إكليستون، الرئيس التنفيذي للفورمولا-1، على التحاقها بركب الأمم المستضيفة لإحدى جولات البطولة. ما يعني أن عدداً متزايداً من حلبات السباق ستحتاج إلى رئيس تنفيذي ناجح ليديرها. وقد تكون أعين أحدهم على ريتشارد كريجان، الرئيس التنفيذي لحلبة ياس مارينا، والذي سيبدأ الشهر المقبل عامه الخامس في الإمارات. ولكن الإيرلندي الذي أوكلت إليه مهمة السهر على شؤون حلبة ياس يؤكد أنه لم يخطط بعد بشأن خطوته المقبلة، ولا فكر فيها بجدية. فاحتمال تركه لأبوظبي هو أمر لم يخطر بباله قط طوال عمله، ولا تراءى له قريباً في أفق سماء حلبة ياس. لكنه لا يُنكر في الآن ذاته أن المستقبل. يتحدث جريجان إلى “ذا ناشونال” مرتدياً قميصاً أبيض، فيقول إنه دأب عند اقتراب موعد البطولة السنوي على تخصيص وقت للاسترخاء ومنح نفسه بعض الهدوء لأنه يعلم أن العاصفة قادمة. فنهاية هذا الأسبوع ستحتضن حلبة ياس دورتها الرابعة من جائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا -1. ما يجعلها بدون أدنى شك أكثر نهايات الأسبوع انشغالاً وكثافة. أخبرنا جريجان أيضاً أنه رُزق مؤخراً بحفيد، وأن ذلك يجعله يخصص حيزاً زمنياً أكبر للتفكير في السنوات المقبلة. ينظر إلى رياضة سباق السيارات بتفاؤل، ويقول إنه لا توجد كثير من الفرص التي يمكنها في الوقت الحالي أن تُغريه بالانتقال إلى مكان آخر غير العاصمة الإماراتية أبوظبي. ويضيف “ما يحصل أنك تجد نفسك تُفكر دوماً في السباقات الجديدة المقبلة، وتتساءل ما الذي علي فعله لجعل الأمور تسير على نحو أفضل. ويكون الأمر المؤكد بالنسبة لك هو أن التالي هو سباق جديد وتحد جديد. ولذلك، يُصبح من الطبيعي جداً أن تُفكر في كل الأشياء التي لها علاقة بحسن سير السباق”. ويستطرد كريجان “ينتظرنا عمل كثير، فأنا أرى أن بعض الأعمال لم يُنته منها بعد. ولكنني متيقن أنه خلال سنتين من الآن، ستكون جميع الأعمال مكتملة. وحينها فقط سأُلقي نظرة على الحلبة من زاوية مغايرة لأرى الموقع الحقيقي لحلبة ياس مارينا. وقد كانت هذه أولويتي منذ البداية، وستبقى كذلك إلى أن أرى أموراً أفضل تحققت، وتقدماً أكبر حصل. وهذا هو التحدي الأكبر، فلطالما كان إيجاد شيء أفضل من الموجود حالياً أمر صعب، لكنه يبقى دائماً قابلاً للتحقيق”. لن نكون مبالغين إذن لو قلنا إن كريجان، وبصفته الرجل الأول للفورمولا-1 وصاحب أحد المشاريع الأكثر طموحاً بأبوظبي ووجهاً مألوفاً لدى الإعلاميين يحمل على عاتقيه مسؤولية جسيمة ومهمة كبيرة في رياضة سباق السيارات. وقد وصف إكليستون رصيف اليخوت بياس بأنه “يبدو أجمل من رصيف مونتي كارلو”. وهو المكان الذي يعتبره كريجان عملياً فناءه الخلفي. وحينما يُسأل كريجان عن أكثر شيء يُحفزه عندما يستيقظ كل صباح، فإن إجابته تكون على الأرجح متوقعة. و«هذه»، يقول كريجان، ملوحاً بذراعيه إلى المكان المحيط، “حلبة ياس مارينا. وما زلت أعتقد أنها أفضل حلبة سباق في العالم، وما زلت أعتقد أيضاً أن لدي إحدى أفضل الوظائف في العالم، وما زالت تتملكني نفس مشاعر الحماس والشغف التي كنت أستشعرها عند بداية إدارتي للحلبة. وهذا تحد حقيقي”. ولا شك أن هذا التحدي مختلف تماماً عن ذلك الذي عاشه كريجان في وظيفته السابقة في الفورمولا- 1 حين كان يعمل مدير فريق “تويوتا ريسينج”. فقد كان مُطالباً حينئذ بحضور كل سباق من الخميس إلى الأحد، ومناقشة استراتيجية العمل، ومحاولة مساعدة سائقيه على مضاعفة إمكاناتهم. ومن الطبيعي أن رجلاً له مشوار مهني طويل في سباق السيارات لن يجد من السهل الابتعاد عن منطقة تحضير سيارات السباق التي قضى فيها أكثر من ثلاثة عقود. وفي هذا الموسم، حضر ثلاث بطولات جوائز كبرى بصفته المهنية. ولكن يبدو أن لديه دافعاً آخر يجعله يُسافر بصفته الشخصية لحضور سبع سباقات نهاية الأسبوع. إنه ابنه روبرت الذي يتبارى مع متسابقين آخرين في سلسلة سباقات الجائزة الكبرى “جي بي 3”. ويقول كريجان في هذا الصدد “هذا شيء مهم لأنني عندما أحضر أحد السباقات مع روبرت، أكون سعيداً بابتعادي عن الحلبة نحو نصف يوم في الأحد قبل أن تبدأ المعركة. وأشعر برضا حقيقي وأنا أشاهد أحد السباقات خلال جلوسي في مكان ما بقاعة الاستراحة التابعة للاتحاد، كما أستمتع بمشاهدتها في مكان آخر”. لكن السؤال المطروح هو “ألا يفتقد كريجان لتلك الحياة اليومية التي يعيشها الشخص عندما يُلازم أحد فرق الفورمولا-1؟”. “ليس كثيراً”، يجيب كريجان. “فأكثر ما أفتقده حقاً هو شيئين اثنين، أولهما التأهل، الذي كان دوماً يعني لي الكثير، وثانيهما السباق نفسه طبعاً. لكن هناك أشياء عديدة لا أشعر بافتقادها، بقدر ما أعتبرها خاصة بمرحلة سابقة. فأهم شيء هو أن تتقدم إلى الأمام”. وقد شهد هذا العام إضافة مرافق جديدة لتعزيز البنية التحتية لحلبة ياس، كما تمت برمجة أنشطة مختلفة على مسار الحلبة، علاوة على افتتاح “ياس سنترال”، وهي منطقة ترفيهية ذات إطلالات جميلة ومطعم وجبات سريعة، وأيضاً افتتاح “نادي ياس لسباق السيارات” الذي يهدف إلى تشجيع السكان المحليين للإمارة على المشاركة أكثر في هذه الرياضة. يتذكر كريجان ذلك اليوم من سنة 2008 الذي قُدمت له لمحة لأول مرة عن جزيرة جرداء قاحلة والابتسامة تعلو محياه، ويقول “الأمر يتطلب بعض الوقت. فهذا ليس عملاً يمكن إنجازه بين عشية وضحاها. لا يزال هناك كثير من الأشياء التي يمكن تحقيقها، وهناك أيضاً أمور يمكن إضافتها، وأخرى يمكن تطويرها”. ومن بين التحديات الأكثر صعوبة بالنسبة لياس مارينا المساعدة على تأسيس فريق إماراتي للفورمولا-1 بحلول سنة 2020. فتحقيق إنجاز من هذا القبيل سيكون رائعاً، وسيغير تماماً طريقة تعاطي الدولة مع رياضة سباق السيارات. لكن هذا الحلم يبدو في الوقت الراهن شيئاً بعيد المنال. إذ لا يشارك حالياً أي إماراتي في السلسلات الداعمة للفورمولا-1. ولكن كريجان يقول إنه لاحظ مع ذلك حدوث تغير في طريقة تعاطي الإمارات مع رياضة سباق السيارات، مذكراً في هذا السياق بوجود طريق مهنية واضحة يمكنها أن تقود سالكيها إلى خوض سباقات سيارات في المستقبل، ولعل بطولة الفورمولا-1 لطلبة المدارس (كارتينج) التي تُقرب هذه الرياضة من الطلبة عبر التنافس على صنع مجسمات سيارات سباق ثم التباري على جعلها تسير بأكبر سرعة ممكنة في منطقة “كارت زون” هي أحد هذه المسارات، بالإضافة طبعاً إلى مدرسة ياس لتعليم قيادة سيارات السباق. ويقول كريجان “هناك تقدم طبيعي يُسهم بشكل بارز في التشجيع على المشاركة في نادي الإمارات للسيارات والسياحة والاستفادة من أحد نشاطات وخدمات النادي التي يمكن الاطلاع عليها في موقعه الإلكتروني “actuae.ae”. ويضيف “أهم شيء هو أنهم أدخلوا الاتحاد الدولي للسيارات على الخط، وأصبح له حضور في هذه المنطقة. ويبقى دورنا نحن هو تسهيل الأمور، والمساعدة على تحضير الناس المهتمين وتأهيلهم للمشاركة في سباق السيارات، سواءً كان ذلك عن طريق “الكارتينج” أو سباقات الدراج، أو ألعاب سباق السيارات، أو غيرها من الأنشطة المندرجة ضمن عالم سباق السيارات. وسواءً بقي كريجان على رأس حلبة ياس مع حلول 2020 أو تركها، يبقى الشيء المؤكد هو أنه سيد الحلبة حالياً وفي القريب المنظور. ويقول كريجان “عندما تنظر إلى حلبات مثل سبا ومونزا أو سوزوكا، تجدها حلبات رائعة لها تراث عريق وتواصل منذ أكثر من 20 سنة استضافة السباقات”. ويضيف “حلبة ياس لم يمر على وجودها سوى أربع سنوات، فهذه رابع دورة لجائزة الاتحاد للطيران الكبرى. وعندما ننظر إلى الوضع المتقدم الذي تعيشه هذه الحلبات، علينا أن نعي أن ما حققناه نحن هنا خلال أربع سنوات هو إنجاز مذهل بحد ذاته. وهذا ما يدفعني أكثر من أي شيء آخر إلى النظر عند الاستيقاظ كل صباح إلى ما حققناه جميعاً كفريق. وما دُمنا نحقق الإنجازات تلو الأخرى، وما دُمت أشعر بهذا الانشراح كل صباح وهذا الشغف للعمل في هذا المكان، فسأظل مستعداً لمواصلة أداء مهمتي”. أفضل لحظات كريجان في الإمارات أبريل 2008: من اللحظات التي رسخت عميقاً في ذاكرتي هي اللحظة التي وصلت فيها إلى أبوظبي للقيام بزيارة للموقع. فهذه اللحظة هي أحد أفضل الأيام التي خزنتها ذاكرتي في مساري المهني بالكامل، وليس هنا فقط. ومن بين الأشياء التي أذهلتني هو حجم جزيرة ياس. فمن أول انطباع، تستشعر بوضوح أن الأمر في غاية الجدية. نوفمبر 2009: كان اصطفاف الجميع من أجل انطلاق أول دورة لجائزة الاتحاد للطيران الكبرى مشهداً تاريخياً. فقد كانت تلك لحظة مؤثرة جداً لي ولكل الأشخاص الذين شاركوا في صنعها. فأن نكتشف معاً أننا تمكنا من تحقيق هذا الإنجاز، وأن حلبة ياس مارينا اجتازت اختبارها بنجاح، هو أمر جعلنا نفخر بما أنجزنا. وقد حرصت يومئذ على البقاء في موقع انطلاق السباق، ثم ظللت أتابع باعتزاز انطلاقة السائقين على الشاشة الكبيرة. يونيو 2010: كانت لحظة افتتاحنا مدرسة تعليم قيادة سيارات السباق إحدى اللحظات التي شعرنا فيها بالفخر ولذة الإنجاز. أدركت حينها أننا وضعنا حجر الأساس لصناعة مستقبل مشرق لرياضة سباق السيارات في هذا البلد. وقد كنا ولا نزال نشجع الناس على الخروج إلى مسار السباق ليتعلموا كيف يخوضون السباق على أصوله، لكن على نحو آمن، وتحت إشراف مدربين ومراقبين. ولذلك فإن هذه اللحظة لها دلالة بالغة الأهمية في تاريخ حلبة ياس. نوفمبر 2010: الدورة الثانية لجائزة الاتحاد للطيران الكبرى كانت جولة حاسمة في موسم البطولة برمته. ولذلك فإن مشاهدة ذاك الصراع حامي الوطيس بين المتسابقين في آخر لفتين كان أمراً في غاية الإذهال والإمتاع. وأن تشهد فوز شاب صغير مثل فيتل وترى في وجهه صدمة الفوز وفرحته في الآن نفسه كان شيئاً جميلاً وغير مسبوق بالنسبة لي. صحيح أن سيارته كانت جيدة، لكنه أثبت وبدون أدنى شك أنه كان جديراً بنيل لقب بطولة العالم عام 2010، وهو أمر تأكد عندما تكرر في العام الذي تلاه. ومن غير المستبعد أن يتكرر أيضاً هذا العام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©