الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

8 أشهر على المضمار

8 أشهر على المضمار
1 نوفمبر 2012
حضر جاري ميناجان جميع السباقات السبعة عشر التي جرت في موسم 2012، وهو حاضر في سباق جائزة الاتحاد للطيران الكبرى نهاية هذا الأسبوع. يستعيد جاري ذكرياته في جولات البطولة التي رافقها، ويتذكر المقابلات التي أجراها مع نخبة من صانعي هذه البطولة أمام الكواليس وخلفها، ويسترجع المشاهد الدرامية التي عاينها داخل مضمار حلبة السباق وخارجه. 1 جائزة أستراليا الكبرى شهدت الجولة الافتتاحية لبطولة هذا الموسم مشاركة الإماراتي محمد الشاطري على مسار الحلبة ضمن فريق المارشال. وكانت تلك أول مشاركة مارشالية للإمارات خارج حدودها. أخذ محمد موقعه في أحد جوانب حلبة السباق خلال أحد السباقات التأهيلية، فأشار إليه المتسابق فيرناندو ألونسو طالباً المساعدة عندما ارتكب خطأ نادراً جعل سيارته تحيد عن مسار السباق بعد انزلاقها بسبب الحصى. وما أن لوح المتسابق الإسباني لمحمد بيديه رغبة في الرجوع إلى مسار السباق، حتى سارع المارشال محمد لتلبية نداء ألونسو وتنفيذ أوامر مراقبي السباق. وعندما تمكنت لاحقاً من لقاء محمد، أخبرني أن ألونسو كان غاضباً بسبب خروجه عن مسار السباق، لكن محمد قدم له الدعم المطلوب وحافظ على هدوئه ورباطة جأشه دون التأثر بمزاج المتسابق، وعلى الرغم من أن تلك كانت أول تجربة له على الميدان. وفي الواقع، فإن الشيء الوحيد الذي شكل مصدر قلق لمحمد هو الجو. إذ يقول “يا إلهي! لم أتعود في الإمارات على أمطار غزيرة كهذه”. ??جائزة ماليزيا الكبرى مونيشا كالتينبورن هي الرئيسة التنفيذية لفريق ساوبر. تعترف أنها لا تزال تجد صعوبة في فهم لكنتي الاسكتلندية. وبعد متابعة سباق سيرجيو بيريز وهو يدخل ضمن الثلاثة الأوائل، ويتمكن من صعود منصة التتويج للمرة الأولى منذ سنة 2003، توجهتُ إلى السيارة المنزلية المتنقلة حيث توجد كالتينبورن، ودردشنا قليلاً. وبعد أن حدثتني عن فشلها في حبس الدموع في محجريها وأخبرتني بمدى تأثرها وهي تُشاهد سيرجيو يُنهي السباق ضمن الثلاثة الأوائل، ختمت محادثتنا بالاعتذار عن عدم تمكنها من الإجابة عن سؤالي قبل يومين في المؤتمر الصحفي الذي عقده الاتحاد الدولي للسيارات. فهي لم تفهم أية كلمة وردت في سؤالي، ولم ترغب في مطالبتي بإعادة طرح السؤال للمرة الثالثة، طبعاً بسبب لكنتي! وقد أدهشني تذكر مونيشا لكل ما حدث في المؤتمر الصحفي. كما أدهشني اعتذارها عما حصل، والحال أن أي شخص غيرها كان سيركز في لحظات كهذه على الاحتفال بالإنجاز الذي حققه فريقها. وهي فوق كل هذا من أكثر أفراد طاقم الفريق صراحة ولباقة وتواضعاً وعقلانية. جائزة الصين الكبرى بعد وصولنا إلى شانجهاي قبل أسبوع من انطلاق البطولة، حضرت ذات ليلة مقابلة كرة قدم جمعت فريق شانجهاي شينهوا بفريق هانجزو جرينتاون وسط 20,072 متفرج. وبعد توقيع نادي شينهوا عقداً جديداً مع النجم نيكولاس أنيلكا، أصبح الجمهور الصيني يولي اهتماماً أكبر بمتابعة مباريات البطولة الوطنية. ولعل ذلك كان أحد الأهداف التي راهن نادي شينهوا على تحقيقها عبر استقدام أنيلكا. ويبدو أن لبطولة الفورمولا-1 الهدف نفسه، لكن في الاتجاه المعاكس. فعلى منصة المراقبين، استعان فريق هيسبانيا بالسائق الصيني ما كينج هوا، الذي يأمل أن يُصبح يوماً ما بطل بلاده في سباق السيارات، في الوقت الذي يأمل فيه فريقه الإسباني بالحصول على تمويل إضافي. سألته عما إذا يرغب في المشاركة في اختبار السائقين الشباب في أبوظبي، فقال لي إن ذلك أمر غير وارد في الوقت الحالي. لكنه أضاف أنه سيشارك في سباق نهاية الأسبوع على الأرجح بعد مرور خمسة أشهر. جائزة البحرين الكبرى ثار جدل كبير حول مدى إمكانية مواصلة مملكة البحرين استضافة الجولة الرابعة من بطولة الفورمولا-1. وبلغ هذا الجدل مداه مع وصول الفرق المشاركة إلى البحرين. إذ ظل القلق يسود باحتمال استمرار المظاهرات. وانحشرت سيارات بعض ممثلي وسائل الإعلام في بعض الشوارع بسبب الاختناقات المرورية، وتعرضت مركبات آخرين للتفتيش، وعاين جميع المتابعين في طريقهم إلى الحلبة الانتشار المكثف للدوريات وعدداً كبيراً من سياراتها وصل إلى 50 سيارة شرطة. أما أنا، فقد حالفني الحظ وعثرت على طريق بديل كنت أسلكه كل صباح، وأصل إلى وجهتي دون ازدحام ولا مشاكل. وبالرغم من الانطلاقة المتعثرة لسيباستيان فيتل في بداية الموسم الحالي مقارنة بالموسم الماضي الذي هيمن على غالبية جولاته، فإنه تمكن من استعادة ألقه وأثبت لجمهور البحرين أن فريق “ريد بول ريسينج” عاد مجدداً ليمسك بزمام الأمور. جائزة إسبانيا الكبرى كان يوم السباق هو الأكثر جنوناً من بين كل أيام السنة. صنع مالدونادو المفاجأة وحقق أول فوز له بجائزة كبرى. لكن فرحته لم تكتمل، إذ اندلع حريق في مرآب فريقه ويليامز، محدثاً انفجاراً كبيراً جعل أعضاء الفريق ومشجعيهم يوقفون هتافاتهم الاحتفالية. وبدلاً من خبر فوز مالدونادو غير المتوقع بالسباق، تصدرت عناوين الصحف خبر انفجار مرآب الفريق الفائز وصور الدخان الكثيف الذي علا سماء المرآب والأجواء المجاورة وصنع جواً من الرعب داخل مدرجات الحلبة ومنطقة تحضير السيارات. ولعل مبادرة فرق التدخل بإبعاد جميع الموجودين بالقرب من مكان الانفجار أثبت أنه تم تفادي وقوع كارثة محققة. جائزة موناكو الكبرى يُقيم فريق ريد بول حفلة في مونتي كارلو كل سنة يدعو إليها الإعلاميين الذين جاؤوا لتغطية الحدث. وقد أصبحت هذه الحفلة تقليداً سنوياً يحرص جميع الإعلاميين على حضوره، فينهون عملهم مبكراً حتى يتمكنوا من زيارة المركبة المنزلية الطافية للأبطال الصانعين. تبدأ حفلة المركبة الطافية في الساعة 10 مساءً، ولكن يتعين علي العودة إلى المركز الإعلامي في الساعة 11 مساء. غير أنني وجدت مدخل المركز مختوماً بالشمع. وعلمت أن هذا حدث بعد العثور على كيس مشبوه في البوابة المتحركة، ما أدى إلى استدعاء خبراء تفكيك القنابل. وبعد مرور ساعة من الزمن، وقع انفجار ظل تحت تحت السيطرة، واكتشفنا أن الكيس المشبوه لم يكن سوى أسلاكاً متصلة بمنافذ البوابات الإلكترونية. وعندما عُدت إلى موقع الحفلة، وجدت أن لا أحد من الحاضرين أحاط علماً بما جرى، فقد حجب صوت الموسيقى الصاخبة في المركبة الطافية صوت الانفجار الذي حصل عند بوابة المركز الإعلامي. جائزة كندا الكبرى بعدالحريق الذي نشب في برشلونة، والقنبلة التي انفجرت في موناكو، أصبح الجميع يتمنى أن يكون السباق النهائي على الحلبة هو الحدث المحوري الأبرز في مونتريال، لكن هذه الأمنية لم تتحقق. إذ استغل طلبة متظاهرون الحضور المكثف للصحفيين لخطف الأضواء عبر التظاهر، تعبيراً عن معارضتهم للزيادة المستمرة للرسوم الدراسية. وكان مرور مئات الطلبة في الشوارع وهم يحملون لافتات تُعبر عن مطالبهم، بينما مشجعو الفورمولا-1 جالسون في شرفات المقاهي مشهداً سريالياً. تحدثتُ إلى بعض المتظاهرين، فأخبروني أن ثلاثة أسباب دفعتهم إلى التظاهر: الأول هو أن الشرطة يكونون أقل عدوانية معهم وأخف تعنيفاً عندما يتظاهرون بطريقتهم، والثاني أن ذلك يرمز إلى شفافية مطالبهم، والثالث أن وسائل الإعلام تمنح للمظاهرات تغطية أكبر عندما تكون على هذا النحو. جائزة أوروبا الكبرى كانت الشمس مشرقة والجو جميل ومُبهج. وهو النقيض التام لما كان عليه الحال في الجولات السابقة، حيث ألقت الضغوط والتوترات بظلالها على منطقة تحضير السيارات للسباق. وقد يكون ذلك راجعاً جزئياً إلى تزامن سباق نهاية الأسبوع مع بطولات أوروبية أخرى. فكثير من السائقين كانوا يتابعون بشغف نتائج مباريات فرقهم الوطنية. ولكن لويس هاميلتون سائق ماكلارين كان استثناءً جديراً بالذكر. فقد سبق له أن لعب جنباً إلى جنب مع لاعب فريق مانشيستر يونايتد أشلي يونج، لكن حبه لمعشوقة الجماهير خفت وتلاشى. وحين سُئل عما إذا كان سيشاهد مقابلة إنجلترا ضد إيطاليا، أجاب المتسابق الإنجليزي “حتى أكون صادقاً معك، لا علم لي حتى بموعد المباراة”. جائزة بريطانيا الكبرى هناك أشياء بدهية في الفورمولا-1، وهي أن ألونسو سيحاول تحقيق استفادة مضاعفة من إمكانات سيارته، وبيرني سيتهرب من الإجابة عن الأسئلة، والمطر سيهطل في سيلفرستون. وإذا كنتُ شخصياً أعلم هذا، فإنك ستفترض لا محالة أن منظمي السباق يحيطون علماً بهذه الأمور وأكثر. لكن الأمطار الغزيرة التي هطلت يوم الجمعة نسفت معلوماتي البدهية، وانتهى بي المطاف منحشراً في طريقي إلى الحلبة لمدة أربع ساعات بسبب الازدحام المروري. ومع ذلك فإنني أعتبر نفسي محظوظاً كوني تمكنت من الوصول إلى الحلبة، ولو متأخراً. فبعض الصحفيين والمشجعين لم يجدوا من ذلك المأزق مَخرجاً. بدت علامات الغضب والانزعاج على وجوه كثير منهم، ولكن آخرين تقبلوا الأمر بإيجابية ومرح. إذ رأيتُ شابين يرتديان معطفين سميكين وزوجي أحذية مطر مطاطية وهما يجلسان في مكان موحل يصل ارتفاع الماء فيه إلى الرُكَب، وكان كل واحد منهما يمرح ويزهو بفرح، وكأنه مهرج مسارح دمى متحركة تحت المطر. وقد يتساءل المرء عن سر معنوياتهما العالية، كما قد يعتقد أن تحسن مزاجهم رُبما يرجع إلى هذا الطقس البريطاني “الجميل”! جائزة ألمانيا الكبرى لا يحظى المرء بفرصة يومية للقاء بطل حاز اللقب العالمي مرتين. لكن متحف السيارات الرياضية في حلبة هوكنهايم جعل هذا الأمر ممكناً. فالتمثال الشمعي لسيباستيان فيتل الذي نُحت عند مدخل المتحف أتاح لكافة الزوار لقاء فيتل والتقاط صور معه. وقد تملكني شعور باغتنام هذه الفرصة والقيام بالمثل، وبدأت أحوم حول نُصب فيتل، لكنني قاومت هذه الرغبة في النهاية. وفي داخل المتحف، يظل مايكل شوماخر هو الرجل الأكثر شعبية. فصوره منتشرة في كل مكان، وبصمة يده منقوشة بالإسمنت، والسيارة التي قادها سنة 1990 وفاز على متنها بلقب بطولة الفورمولا 3 الألمانية، تقع أسفل أحد أعمدة المتحف. قد يكون فيتل أكثر إغراءً لعشاق سباق السيارات من الجيل الجديد، لكن المتحف يُثبت أن الركائز القوية التي قامت عليها رياضة سباق السيارات في ألمانيا ما كانت لتكون كذلك لولا جهود مواطن فيتل الأكبر سناً وقيدوم هذه الرياضة، مايكل شوماخر. جائزة المجر الكبرى كان تزامُن سباق المجر مع دورة الألعاب الأولمبية بلندن مناسبة مُثلى تستعرض خلالها بريطانيا إنجازاتها الوطنية وتُعبر عن فخرها بأبطالها. وعندما تمكن البريطاني لويس هاميلتون يوم الأحد من الفوز بجولة المجر وهو يعتمر خوذة رُسمت عليها الحلقات الأولمبية الخمس، سألتُه عما إذا كان يجد لهذا الانتصار طعماً مميزاً، باعتباره السباق الوحيد الذي يتزامن مع الألعاب الأولمبية، فقال لي “إن فوزي بهذا السباق هو بمثابة حصولنا “نحن” البريطانيين على أول ميدالية ذهبية”. أجابني بطل العالم لسنة 2008 بأريحية. لم يكن يعلم إلا القليل عن ولائي الذي لم ينكشف إلا مساء ذلك اليوم خلال مشاهدتي مباراة الجولة الافتتاحية التي جمعت فريق كرة القدم البريطاني بالفريق الإماراتي. إذ وجدت نفسي أهتف للاعب عمر عبد الرحمان ورفاقه من الكرسي الذي كنت أجلس عليه في ركن منزو من أحد أركان مقهى في بودابست. وغني عن القول طبعاً أنني كنت الوحيد الذي يفعل ذلك، فقد كنت أشكل أقلية المشجعين. جائزة بلجيكا الكبرى بعد قضائي بضع أيام من استراحة منتصف الموسم في المكسيك، رجعت إلى منطقة تحضير السيارات للسباق لأزور سيرجيو بيريز، فوجدته يلعب لعبة جديدة على هاتفه الذكي (آيفون)، بينما يُهدده موظف فريقه المسؤول عن العلاقات العامة مُمازحاً إياه بمصادرة هاتفه، قبل أن يتوقف بيريز عن اللعب ويضع هاتفه جانباً. وبعد أن انتهى من الحديث عن آماله خلال نهاية الأسبوع في حلبة “سبا”، أريتُه على استحياء اثنتين من صوري التقطتهما في هرم تشيتشن إيتزا الذي يُعد الموقع الأثري الأشهر في المكسيك. ألقى عليهما نظرة خاطفة ثم عاد لحمل هاتفه. فسألته “هل سبق أن زُرته؟”، فأجاب دون أن يرفع عينيه عن شاشة هاتفه “كلا، لم أفعل. هل تُصدق ذلك؟”. فقلت له “ينبغي عليك أن تذهب إلى هناك، إنه مكان مُذهل”، فرد علي دون التعليق على نصيحتي “أراك لاحقاً”. هكذا جرى اللقاء بيني وبينه، علماً أن برنامج “زُر المكسيك/فيزيت مكسيكو” الخاص بالترويج السياحي للمسكيك هو الجهة الراعية للمتسابق المكسيكي بيريز! جائزة إيطاليا الكبرى بعض الأماكن تجعل بطولة الفورمولا-1 تسيح وتسيل على نحو إيجابي. وهذا ينطبق على مطعم بيتزا العنبيق القريب من حلبة مونزا. إذ من المؤكد أن تجد في ليلة ما سائقين ورؤساء فرق وأعضاء سلسلة “إف 1 سيركوس” وهم يأكلون بنهم شطائر البيتزا المخبوزة في الفرن. فالمتسابق فيرناندو ألونسو أكل هناك ثلاث مرات خلال خمسة أيام هي مدة إقامته في مونزا. وقد كان يستمتع بذلك، وكذلك كنت أنا. وبعد السباق، وجدت هناك فيتالي بيتروف، سائق فريق كيترهام. ومع اختفاء صحن البيتزا قطعة قطعة، كان أحد رفاق المتسابق الروسي يُصدر موسيقى خاصة من “الهارمونيكا” التي بدأ النفخ فيها بشكل جعلها تطغى على الموسيقى الإيطالية الخفيفة التي كانت أصداؤها تتردد في جنبات المطعم. ومن النادر أن تجد سائقين يُمتعون أنفسهم بكل حرية وأريحية. ومن المواقف الطريفة أن السائق بيتروف المعروف بجديته وطبعه الحاد، ضُبط هناك متلبساً وهو يغني ويصفق بيديه، ويجسد بطريقته الخاصة دور بطل الفيلم الإيطالي “لا دولشي فيتا”، أو “الحياة حلوة”، حسب اللسان العربي. جائزة سنغافورة الكبرى نظراً لكون السائقين يخوضون سباقاتهم وفق التوقيت الأوروبي باستثناء سباق سنغافورة الذي يُقام ليلاً، ينقلب جدول أنشطتهم اليومي رأساً على عقب. فهم يتناولون وجبة الفطور في الساعة 3 بعد الظهر، والغذاء في الثامنة مساءً، والعشاء في منتصف الليل، ثم يُجرون مقابلات حوارية بعد ساعة من تناول العشاء. تحدث الأشياء نفسها التي جرت في السباقات الأخرى، ويعيش المشاركون الأجواء ذاتها، لكن التجربة تبقى بحد ذاتها مختلفة تماماً في روعتها. خلال الحصة النهائية من تجارب الاختبار التأهيلية، أُرسلت مذكرة للجميع معلنة عن عقد مؤتمر صحفي فور الانتهاء من هذه الحصة. وعندما رُفعت راية حمراء إيذاناً بقطع فترة التجارب قبل الموعد المحدد لانتهائها، تناقل الجميع نكاتاً حول ضرورة حضور بيرني. وقد حضر فعلاً، لكن ذلك لم يغير من الأمر شيئاً باعتباره يُتقن فن التهرب من الإجابة عن الأسئلة. إلا أنه والحق يُقال يتمتع بحضور لافت. وحين سُئل عن قيمة عقد التمديد لسنغافورة، أطلق نكتة جعلت الجميع يضحك ملء شدقيه، واستطاع كعادته الانتقال إلى السؤال التالي دون أن يجيب عن السؤال المطروح. جائزة اليابان الكبرى تتميز حلبة سوزوكا بكونها تُقدم لبطولة الفورمولا-1 كل موسم جماهير ومشجعين هم الأكثر انضباطاً والتزاماً بالحضور. تحدثتُ إلى هاميلتون، فأخبرني بقصة إحدى المعجبات التي تتبعه حيثما حل وارتحل. قال لي “لديها أربعة رايات مقابل مرآبي. وتضع راية خامسة هي الأكبر عند المنعطف. إنها حقاً مذهلة!”. وليس هاميلتون وحده الذي يُطارده المشجعون، بل إن جميع السائقين في اليابان يُعامَلون بكثير من الاحتفاء والاحتفال. وفي مساء يوم الأحد، وبينما كنت أنتظر قدوم قطار لأعود إلى مدينة ناجويا، كانت هناك جلبة كبيرة على المنصة. فاكتشفت أن مارك ويبر قرر أن يستقل القطار السريع لتجنب الازدحام المروري. فما أن رآه معجبوه حتى اندفعوا نحوه، لكن مع الحفاظ على أخلاقهم ولباقتهم، ولم تتجاوز تحيتهم لسائق ريد بول التلويح بالأيدي. جائزة كوريا الكبرى وجه بعض المراقبين انتقادات ومؤاخذات للجولة التي احتضنتها مدينة موكبو، لكنني لم أجد شخصياً شيئاً يستدعي الشكوى. صحيح أن السباق لم يحضره إلا جمهور قليل، لكن المدينة كانت تشع حيوية وتحافظ في الوقت عينه على روحها الجماعية. كانت تلك المطاعم الكثيرة مكتظة دوماً بالكوريين، لكنك قد تجد بينهم أحد الوجوه المألوفة من متسابقي الفورمولا-1، والذين راقهم ذلك الجو باعتباره يُتيح لهم قدراً أكبر من التمتع بخصوصيتهم، والتحرك بحرية دون إزعاج من أي مصدر. وذات مساء، وبعد لحظات قليلة من رؤيتي السائق البريطاني كريستيان هورنر وهو يتمشى مع مواطنه الرئيس التنفيذي الفني لفريق ريد بول أدريان نيووي على رصيف أحد الشوارع جنباً إلى جنب مع الكوريين دون إحداث أي جلبة أو لفت انتباه، دخلت مطعمي المفضل والتحق بي مدير فريق ماروسيا جون بوث ورئيسه التنفيذي جرايمي لوودن. اختلطا بالكوريين الذين كان يبدو أنهم يستمتعون بما يأكلون ويشربون، واندمجا في الجو السائد داخل المطعم بالكامل، حتى أنهما لم يترددا في متابعة مقابلة فريق كوري شمالي لكرة قدم النساء البالغات أقل من 17 سنة على شاشات تلفزيونية كبيرة. ما أروع الاندماج والاتحاد! جائزة الهند الكبرى إن الدفء الذي استقبل به الجمهور الهندي المشارك في جولة هذه السنة واهتمامه الصادق لا يُمكن إلا أن يضمن جاهزية السائقين والفرق لخوض السباق بصرف النظر عما يشوب ظروف إقامتهم في الهند. فأعضاء فريق ماكلارين وجدوا أنفسهم في فندق هيلتون. ونظراً لأن أعمال بنائه انتهت في الآونة الأخيرة، كان الفندق لا يزال مُحاطاً ببرك ماء آسن، ما يجعل محيطه طبعاً مرتعاً مثالياً لبعوض نيودلهي. ومع تفشي مرض حمى الضنك بالهند، بدأ القلق يتسرب إلى نفوس سائقي ماكلارين. لكن يبدو أن هذا البعوض لم ينل منهم شيئاً. ويقول المتحدث الرسمي باسم الفريق “يُعد البعوض مصدر تهديد لحياة جميع سكان الهند، لدرجة أنهم تعلموا كيف يتكيفون على العيش معه، كما يتعايش سكان مرتفعات اسكتلندا مع الذباب الصغير دون شكوى”. دون شكوى؟! وما الذي جاء بي إلى الإمارات غير هروبي من الذباب الاسكتلندي المزعج!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©