السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهاجرون الأفارقة في انتظار العبور إلى «الفردوس الأوروبي»

المهاجرون الأفارقة في انتظار العبور إلى «الفردوس الأوروبي»
10 نوفمبر 2013 21:15
محمد نجيم (الرباط) - أصبح من المألوف والمُعتاد في الحياة اليومية، وأنت تجوب الشوارع المغربية وأزقتها سواء في مدن كبرى مثل الدار البيضاء أو الرباط أو مراكش أو فاس أو في مدن صغيرة مثل الجديدة، آسفي، الصويرة، وغيرها من مدن المغرب، أن ترى المهاجرين الأفارقة ذكوراً وإناثاً، يفترشون الأرض ويعرضون للبيع سلعاً مُختلفة يستقدمونها من بلدانهم الأصلية. هؤلاء المهاجرون أصبحوا يزاحمون الباعة الجائلين في الشوارع المغربية، وقد وصلوا إلى المغرب مشياً على الأقدام، أو مُهرّبين بطرق لا إنسانية عبر شاحنات قطعت بهم آلاف الكيلومترات من الصحارى، مروراً بدول عدة ليصلوا إلى الحدود الجزائرية المغربية لينعموا بفترة راحة قصيرة في الغابات قبل حزم أمتعتهم، والرحيل صوب المدن المغربية في انتظار الرحيل إلى أوروبا «فردوسهم المأمول» واقع الحياة في «باب مراكش» بمدينة الدار البيضاء، تجد الأفارقة يصطفون هناك يفترشون الأرض بزيهم الإفريقي ويعرضون سلعهم تحت أشعة الشمس الحارقة، هناك من يعرض بعض الأعشاب المُستقدمة من أدغال إفريقيا، التي يقال إنها تشفي بعض الأمراض كالروماتيزم وآلام الظهر والعجز وأمراض أخرى، وآخرون يعرضون أمام الزائر بعض التماثيل والأقنعة الخشبية التي برع في صناعتها فنانون أفارقة تُمثل نماذج من التحف والمشغولات التقليدية التي تغري السائح الأوروبي لأنها تُجسد الفولكلور المحلي للدول الإفريقية، وهناك من يحترف بيع الهواتف المتنقلة التي يجلبها بطرق التهريب من موريتانيا وليبيا، وهي هواتف مُستعملة وتكون في الغالب بعلامات مزورة، ورديئة الجودة. كما لاحظنا أن هناك نسوة يرافقن أطفالهن يفترشن الأرض في الشوارع الكبرى وهن يعرضن بعض الأثواب والأساور الإفريقية، والملابس التي تلبسها النساء في بعض الدول التي هاجرن منها. قصة ماري وتقول إحدى السيدات وتدعى «ماري» وهي مواطنة مالية إنها تستقر بالمغرب منذ خمسة أعوام برفقة ابنتها الصغيرة التي ولدت في المغرب، بعد علاقة نسجت خيوطها مع مواطنها الذي نجح في العبور إلى أوروبا وتركها لحالها، ولم تعد تعلم شيئاً عن أخباره، ولا يسأل عن ابنته التي ولدت من صلبه وتنكر لها. وتقول: أنا أعيش في الدار البيضاء حيث الناس كرماء والعائلات المغربية تساعدني وتتكفل بدفع تكاليف تدريس ابنتي في مدرسة خاصة. كما تمنحني الملابس التي تقيني وتقي ابنتي من البرد في أيام الشتاء، وبالرغم من الظروف الصعبة التي أعيشها، أجدني في المغرب وكأنني بين أهلي وعشيرتي، ولا أتعرض لأي أذى من طرف سكان الحي الذي أعيش فيه، ولا أتعرض لأي تحرش من طرف الناس هنا، فهم يعرفون أن أوضاعنا صعبة جداً، وليست مريحة فهم يتعاطفون معنا لأن الشعب المغربي شعب كريم ومتسامح ومضياف. وفي شارع درب السلطان المعروف بكثافة سكانه في مدينة الدار البيضاء، يجلس شاب إفريقي في مقتبل العمر يعرض أمامه مائدة يبيع عليها بعض الأساور البراقة التي استقدمها معه من بلاده ويقوم ببيعها للنساء في الدار البيضاء، ويقول هذا الشاب: أشتري سلعتي من بعض الدول الإفريقية خاصة من موريتانيا لأبيعها هنا في المغرب، وهذا يُمكنني من كسب بعض الدراهم تعينني على تحمل أعباء الحياة القاسية في انتظار العبور نحو أوروبا. مصاعب المعيشة ويضيف: أعيش في المغرب منذ عام وستة أشهر وأدفع إيجار غرفة صغيرة في أحد بيوت الدار البيضاء وأتقاسم الإيجار مع سبعة شبان من جنسيات مختلفة. أما المصاريف الأخرى فنتقاسمها بالتساوي، وكل أصدقائي أفارقة وصلوا إلى المغرب منذ سنوات، ولم يتمكنوا من تحقيق حلم العبور إلى الضفة الأخرى التي هي «أوروبا» فبدأوا يندمجون في المجتمع المغربي، ويشتغلون في مهن مختلفة فمنا من يشتغل في التجارة ويبيع مشغولات خشبية ومنحوتات إفريقية في شوارع الدار البيضاء. ومنا من يبيع الأساور وآخرون يقومون ببيع الملابس الصحراوية التي يقبل عليها المغاربة خاصة في فصل الصيف حيث تكون درجة الحرارة مرتفعة، ومنا من يقوم ببيع بعض الأعشاب والدهون الطبية الطبيعية التي يجلبها من دول الساحل الإفريقي ويقبل عليها المغاربة، لأنها تساعد في الشفاء من بعض الأمراض خاصة الضعف الجنسي والوهن والإرهاق. ودعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، إلى اتخاذ تدابير لحماية هؤلاء المهاجرين وصيانة حقوقهم، ومنها: الاعتراف الفعلي بصفة لاجئ التي تمنحها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من خلال منح الحاصلين على هذه الصفة بطاقة الإقامة. وذلك في انتظار وضع إطار قانوني ومؤسساتي وطني ينظم اللجوء، ووضع سياسة لإدماج هؤلاء اللاجئين وأفراد أسرهم في مجال السكن والصحة وتمدرس الأطفال والتكوين والشغل؛ وتمكين الحاصلين على صفة لاجئ المتزوجين الذين يصلون بمفردهم للتراب الوطني من التقدم بشكل قانوني بطلب الاستفادة من التجمع العائلي، وضمان احترام مبدأ عدم الترحيل بوصفه حجر زاوية القانون المتعلق باللاجئين. كما تنص على ذلك المادة 33 من اتفاقية جنيف لسنة 1951، وذلك عبر تمكين طالبي اللجوء المحتملين من إمكانية تقديم طلب اللجوء لدى وصولهم للتراب المغربي، كما دعا إلى وضع إطار قانوني ومؤسساتي وطني منظم للجوء، وينظم من جهة أخرى وضع اللاجئ بالمغرب وشروط ممارسة حق اللجوء. الجهات المانحة أشاد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب بما أعربت عنه بعض الجهات المانحة الدولية من استعداد للمشاركة ماليا في الجهود اللازمة لإدماج اللاجئين، بعد حصولهم على بطاقة الإقامة ويدعو المجلس كلاً من الحكومة ومكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، والمجتمع المدني المغربي إلى بدء المشاورات منذ الآن، من أجل بلورة سياسة لإدماج اللاجئين وتنفيذها. كما يعرب عن استعداده للمساهمة في هذا العمل. ودعا المنظمات الدولية التابعة لمنظومة الأمم المتحدة والبلدان الشريكة للمغرب خاصة الأوروبية والاتحاد الأوروبي للعمل بشكل فعال على إنجاح هذه العملية، من خلال تعبئة الموارد البشرية والمالية الضرورية من أجل إرساء سياسة فعلية لإدماج المهاجرين المستوفين لشروط تسوية الوضعية. واعتباراً للإكراهات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها بلد مثل المغرب، فإن الانخراط القوي والطموح للتعاون الدولي أمر لا محيد عنه في هذا الصدد. ويرى المجلس أن هذا البعد يجب أن يمثل إحدى أوليات الشراكة من أجل حركية الأشخاص التي تم إبرامها مؤخرا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©