مواطنات يصممن خطوط الإبداع بأدوات حرفية معاصرة

مرة أخرى تثبت الفنون بألوانها وخطوطها أنها أبلغ وسيلة لترابط الشعوب والتأكيد على تمازج الثقافات التي تقرأ الجمال بلغة واحدة. وهذا ما يظهره معرض الفن المعاصر في الإمارات “خارج الإطار”، والذي يستضيفه السفير الأميركي لدى الدولة مايكل كورين، في دارته ويستمر حتى صيف 2012. المعرض يتضمن 9 لوحات تكشف نماذج مختلفة من الفن الشامل الذي لا يعتمد على النمط التقليدي وحسب، وإنما يطرح أفكاراً مغايرة في قالب جذاب. وهو من توقيع 7 فنانات تشكيليات من الإمارات وفنانة عراقية وفنان أميركي مقيم في البلاد. تم اختيارهم لأنهم ينتمون إلى جيل الشباب القادر بأدواته البسيطة أن يسطر أعمالا تربطها خيوط الإبداع من المفهوم العام إلى الوسيلة المستعملة وحرفية التنفيذ. مثابرة أكبر لوحة في المعرض تحمل عنوان “أم كلثوم”، للفنانة التشكيلية فاطمة المزروعي التي تخرجت من “جامعة زايد” قسم الفنون الجميلة عام 2008. وقد اختارتها لكونها تعبر عن الفن الأصيل الذي حملته سيدة الطرب العربي إلى بلدان العالم. والعمل المقدم بتقنية اللصق أو”الكولاج”، يتداخل فيه الخط العربي بالخامات المختلفة التي أتقنت المزروعي استعمالها بالتركيز على الألوان الصاخبة والمتناسقة. وتفخر الفنانة بتقديمها نموذجا فنيا من الشرق، على غرار أعمالها التي تعالج بمجملها قضايا الأنوثة والصور النمطية للمرأة. وتقول لـ”الاتحاد” “نحن في الإمارات وبالرغم من كوننا نخطو خطوات متقدمة في مجال الفن التشكيلي، غير أن الساحة ما زالت بحاجة إلى أسماء لامعة تصل أعمالها إلى العالمية”. وعن نفسها، فهي تنتقد من ينظر إلى الفنون على أنها هوايات سهلة. “إذ إن الارتقاء إلى التميز يتطلب المثابرة والبحث عن طرح جديد بعيداً عن الاستهلاك المتعارف عليه”. وهذا ما اتبعته في لوحة “أم كلثوم”، موضحة “أنا معجبة بإنجازاتها كامرأة سابقة لعصرها تمكنت بجهد لافت من الوصول إلى حرية التعبير عن النفس. وهذا ما ليس متاحاً لكثيرين في أيامنا هذه”. وتترجم المزروعي من خلال لوحتها أن نجاح سيدة الطرب، ما هو إلا دليل حقيقي على إرادتها القوية وعزمها. وتأمل مما تحاول نقله بالشكل واللون، أن يكون مصدر إلهام لكل من تقع عيناه على اللوحة. دقة متفانية بالانتقال إلى أكثر اللوحات التي تطلبت دقة متفانية في الإعداد والتنفيذ، نصل إلى “جغرافيا الإمارات العربية المتحدة” للخريجة آمنة عبدالله الزعابي. فقد اختارت موضوع اللوحة من واقع شهادتها في التصميم الداخلي، والتي حصلت عليها الصيف الماضي من “جامعة زايد”. وتذكر لـ”الاتحاد” أنها وجدت في خريطة الإمارات ما يعبر عن شغفها وحبها للوطن من كافة أبعاده. “وهكذا قررت أن أحفر حدود الدولة بمنتهى الدقة وأحشوها بورق الذهب الذي يعكس الضوء كما المرآة. في صورة أعبر من خلالها عن المستوى الراقي الذي وصلت إليه البلاد والذي تشهد عليه دول العالم أجمع”. والفكرة على بساطتها، تفاجئ كل من يمعن النظر فيها حول الإحساس المرهف للزعابي الذي مكنها من ترسيم الحدود بالآلة القاطعة، كما لو أنها فعلت ذلك بالقلم. وتعبر أعمال المصممة الواعدة (24 عاما) عن ردود فعل قوية على بيئتها، وتطرح موضوعات جريئة حول التنوع على أرض الدولة الآخذة في التطور والحداثة. وترى أنها تشعر من خلال فسحة الفن بداخلها، أنها قادرة على التحليق في أجواء الابداع بحسب رغبتها. وتقول “نحن ما زلنا متمسكين بثقافتنا، وما انتقائي لتقديم خريطة بلادي بهذا الشكل، إلا كقاعدة لتأكيد الفكرة القائلة بأن التقاليد لا تتغير أبدا”. فلسفة مرئية في جولة عامة على لوحات المبدعات الشابات من الإمارات، نتوقف عند لوحة سريالية للفنانة ميسون الصلاح التي تركز في أعمالها الرقمية على تاريخ المنطقة. وننتقل إلى “كلمات” للفنانة ابتسام عبد العزيز التي تنحت فلسفتها الفنية بطريقة مرئية ملموسة، مستندة على العناصر الرياضية المنظمة. ولوحة “إلى القمر” لفنانة المستقبل ميثاء دميثان التي اعتمدت من خلالها على مجموعة متنوعة من الوسائط بما في ذلك التصوير التفرسي. أما خريجة الفنون والتصميم العنود عبد الرحمن الحمادي، فتقدم “جدائل إسلامية” للتعليق على الوضع الراهن في العالم والحافل بسوء الفهم. وعمل آخر ملفت للفنانة التشكيلية نور السويدي عبارة عن خليط من الحركات اللونية المقدمة في أشكال يسرح معها الخيال والتركيز في آن. والسويدي خريجة الجامعة الأميركية في واشنطن وحائزة ماجستير في التصميم المعاصر من جامعة “كينجستون” في لندن. ومن ضمن الأعمال المعروضة لوحة “مقابل الأخ” للفنانة العراقية ساما الشعيبي التي تستعمل صور الفيديو من داخل إطار محاصر. والخطوط الضوئية بعنوان “السقوط الحر” للفنان الأميركي جايمس كلار، الذي يقدم تقنية خاصة بالرسم الإيحائي بواسطة الضوء.