الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

4 مواطنين يبتكرون حزاماً يساعد المكفوفين على تجاوز عقبات الطريق

4 مواطنين يبتكرون حزاماً يساعد المكفوفين على تجاوز عقبات الطريق
15 نوفمبر 2011 17:07
تعددت الابتكارات التي بتنا نشهدها في الدولة لمصلحة المعاقين، والتي تصدر عن طلبة الجامعات والكليات الذين يدرسون على الأغلب في أقسام الهندسة المختلفة، حيث توصل هؤلاء الطلبة بفضل البيئات التعليمية الرائدة المتوافرة لديهم إلى محاكاة الكثير من التقنيات الحديثة التي نجدها في أرقى دول العالم وأكثرها تقدماً، ما يبشر بالخير من جهة، ومن جهة أخرى يدعم عجلة التطور والتغيير نحو الأفضل الذي تسعى إليه دولتنا الحبيبة في مختلف الميادين والمجالات، والتي لابد أن يكون للمعاقين نصيب وفير منها. توصل 4 شباب إماراتيين يدرسون الهندسة في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث فرع الشارقة، إلى ابتكار جدي، عبارة عن حزام للمكفوفين ليحققوا بذلك لفاقدي البصر منفعة كبيرة تساعدهم في التنقل من مكان لآخر دون مساعدة من أحد، ما يحقق لهم الخصوصية والسير بأمان في الطرق دون الخوف من الارتطام بجسم ما أو الوقوع في حفرة ونحو ذلك. هؤلاء الطلبة هم من تخصصات هندسية مختلفة، ما ساعد في تغطية جميع الجوانب التي تطلبها الابتكار أثناء تصنيعه، حيث يدرس الطالبان مصعب وجاسم الحمادي هندسة الكترونيات، أما حميد الشحي فيدرس هندسة كمبيوتر وزميلهم الرابع، أحمد الطنيجي الذي يدرس هندسة اتصالات، ولا يزال جميعهم في السنة الدراسية الرابعة من تخصصهم. حزام يرتديه المكفوف ويتحدث الطالب مصعب الحمادي عن فكرة مشروعهم والسبب الذي دفعهم إلى ابتكار شيء يفيد فئة المكفوفين ويقول: «يفترض على طلبة الهندسة في الجامعة خلال السنوات الثلاث الأخيرة من دراستهم أن يقوموا في كل سنة منها بعمل مشروع عملي ضمن مساق دراسي كامل، وبما أنني وزملائي كنا في السنة الثالثة فكرنا بعمل مشروع مميز نحصل عبره على درجة مرتفعة في المساق، وفي نفس الوقت نشارك به في المسابقة التي عقدتها جامعتنا في تلك الفترة وهي مسابقة المهندسين الكهربائيين العالمية، ولأن موضوع المسابقة هذا العام يتعلق بتقديم جهاز للمكفوفين دون تحديد لنوعية هذا الجهاز أو وظيفته، فقد فكرت وزملائي بأن يكون هذا الجهاز مثبتاً على حزام يرتديه المكفوف على خصره لينبهه بوجود أي عائق أو جسم غريب أمامه ويحميه من التعثر بالحجارة أو الوقوع في الحفر أو السقوط عن درج أمامه نتيجة عدم رؤيته له، ويوجهه نحو الطريق أو الاتجاه الأفضل». ويضيف: «لا شك أننا وبعد اجتماعنا مع أساتذتنا في الكلية خرجنا بمجموعة مقترحات لكننا فضلنا فكرة تركيب الجهاز على الحزام وليس على العصا على أساس أنها فكرة غير مستهلكة أو تقليدية وعملية أكثر من غيرها، ويمكن للكفيف أن يستخدم الحزام دون أن يشعر بعناء أو تعب، كما لو كان سيستخدم العصا، ولن تنشغل يديه بشيء في حال احتاج لاستخدامهما». فكرة ليست مستهلكة ويوضح الطالب جاسم الحمادي الخطوات التي مر بها ابتكارهم للحزام والذي استغرق منهم شهرين ونصف الشهر ويقول: «بعد أن حددنا الفكرة التي نريدها من الجهاز التي نود صناعته قمنا بالبحث عبر شبكة الإنترنت عن وجود أحزمة مشابهة للمكفوفين حول العالم، فوجدنا من سبقنا لهذه الفكرة في دول أوروبية لكن اكتشفنا وجود قصور في الأحزمة التي صنعوها، وتمثل القصور في كبر حجم الحزام والجهاز المثبت عليه، ما انعكس على ثقل الحزام وشعور الكفيف الذي يلبسه بأنه عبء عليه، وتبين لنا أن السبب في هذا العيب أن هذه الأحزمة صنعت في فترة زمنية بعيدة لم تكن فيها التكنولوجيا متطورة كما في وقتنا الحالي، إذ اضطر هؤلاء إلى تكبير حجم الحزام بسبب كبر حجم الجهاز المثبت عليه والذي يتكون من قطع إلكترونية كبيرة في حجمها على أساس أنها المتوافرة في ذلك الزمان، ما يعني أننا حاولنا معالجة هذا العيب بتصغير حجم الجهاز ليصبح بقدر كف اليد وفي داخله أجزاء إلكترونية حجمها متناهي الصغر ساعدنا التطور التكنولوجي في الوصول إليها، ومن ثم قمنا بزيارة إلى معرض إكسبو الشارقة والذي كان يضم منتجات للمكفوفين فاطلعنا عليه وبحثنا عن الحزام بينها فلم نجده فاطمأنت قلوبنا على أن فكرة الحزام ليست مستهلكة كغيرها». ويستطرد جاسم مشيرا إلى الخطوة التي تلت عملية البحث عن جهاز مشابه في الأسواق قائلاً: «بعد ذلك قمنا بدراسة وتحديد القطع الإلكترونية التي نحتاجها لصناعة الجهاز أما الحزام فهو الحزام الجلدي المعروف والذي يتم شراؤه عادة من السوق، وقبل أن نتقدم بها إلى إدارة الجامعة لتوفرها لنا رسمنا تصميما للحزام وللدوائر الإلكترونية على الكمبيوتر، ومن ثم قدمنا للجامعة دراسة جدوى عن القطع التي نحتاجها لتتكفل بعملية شرائها من خارج الدولة، وبعد إحضارها أخذنا نعمل على قدم وساق في تركيب هذه القطع وتوصيلها وبرمجتها مستفيدين مما تعلمناه في السنوات السابقة». اتجه يميناً أو يساراً ويبين الطالب حميد الشحي نوعية القطع التي يتكون منها الجهاز الذي ابتكروه ويقول :» الجهاز يتكون من 3 أجزاء رئيسية هي الحساسات وعددها 4 حساسات، 3 منها موجهة للأمام لكشف المسافة التي تفصل الكفيف عن الأجسام أمامه، والرابع موجه للأسفل لقياس المسافة بين الكفيف والأجسام الصغيرة والعوائق أسفله مثل الحجارة والحصا والحفر، أما الجزء الثاني فهو الميكروكونترولر الذي هو بمثابة «مخ» الجهاز ويتمثل دوره باستقبال المعلومات من الحساسات ويرسل في ضوئها أوامره للجزء الثالث الذي هو المنبه ويعطيه أمرا بأن يصدر صوتا ويتكلم ويقول للكفيف أمامك جسم ويقترح عليه اتجاها أفضل ليسير فيه كأن يقول له اتجه يميناً أو يساراً، كما يتم التنبيه بالاهتزاز لكن الاهتزاز اختيارياً يمكن فتحه وإغلاقه ليساند الصوت لكن الأوامر الصوتية هي الأساس، أما المسافة اللازمة ليصدر الجهاز صوته التنبيهي فهي متران، وقد قمنا بقياسها عبر الاختبار العملي إذ جربنا ووجدنا أنها المسافة الكافية ليتمكن الكفيف من سماع صوت التنبيه والوقوف وتغيير حركته ومساره». ويلفت الشحي إلى وجود أجزاء أخرى داخلية للجهاز، حيث إنه يضم دائرة إلكترونية كبيرة الحجم تتكون من الحساسات والميكروكونترولر وشريحة إصدار الأصوات والهزاز وترانزستور و4 بطاريات تمد الجهاز بالطاقة المناسبة، حيث تلت عملية توصيل هذه الأجزاء الدقيقة عملية إنزال البرنامج على الميكروكونترولر، والذي تمت عملية برمجته على الحاسوب بلغة برمجة خاصة قام بها حميد شخصياً نظراً لتخصصه في هندسة الكمبيوتر. تحديد موقع الحزام أما الطالب أحمد الطنيجي فقام بمساعدة زملائه في صناعة الدائرة الكبرى بصناعة دائرة إلكترونية صغيرة منفصلة عن الجهاز وظيفتها تحديد موقع الحزام، وذلك على أساس أن الكفيف قد يخلع الحزام عن خصره وينسى أين وضعه فيتواصل مع الجهاز لاسلكياً عبر هذه الدائرة الموضوعة في قطعة صغيرة يمسكها بيده ويضغط على زر مثبت عليها فيصدر الجهاز صوتاً يساعد الكفيف على معرفة مكانه والوصول إليه . ويلفت الطنيجي إلى أنهم قاموا بتركيب الجهاز الذي تم وضع أجزائه في صندوق بلاستيكي بحجم كف اليد على حزام جلدي في منطقة المنتصف، وذلك ليتمكن بقياس المسافة التي تفصل الكفيف عن الأجسام والعوائق أمامه بشكل أفضل، ما يعني أنه من السهل تركيبه ونقله إلى أحزمة أخرى فيما اضطر الكفيف إلى تغيير لون الحزام الذي يتناسب مع ملابسه، كما أن عنصر الأمان موجود فيه ولن يعرض الكفيف لأي خطر من أي نوع، هذا إلى جانب وجود ميزة أخرى فيما لو نسي الكفيف الجهاز مشغلا بعد الانتهاء من استخدامه مما قد يعرض البطاريات للنفاذ وذلك بوجود نظام إغلاق تلقائي والذي يعمل على إغلاق الجهاز إذا ما أحس الجهاز عبر حساساته بأن الكفيف لا يستخدمه لفترة 5 دقائق متواصلة. أبرز المشكلات ويعلق مصعب الحمادي على سؤاله حول الصعوبات التي واجهتهم في أثناء صناعتهم للجهاز فيجيب: «من أبرز المشكلات التي واجهتنا هي مشكلة نفاد البطارية التي تمد الجهاز بالطاقة اللازمة لتشغيله، ما يضطر الكفيف إلى معاودة شراء بطاريات جديدة في حال نفاذ سابقتها، وقد خففنا من هذه المشكلة عبر اختيار قطع إلكترونية يتكون منها الجهاز وتستهلك كمية طاقة أقل من غيرها وفي ذات الوقت تعطي نفس الكفاءة المطلوبة، وبتجربة الحزام بعد الانتهاء من تركيب الجهاز وجدنا أنه قادر على العمل بشكل متواصل لمدة 10 أيام ضمن نفس البطاريات، المشكلة الثانية كانت في تحديد الجهاز لموقع الحفر نظراً لتباين أطوال قامة مستخدميه فوجدنا حلاً لذلك عبر برمجة الجهاز بأخذ قراءة لدى لبس الكفيف له وتثبيتها وبعد مشيه يستمر بأخذ قراءات ويقارنها بالقراءة الأولى فإذا ما قلت عنها يبدأ الجهاز بالتنبيه». الحظ لم يحالفنا يعبر الطلبة المبدعون عن إصابتهم بخيبة أمل لدى مشاركتهم في مسابقة المهندسين IEEE الكهربائيين العالمية، حيث توقف الحزام عن العمل قبل فحص اللجنة لهم بقليل، على الرغم أنه كان يعمل خلال فترة الصباح في نفس يوم المسابقة واطلع عليه الزوار وقاموا بتشغيله أمامهم لكن الحظ لم يحالفهم وأخفقوا ولم يفوزوا لتوقفه عن العمل في اللحظة الحاسمة، وبعد انتهاء يوم المسابقة عمدوا للتعرف على سبب توقفه أو عطله فاكتشفوا أن العطل في زر التشغيل، حيث إنهم استخدموا حرارة زائدة في أثناء عملية لحام الدائرة الإلكترونية الكبيرة مع زر التشغيل ما سبب ذوبانها الجزئي ومع تكرار الاستخدام للجهاز انقطعت أسلاك اللحام، وانفصل زر التشغيل عن الدائرة الالكترونية والأجزاء الموجودة فيها، فتوقف الجهاز عن العمل وبعد تعرفهم على سبب العطل قاموا بإصلاحه وعاد الحزام يعمل بكفاءة من جديد!!
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©