الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مثقفون من تجارب مختلفة ينحازون إلى ثقافة التمرّد

11 نوفمبر 2013 01:03
الشارقة (الاتحاد) - بدا من غير الممكن تجنب الحراك الشبابي في المنطقة العربية بشقيه السياسي والاجتماعي، في حين كانت الرواية وما تتضمنه من مواقف إنسانية مثقفة ناتجة عن «عقل» مثقف هي التي يدور حولها الحديث، وذلك في ندوة «الثقافة مهادنة أم تمرّد؟» التي عقدت مساء أمس الأول ضمن الفعاليات الثقافية للدورة الثانية والثلاثين لمعرض الشارقة للكتاب. أدار الندوة الدكتور صالح هويدي من الإمارات، وشارك فيها: الدكتورة يمنى العيد، الناقدة المعروفة، والدكتور عمر حلبلب، من لبنان، والباحث جيمس كنغ، من بريطانيا، والروائي فيكرام تشاندرا، من الهند. وبدءاً، رأت الدكتورة يمنى العيد أن «عنوان الندوة قادني إلى المشهد الحالي في المنطقة العربية، خصوصاً ما قام ويقوم به الشباب العربي من حراك وتمرد، وهل هذا التمرد الذي يمارسه الشباب ثقافة مهادنة أم متمردة؟». وأضافت: «عادة يمكن الحديث عن الثقافة بصفتها ثقافة نهضوية أو وطنية أو تقدمية، وهذه عناوين ارتبطت بأزمان مختلفة، مثلاً رفاعة الطهطاوي وأحمد أمين، تحدثا عن النهوض بالمجتمع، والانتقال به من التخلف إلى التقدم عن طريق التعليم، والإمام محمد عبده ارتبط بثقافة الاجتهاد الديني، وبطرس البستاني وطه حسين، ارتبطا بالثقافة من زاوية إعادة الاعتبار إلى اللغة العربية والثقافة الحداثية التي أدت إلى ثقافة المجاورة». وقالت الناقدة العيد: «إن عنوان المحاضرة أيضاً محل نقاش، فلماذا يتم الاختيار بين عنوانين، تمرد أم مهادنة، إن ثقافة الشباب اليوم هي ثقافة أخرى مختلفة عن سابقاتها، إنها ثقافة موقف، وثقافة الجموع التي نزلت إلى الشوارع والميادين، ما يجعل منها معنى لحراكها التغييري. إذن تحديد مفهوم الثقافة يبدأ من الهدف، وليس للثقافة هدف واحد، ولا يمكن حصرها بين خيارين». وختمت بالقول: «يمكن القول إن الثقافة مفهوم متغير على قاعدة الثوابت تخص الإنسان في إنسانيته، وتجعلنا نسعى كي تكون الحياة أفضل، وأن من حقنا أن نعيش بحرية وعدالة، وبما يسمح لنا بتحقيق أحلامنا. كانت لنا أحلامنا قبل مائة عام، في عصر النهضة العربي، واليوم بعد قرن من الزمان نجد ثقافة يسودها الإرهاب، نحن نحتاج للثقافة للخروج من أطرنا الضيقة، فالثقافة سبيل الخلاص من المأزق الحضاري». من جهته، كان جيمس كنغ أكثر ميلا إلى الاختصار والإيجاز: «أين يبدأ التغيير؟» مؤكدا أن «الرواية والإبداع تعتبر منطلقاً لمفهوم الثقافة بمعناها الشامل وبوصفها التغييري، وأنه لا بد من كسر قيد العزلة مع الثقافة المختلفة، والثقافات المختلفة لديها مستويات تفكير مختلفة وخاصة بها»، وأضاف: «عندما أفكر بالثقافة يتبادر للذهن الشباب ومختلف أشكال التواصل الاجتماعي والتغييرات الحديثة والنوعية المختلفة عن السابق». وبدوره، تساءل الدكتور عمر حلبلب، مباشرة أيضا: «هل الثقافة تمرد أم مهادنة؟»، ثم أجاب: «نختار بداهة الثقافة المتمردة الواعية، فهي متحركة باستمرار، أما المهادنة فهي ساكنة، والسكون نقيض التغيير، وهي تؤمن بثبوت صلاح الماضي لحكم وإدارة المستقبل، وأن ما هو كائن أفضل مما هو قادم، وأن سكونية الثقافة تؤدي إلى سكونية الفعل، وفيها إلغاء للزمن، وحذف للمنجز الحضاري بكل تفاصيله». وأضاف: «المهادنة هي ثقافة السلطة باستمرار في طبيعتها وعموميتها، والسلطة استبدادية، بمعنى تناقضها مع كل ما يكون ضدها ونقيضها. والسلطة رجعية، وفيها يتحول الوعي الاجتماعي عن مساراته الصحيحة، ويدور في كنفها، وحين يتمرد تعمل على احتوائه». وأشار حلبلب إلى أن «المثقف الحقيقي هو الذي يخلق السلطة، ويجب أن يكون متصلاً بالأصالة والمعاصرة والتراث والحاجة إلى تطويره». وأضاف: «إن الثقافة المتمردة تغييرية، مستجيبة لحاجات المجتمع، وهي إنجاز حضاري متفق مع مسيرة الحياة التي لا تهادن، وهي أيضاً نقيضة الثقافة الاستعلائية التي تظل في حوزة النخبة، ولا تنخرط في المجتمع، وبالتالي فإن الثقافة الاستعلائية مثل الثقافة المهادنة السكونية، لا تمس الوجدان الشعبي، أما الثقافة المتمردة فهي ثقافة مقاومة قبل كل شيء، وليس أدل على ذلك من فلسطين ولبنان ومقاومة الاحتلال، وهي ثقافة متأصلة في الوجدان العربي لمقاومة الظلم، كما أنها نتاج جمعي. وأخيراً على القوى التغييرية التي تتبع نهج الثقافة المتمردة أن لا تتناحر على السلطة لأن في ذلك مقتلها». وبدوره، قال فيكرام تشاندرا: «إن الكاتب أو المؤلف جزء من المشهد الثقافي عموماً، وله دور مهم في التغيير، فمهمة الكاتب هي أن يكشف الحقيقة في عمله الابداعي، ولأنه كذلك فقد واجه طوال التاريخ عقبات ومشكلات وتصادمات مع السلطات». وأكد تشاندرا في صدد تجربة أي روائي أو كاتب أو مبدع أن «المثقف الحقيقي هو الذي لا يهادن في التاريخ، ودوره في التغيير الإيجابي للمصلحة العامة، حيث هناك دائما علاقة بين التغيير والمبدع ودوره في تلك العملية». وقال أيضا: «إن مهمة الكاتب والمبدع والمثقف المتمرد أن يطرح الأسئلة التي تقلق، كما أن على المبدع المتمرد أن لا يهدأ في طرح تلك الأسئلة حتى لو فقد وظيفته وامتيازاته».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©