الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفريقيا.. هل تنهي شلل الأطفال؟

24 نوفمبر 2014 03:25
بالنظر إلى كل الأخبار المتواترة حول الانتشار السريع والمهول لوباء إيبولا عبر غرب أفريقيا، قد يكون فاتنا تطورٌ مشجع يتعلق بالصحة العامة، ألا وهو اقتراب القارة السمراء على ما يبدو من القضاء بشكل كلي على شلل الأطفال، والذي كان يُعتبر ذات يومٍ واحداً من أكثر الأمراض إثارة للخوف في العالم. فيوم الخميس، صدر تقرير لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، حول نيجيريا، يشير إلى أنه تم تشخيص ست حالات فقط لفيروس شلل الأطفال في البلاد هذا العام، مقارنةً مع 29 حالة خلال الفترة نفسها من العام الماضي. يشار هنا إلى أن نيجيريا تعتبر مهمة بشكل خاص بالنظر إلى أن المنطقة الشمالية من البلاد، وكما يشير التقرير، كانت بمثابة «خزان لعودة فيروس شلل الأطفال البري إلى 26 بلداً من البلدان التي كانت خالية من شلل الأطفال». ويذكر هنا أن نيجيريا لم تعرف حتى الآن أي حالة لشلل الأطفال منذ يوليو الماضي، مثلما لم تسجل القارة الأفريقية بشكل عام أي حالة لهذا المرض منذ الحالة الوحيدة التي سجلت في الصومال في أغسطس الماضي. الخبر السار يأتي عقب تطورات إيجابية أخرى من قبيل التقارير التي تفيد باحتمال النجاح في القضاء على اثنتين من السلالات الثلاث لفيروس شلل الأطفال البري، إضافةً إلى إعلان الهند رسمياً بلداً خالياً من شلل الأطفال من قبل منظمة الصحة العالمية. كل هذه أخبار مرحب بها بدون شك، خاصة بالنظر إلى المخاوف التي كانت سائدة في وقت سابق من هذا العام بشأن عودة عالمية للمرض. ومن ذلك ظهوره من جديد في عدد من البلدان الأفريقية. وعلى سبيل المثال، فالكاميرون شهدت عودة شلل الأطفال جزئياً بسبب التخوفات من اللقاحات وتأثر البنية التحتية الصحية للبلاد بسبب تدفق اللاجئين الهاربين من الحرب في جمهورية أفريقيا الوسطى. ولعل التقدم الأكبر والأهم هو ذاك الذي سجل في الصومال، التي عرفت 183 حالة لشلل الأطفال العام الماضي وست حالات فقط حتى الآن خلال العام. وهذا يرجع ربما إلى حملة مكثفة للتطعيم في البلاد عام 2014، وتراجع قوة مجموعة «الشباب» التي عارضت حملات التطعيم السابقة بعنف. غير أن العالم لم يجتز عنق الزجاجة بعد، ذلك أن الأمر يتطلب مرور ثلاث سنوات بدون تسجيل حالة جديدة للمرض، حتى تستطيع منظمة الصحة العالمية إعلان بلد أو منطقة ما خالية من شلل الأطفال، كما أن النزاع المسلح في أماكن مثل شمال نيجيريا والصومال يمكن أن يستمر في عرقلة جهود التطعيم. فمجموعة «بوكو حرام» في نيجيريا، على سبيل المثال، سبق أن قامت بقتل عمال حملات التطعيم ضد المرض. ومما لا شك فيه أن فيروس إيبولا شكّل عبئاً على الموارد الصحية وجعل التلقيح ضد أمراض أخرى، مثل شلل الأطفال، أكثر تعقيداً في البلدان التي يتفشى فيها. غير أنه على الجانب المشرق، يشير تقرير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن الموظفين والبنية التحتية التي وضعت لمعالجة شلل الأطفال في نيجيريا، لعبا دوراً حاسماً في مساعدة البلاد على تنظيم وبلورة ردها الناجح على إيبولا. الآن، وفي وقت تنتظر فيه المنطقتان الأفريقية والمتوسطية إعلانهما منطقتين خاليتين من شلل الأطفال، يبدو أننا أخذنا بالفعل نقترب من القضاء على المرض في العالم، وهو ما سيجعل منه ثاني مرض يصيب البشر يتم القضاء عليه من خلال التلقيح، بعد الجدري. وإذا تواصلت الاتجاهات الحالية في أفريقيا، فيمكن القول إن معقل شلل الأطفال الأخير من المحتمل أن يصبح هو باكستان وأفغانستان، حيث تشن «طالبان» حملة رعب ضد العمال الصحيين، أو في سوريا والعراق، حيث تساعد الحرب الأهلية المرض على العودة. * كاتب ومحلل مهتم بقضايا الصحة والتنمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©