الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السعد المنهالي: «ناشيونال جيوغرافيك» فرصة عمري وهدفي تحقيق نقلة نوعية في محتواها

السعد المنهالي: «ناشيونال جيوغرافيك» فرصة عمري وهدفي تحقيق نقلة نوعية في محتواها
12 نوفمبر 2013 18:55
السعد المنهالي إعلامية إماراتية مثابرة، تمتلك طاقة كبيرة، تطوعها في العمل الصحفي بمنتهى الجسارة، ولديها قدرة شفيفة على كتابة المقال برهافة عالية، وحس رفيع، في لغة متماسكة قوية. قضت سنوات عديدة تتنقل بين الوظائف المهمة في أروقة صحيفة «الاتحاد» التي تعدها المؤسسة الأم التي تعلمت فيها مهارات خاصة، واكتسبت من خلالها خبرات واسعة، تؤهلها للعمل في أي موقع بقدمين ثابتتين، ويقين راسخ بأنها أهل لكل ما يناط بها من مسؤوليات، قبل أن تشغل مؤخراً منصب رئيس تحرير مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية. أشرف جمعة (أبوظبي) - تلقت السعد المنهالي خبر تعيينها رئيس تحرير مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية من قبل أبوظبي للإعلام بمشاعر مختلطة، لكنها في النهاية وضعت نفسها في تحدٍ جديد، لإثبات كفاءة خاصة في تنشيط محتوى هذه المطبوعة، عبر رؤى وتصورات تسع المدى، ولا تزال المنهالي تأمل في تحقيق العديد من الطموحات، في ظل تعدد تجاربها بين الصحافة اليومية والدورية، وعلى الرغم من اختلاف الآليات في مناحي العمل الإعلامي المقروء، إلا أنها ترى أن الصحافة بوجوهها كافة تتلاقى. «الاتحاد» التقت السعد المنهالي للوقوف على اللحظة الفارقة في حياتها المهنية، ومن ثم التعرف إلى رؤيتها للمستقبل، والقضايا المثارة في بحر الإعلام المقروء، في ظل هيمنة الصحافة الإلكترونية على المشهد العام. ? كيف تلقيتِ خبر تعيينك رئيس تحرير مجلة ناشيونال جيوغرافيك من قبل أبوظبي للإعلام؟ ?? كانت مشاعري مختلطة جداً تجاه هذا الخبر، بين فرح وامتنان، وترقب وقلق وخوف، وأيضاً بهجة في الوقت نفسه مخلوطة بحزن، وعندما تلقيت عرض تكليفي بهذه المهمة، كنت في أشد الحاجة إلى تحدٍ جديد، وبيئة عمل محفزة لإمكاناتي، وبكل الصدق أعتبر ذلك فرصة عمري حتى الآن، على الصعيد المهني، على الرغم من تعلقي بـ«الاتحاد» وأهلها، ولهذا كنت حزينة ولا أزال، فلقد ارتبطت جذرياً بصالة التحرير في «الاتحاد»، ولو كان مقر مجلة ناشيونال جيوغرافيك بعيداً عن صحيفة «الاتحاد» لكنت ترددت قليلاً في قبول العرض. ? وما الأهداف التي تسعين إلى تحقيقها في الفترة المقبلة؟ ?? العمل في مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» ذو طبيعة خاصة، علمية وبحثية، إذ تتجمع فيه عوامل الإمتاع والتشوق والإثارة والدهشة، وهو محيط مختلف عن كل تجاربي السابقة، لكنه أيضا مزيج جميل يجمعها كلها، أما عن هدفنا في المرحلة المقبلة، وخصوصاً بعد أن أكملت المجلة عامها الثالث، وبعد أن اكتسب الفريق الخبرة العملية المميزة لإنتاج وتقديم مواد مناسبة للمستوى العالمي، هو الاستفادة من ذلك بإنتاج محتوى خاص وليس مترجماً، وخصوصاً أن منطقتنا العربية الغنية، فيها ما يستحق، وأن يتم رصدها بعمق، وبطريقة ناشيونال جيوغرافيك المتوازنة في المعلومة العلمية، والجذابة بالصورة الحقيقية البعيدة عن التكلف أو السطحية، هذا المنتج الذي أتطلع وفريق العمل في المجلة لإنتاجه سيقدم للعالم صورة عميقة لمنطقتنا عبر وسيلة لها صدقيتها العالمية. وهذا ما ينفذ حالياً في إحداث نقلة نوعية في طريقة انتشار المجلة وعرضها عبر كل المنصات الإلكترونية المتوافرة لدى القارئ العربي في أي مكان في العالم، واستثمار الهوس التكنولوجي الذي انشغل به الشباب العربي سواء باستخدام التقنية كالأدوات أو التطبيقات كمواقع التواصل، في منحى أكثر فائدة بنشر المعرفة والعلوم عبر ما توفره مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية. ? أعلنتِ من قبل عن تسليط الضوء على القضايا الإقليمية البارزة، خاصة أن المجلة تصل إلى نحو 50 ألف قارئ عربي فهل هذا يعني أن الانفرادات ستشغل حيزاً في هذه المطبوعة؟ ?? لن أتحدث عن انفرادات، إذ إن ناشيونال جيوغرافيك لا تقدم صحافة وإعلاماً وإنما تقدم تحقيقات ذات طبيعة استكشافية علمية، وهذا ما نأمل فيه وفريق العمل في المجلة من أجل تنفيذه. ونتمنى أن ندخل عام 2014 بموضوعات ثرية من قلب المحيط العربي لتكون بمستوى ما ينشر عبر المجلة الدولية، ولقد قدمت إدارة التَحرير السابقة هذا الوعد، وعلينا السعي لتحقيقه، لأننا نملك في الإمارات مقدرات يجب أن تستغل في الإثراء المعرفي للمواطن العربي من المحيط والخليج. كما أنني أتطلع إلى الاستفادة من المؤسسات العلمية والبيئة في الإمارات التي تجد أن لديها ما يجب طرحه عبر هذه المجلة العلمية ليصل إلى المنطقة العربية وإلى العالم، فتقديم أعمال بمستوى ناشيونال جيوغرافيك يحتاج إلى دعم كبير. وأدعو عبر «الاتحاد» إلى استغلال وجود هذه المجلة في الإمارات والدول العربية لتصدير رؤيتها إلى بقية دول المنطقة والعالم. ? عملت في مناصب مهمة بصحيفة «الاتحاد» وتوليتِ حالياً إدارة مجلة شهرية فكيف تنظرين إلى هاتين التجربتين، وما مدى استفادتك المهنية من تبدل المواقع؟ ?? هناك فرق نوعي بين مجلة شهرية وصحيفة يومية، فالفرق ليس فقط بدورية الإصدار، إنما في المحتوى، في «الاتحاد» المحتوى صحفي وإعلامي، وهذا يختلف عن المحتوي العلمي، ومجلة ناشيونال جيوغرافيك لا تقدم مادة صحفية، إنما تقدم مواد علمية وتحقيقات استكشافية بحثية عبر وسيلة إعلامية. وهنا الفرق، أنت لا تنشر خبراً أو متابعة بمعايير صحفية، إنما تنشر مادة علمية تخضع لمعايير محكمة بقيود لا يمكن الخروج عنها. والمتابع لناشيونال جيوغرافيك يدرك ذلك جيداً، سواء من حيث معايير الموضوع العلمية أو التحريرية ومعايير الصور والخرائط والرسوم البيانية والتوضيحية، لكونها تعتمد على درجة عالية من الدقة والموثوقية العالمية. تجربتي في «الاتحاد» قدمت لي خبرة إعلامية مناسبة تمكنني أن أقف على أساسها بثبات في أي أرض أخرى، فالعمل اليومي -الذي يعتمد على عجلة شاقة وسريعة لا تنتظر أحداً، صقل من مهاراتي وجعلني أتعامل مع طبيعة سير العمل في المجلة بشكل أكثر هدوءاً وعمقاً؛ خاصة بعد التخلص من ضغط الزمن. إضافة إلى أن عدد الأشخاص الذين عليَّ التعامل معهم أصبح محدوداً جداً على عكس الصحيفة ؛ ولكن في المقابل زاد العبء التحريري، ولكوننا في المجلة ملتزمين بمادة تحريرية ذات طبيعة خاصة، علينا أن نحافظ فيها على الطبيعة العلمية للمادة، وفي الوقت نفسه على السلاسة اللغوية التي يجب أن تجعل القارئ العربي يعتقد أنها مادة كتبت بلغته وليست مترجمة. كذلك اتسعت حلقة التعامل مع إدارات لم أتعامل معها أبداً، سواء داخل الشركة أو حتى خارجها، فطبيعة العمل تفرض التزامات لم تكن مُلزمة في صحيفة الاتحاد، وفي رأيي هذا التحدي الذي أواجهه في المرحلة الحالية، كون الأمر لم يعد له علاقة مباشرة بالمحتوي المقدم عبر المطبوعة، بقدر ما له علاقة بأمور أخرى بعيدة ولكنها تؤثر بشكل مباشر في قدرتك على نشر هذا المحتوى. ? المشهد الصحفي في الإمارات يزخر بالتنوع والثراء الشديدين، فكيف تقيمين دور المؤسسات الصحفية في الوقت الراهن ؟ ?? على الرغم من خبرتي الممتدة لـ 15عاماً في هذا الحقل، ما زلت أرى نفسي غير مؤهلة لتقييم عمل المؤسسات الصحفية. أنا أتعامل مع الصحف المختلفة من منظور القارئ المتابع، مهتمة بمعرفة ما يحدث في مجتمعي، ليس الظاهر للسطح والبائن للعيان، والذي يرصده أي مارٍ عادي، وإنما ما يحدث في عمق المجتمع وما يلمس الناس في الصميم. ولذا أجد نفسي أتابع كل الصحف، وفي كل صحيفة هناك المميز الذي لا تشاركه فيه صحيفة أخرى وهكذا. وماذا عن الصحافة الإماراتية وقدرتها على مسايرة العصر؟ ?? الصحافة الإماراتية بما تملك من مقدرات ودعم لا محدود من مؤسسات الدولة يمكنها أن تحدث فارقاً ليس عربياً فقط وإنما عالمياً، ولكن إلى أي مدى تستغل هذه الميزات؟ أعتقد أن التطور في هذا الطريق لا يزال دون السرعة المأمولة ربما لأن الإماراتيين غير منخرطين في هذه المهنة بشكل كبير؟ أو ربما لأن أبناء المهنة لم يعملوا على الاستفادة بشكل كامل من كل هذه الإمكانات. ولكن السير على هذا الطريق أصبح أسرع من قبل. في الإمارات العديد من الجنسيات، تخيل الثراء المعرفي والمعلوماتي الذي يمكن أن يفتح أبواباً غير اعتيادية على العالم اجمع. هذا وغيره من التطور التكنولوجي الذي تتوافر عليه المؤسسات الصحفية، وهو أداة لو استغلت بشكل مهني لحققت قفزة غير عادية. ? ينطلق العالم اليوم نحو الصحافة الإلكترونية فكيف تنظرين إلى مستقبلها، وما مدى تأثيرها على الصحافة الورقية؟ ?? الصحافة سواء كانت مطبوعة أو إلكترونية تبقى صحافة، وتبقى المعايير المهنية والصدقية في الطرح هما المحكان اللذان يحكم عليهما الناس، سواء كان عبر الورق أو عبر الشبكة الدولية أو حتى على ورق الشجر، وأنا على قناعة بأن علينا نحن معشر الصحافيين ألا نعير ذلك التحول اعتباراً كبيراً، بل علينا أن ننشغل أكثر ونوجه طاقتنا بمحتوى ما نقدمه ومضمونه، لأن هذا ما سيحدد مستقبلاً دواعي بقائنا، خصوصاً لو استمر تشابه ما يقدمه الصحفي المهني مع ما يقدمه الصحفي المواطن أو الشعبي الذي لا يعتد لا بمعايير مهنية ولا أخلاق صحفية، وكل همه نقل معلومة؛ وإذا أهملنا ذلك وتشابهنا مع أي كان، فلن يبقى لنا مكان، ويجب ألا نقلق من التحول الإلكتروني، خاصة أن ذلك يضمن لنا انتشاراً أكبر، وتواصلاً أسرع، بشرط أن نحافظ على مهنية المهنة وصدقيتها ورسالتها. ? أنتِ من الكاتبات اللواتي لديهن رصيد لدى القارئ، فما أهم القضايا التي تفكرين في طرحها عبر كتاباتك في المرحلة المقبلة؟ ?? ليست لدي خطة محددة حول ما أرغب في طرحه مستقبلاً، كل ما أود فعله أن أكتب ما أشعر به، وفي العموم أنا معنية جداً بتسليط الضوء نحو زوايا الجمال في كل شيء حولي وحول من هم حولي. قارئة نهمة تمتلكين قدرة عالية على كتابة المقال الصحفي بأسلوب مكثف، ولغة مفعمة بالحيوية، وشاعرية عارمة، فكيف شكلت معجمك اللغوي الذي يعتمد على وجيز العبارة واكتنازها في آنٍ؟ حصيلتي اللغوية تكونت عبر سنوات عمري في القراءة والكتابة، أنا قارئة نهمة، ولا أترك شيئا يمر بيدي من دون أن أقرأه، كما أنني أحب كثيراً أن أكتب ما يجول في خاطري، ودائما ما أسعى لوصف ما أشعر به بكل ما أملك من طاقة، أحاول دوماً أن أربط ما أشعر به بالألوان والروائح والأصوات بملمس الأشياء وطعمها، هذه الطريقة التي ابتكرتها تثري من قدرتي على الوصف وتثري محصلتي اللغوية. السياسة مفتاح فهم العالم درستِ العلوم السياسية فما انعكاس هذا النوع من الدراسة على شخصيتك ونظرتك للأحداث والناس والمجتمعات؟ السياسة مفتاح الدخول إلى فهم العالم بالعموم، كأن تنظر للكرة الأرضية من الأعلى، فتفهم شكل الأرض وتوزيع المحيطات وأماكن الجبال ومساحات الغابات، هذه الرؤية مفيدة جداً لفهم العالم والطريقة التي يعمل بها ومعرفة موقعك بين كل تلك الأشياء الكبيرة، إذا هي مفيدة لفهم العالم بشكل أو بآخر ولكنها لا تعني فهم الحياة، وهو ما وجدت نفسي أنني أحتاجه، ففهم الناس أمر مختلف تماماً. لن أقول إنني فهمت الناس ولكن العلوم السياسية جعلتني اكتشف نفسي، ومن ثم أحاول فهمها، وكانت هذه بداية لمحاولة فهم الناس حولي. «العالم امرأة» صدر كتاب لك حمل عنواناً لافتاً «العالم امرأة» فهل المرأة أفضل اليوم أم الأمس؟ فقط المرأة أفضل إن هي أرادت ذلك. في الإمارات كانت المرأة دوماً في حال أفضل، وتقريباً كل ما حدث معها كان برضاها ورغبة منها، ولعلها كثيراً ما كانت متحكمة بمصيرها، إن امتلكت الرغبة تمكنت بقدرتها من فعل التغيير. لست من الشكائيين، واجهت كثيراً من محاولات التهميش، ولكنني تعاملت مع ذلك بأنه وارد الحدوث حتى مع الرجال، ولذلك تجاوزت المسألة بإثبات قدراتي الشخصية الإنسانية والمهنية ولا علاقة لجنسي بذلك، ولذلك اضطر الآخرون في نهاية الأمر إلى التعامل معي على هذا الأساس. المرأة أفضل إن هي أرادت ذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©