الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ترويج العلوم في دعم رؤية أبوظبي

14 نوفمبر 2011 23:42
يستلزم تطوير رأس المال البشري المستقبلي في أبوظبي، الذي يقود مسيرة التقدم في القطاعات الناشئة مثل علم الفضاء والطاقة المتجدّدة وأشباه الموصلات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، انخراط عدد متزايد من الطلاب في دراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ومع أننا نميل إلى النظر إلى تلك المواد العلمية على أنها من مسؤولية المدارس، فإن الأبحاث التي أجريت حديثاً تشير إلى أن القسط الأكبر من عملية بناء المعارف في العلوم يحدث فعلياً خارج إطار المدرسة. وإذا أخذنا هذا الأمر بعين الاعتبار، إضافة إلى حقيقة أن الطفل يقضي حوالي 20% من وقته ضمن الإطار الأكاديمي الرسمي للتعليم، تتضح لنا أهمية التركيز على مصادر بناء معرفة الطالب في العلوم خارج الفصل الدراسي لضمان نشوء جيل جديد يتمتع بمواهب عالية تدعمها المهارات والتوجهات والسلوكيات المطلوبة ويسهمون في بناء اقتصاد المعرفة الذي ترجوه الإمارة. ويشير مصطلح “ترويج العلوم” إلى المعارف التي يتم تحصيلها خارج نطاق المدرسة، مثلما يحدث في مهرجانات أو متاحف العلوم. ويمكن لهذه التجارب التي تتراوح بين إطلاق صواريخ نارية في الفناء الخلفي للمنزل وبرمجة إنسان آلي “روبوت”، أن يكون لها أثر بالغ على الأطفال واختياراتهم المهنية، حسبما تؤكد الأبحاث التي نشرت حديثاً، فقد أظهرت دراسة أجرتها المؤسسة الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية أن غالبية العلماء الأميركيين يعزون السبب في تعلقهم بالعلوم في مرحلة مبكرة من حياتهم إلى مشاركتهم في مهرجان أو معرض علمي، أو رحلة ميدانية إلى القبّة الفلكية أو زيارة قاموا بها إلى أحد المراكز العلمية. كما يعزي البعض السبب وراء تحول “سيليكون فالي” إلى مهد للابتكارات العلمية يعود إلى أن رواد الصناعات الحديثة فيه قد أمضوا سنين طفولتهم في “إكسبلوراتوريوم” في مدينة سان فرانسيسكو، وهو أول مركز للعلوم في العالم. والواقع أن القاسم المشترك بين المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا العملاقة “إنتل”، “فيريساين” و”أدفنت” هو أنهم مارسوا عملهم الأول في نفس المكان - فقد عملوا جميعاً في قسم الإرشاد العلمي في “إكسبلوراتوريوم” عندما كانوا في سن المراهقة. وشهدت السنوات الأخيرة ظهور معطيين إضافيين أسهما في زيادة معرفتنا بعملية بناء المعارف في العلوم. ويشير المعطى الأول إلى أن الحماسة التي يبديها الطفل تجاه العلوم بين سن السادسة والحادية عشر هي المؤشر الأكثر دلالة في اختيار الطفل في المستقبل لإحدى المهن العلمية (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات). ويكون هذا الاهتمام الذي ينشأ في مرحلة الطفولة مؤشراً أقوى على الاختيار المستقبلي لنوع العمل من نتائج الاختبارات أو الدرجات التي يحرزها الطفل في المدرسة، أو حتى اختيارات الأهل لمهنة أبنائهم. أما المعطى الثاني، فيدل على أن العامل الأكثر أهمية في النجاح المدرسي هو الحياة الأسرية. فدعم الأسرة للطفل في تحصيله العلمي سواء داخل المدرسة أو خارجها له أهمية بالغة في توقّع نجاح الطفل، حيث يتفوق على الاعتبارات الأخرى كالعرق والمكانة الاجتماعية والاقتصادية، او حتّّى مستوى المدرسة التي يرتادها. ونظراً لأهمية دعم الأهل لأطفالهم في تحصيلهم العلمي، والمرحلة العمرية التي يعبر خلالها الأطفال عن اهتمامهم بالعلوم، ينبغي تشجيع أفراد الأسرة على الانخراط بصورة جماعية في بناء معارفهم في العلوم. كما ينبغي تزويد مدرّسي العلوم بموارد خاصة بأنشطة ترويج العلوم التي تساعدهم على إثراء تجربتهم التعليمية الخاصة داخل الصف. لقد خطت أبوظبي خطوة مهمة بهذا الاتجاه من خلال الإعلان مؤخراً عن إطلاق “مهرجان أبوظبي للعلوم” بين 18 و26 نوفمبر من العام الجاري. ويهدف المهرجان إلى تشجيع الناشئة في الإمارة على الانخراط في العلوم والتكنولوجيا والابتكار العلمي بأسلوب مرح يعتمد على التجربة العملية والاختبار بما يتماشى مع النموذج المدرسي الجديد في أبوظبي وخطط إصلاح قطاع التعليم في الإمارة. كما تسهم المبادرات المحلية الأخرى مثل المختبر المتنقل “ساينس إكسبرس” الذي أنشأته مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي، والبرامج الصيفية للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEAM) ، إضافة إلى البطولة الوطنية للروبوت برعاية مجلس أبوظبي للتعليم، في توفير الإمكانيات التي تتيح للأطفال والأهل والمدرسين بناء وتكريس الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا، ومع ذلك يبقى أطفالنا بحاجة إلى مزيد من تلك الفرص ليتاح لهم استثمار كامل طاقاتهم. ولا بد لنا من الإقرار بمدى القوة التي تمنحها برامج ترويج العلوم للأطفال الذين تقع على عاتقهم مسؤولية تحويل أبوظبي إلى اقتصاد قائم على المعرفة، كما إن توفير كافة الفرص لأطفال اليوم للتساؤل والاستكشاف والتقصي، وتوجيه فضولهم العلمي في إنجاز الابتكارات التي ستحدد مستقبلنا الجماعي، هو الذي يؤدي إلى بناء رأس المال البشري ومجتمع مؤهل لتحقيق أهداف الرؤية الاقتصادية 2030. أحمد سعيد الكليلي المدير العام للجنة أبوظبي لتطوير التكنولوجيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©