الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكاية «فاطمتين» تختصر تجربة النزوح السوري إلى لبنان

حكاية «فاطمتين» تختصر تجربة النزوح السوري إلى لبنان
10 نوفمبر 2015 14:08

يتوزع أكثر من 1.4 مليون نازح سوري في مناطق مختلفة في لبنان، ويُلقي ذلك بثقل كبير على مفاصل الحياة العامة، إلا أن ذلك لا يخفي حقيقة أن مخيمات النزوح تعاني أوضاعاً صعبة، وتحتضن بين جنباتها حكايات مؤلمة حيناً وعنواين للإصرار والإقبال على الحياة أحياناً.

تجربة فاطمة تبرهن أن الظروف الاستثنائية تجعل كل شيء ممكناً، وحدها الإرادة هي المطلوبة. الخيمة الصغيرة التي تسكنها فاطمة مع أسرتها في أحد المخيمات العشوائية في منطقة قب الياس البقاعية، شرق لبنان، تتحوّل يومياً إلى فصل دراسي لأبناء الأسر الهاربة من البراميل المتفجرة ومن عتمة الحرب. في هذه الخيمة تخوض فاطمة معركتها المختلفة ضد الأميّة بلا مناهج دراسية ولا كتب، بل بكثير من الصبر والإصرار على إنقاذ جيل من الضياع.

تقول فاطمة، التي نزحت إلى لبنان منذ نحو ثلاث سنوات: «اضطررنا للهروب من الحرب في سوريا، وخفت على مصير أبنائي وعلى زوجي من عمليات الخطف على الحواجز، حزمنا أمتعتنا وهربنا كغيرنا من السوريين ومع أني أحضرت شهادتي في التعليم إلا أني لم أجد وظيفة، لا أحد يريد معلّمة سوريّة». 

وفق وزير التربية اللبناني، الياس بوصعب، يوجد أكثر 400 ألف نازح سوري في عمر التعليم على الأراضي اللبنانية، أكثر من نصفهم لا يذهبون إلى المدرسة، مقارنة بنحو 250 ألف تلميذ لبناني في المدارس الرسمية. ويسهم المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة في دعم تسجيل نحو 160 ألف نازح للعام الدراسي الحالي، فيما يعمل العديد من الأطفال في الأراضي الزراعية وجمع المحاصيل مقابل أجر لا يزيد عن ثلاثة دولارات يومياً.

وأضافت فاطمة: «وجدت هؤلاء الأطفال في مخيّمنا في خطر، أكثرهم لا يعرف لا القراءة ولا الكتابة، وفكّرت أن استمرارهم على هذا النحو يهدد حياتهم ومستقبلهم، فقررت بدعم من الأهالي أن أجعل هذه الخيمة صفّاً يأتون إليه فأعلمهم الحروف والأرقام بإمكانات لا تتعدى لوحاً أبيضَ وبعض الأغنيات، أما الكتب والقرطاسية فلا مكان لها هنا».

وتابعت: «في الشهر الأول كان لديّ 45 تلميذاً، وزعتهم على دوامين لمدة ساعتين صباحاً ومثلها مساءً، وكانت الدروس في ثلاث مواد؛ في اللغتين العربية والإنكليزية وفي الرياضيات». ومع نُدرة الإمكانات إلا أن التلاميذ لا يتغيبون عن حضور الحصص التعليمية ويبدون في أحاديثهم رغبة في العلم.

في تقييمها للتجربة، تعتبر فاطمة أنها نجحت، إذ استطاعت تحويل بعض الأطفال من الأميّة إلى المعرفة: «هم يكتبون الآن ويقرؤون بالإنكليزية وبالعربية ويعرفون الحساب البسيط، وهذه التجربة ناجحة خصوصاً أن أكثرية أهالي التلاميذ أميون». 

«عندما أكبر أريد أن أعرف القراءة»، تقول هبة وعمرها 8 سنوات، عبارة تختصر حلماً لطفلة سورية نازحة، لحسن حظ هذه الطفلة ورفاقها أن مبادرة فاطمة جاءت لتسد عيّنة من الفراغ الناجم عن تقاعس المؤسسات الدولية عن تقديم مبادرات تعليمية كافية للأطفال النازحين.

فاطمة مخطوفة

غير بعيد عن خيمة التعليم، حكاية فاطمة أخرى، هناك الطفولة مخطوفة. فمن مخيم هلال في مدينة زحلة البقاعية، أقدم شاب على اختطاف الفتاة فاطمة الحمد البالغة من العمر 14 عاماً من خمية ذويها.

ووفق تقارير غير رسمية، فإن الخاطف هو علي أبو سويد من بلدة الفاعور في البقاع الغربي. وأشار ناشطون سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الخاطف عنصر في «حزب الله» أو يحظى بحمايته على أقل تقدير.

في تفاصيل الحادثة، أن أبو سويد اقتحم المخيم بسيارة «مرسيدس» سوداء اللون ومعه ثلاثة أشخاص آخرون، ترجّل أحدهم واقترب من خيمة أهل فاطمة وناداها باسمها فلما خرجت اقتادها إلى السيارة بالقوة، فصرخت واستنجدت بأهلها. ولما حاولت والدتها إنقاذها تعرضت للضرب من الشبان الآخرين الذين ضربوا شقيق فاطمة وشقيقتها أيضاً، ليقتاد الفتاة إلى جهة مجهولة.

وأطلق الناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة بعنوان (#انقذوا_فاطمة_الحمد) مطالبين ببذل الجهود لإطلاق سراحها.

مصادر حقوقية صرّحت أن وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، أخذ علماً بالواقعة وأنه يتحرك في كل الاتجاهات للدفع في اتجاه حل سريع.  

حادثة اختطاف فاطمة، ليست استثنائية، فقبل أسبوعين حررت القوى الأمنية اللبنانية الفتاة السورية، عبير الجاعور، بعد أيام من اختطافها بالقوة أثناء سيرها مع والدتها وشقيقتها في منطقة العين ببعلبك.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©