الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مسرحيون: "الأيام" لم تفرز قفزات نوعية

26 مارس 2007 02:21
استطلاع ـ إبراهيم الملا: فرضت الدورة السابعة عشرة من أيام الشارقة المسرحية بعض الأسئلة الحيوية والملاحظات الجوهرية المتعلقة بمستوى العروض مقارنة بالدورات السابقة، ووقوع بعض الأعمال في منطقة التكرار والتماثل، وميلها أحيانا لمنطقة التنازلات، ومشاركة بعض الفرق والجمعيات من أجل أن يدون اسمها في سجل المشاركين لا أكثر· ومع ذلك فإن الدورة لم تخل أيضا من بعض الإيجابيات المتمثلة في اتساع هامش الحرية الموازي للطرح النقدي الجاد في بعض العروض، وظهور النصوص المحلية القوية التي استفادت من مصادر الموروث والفلكلور الشعبي، وتدفق دماء شابة وجديدة في جسد المسرح المحلي، وفي مجالات متعددة كالتمثيل والإخراج والكتابة والتخصصات التقنية المصاحبة· ''الاتحاد'' التقت عددا من ضيوف الأيام ومعهم مسرحيين من الإمارات عبّروا عن آرائهم وانطباعاتهم حول هذه الدورة، وسبل تطويرها وتجويدها في إطار الحراك الثقافي العام في الدولة والمتجه نحو المستقبل برهانات جديدة، وآفاق رحبة ومتنامية، فكان الاستطلاع التالي: عودة لجنة الاختيار في سؤالنا للفنان إبراهيم سالم حول مستوى عروض هذه الدورة مقارنة بالدورات السابقة قال: إن المسألة غير متعلقة بعقد مقارنات، بقدر ما هي متعلقة بالنظر إلى المسرح المحلي كفن يرواح في مكانه، لأن كل الدورات السابقة لم تؤد لخلق فوارق كبيرة في المستوى، ولذلك فإن كل الدورات متشابهة، وليست هناك قفزات نوعية أو متجاوزة، وعندما نعود بالذاكرة إلى أعمال مسرحية مثل: ''جميلة'' و''حبة رمل'' و ''قبر الولي'' فإن العروض الحالية التي تدعي أنها متجاوزة، نراها تقع في نفس منطقة العروض التي ذكرتها، نفس الأفكار ونفس المعالجات ونفس الرؤى البصرية، فأين هو الجديد وعن أية مقارنات يمكن أن نتحدث، وهناك إشكالية أخرى تتعلق بالنظرة المادية والانتفاعية التي طغت على تفكير البعض، وهي النظرة التي حولت هذا الفن الطليعي والراقي إلى وسيلة لا إلى هدف، ومن هنا فإن العروض الضعيفة نتاج طبيعي لهكذا تعامل مع الفن، بالإضافة إلى الاستسهال والتسرع في تنفيذ الأعمال، فكيف يمكن الخروج بعمل ناجح يتطلب بروفات تمتد لسبع ساعات يوميا، ويختصرها المخرج إلى ساعة أو ساعة ونصف لأنه مرتبط بأعمال أخرى سواء في التمثيل أو الإخراج! وعن النداءات المطالبة بعودة لجنة الاختيار يقول سالم إنه يقف وبقوة بجانب هذه النداءات، لسبب مهم وهو أن وجود اللجنة غير مرتبط بالفرز وحده، فالملاحظات التي تبديها اللجنة حول العروض قبل المشاركة النهائية، هي ملاحظات مهمة ومضيئة لجوانب كثيرة ومفصلية في حيثيات العرض، ويستفيد منها الطرفان، الداخل في المسابقة والمستبعد منها· ويبدي الممثل والمؤلف الإماراتي جمعة علي رأيه حول قلة العروض المدهشة والنوعية في الدورة السابعة عشرة للأيام قائلا: إن ظهور الأعمال القوية محكوم بمنافسة تمهيدية متمثلة بعبور العتبة الأولى للجنة الاختيار والفرز، فعندما غابت هذه اللجنة بسبب احتجاج الفرق عليها، غلب الاستسهال على الأعمال المشاركة، واختلطت العروض الهشة والمتواضعة بالعروض المميزة، ما أدى إلى خلق فوارق كبيرة بين عرض وآخر، وأظن أن عودة هذه اللجنة مهم، كي تستعيد الأيام رونقها، وكي تتجدد روح المنافسة بين الفرق، فتجوّد من أدواتها، وتستعد مبكرا للأيام، وتخرج بذلك من مأزق المشاركة المتأخرة المقرونة بالاستعجال والتسرع· وعن وسائل التجويد التي يمكن ضخها في الجسد المسرحي المحلي كي يتعافى من الهزال والترهل الذي أصابه في الفترة الأخيرة، يرى ''جمعة'' أن هذه الوسائل يجب أن تنبعث أولا من داخل الفنان نفسه، فالدورات التي نظمها معهد الشارقة المسرحي شهدت حضورا متواضعا رغم وجود محاضرين ومخرجين مهمين على مستوى العالم والوطن العربي، وهناك أيضا الثقافة المسرحية المفتقدة لدى الكثير من فنانينا، وهي ثقافة تكتسب بالإطلاع والاحتكاك، وبقوة الدفع الذاتي تجاه البحث المعرفي في تاريخ المسرح وفي مستقبله أيضا· ملاحظات ومقترحات ويرى الدكتور محمد هناء عبد المتولي من جمهورية مصر (عضو لجنة التحكيم)، أن أيام الشارقة المسرحية هي تظاهرة محلية تجمع بين الجيل الشاب والجيل المخضرم كنوع من التلاحم الفني الذي يفتح المنافذ والمسارب بين التجربتين، ولاحظنا أن تجارب الكبار في هذه الدورة كانت موجهة بشكل مكثف تجاه الجمهور من خلال القصص والثيمات الشعبية، وأنا أرى أن هذا التوجه مطلوب في الفترة الحالية مع ضرورة الحفاظ على بديهيات العرض المسرحي، ولاحظنا في هذه الدورة أيضا كثرة الأعمال المقتبسة من نصوص عالمية أو عربية، مع عدم ذكر مصدر هذه النصوص، وهذا أمر يثير الاستغراب لأنها نصوص معروفة لكل من له علاقة بالمسرح، ويجب أن أشير هنا إلى ضرورة تكوين ورش تدريبية ''للدراماتورج''، والتي تساهم في إعداد المؤلف المسرحي الإماراتي في المستقبل، وحان الوقت من خلال هذا المهرجان أن نفكر بمصطلحي السينوغرافيا والديكور، لأن هناك خلطا واضحا بينهما، فالديكور عبارة عن قطع تركيبية وبنائية ولا علاقة لها بلغة العرض المسرحي، بينما السينوغرافيا هي تشكيل الفضاء المسرحي بكل مفرداته ابتداءً من الممثل والإضاءة والحركة وغيرها من المفردات· ويجب في هذا السياق أن نميز أيضا بين الفلكلور الشعبي، وبين الدراما الشعبية، فالشكل التراثي في المسرح يجب ألا يقدم كحلية لتزيين شكل العرض، أو وضعه كمقدمه للعرض ثم الخروج منه تماما والدخول في معالجات أخرى، لابد للرقصات والأغاني الشعبية أن توظف وتستغل داخل قوام العرض المسرحي· وحان الوقت للممثل الإماراتي والعربي عموما أن يتخلص من الميلودراما الكلامية أو البكائيات المفجعة، وكأن المخرج يتوسل عطف المشاهدين من خلال المبالغة في الحوارات الحزينة، وهذا برأيي يدخل في نطاق التزييف والتصنع والثرثرة، على الممثل أن يعبر من خلال لغة الجسد، وأن يصل إلى المشاهد من خلال حركته لا من خلال المونولوج والتعبير الصوتي فقط· أنفاس جديدة ورؤى متطورة أما الفنان الكويتي جمال الردهان فيرى في أيام الشارقة المسرحية إحدى التظاهرات المفرحة والمبشرة على مستوى الوطن العربي، ورغم تفاوت القيمة الفنية والموضوعية للعروض في هذه الدورة، إلا أنها ــ وكما يقول الردهان ــ تشكل ولادات ومخاضات لجيل مسرحي جديد في الإمارات، ومن الطبيعي أن تشهد هذه المخاضات بعض الضعف والهبوط والأخطاء، وهذه السلبيات تعالج نفسها من الداخل من خلال التوصيات والقرارات المرنة التي لا تقسو بل تعالج، ولا تفرض بل تناقش وتحاور، ولا يمكن أن ننعت هذا الهبوط بالكبوة، فالطاقات المسرحية في الإمارات، طاقات كبيرة تحضن تحت أجنحتها طاقات أخرى واعدة، وبقليل من الصبر والتراكم يمكن لهذه الطاقات الشابة أن تتفوق على نفسها وتمنح الساحة المسرحية نفسا جديدا ورؤى متطورة· وللدكتور نبيل الفيلكاوي من الكويت (عضو لجنة التحكيم) رأي مهم حول غياب عنصر التخصص لدى المسرحيين في الإمارات، فرغم وجود 20 فرقة مسرحية في الدولة إلا أن الأكاديميين وخريجي المعاهد ــ كما يقول الفيلكاوي ــ يعدون على أصابع اليد، أما باقي المنضوين تحت مظلة هذه الفرق فجلهم من المواهب التي تنطلق من الشغف الذاتي بالمسرح، ولكن هذا الشغف وحده لا يكفي، ونحن بدورنا اقترحنا إنشاء ورشة مسرحية عربية كبديل مؤقت للمعهد العالي للمسرح، وسنبدأ أولا بتدريس منهج السينوغرافيا وسأكون أحد المشاركين في هذه الورشة بحكم تخصصي في هذا المجال· ومثل هذه الورش المتخصصة وطويلة المدى ستكون بديلا ناجحا للورش العابرة والمكثفة، التي تخلق ثقافة مسرحية عامة، ولكنها لا تتوفر على عنصر التخصص والمداومة والاختبار والتطبيق العملي· ويرى الدكتور محمد الخزاعي من البحرين (عضو لجنة التحكيم) أن أيام الشارقة كتظاهرة مسرحية تدخل في سياق المهرجان المحلي، والمعني به الفرق المسرحية في الإمارات، ولذلك فإن النداءات المطالبة بتطوير شكل الأيام وتوسيع المشاركات، هي نداءات لا تمثل حلولا سحرية لتواضع العروض وهبوط المستوى والفوارق الكبيرة بين المسرح المحلي والمسرح العربي أو العالمي، ومرد قولي هذا يعود إلى خصوصية هذا المهرجان الذي يشتغل من وإلى الداخل، ويعبر عن همومه الفنية والجمالية في النطاق الذي يضمه ويتعامل معه، ولا يمكن والحال هذه إلباسه ثوبا ليس بثوبه، يمكن للعروض العربية والدولية أن تشارك، ولكن على هامش الأيام وبعيدا عن التنافس الشريف والمتقارب بين الفرق المحلية· وحول تقسيم الجوائز بين الهواة والمحترفين يقول: لا يمكن لهذا التصور أن ينجح، فمن الظلم أن تضع جائزة لأفضل عرض وتمنحه في النهاية لعمل ضعيف أنتجه الهواة، أنا أرى أن المشاركات الضعيفة يجب أن تستبعد منذ البداية، بغض النظر عن كونها لهواة أو محترفين، فللهواة إبداعاتهم التي يمكن أن تتفوق على الكبار، وللمخضرمين هفواتهم وكبواتهم أيضا، ولا يجوز أن نجاملهم، من يريد المنافسة عليه أن يكون على قدر هذه المنافسة، وإلاّ عليه أن ينسحب وينعزل في بيته، الفنان الحقيقي هو الذي يحترم النقد، لأنه الناقد الأول لعمله''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©