الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

محمد بن صقر القاسمي: أنا مع الحرية الرياضية بلا خطوط حمراء

27 مارس 2007 00:03
يقدمها: محمود الربيعي: يحكى أن الفيلسوف الإغريقي سقراط كان يلتقي دوماً بحوارييه ·· وفي يوم من الأيام انضم لمجلسه شخص جديد· وبدأ الحوار كالعادة وتحدث الجميع إلا هذا الشخص· وعندما هموا بالانصراف استوقفهم سقراط ودعاهم مرة أخرى للجلوس·· وتوجه بنظره ناحية الشخص الجديد وقال له تكلم: فلما آثر الرجل الصمت·· قال له مرة أخرى تكلم لأعرفك، وقبل أن يتكلم الرجل ·· وجه الفيلسوف الإغريقي كلامه إلى الجماعة قائلاً: ''ألا تعرفون أن الرجال يُعرفون من كلامهم''· داعبت هذه الحكاية خيالي وأنا ذاهب إلى رأس الخيمة لملاقاة القطب الخيماوي الكبير الشيخ محمد بن صقر بن محمد القاسمي وزير شؤون المجلس الأعلى للرياضة السابق ·· الرجل الذي باع الدنيا ومناصبها من أجل مبدأ ·· الرجل الذي يقول الحق ولو على نفسه هكذا عرفناه ·· من خلال تجارب السنين ومواقفه منها سواء في الماضي أو في الحاضر· جلست في مواجهته بقصره الذي يقام على تلة عالية، وقبل أن أبدأ الحوار سألته أتحب أن ترى الناس من فوق (!) قال على الفور ليس من باب التعالي ولكنه من باب التأمل في الخلق والخليقة (!) ثم قلت ألم تضعفك السنون ·· قال بالعكس زادتني قوة في الحق ·· ألا تعرف من أي مدرسة تخرجت ·· قلت لا ·· قال من مدرسة ''صقر'' الشيخ الذي لم ينحن في حياته لمخلوق·· الرجل الذي لم ينحن إلا لله سبحانه وتعالى ·· ثم بدأ الحوار· على الفور قصدت رأس الخيمة أولاً وأنا أعد الموضوع للنشر رغم أنه فاجأني بوابل من الآراء القوية عندما تحدثنا في الشأن الإماراتي العام ·· لكن الشأن الخاص هو الآخر لم يكن أقل سخونة وإثارة! قيل لي وأنا في مرحلة تجميع المعلومات أشياء يندى لها الجبين عن علاقة أندية رأس الخيمة ببعضها البعض، وبخاصة العلاقة ما بين نادي رأس الخيمة ونادي الإمارات ''عمان سابقاً''، خاصة أن الشيخ محمد بن صقر بدأ حياته منتمياً لنادي الإمارات قبل أن ينتقل لرئاسة نادي رأس الخيمة فيما بعد· قيل لي إن الخلافات بين الناديين فاقت الحساسيات المعروفة بين ناديين جارين أو منطقة واحدة - الديربي - فقد أخذت شكل العداء دائماً وشكل الحروب أحياناً· وقيل لي أيضاً إن للخلاف جذورا سياسية، كان الشيخ محمد بن صقر طرفاً أصيلاً فيها ·· وأن أنصار نادي رأس الخيمة كانوا يوزعون الشربات والحلوى عندما كان يخسر نادي الإمارات، وأن الشيخ محمد بنفسه كان يفعل ذلك ·· وبالمثل كان يفعل أنصار نادي الإمارات فقد وزعوا بيانات العزاء عندما هبط نادي رأس الخيمة ذات يوم (10)· قلت للشيخ محمد ما هي جذور هذا الخلاف·· وقلت أيضاً أنا أسألك ليس بغرض فتح الملفات المسكوت عنها كهدف ·· بل الهدف الأهم هو أن نتخلص من أوجاعنا سعياً لفتح صفحة جديدة نظيفة· قال بصدر رحب وبثقة كبيرة يا عزيزي أنا لا أخشى إلا الله ·· ومهما كانت أسئلتك صعبة وحساسة فسوف أجيبك بصدق ·· وأنا أتفق معك في أننا عندما ننكش الماضي فهدفنا هو أن نتخلص منه ونبدأ بالفعل صفحة جيدة ناصعة البياض· ودعني أقل لك أن هذه الحساسية ليست لها أبعاد سياسية كما يعتقد البعض أو يردد·· هذا كلام غير صحيح ·· ففي عام 1971 كنت لا زلت طالباً ولم أنتمِ لنادي الإمارات - عمان سابقاً - كمسؤول إلا في نهاية السبعينيات ·· فهل هذا واضح· لقد تركت نادي الإمارات بسبب اختلاف في وجهات النظر· كنت أيامها خريجاً جديداً جامعياً ·· وكانت لي أفكاري مثلما كل الشباب في هذه السن ·· ونادي عمان كان عريقاً وكبيراً وكانت له خصوصياته وتقاليده ·· ونحن كشباب ربما تكون لنا أفكار مختلفة عن السائد وتتعارض معه· وانتهت هذه الخلافات في وجهات النظر بتركي لنادي الإمارات ولم يكن في ذهني في هذه الأوقات أن أنتقل لناد آخر ·· غير أن جماعة نادي رأس الخيمة جاءوا إليّ ورغبوا في انضمامي إليهم وأعطيت لهم كلمة بأنني سوف أفعل إن شاء الله، ولكي تعرف أن هذه الخلافات ليست لها جذور عميقة كما يردد البعض، فقد جاء في وفد من نادي الإمارات عندما علموا بحكاية انتقالي إلى نادي رأس الخيمة وطلبوا مني العودة مرة أخرى غير أنني اعتذرت لهم لأنني كنت قد أعطيت كلمة لإخواني في نادي رأس الخيمة، ولم يكن في استطاعتي أن أحيد عنها· يا عزيزي أنا لا أنكر أن هناك حساسية بين الناديين وأن هذه الحساسية كانت تأخذ أشكالاً فوق المعتاد في بعض الأحيان ·· وأعترف لك أنني كنت السبب· ؟ قلت له ماذا تعني بأنك كنت السبب؟ ؟؟ قال باختصار لأنني توليت المسؤولية في الناديين، فولد ذلك حساسية أكبر من المعتاد، وهذه من طبيعة الأشياء إذا دققت النظر ·· ثم لا تنسى أنهما قطبان كبيران بالإمارة، ولابد وأن تأخذ المنافسة بينهما تحديداً أبعاداً أخرى ·· غير أنني أؤكد لك أن العلاقة بين الناديين ستبقى دائماً وأبداً أكبر من كرة القدم والتنافس التقليدي فيها ·· ثم لك أن تتصور من هم الذين جاءوا من بعدي إلى نادي الإمارات، هم إخواني وأهلي وأسرتي· الزمن الآن تغير، ونحن اليوم لا نكن سوى كل الاحترام والمودة والتقدير للآخر· ؟ سألته هل تشعر بالغيرة الآن من أن نادي الإمارات هو الممثل الوحيد للإمارة في الدرجة الأولى؟ ؟؟ أجاب بل أشعر بالفخر والاعتزاز لكون نادي الإمارات في دوري الدرجة الأولى ·· وأتمنى من كل قلبي أن يكون هناك أكثر من ناد يمثل الإمارة في هذه المسابقة الكبيرة ·· لكني أكون غير واقعي إذا لم أقل لك أيضاً أنني كنت أتمنى أن يكون نادي رأس الخيمة هو الذي يمثل الإمارة في دوري الكبار· ؟ سألته مرة أخرى، ولماذا حظي نادي الإمارات بهذه المكانة ولم يحظَ بها نادي رأس الخيمة؟ ؟؟ أجاب في تقديري المسألة مسألة جيل ونوعية لاعبين في المقام الأول ·· فالجيل الحالي في نادي الإمارات هو الأفضل ·· وعموما مسألة الأجيال تتوالى ولا تثبت ·· فإذا كنت تحظى بجيل قوي هذه الأيام فربما يحظى غيرك بجيل أقوى في أيام أخرى وهكذا· تكتل اقتصادي ؟ قلت له هل الامكانيات المادية محدودة إلى هذه الدرجة في أندية رأس الخيمة؟ وكأنني بهذا السؤال قد فتحت جرحاً لا يلتئم· ؟؟ وقال يا عزيزي أنا لست خيالياً ولا من أهل الخيال، ولو أعطيتك أكرمك الله حماراً تعود به إلى دبي وأعطيت صديقاً لك سيارة فمن الذي سوف يصل أولاً! بالطبع الاجابة ستكون أن السيارة سوف تصل أولاً، وأن الحمار لا يستطيع أن ينافسها· هذا هو حال كرة القدم في هذا الزمن· الاحتراف فلوس وصرف·· وأندية رأس الخيمة لا تملك ودعمها محدود جداً ··· النادي لا يتسلم من الحكومة لأكثر من 700 ألف درهم في السنة، وقل أنه سيأتيه كدعم من الحكومة المحلية نفس هذا المبلغ ·· فلماذا تفعل هذه المبالغ أمام أندية تصرف عشرات الملايين ·· أيجوز أن تستوي المنافسة ·· من يقول لك نعم فهو مجنون ولا ينفع أن يعيش سوى في مصحة نفسية! أنا لا أتحدث عن الصدفة أو الحظ ·· فمن الممكن أن يأتيك ذلك في وقت (ما) لكنه بالتأكيد يبقى استثناءً لا يمكن أن نقيس عليه· قابلت منذ فترة طويلة الشيخ بطي آل مكتوم ذات يوم في الوصل وتحدثنا عن الميزانية ·· وقال لي كيف تديرون النادي·· قلت ماشيين بالبركة وعندما علم بالمبلغ الذي نسير به النادي قال لي: ''لوكنت مكانك لسكرت نادي الوصل بالقفل منذ 15 سنة''! يا عزيزي المنافسة مستحيلة على هذا النحو ·· أنت لو كنت محظوظاً لأخرجت لاعباً موهوباً في العام وهذا يكفيك! لقد تقابلت مع أخي علي الحرش قبل فترة وقلت له يجب علينا أن نفكر في كيفية جلب المال وليس توفير المال ·· فقال لي كيف؟ ؟؟ لقد اقترحت على الاخوان في رأس الخيمة أن يحدث بيننا تكتل اقتصادي برأس مال مشترك من الأندية الستة ولمن يرغب من الآخرين ·· ونبدأ في الاستثمار ولو بوحدات صغيرة في البداية حتى نكون واقعيين ·· كأن نبني مصنعاً للملابس ·· وننشئ بناية سكنية من عشرة طوابق مثلاً، وأن نشهر مؤسسة لتنظيم المعسكرات ·· وكل ذلك ممكن، ولو حاول كل ناد في البداية تدبير مبلغ لا يزيد عن 300 ألف درهم ·· ومن الممكن أن يساعدنا سمو الشيخ الأخ سعود في توفير قطعتي أرض للمصنع والبناية وأن يوعز للبنوك في التمويل والبناء· هذا إذا تم من الممكن أن نوفر الملابس والسكن والمعسكرات وأن نحقق بعض المدخولات، من الممكن أن تكون صغيرة في البداية ·· لكنها من الممكن أن تكبر وأنا على استعداد لأن أساعد بعلاقاتي ·· ثم إن أي مدخول هو أفضل من لا شيء ·· المهم أن نتحرك بإيجابية وأن نضع أيدينا في أيدي بعض ونبدأ وبالتأكيد ستكون في الحركة بركة· حديث الذكريات كلنا نلتقط الأنفاس أحياناً من خلال حديث الذكريات، فللشيخ محمد بن صقر نصيب وافر من الذكريات والمواقف والأحداث الطريفة والغريبة التي أثرت في شخصيته كإنسان وكمسؤول وكرياضي· يبدأ بالحكاية التي عرف من خلالها أسرار الدنيا وأثرت في نفسه تأثيراً كبيراً لدرجة أنه يقول إن هذا المشهد سوف يظل دائماً وأبداً يطل برأسه ويأخذ منه العبر والدروس· يقول محمد بن صقر كان ذلك من فترة طويلة وفي بداية تكوين فقد ذهبت أنا وأخي الشيخ خالد إلى إيران في زيارة بروتوكولية للشاهنشاه ·· وهذه الكلمة تعني بالمناسبة ملك الملوك· كانت هذه الزيارة قبل أن يرحل بأشهر قليلة· كان الشاه في تلك الفترة رجلا يثير الخيال من فرط قوته وسلطاته وتأثيره في حركة التاريخ ·· كنت في غاية الشوق لهذه الزيارة بخاصة عندما كنت أسمع عن سطوته ونفوذه وجهاز مخابراته الذي يسمى ''بالسافاك''، وكان أقوى من الموساد ·· المهم ذهبنا وتقابلنا مع الشاه وكانت المفاجأة! ملك الملوك·· المرعب المخيف ·· صاحب الجاه والسلطان والامبراطورية يجلس في مكتب متواضع للغاية ·· وبدلاً من توقعي من أنني سألاقي رجلاً تهتز من تحت أقدامه الأرض إذا به رجل منكسر ومهزوم يسلم عليك وكأنه يستعطفك! لقد تألمت وحزنت ·· فقد كان الشاه في تلك الفترة قد أدرك النهاية عندما بدأت الحركة الجماهيرية ضده في إيران· لقد تحولت الأمنية إلى لحظة مؤلمة وحزينة ·· فأنا أشفق على العظماء عندما يهزمهم الزمن ·· وأنا لست ضد إهانة البشر مهما تجبروا ·· وهذا بالضبط تذكرته مع هذه النهاية المؤلمة التي حدثت للزعيم صدام حسين بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه ·· فما حدث له وبهذه الطريقة ما كان يجب أن يحدث· إنني أدركت حقيقة الحياة من موقف الشاه ·· أدركت أن الدنيا زائلة ·· وأنها لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ·· فهل نتعظ (!)· ويقول محمد بن صقر لقد جرت لي في بدايات حياتي ثلاث حوادث كنت أقرب فيها إلى الموت لكن الله كتب لي الحياة· في الأولى كان عمري (7) سنوات وكان أخي سلطان أكبر مني ويتعلم السواقة·· وتوقفت السيارة منه ونزلنا ''ندفشها'' وإذا بي أقع تحت عجلة السيارة ·· وإذا بالعجلة تمر بكاملها على بطني ونقلوني على الفور إلى المستشفى وقالوا للدكتور ''ماكولي'' لقد دعسته السيارة ومرت على بطنه وكشف علي الطبيب وإذا به يقول: ''هذا بهلوان ما فيه شيء''! في الثانية حدثت في السبعينات وكان عمري 20 سنة وكنت ذاهبا إلى الخارج للتعليم وذهبت للوالد وإذا به يطلب مني أن أتوجه إلى مظاهرة في منطقة شعم ·· كانوا يتظاهرون احتجاجاً على عدم وجود كهرباء ·· وكان والدي يريد مني إخبارهم بأن ماكينة الكهرباء تم شراؤها وأن المسألة مسألة وقت ليس إلا ·· وذهب معي رجلان هما ''علي حابوكه'' من الحرس وشخص آخر اسمه ''زيد بن علي'' ووصلنا إلى منطقة ''غليلة'' وإذا برجال الشرطة على بعد 100 متر من المتظاهرين وتقدمت ناحية المظاهرة فجرى ورائي الرجلان وأحدهما تأبطني من ذراعي الأيمن والآخر من ذراعي الأيسر، وبمجرد التقدم انفتحت الرشاشات ·· وأصيب الذي على يميني في عينه برصاصة نافذة ·· وأصيب من على يساري بـ 7 طلقات أصابته رغم أنه كان يلبس حزاماً واقياً من الرصاص، وغرق ثوبي بالدماء من خلال الرجلين واعتقد الناس أن الرصاص أصابني، لكن سبحان الله أخطأني الرصاص بمليميترات لست أعرف حتى الآن كيف؟! والثالثة كانت في القاهرة في حي المهندسين وتحديداً في شارع مصدق في محطة للبترول اسمها محطة التعاون لا زالت موجودة، كنت ذهبت لأصب بترول في سيارتي وكان قريبا مني تانكر صب البترول للمحطة، وفجأة اشتعلت النار تحت سيارتي وحاولت النزول ففشلت وقفزت من الباب الآخر وأخذنا نجري حتى وصلنا ميدان الدقي خوفاً من انفجار المحطة والسيارة ·· وشاهدنا سيارات المطافي تهرول للمكان بعد نصف ساعة ·· وذهبت وأنا على يقين أن السيارة التي اشتعلت تحتها النار قد انفجرت وانتهت وكانت المفاجأة أن السيارة بحالتها وكأن النار لم تلمسها وسبحان ربك ·· فهذه الحوادث الثلاث جعلتني على يقين أن الموت ليس بالعمر ولكنه بالأجل ·· وزادتني هذه الحوادث على الإقبال بقوة ودونما خوف لمواجهة الحياة ·· وبالفعل لكل أجل كتاب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©