السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

صدام مرتقب بين واشنطن والدوحة مع اقتراب المواجهة الأميركية الإيرانية

صدام مرتقب بين واشنطن والدوحة مع اقتراب المواجهة الأميركية الإيرانية
12 فبراير 2018 03:04
دينا محمود (لندن) «انقلب السحر على الساحر».. هكذا تبدو الصورة على الساحة السياسية الأميركية على صعيد الموقف من النظام القطري، في ظل توالي المؤشرات على أن الفترة المقبلة ستحمل في طياتها العديد من الانتكاسات لمساعي هذا النظام للحصول على دعم إدارة الرئيس دونالد ترامب له لتمكينه من الخروج من العزلة المفروضة عليه، خاصة بعدما ظن حكام الدوحة أنهم حققوا مكسباً دبلوماسياً عبر انعقاد الحوار الاستراتيجي الأميركي القطري أواخر الشهر الماضي في واشنطن. وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقريرٍ مطول، المزيد من التفاصيل بشأن الثمن الباهظ الذي دفعه نظام تميم بن حمد مقابل موافقة إدارة ترامب على إجراء هذا الحوار، وألمحت كذلك إلى إمكانية حدوث خلافٍ حاد في القريب بين الجانبين على خلفية العلاقات الوطيدة التي تربط النظام القطري بالنظام الحاكم في إيران، كما أبرزت تحركات يقوم بها مشرعون أميركيون، بهدف وضع قيود على نشاط قناة «الجزيرة» القطرية في الولايات المتحدة. وفي معرض تفسيره للأسباب التي قادت لعقد اجتماعات «الحوار الأميركي القطري» الأخير، قال التقرير الذي أعده جاردينر هاريس «إن نظام تميم تعاقد مع أبرز شركات العلاقات العامة والدعاية في واشنطن، من أجل تبييض سجله الأسود على العديد من الأصعدة، وتمهيد الطريق أمام قبول جلوس ممثليه إلى طاولة الاجتماعات مع نظرائهم الأميركيين، بعدما كان البيت الأبيض قد اتخذ موقفاً داعماً بشدة للإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) ضد الدوحة في مطلع يونيو الماضي. وأشار التقرير إلى أن من بين العوامل التي أفضت لإتمام ذلك الحوار قبل نحو أسبوعين، إغداق النظام القطري أمواله كذلك في الوقت الراهن على 21 من جماعات الضغط التي تعمل على الساحة السياسية الأميركية، وذلك بموجب تعاقدات أبرمت بين الجانبين منذ العزلة التي فرضت على هذا النظام منذ أكثر من ثمانية شهور. وأبرز التقرير حقيقة الاهتمام القطري بمد الجسور مع الأوساط اليهودية في الولايات المتحدة، آملاً في أن تساعده جماعات اللوبي الصهيوني المعروفة بنفوذها الواسع في دوائر صنع القرار الأميركي، على تخفيف وطأة المقاطعة الآخذة في التفاقم. وأشار التقرير إلى أن من بين أبرز خبراء العلاقات العامة والدعاية الأميركيين الذين تعاقد معهم نظام تميم لهذا الغرض، خبير وضع الاستراتيجيات في الحزب الجمهوري نيكولاس ميوزِن، مالك شركة «ستونينجتون ستراتيجيز»، وهو أيضاً طبيب ومحام وناشط في الشؤون المتعلقة باليهود في أميركا. وأكد ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية قبل أيام، من أن قطر زادت المبلغ الشهري الذي تدفعه لشركة «ميوزِن» من 50 ألف دولار عند إبرام التعاقد بين الجانبين في أغسطس الماضي إلى 300 ألف دولار شهرياً، أي بزيادة نسبتها 600%، وذلك اعتباراً من أواخر 2017. وكما غيرها من وسائل الإعلام العالمية التي تناولت الدور المشبوه الذي يلعبه «ميوزِن» لحساب حكام الدوحة في الولايات المتحدة، أشارت الصحيفة إلى أن هذا الرجل - المتعصب لإسرائيل والذي كان من قبل أحد كبار مستشاري تِد كروز عضو مجلس الشيوخ السابق عن الحزب الجمهوري - يبذل جهوداً مستميتة لترتيب زياراتٍ لشخصياتٍ يهودية ومحافظة بارزة إلى قطر، على نفقة النظام الحاكم هناك بالكامل، وذلك من أجل مقابلة تميم، لكن الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن كل ذلك يجري في وقت يبحث فيه الكونجرس مسألة إصدار تشريع يقضي بفرض عقوباتٍ على الدول التي تدعم حركة «حماس» الفلسطينية، ويرد فيه ذكر قطر بالاسم باعتبار أنها قدمت تمويلاً بشكلٍ علني للحركة على مدار العديد من السنوات». وسلّط التقرير الضوء على التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها بعض «العائدين من الدوحة» من غلاة أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة، خاصةً ما قاله المحامي البارز في نيويورك، آلان إم. دورشويتز، الذي بلغ به الأمر حد وصف قطر بـ«إسرائيل الخليج»، في إشارة إلى أن كلاً منهما معزولٌ في محيطه. كما تطرقت «نيويورك تايمز» إلى ما قاله مورتون كلاين رئيس المنظمة الصهيونية لأميركا، لدى عودته من قطر من أنه قرر الذهاب إلى هناك بعدما خلص إلى أن كل قادة المنظمات الصهيونية الأميركية قد ذهبوا إلى هذا البلد بالفعل على مدار الشهور الماضية، كما أشارت الصحيفة إلى أن «موكب الذاهبين إلى الدوحة» تضخم إلى حدٍ دفع السفارة الإسرائيلية في واشنطن إلى إصدار بيانٍ انطوى على توبيخٍ لمن استجابوا لإغراءات نظام تميم في هذا الشأن. ووصل الإنفاق القطري على شراء الذمم والولاءات في أميركا مستوى دفع «نيويورك تايمز»، لإبراز ما يقوله المسؤولون في الكونجرس من أنهم «مغمورون» بنشاط جماعات الضغط في الفترة الراهنة، لكن يبدو أن النظام القطري ووكلاءه الناطقين بلسانه على الساحة السياسية الأميركية، سيعودون بخفيّ حنين في نهاية المطاف، في ضوء ما نسبه تقرير الصحيفة إلى ريتشارد جولدبرج المستشار البارز في مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» - وهو مركز أبحاث أميركي يركز على ملفات الأمن القومي والسياسة الخارجية - من تأكيدٍ على أنه لا يرى أي دليل على أن حملة (كسب العقول والقلوب التي تشنها قطر) تغير من تفكير أحد في الكابيتول هيل (مقر الكونجرس). وما يعزز احتمالات هذا الفشل المرتقب، ما قاله جاردينر هاريس في تقريره من أن ثمة «مخاطر لا تزال قائمة بالنسبة لقطر»، خاصة على صعيد علاقاتها الودية والحميمة مع إيران، التي تعتبرها إدارة ترامب «شرير المنطقة». وفي هذا السياق، قال بريان كاتيولُس - وهو زميل بارز في مؤسسةٍ بحثية تحمل اسم «المركز من أجل التقدم الأميركي» - إن سياسة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط تتغير من التركيز بشكل أساسي على اتباع نهجٍ مناوئ لتنظيم داعش الإرهابي إلى تبني نهجٍ آخر مناهض لإيران، ولست متيقناً تماماً من الكيفية التي يمكن لقطر أن تتلاءم من خلالها مع ذلك». في الوقت نفسه، أبرزت «نيويورك تايمز» التحركات التي يقوم بها العديد من أعضاء مجلس النواب الأميركي، للتصدي لحملات التضليل الواسعة التي تشنها قناة «الجزيرة» في الولايات المتحدة، وأشارت إلى أن من بين هؤلاء الأعضاء، جوش جوتهايمر النائب الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي، قائلةً «إن جوتهايمر وزملاء له طلبوا من وزير العدل جيف سيشنز أن يطلب من هذه القناة - المعروفة بأنها تمثل منبراً لأبواق التطرف والكراهية - بأن تسجل نفسها في الولايات المتحدة كـ«وكيلٍ أجنبي»، وهو ما سيقود بحسب الصحيفة إلى إمكانية الحد من قدرتها على الوصول إلى مسؤولين أميركيين ومنشآت موجودة في الولايات المتحدة». وقالت «نيويورك تايمز» إن هذا الطلب من جانب الكونجرس - والذي لم يصدر رسمياً بعد - يأتي بعد الكشف عن أن صحفياً متخفياً يعمل لحساب «الجزيرة»، قام مؤخراً بتسجيل مقاطع مصورة لبعض منظمات اللوبي الصهيوني في واشنطن. ونسبت الصحيفة في تقريرها إلى النائب جوتهايمر قوله «إن القطريين طبيبٌ سيئ»، في إشارة ربما إلى ما يكتنف تصرفاتهم على الدوام من نزق وطيش وخروجٍ عن الأعراف المرعية كافة. وجاء نشر «نيويورك تايمز» للتقرير في وقتٍ تموج فيه الساحة الإعلامية الأميركية، بالتفاصيل الخاصة بالمحاولات المستميتة التي تقوم بها قطر من أجل الحصول على دعم إدارة ترامب بأجنحتها المختلفة، إذ كشفت مجلة «ذا أتلانتيك» مطلع الشهر الجاري أن التنازلات التي قدمها نظام تميم في هذا الصدد، شملت الموافقة على توسيع قاعدة «العديد» العسكرية الواقعة شمال غرب الدوحة، وقبول التعاون مع واشنطن في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، بجانب الإفصاح عن تفاصيل مالية تخص شركة الخطوط الجوية القطرية، استجابةً لضغوطٍ تمارسها شركات الطيران الأميركية منذ فترةٍ طويلة. أما مجلة «فورين بوليسي» فقد أكدت في تقرير مماثل نُشر بعد ذلك بأيام، أن الحوار الذي عُقِد بحضور وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين والقطريين لم يأتِ بثمن بخس بالنسبة لقطر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©