الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المبدعون يناقشون الكتاب وفن تقديمه

المبدعون يناقشون الكتاب وفن تقديمه
21 مارس 2009 00:51
ضمن نشاطات جائزة الشيخ زايد للكتاب في معرض أبوظبي الدولي التاسع عشر للكتاب أقيمت أمس الأول ندوة ثقافية تناولت النشر وتقنياته تحت عنوان ''الكتاب وفن تقديمه'' اشترك فيها كل من الدكتور ماهر راضي الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع الفنون عن كتابه ''فكر الضوء'' والخطاط والحروفي السوري منير الشعراني والخبير في شؤون التصميم المبدع المصري أحمد اللباد· وفي تقديمه للمشاركين في الندوة الثقافية قال محمد المر عضو المجلس الاستشاري لجائزة الشيخ زايد للكتاب: تأتي أهمية هذه الندوة لأنها تعالج جانباً خطيراً يتعلق بالكتاب وطريقة تقديمه إلى القارئ، عبر وسائل فنية قادرة على جعل الكتاب أكثر قرباً إلى المتلقي· وأضاف: إن سعة الترويج تتأتى من طريقة تقديم الكتاب أي الأسلوب الفني الراقي في التقديم· وأن تسويق الكتاب يتعلق بمجموعة من الخصائص من ضمنها الغلاف الذي يشد القارئ· استهل الدكتور ماهر راضي اطروحاته بالحديث عن استخدام الضوء الذي عدّه أسلوباً فنياً في التعبير عن الأفكار والأحاسيس وبخاصة في فن السينما التي تعتمد على الضوء في تسجيل الصورة· وأضاف: أن أهمية الضوء في استخداماته الفكرية والدرامية والجمالية والتي جميعها تدعو إلى تشكيل المستوى الفني للصورة التي نقدمها للمشاهد· إذ المشاهد لا يمنطق الضوء بل يتعامل معه بأحاسيس مثل الموسيقى· وقال: أنا دوري كصانع للفيلم أن أعيش مع المشاهد في ضحكه وانفعاله عبر استخدام الضوء· لذا فإن الضوء كما فهمته وطرحته في كتابي ''فكر الضوء'' هو الجانب الذي يثري المشاهد في الفيلم ولذا علينا أن نستخدمه فكرياً مما أجعل المتلقي في الحالة التي أريدها· وقال إن عدم وجود الضوء يجعل الإنسان أكثر توتراً، ولذا فإنني سوف أقدم مجموعة من المشاهد من أفلام عربية كي أناقش من خلالها الفكرة· عرض الدكتور ماهر راضي فيلماً على شاشة كبيرة نصبت على جدار ''منبر الحوار'' داخل قاعة مركز المعارض في أبوظبي واستفاض في تشريح أهمية الضوء وتوزيعه لإيصال الشكل البصري من خلال تقطيع الضوء على الوجه مع الحركة وبالتالي استدل على كيفية حصول التوتر على المشاهد وناقش الخطوط التي تبدو أنها محاولة لطرح الأسلوبية التعبيرية عما في داخل الإنسان· وقال: أنا أعتقد أن التصوير الحقيقي يتمثل في انني أمتلك فكرة ولكن كيف أوصلها وذلك ما تؤكده المدرسة التعبيرية، وعليه أحاول من خلال الضوء أن أقدم ما يحصل في مكان ما، وهنا في هذا الفيلم مشاهد في المستشفى· الفن بحسب راضي ليس أن أصور وأن أقول كلاماً، ولكن استخدامي للكلام عبر توصيل الأحاسيس من خلال رؤية بصرية، ما دمنا في عصر المرئيات والصورة فلا بد إذاً أن تكون هناك أفكار· تصميم الأغلفة بعد ذلك قدم الفنان التشكيلي والخطاط منير الشعراني مداخلته كونه كما قال محمد المر صاحب تجربة طويلة في مجال تصميم أغلفة الكتب حيث بدأ تاريخياً مع المرحوم عبدالوهاب الكيالي صاحب المؤسسة العربية للدراسات والنشر وقدرة الشعراني على استيحاء الخطوط العربية بشكل مميز· قال الشعراني: إن هذه الجلسة تبدو حميمية ولذا سأتحدث عن الكتاب العربي في وضعه الراهن الذي أصبح أكثر تدهوراً· وأضاف بعد مجهود طويل وممانعة عثمانية في بلادنا بدأ التعامل مع الكتاب الحديث، في الوقت الذي نعرف فيه حقيقة ان أوروبا استفادت من الكتاب العربي المخطوط وتزيينه، وهنا في بلادنا سعى الناشرون أو المؤسسات إلى محاكاة المخطوط القديم بما يتناسب مع الطباعة· ويواصل الشعراني: الحروف جاءت من أوروبا مصممة هناك واكتشف الطباعون العرب ضعف الحروف الطباعية الأوروبية تلك· واسترجع الشعراني تاريخ الطباعة فقال: في عهد محمد علي باشا كانت هناك المدرسة الأميرية التي بدأت في التغيير في مصر ثم بدأت في سوريا وحلب حيث كان هناك سعي كامل للتجميل· لكن يجب أن نعترف أنه في عصور ما يسمى السلطات القومية أو التي سعت إلى الارتقاء بالمجتمع بدأت مؤسسات كبرى في مصر طباعية وصحفية ترتقي بأدواتها وتصميم الحروف واخراج المطبوعة بما يتواءم مع الطباعة الحديثة· وقال: شاهدنا أغلفة جنحت نحو الحداثة، وهناك في مصر مجلات أقيمت على أكتاف صحفيين ومصممين وكتّاب ومبدعين وأخص بذلك روز اليوسف والكاتب إلا أن التطور لا يمشي في خط صاعد وبشكل مستمر وبدأت مرحلة الانحدار مع دخول الكمبيوتر الذي جمع كل إمكانيات الطباعة وتم استخدامه بشكل متخلف وعدم مهارة· وأضاف: لم يعد لدى الناشرين هم كبير للبحث عن مصمم للكتاب، ولم يعد الناشر يهتم بالمتن كي يكون متألقاً لأن هناك أبعاداً وعوامل مهمة تجعل القراءة مريعة ويقبل عليها القارئ عبر تصميم وطباعة الكتاب ولو طبعت صفحتان مختلفتان لتجد أن القارئ في أحديهما لا يشعر بالقلق لأن الرؤية البصرية تساعده أما الأخرى فبالعكس· ومن هنا أقول إن هذا الفارق بسبب أهمية التصميم· وقال الشعراني: إن الكمبيوتر جعل المتن والهامش والعنوان كلها تبدأ منه لذا نجد صفحة هامشها 3 سم وأخرى هامشها 2 سم ونجد صفحة عدد سطورها 18 وأخرى 20 سطراً أما الألوان الكثيرة في الأغلفة فهي مؤسفة ومشوهة· وهذا يدفعنا إلى القول إن الناشر يتعامل مع الكتاب الأدبي مثلما يتعامل مع كتاب بالطب والكتب في أسواقنا مصممة من هواة يتعاملون مع الكتاب بدون أن يعرفوا ما فيه، لذا فإن ثقافة المصمم مهمة عبر إطلاعه على الكتاب وقراءته والتعامل مع مادته بطريقة محترمة· وقال: في الماضي كان الحرف العربي مميزاً لذا تجد بعض المجلات والصحف تعمل على حروف تميزها وعبر هذه الحروف نستدل على المجلة أو الصحيفة بينما لا نستطيع ان نتبين أو نميز كتاباً منشوراً في مصر أو سوريا بسبب أنها طبعت بنفس الآلة· وتحدث الشعراني عن البذخ في الورق المكلف والألوان كما تحدث عن المؤسسات الرسمية وضرورة تعاملها مع هذه الطروحات ثم أشار إلى الجوانب الجمالية التي تشد القارئ إلى التلقي وترتقي بذائقته البصرية· تكوين القارئ أما أحمد اللباد فتحدث عن جماليات تصميم الكتاب وتاريخ هذه الجماليات وتصوراته في تطوير التصميم مستقبلاً· وأشار في بداية مداخلته إلى السلبيات في صناعة الكتاب والتي أوجزها أولاً قلة الاهتمام بالمعرفة عن طريق الكتاب، حيث تهتم الأجيال الجديدة وتتعاطى معرفياً عن طريق الصورة وتحدث عن التصميم الكرافيكي· وأشار إلى كمية النسخ المطبوعة باعتبارها قليلة العدد في بلادنا والتي يفخر الناشر بأنه طبع 3000 نسخة وهي حالة مخجلة - كما وصفها - حيث من خلالها تقل فرص التنوع والحركة والانتخاب الطبيعي· وأشار إلى تكوين القارئ والشغل على صناعته، وتحدث عن الكتاب المدرسي ووصفه بـ''المنفر'' جداً حيث يعتبره الطالب هماً رئيسياً يواجهه يومياً، وأشار إلي أن العالم اليوم يهتم بالكتاب الموجه إلى سن ما قبل المدرسة، حيث نرى البلاد الأجنبية تتمتع بمنجز بصري ولديهم وسائل كثيرة للمعرفة ولا تزال المكتبة لديهم جزءاً مهماً في البيت والمدرسة حيث للكتاب حضور مهم لديهم· وأكد أن الكتاب المدرسي يحتاج إلى تصور جديد كوسيط أساسي للمعرفة· كما تحدث اللباد عن فكرة التوثيق وأشار إلى أنها تعني نقل الأفكار القديمة عن طريق الأجيال اللاحقة وتناول تجارب الخمسينيات وما قبلها مستذكراً دار المعارف بمصر ومطبوعات الهلال وشخصيات معروفة في مصر في مجال صناعة الكتاب ومن بينهم حسن فؤاد وحلمي الكوني ثم تحدث عن عمال الطابع في الخمسينيات والستينيات الذين كانوا يصممون وفق الشروط الأساسية لتصميم الصفحة الداخلية من خلال حجم الحرف ونسبة الهامش وبدايات الفصول، وعليه فإننا نفتقر إلى التوثيق -بحسب اللباد- لذا وصلنا إلى منطقة الصفر· كما تحدث عن علاقة دور النشر بمشاكل الكتاب وأشار إلى أن بعض دور النشر أسهمت في إهدار صناعة الكتاب حيث عدم اهتمامها بهذه الصناعة قاد الكتاب إلى التدهور وذلك مثلاً بالخلط بين الفنان التشكيلي وفنان الكرافيك حيث يرى أن الفنان الكرافيكي يحافظ على الشروط الأساسية لصناعة الكتاب· وقال أيضاً إن استسهال دور النشر وعدم اهتمامها بالأغلفة ومتونها هو ما قاد الكتاب إلى التدهور· وأضاف أن هناك دوراً صغيرة تفتقد إلى الاهتمام بفكر التفاصيل وتعتبرها غير مهمة مثل تصميم الصفحات الداخلية وعلامات الترقيم· أي تقنية الصفحة باعتبارها قديماً ''شروطاً حديدية'' أما الآن فلا اهتمام بها· واتفق اللباد مع جزء من طروحات الشعراني وخاصة في قضية نقمة التقنية الحديثة عند ظهور الكمبيوتر ومشاكل دخول غير المتخصصين إلى هذا الجهاز وتعاملهم معه كمصممين· وأشار اللباد إلى حصول تدهور تقني خلال استخدام هذا الجهاز بدلاً من الأقلام الطباعية· وأخيراً تحدث عن حالة الصخب في استخدام الألوان الكثيرة والعناصر المختلفة وفقدان التصميم المعني· وخلص اللباد إلى احتياجنا رؤية كبيرة وإلى تبادل الخبرات واللقاءات لأننا نشاهد الحالة في هبوط مستمر· وأخيراً اقترح مقدم الحوار محمد المر ضرورة استحداث جوائز لأفضل 3 أغلفة في معارض الكتب من أجل التحفيز على الاهتمام بهذا العنصر المهم الذي يجلب ويردم الهوة بين القارئ والكتاب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©