الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صعود الهند والصين... فرصة أميركا الاقتصادية

3 نوفمبر 2012
اتفق الرئيس الأميركي باراك أوباما والمرشح "الجمهوري" ميت رومني، على ضرورة التعامل بطريقة أكثر صرامة مع الصين التي تمثل ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. لكن هذا القرار لم يحالفه الصواب في ظل زيادة رقعة الطبقة الوسطى في الصين، والتي توفر سوقاً استهلاكية ضخمة بالنسبة للشركات الأميركية المتطورة، في حين تساعد مشاريع البنية التحتية الصينية على زيادة طلب مواد الإنشاءات الأميركية. ويتعين على أميركا فهم أفضل للصين والتعاون مع شعبها وقادتها وربط مصالحها بها والتفاوض بهدوء خلف الستار، وأن تعمل على جعل الصين شريكتها في وقت الرخاء. كما أن وصف الصينيين بالغش لا يسفر عن نتائج مفيدة، والأمر نفسه ينطبق على انتهاج سياسات حمائية، لأن ذلك سيكون من الأخطاء الفادحة. ومع أن هناك قوانين في أميركا، فعلى الصين التقيد بها. وعندما يكون لدى أميركا شكوى، فإن هناك إجراءات تفرضها الاعتبارات القانونية، حيث تتوافر العديد من الخطوات والبروتوكولات التي ينبغي اتباعها لتسوية المشاكل. وكما اعترف أوباما في آخر مناظرة رئاسية، نجحت الولايات المتحدة في ملاحقة ومحاكمة عمليات التعدي التجاري. لكن تُعد العلاقة بين البلدين أكبر من ذلك. وفي حين أنه ربما تشكل الصين والهند تهديداً اقتصادياً للدول غير المستعدة، إلا أنهما في ذات الوقت يمثلان واحدة من أكبر الفرص الاقتصادية التي لا تحلم بها أميركا على الإطلاق. وفي حقيقة الأمر، يجري تعاون اقتصادي ملحوظ بين البلدين في الوقت الراهن. ولا يمكن النظر إلى مستقبل أميركا الاقتصادي إلا بوضع الهند والبرازيل وعدد من الدول سريعة النمو في عين الاعتبار. وتتوقع "مجموعة بوسطن الاستشارية"، أن تحقق اقتصادات كل من الهند والصين على مدى العقد المقبل نمواً سنوياً قدره 8 في المئة. ويعود الفضل في هذا النمو للطبقة الوسطى المتصاعدة في كلا البلدين. وتضم هذه الطبقة في البلدان نحو 300 مليون أسرة تحمل الكثير من الطموحات والآمال والخطط التي ترمي إلى تأمين السيارات والمنازل والمدارس لأطفالها، تلك الأحلام التي يمكن أن تساهم الشركات الأميركية الأفضل تأهيلاً في العالم، بقدر كبير في تحقيقها. ويقف وراء الطبقة الوسطى باستهلاكها الكبير بالفعل، مئات الملايين من حملة درجات الدكتوراه من الشباب الذين يفوق عددهم نظراءهم الأميركيين بنسبة 10 إلى 1. ومن المتوقع أن يبلغ استهلاك الهند والصين في الفترة بين 2010 إلى 2020 نحو 64 تريليون دولار من السلع والخدمات. كما من المرجح وبحلول 2020 أن يزيد استهلاك البلدين إلى 10 تريليونات دولار سنوياً، أي بأكثر من 3 أضعاف مستوى الاستهلاك في عام 2010. وتشير آخر التقارير الصادرة عن مجموعة بوسطن، إلى أنه من المتوقع أن يعمل 40 في المئة من المستهلكين الصينيين و19 في المئة من الهنود، على رفع مستوى استهلاكهم خلال العام المقبل، مقارنة بنحو 9 في المئة لنظرائهم الأميركيين و8 في البريطانيين للبريطانيين. ويمثل اقتصاد الاستهلاك باكورة موجة من الفرص المتوافرة في البلدين اللذين في أوج عمليات توسعية ضخمة في البنية التحتية لتوفير خدمات أفضل للمستهلكين الجدد من طرق وشبكات اتصال وكهرباء والمزيد من المطارات والمياه الصالحة للشرب. ومن المؤكد حاجة هذه المشاريع للحديد والإسمنت والنحاس والنفط والغاز والفحم والمعادن الثمينة. ويرى العديد من أفراد الشعب الأميركي الصينيين بمنظور المنافس الذي إذا ربح تعرض الطرف الآخر للخسارة، تلك النظرة التي أثبتت عدم صحتها، حيث يعني النمو في كلا البلدين المزيد من توافر الفرص لأميركا. ومن الطبيعي أن لا يكسب الجميع، خاصة الذين يتأخرون في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، والذين لا يولون الاهتمام الكافي لعملائهم ويفشلون في إدراك أن تقلب الأسواق الناشئة يمكن أن يولد بجانب النعمة النقمة أيضاً. لكن لا يزال هناك تباين صريح بين لهجة الصين الناقدة للحملة الانتخابية الأميركية وحقيقة الفرص المتوافرة على الأرض. وقضيت وقتاً كافياً في معايشة الصينيين والهنود في سبيل التوصل إلى فهم طموحات وآمال الطبقة الوسطى في هذين البلدين. ومن الواضح أنهم لن يوافقوا على عمليات الفساد والتلوث وإهمال القوانين وأنهم لا يتوانون في استغلال اقتصادهم الجديد وسلطتهم السياسية في فرض التغيير والإصلاح. وأنهم سيقبلون على شراء السلع ذات العلامات التجارية العالمية علاوة على زيادة معدل استثماراتهم في مجالات الصحة والتعليم والأسر وشراء المنازل. كما سيستغلون قوة الإنفاق بغية خلق عالم قادر على تلبية طموحاتهم وتحقيق أحلامهم. وفي غضون ذلك، ليس أمام الأميركيين خيار سوى توفير ما يحتاجونه في الأسواق من أدوات تعينهم على الوصول إلى أهدافهم. وفي حقيقة الأمر، تملك أميركا كل ما تحتاجه لاغتنام هذه الفرص وينبغي عليها أن تعد العدة لذلك. مايكل جي سيلفرستين خبير اقتصادي أميركي ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©