الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سليم العبدلي قصائد للانتظار والأحلام الضائعة في الغربة

3 نوفمبر 2012
يقدم الشاعر العراقي المغترب سليم العبدلي في ديوانه الجديد «الأمكنة مقابر الوقت» خلاصة كاملة لرؤياه الشعرية وطريقته في كتابة القصيدة. يضم ديوان العبدلي عبر ثمان وسبعين صفحة من القطع الصغير، أربعة فصول كما يسميها وقصيدة ملحقة بعنوان «كلاوس»، وهي قصيدة شبه رثاء للشاعر الدنماركي كلاوس بونده بياو الذي فارق الحياة ولم يدشن العقد الخامس من عمره بعد. ويصف العبدلي هذا الشاعر الدنماركي «كلاوس بونده» بأنه المبدع المولع بالموسيقى العربية وبأصواتها، حيث كان يقدم برنامجاً إذاعياً عن الثقافة العربية. ضمت الفصول الأربعة تنويعات على عناوين متعددة وهي «الأمكنة مقابر الوقت» و»في البلاد المنسية يكون الوطن وطناً»، و»في عالم الوقت تموت فقط الآن»، و»بيننا المسافات وحدها لا يمكن تخطيها». يبدو من عناوين الفصول تلك أن ما يكتبه العبدلي يتسم بنسق خطاب نثري خالص، وذلك أيضاً ما يتجسد في مقدمه الإعلامي والشاعر المصري محمد الحمامصي التي كتبها للديوان الذي صدر هذا العام في القاهرة. صاحب قصائد الديوان مجموعة من رسومات الفنانة المصرية هبة الغنيمي وتقدم الشاعر ديوانه بنص شعري يقول فيه: كل صباح استدرجُ المكان ليشي لي بما ارتكبه الوقت طوال الليل في الحديث اكتشف عندما يضيق الوقت يتداعى المكان في مكانه ومن خلال هذين المقطعين الشعريين تبدو العلاقة بين «الزمان» و»المكان» قد أصبحت روح الديوان كله معززة بالعنوان. ولقراءة هذا الديوان لا بد لنا أن نبحث في جمالياته والتي يمكن تلخيصها في عدة نقاط أهمها اللعب على تشكل الصورة. ملأت صدري بدخان الغربة بعدَ أن امتلأ صدر بلادي بدخان الحرب وفي هذا النص لا نجد تغيراً أو قاموساً لغوياً متعدداً، بل الكلمات هي ذاتها سوى ثلاث ليست متكررة وكل واحدة منها في تضاد مع الأخرى «الغربة» «الحرب»، والثالثة هي «بلادي»، أما الكلمات الأخرى في النص الشعري فهي «ملأت» و»صدري» و»دخان»، وهي متكررة لمرتين غير أن نسقها في المرة الثانية يأتي معكوساً لنسقها في المرة الأولى مما خلق صورة شعرية.يستعيد العبدلي هذا النسق من جديد في قصائد كثيرة ليخلق شعرية غير متداولة فيما يقول في مقطع آخر: إلى يومي هذا لم يغفر لي ما لم أرتكبه وفي مقطع مكمل للنص: كان يناديني بكل الأسماء إلا اسمي ويلاحظ هنا أن الشاعر العبدلي يتوسل كل الطرق اللغوية كي يخلق نمطاً معكوساً في تركيب الصورة إذ أن المألوف أن يكون الغفران لما ارتكب أما أن يكون اللامألوف في القصيدة هو نص هذا المقطع، حيث الغفران لما لم يرتكب تبدو شعرية فاضحة وهو لعب على الضمير. في المقطع الثاني لعب مشابه له حين يقرر الشاعر حالة من يناديه بكل الأسماء متناسياً اسمه وهذا ما لعب عليه العبدلي. عجل أيها الصديق تعال وساعدني في جمع أحلامي قبل أن تجردني غربتي منها يومها سيتعذر عليّ التعرف عليك تبدو الغربة والصديق والأحلام الضائعة، بل الأسماء المنسية والغفران لشيء لم يرتكب هي زاد المهاجر عن بلده في قصيدة «في البلاد المنسية هناك «يكون الوطن وطناً»، ولهذا فإن خطاب الآخر سمه «كلاسيكية» للمهاجر، الآخر الذي ربما يكون هو ذات الشاعر: أيها الصديق.. الذي يطلب منه العبدلي أن يعينه على فهم الغربة التي ربما تفتت حتى علاقته بصديقه بعد أن جردته من أحلامه النقطة الثانية في جمالية شعرية سليم العبدلي هي توظيف المرموز في القصيدة، حيث نجد الشاعر قد وظف قصة «بائعة الكبريت» للدنماركي هانس كريستيان أندرسن والتي نشرت عام 1845 في مواءمة ومشابهة بين السارد في غربته ليلة عيد الميلاد والفتاة اليتيمة بائعة الكبريت ليلة ذلك العيد، حين أشعلت كل الأعواد وسط ثلوج الدنمارك، حيث الوحدة والمنفى والذاكرة وما رافقها جميعاً من دمع منسكب على وطن ضائع. في ليلة عيد الميلاد أشعلت بائعة الكبريت الصغيرة كل أعواد الكبريت لتجد الدفء في ليلة عيد الميلاد هذه يشعل ذلك المنفي كل ذكرياته لكي يجد له صحبة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©