الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اصرف صح» مبادرة تعزز ثقافة الادخار والإنفاق السليم في المجتمع

«اصرف صح» مبادرة تعزز ثقافة الادخار والإنفاق السليم في المجتمع
12 نوفمبر 2013 21:16
بين الادخار والإسراف مساحات واسعة، وعدم التعرف إلى الخطوط الفاصلة بينهما، يودي بالكثيرين إلى موارد التهلكة، خاصة من ينفقون أموالهم بغير ضابط ولا رابط نتيجة غياب ثقافة الإنفاق السليم، والرغبة في تلبية الحاجات وإشباع الطموحات والتطلعات من دون النظر إلى القدرة الحقيقية على الصرف والإنفاق، ما يجعلهم يسقطون في هاوية القروض وتعرض حياتهم لاهتزازات، هم في غنى عنها إذا ما أحسنوا التصرف في أموالهم. هنا تظهر أهمية مبادرة «اصرف صح» التي أطلقتها مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب بهدف تشجيع فئات المجتمع كافة على اتباع الطرق السليمة في التعامل مع أموالهم، وإشباع متطلباتهم، وفقاً لقدراتهم. أحمد السعداوي (أبوظبي) - مبادرة «اصرف صح»، حسبما قالت ميثاء الحبسي، الرئيس التنفيذي للبرامج في مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب، إنها المبادرة الأولى من نوعها في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتهدف إلى تعزيز مستوى الوعي لدى الشباب المواطن حول الإدارة المالية الأكثر فعالية، وذلك من خلال إرشادهم إلى أفضل الطرق للإنفاق السليم وتشجيعهم على الادخار ومساعدتهم على تجنب مخاطر الديون المتراكمة. كما تهدف المبادرة أيضاً إلى تعزيز علاقات المؤسسة مع المجتمع وتحقيق استراتيجيتها القائمة على تنمية المهارات القيادية وتمكين ودمج الشباب في المجتمع، بما يوفر مستقبلاً أكثر استدامة للدولة، وذلك من خلال مساعدتهم على التصدي للتحديات التي تواجههم في حياتهم اليومية على الصعد كافة. وأوضحت أن هذه المبادرة التي تأتي في إطار برامج الدمج الاجتماعي التي تقدمها مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب، تستهدف تثقيف الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين سن 15 وحتى 25 عاماً حول كيفية إعداد الميزانيات القصيرة المدى والطويلة الأجل والتعامل مع البنوك وكيفية إدارة الأموال بطريقة سليمة تساعدهم في المستقبل. وهذا لا يعني أن المبادرة سوف تقتصر على فئة الشباب فقط، بل هي متاحة للراغبين في تعزيز مستوى وعيهم بالثقافة المالية الشخصية واكتساب مهارات إدارة شؤونهم المالية والتخلص من الديون والابتعاد عن الأنماط الاستهلاكية الخاطئة. حس المسؤولية وأوردت الحبسي أنه لا توجد معايير محددة لاختيار أعضاء نادي المئة عموماً، ولكن ينبغي أن تتوافر لديهم الرغبة في مساعدة أقرانهم على نشر الوعي بالثقافة المالية التي يفتقر إليها الكثير من الشباب في الدولة. كما على هؤلاء الأفراد التمتع بحس المسؤولية للمساهمة في إيجاد جيل من الشباب واعٍ لمسؤولياته تجاه وطنه وتقدمه وتنميته وما يترتب عليه من معرفة تامة بكيفية إدارة الشؤون المالية الشخصية مما يخلق مجتمعاً متماسكاً. وذكرت أن إعداد المشاركين لهذه المهمة، جاء من خلال تعاون مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب مع العديد من الجهات في القطاعين العام والخاص، بما فيها مؤسسات أكاديمية ومصرفية وخبراء عالميون في هذا المجال لإعداد أعضاء نادي المئة والذين سيقومون فيما بعد بنقل الخبرات التي اكتسبوها إلى زملائهم وأقرانهم من الشباب. ولتوفير أفضل الممارسات العالمية على هذا الصعيد تتعاون المؤسسة مع خبراء عالميين في مؤسسة «أوبريشن هوب الأميركية»، وهي المؤسسة العالمية الرائدة التي تعمل في مجال التمكين الاجتماعي ونشر الوعي المالي وتثقيف الشباب في دولة الإمارات حول كيفية الإدارة الفعالة لشؤونهم المالية وتعزيز ثقافة الادخار لديهم. آلية العمل وعن آلية وطريقة العمل التي سيطبقونها من أجل إنجاح هذه المبادرة وتوصيل أهدافها، تشرح الحبسي: لضمان نجاح المبادرة ستقوم المؤسسة بتنفيذ هذه المبادرة على ثلاث مراحل أساسية تم حتى الآن إطلاق مرحلتين هما تدشين حافلة «اصرف صح»، وهي حافلة تستوعب من 18 إلى 20 شخصاً، وتحتوي علي شاشات عرض للمحاضرات وأفلام لتجارب شخصيات فيما يتعلق بالثقافة المالية الشخصية، وهذه الحافلة ستقوم بزيارة أماكن تجمع الشباب في مختلف أنحاء الدولة، بما فيها المدارس والجامعات ومراكز التسوق لنشر الوعي بالثقافة المالية. أما المرحلة الثانية من المبادرة فتتمثل في «مشروع نادي المئة»، والذي سيساهم في تدريب 100 شاب إماراتي ليكونوا مرشدين في مواضيع تتعلق بالثقافة المالية وكيفية تعامل الشباب مع مدخراتهم. في حين تعمل المؤسسة على إطلاق المرحلة الثالثة بالتعاون مع مؤسسة «أوبريشن هوب الأميركية»، وتهتم بتطوير منهاج دراسي حول الإدارة والثقافة المالية بشكل يعكس ثقافة الشباب الإماراتي ووضعهم المعاصر، وهذا المنهاج سيتم تدريسه لطلاب الجامعات في مختلف إمارات الدولة وسوف يتضمن مساقاً دراسياً بواقع 4.5 ساعة دراسية يضم عدداً من الفصول والموضوعات المختلفة المتعلقة بدراسة السلوك المالي وعلاقته بأسلوب الحياة ومفاهيم الادخار وأدوات وضع الميزانيات ومناقشة مفهوم الاقتراض والتأثيرات الإيجابية والسلبية للقروض، بالإضافة إلى مفاهيم الاستثمار ونصائح للقيام باستثمارات ناجحة. وأشارت الحبسي إلى أن النتائج المتوقعة من هذه المبادرة، كغيرها من المبادرات التي تتبناها مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب، تُركز على إعداد أجيال من الشباب قادرة على المشاركة بشكل مستمر في السعي لتحقيق التقدم للدولة، وذلك من خلال المساهمة في تقديم قيمة اجتماعية لا تضاهى والالتزام بترسيخ العمل التطوعي كأسلوب حياة. ومن هنا فإن المؤسسة تقوم في الاستثمار ببرامج ومشاريع مستدامة وطويلة الأمد، وذات أثر ومردود اجتماعي وقابل للقياس وتتناول مبادرات المؤسسة الفرص والتحديات التي تواجه الشباب في الدولة، وتساعدهم على تحقيق إمكاناتهم. فنموذج عمل المؤسسة يقوم على ثلاثة ركائز أساسية، هي الاستدامة، بناء شراكات طويلة الأمد مع الهيئات والمؤسسات الأخرى والقدرة على قياس التأثير والعوائد المترتبة على الاستثمار المجتمعي الذي يتم تحقيقه في إلهام الشباب وتمكينه وتوجيهه لضمان مستقبل مستدام للدولة. عدم الوعي فاطمة السبع مدير مشاريع استراتيجية في بنك أبوظبي الوطني، وإحدى المنتسبات لمبادرة «اصرف صح»، قالت إن هناك أسباباً كثيرة شجعتها للالتحاق بهذه المبادرة المهمة لكثير من فئات المجتمع، حيث إنها عايشت تجارب مهمة لأشخاص وقعوا في أزمات نتيجة عدم الوعي بأساليب الإنفاق الصحيحة، وروت حكاية زميلة تطمح إلى قضاء عطلات مرفهة، وسيارة فاخرة ونمط حياة مترف، لكنها لم تكن قادرة على المحافظة على استدامة راتبها الشهري وبذلك لم تحقق ما خططت له، فقد أنفقت راتبها في كماليات يومية ولم تفكر في التوفير ما افقدها دخلها الشهري خلال أقل من 3 أسابيع فقط. وهناك زميلة أخرى، سحبت مبلغاً عن طريق البطاقة الائتمانية، وكانت تسدد أقل قسط شهري، ما راكم فوائد البطاقة ولم تعلم بذلك، بما أنها لم تكن تدري كيفية عمل البطاقات الائتمانية، وهذا يوضح أن عدم المعرفة الكافية بالمنتجات المالية وكيفية استخدام الخدمات المصرفية يؤدي إلى عواقب وخيمة. وعن دورها في هذه المبادرة، أوردت السبع، أن بنك أبوظبي الوطني هو أحد شركاء مؤسسة الإمارات لدعم هذه المبادرة. وبدأت مشاركة البنك في وضع استراتيجية لإطلاق البرنامج، حيث شارك ممثلو البنك في ورش عمل نظمتها مؤسسة الإمارات لمعرفة كيفية نشر رسالة الثقافة المالية ومعالجة سلبيات عدم المعرفة بإدارة الأموال في حياتنا، بالإضافة إلى البحث عن أفضل قنوات الاتصال والفئة المجتمعية المستهدفة بهذه الحملات التوعوية. وبناء على تلك الاستراتيجية، شارك البنك عبر مجموعة من موظفيه للمشاركة في إيصال رسالة البرنامج وأهدافه عن طريق دروس وورش عمل وبناء قادة مستقبليين ذوي معرفة بالإدارة المالية للقيام بدور معلمين في الإدارة المالية لغيرهم من الشباب والشابات من أجل ضمان وصول الرسالة إلى أكبر مجموعة ممكنة، بالإضافة إلى الدعم المادي من البنك لبرنامج الإدارة المالية من مؤسسة الإمارات. فرص النجاح وأكدت السبع توافر فرص نجاح جيدة للمبادرة، كون استراتيجية البرنامج جمعت أفضل الطرق لتقديم هذا البرنامج وإحداث تغييرات في الممارسات الخاطئة. وتتناول المبادرة اختلافات الفكر المالي، ووضع الميزانية والتوفير، والاقتراض والاستثمار، وهي مواضيع ومفاهيم يجب على الشباب فهمها من أجل تطبيقها والابتعاد عن الممارسات المالية غير المسؤولة، والتي تتسبب في خلل يومي وشهري وسنوي من ناحية الوضع المالي. وتهدف مبادرة «اصرف صح» لإيصال الرسالة بشكل يتقبله الجيل الحديث، ويكون نقطة تحول في ممارسات الصرف غير المسؤول بشكل عام. من ناحيتها، أشادت عفراء الغامدي، طالبة جامعية في المعهد الوطني للتعليم المهني، بـ»اصرف صح»، واصفة إياها بأفضل المبادرات التي تقدم للشباب، وتقوم بفتح أعين الشباب المواطنين، خاصة مع وجود كثير من الأمثال والمواقف التي توضح عاقبة سوء التصرف المالي، خصوصا مع شباب المواطنين كـ أخذ قرض لشراء سياره فقط للمظاهر، وهذا يعتبر أكبر خطأ يقع فيها الشباب، وهناك عواقب كثيره كـ عدم قدرته على تسديد الدين ولا يتبقى له الكثير من المال شهريا. وقالت عفراء «كثيرون يعتقدون أن المظهر مهم جدا في المجتمع، ويحكم على الشخص عن طريق الشكل الخارجي، وهذا خطأ، لذلك قلة من الناس من لا يهتم بذلك، ويعيش حياته متفادياً كلام الناس حوله ويعيش حياة طبيعية من دون قروض ولا ديون، وفي نظري أعتبر هذه الحياة صحية من بعد تجربتي ومشاركتي في اصرف صح». أما أحمد بن حريز المرّي، الطالب في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة الإمارات، فأوضح أنه التحق بالمبادرة في الثامن من أكتوبر الماضي، إيماناً منه بأهميتها في خدمة وتشجيع المواطنين على أن يعيدوا النظر في كيفية إنفاق أموالهم، وهذا يساعدهم على العيش بطريقة مستقرة وخالية من التقلبات المفاجئة، التي ربما عصفت باستقرار كثير من الأسر التي لم يحسن أفرادها التصرف في أموالهم. قادة المستقبل قالت فاطمة السبع، مدير مشاريع استراتيجية في بنك أبوظبي الوطني، وإحدى المنتسبات لمبادرة «اصرف صح»، إنها تشارك ضمن قادة المستقبل، حيث تم تأهيلها مع آخرين ليكونوا معلمي ثقافة مالية لغيرهم من الشباب والشابات في المؤسسات التعليمية. وفي مجال عملها مديراً للمشاريع الاستراتيجية في إدارة الاستدامة المؤسسية، تعمل على تطوير حملة توعوية للثقافة والإدارة المالية للعاملين في البنك، وهو أحد المشاريع التي تدعم استدامة الوضع المادي والاقتصادي للفرد والأسرة. «حفرة» القروض ذكر أحمد بن حريز المرّي، الطالب في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة الإمارات، أن بعض أصدقائه تعرض لانتكاسات مادية بسبب تسرعه ولهثه وراء القروض من دون دافع قوي للحصول عليها، وأحدهم بعد أن تخرج في الجامعة وعمل فترة بسيطة أخذ قرضاً لسيارة، أتبعه بآخر للزواج، وثالث لقضاء شهر العسل، ثم دخل في مسؤوليات الزواج، فوجد نفسه عاجزاً على الوفاء بهذه الالتزامات في ظل راتبه الذي لم يكن كبيراً، وإلى الآن يواجه مشكلات حياتية بسبب هذا التسرع، ويحاول اللجوء إلى بعض مؤسسات الدولة، كي تساعده على حل ما يواجهه من مشكلات، وكان عليه من الأصل تجنب ذلك، وأن لا «يطيح» داخل هذه الحفرة، بحسب المرّي. رؤية مستقبلية حول الرؤية المستقبلية لتطوير المبادرة، أكدت الحبسي أن المؤسسة تسعى دوماً للعمل على تعزيز تعاونها مع الجهات المعنية من بنوك ومدارس وجامعات من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الطلاب وتقديم أفضل المعايير العالمية فيما يتعلق بكيفية إدارة الأمور المالية الشخصية. وقد تم تطبيق هذه المبادرة على نحو تجريبي في أبوظبي ودبي، وسوف يتم التوسع في تطبيقها في المستقبل القريب لتشمل مختلف إمارات الدولة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©