الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

سلطان القاسمي: المسرح رسالة سلام وتوحد إنساني

28 مارس 2007 02:13
باريس- سامي مغربي ـ وام: ألقى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة مساء أمس باليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس الرسالة الدولية بمناسبة يوم المسرح العالمي الذي يحتفي به سنويا في هذا اليوم منذ عام 1962 وتم اختيار سموه لعرض أفكاره وتأملاته حول قضايا المسرح والسلام بين الشعوب هذا العام نظرا للتقدير الكبير الذي تلقاه شخصية سموه الكريم في الأوساط الثقافية والمسرحية العربية والدولية وما أحدثه سموه من تأثير عميق في مضمون الرسالة الإنسانية والثقافية والتربوية للمسرح· وفيما يلي نص الرسالة التي ألقاها صاحب السمو حاكم الشارقة: المسرح هذا العالم الساحر، تعرفت عليه عشقاً وحباً منذ نعومة أظافري عندما انجذبت إليه تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً من خلال المراحل الدراسية الأولى، كانت البداية بداية عفوية لم أحملها أكثر من كونها نشاطاً مدرسياً يغني الروح والعقل، ولم أدرك جوهره الحقيقي إلا عندما تصديت لتأليف وإخراج وتمثيل عمل مسرحي سياسي أغضب السلطة حينها، فقامت بمصادرة كل ما كان في المسرح وتم إغلاقه أمام عيني، فما كان من روح المسرح، لدى مشاهدتها العساكر بأسلحتهم، إلا أن تلجأ وتستقر في الوجدان، حينها أدركت قوة المسرح وجبروته، خصوصا في مواجهة من لا يتحمل الرأي الآخر، وتيقنت من الدور الخطير الذي من الممكن أن يلعبه المسرح أو يقوم به في حياة الشعوب· ثم تجذر هذا الإيمان وتعمق في وجداني طوال سنوات دراستي الجامعية في القاهرة، من خلال ما نهلت من كل ما كتب عن المسرح وما شاهدت من عروض بكل أنواعها، كما تعمق هذا الوعي في السنوات اللاحقة من خلال متابعاتي للمسرح الأوروبي بشكل عام، والمسرح الإنجليزي خصوصا إبان مواصلتي دراساتي العليا· ومن خلال قراءاتي في المسرح منذ عهد الإغريق حتى يومنا هذا أدركت السحر الكامن في عوالم المسرح في سبر أغوار النفس البشرية ومكنوناتها، وفتح المغاليق التي تحتويها، مما رسخ لدي قناعة واسعة بأن المسرح بوصفه هذا يشكل عامل توحد إنساني يستطيع من خلاله الإنسان أن يغلف العالم بالمحبة والسلام، ويفتح آفاق حوارات بين مختلف الأجناس والأعراق والألوان على اختلاف معتقداتهم الإيمانية، فكان عاملاً مضافاً لي في تقبل الآخر على ما هو عليه، وأدركت أن الخير يوحد البشر، وأن الشر يفرقهم· صراع الخير والشر فإذا كان ناموس المسرح قائماً على صراع الخير والشر في جوهريهما إلا أن طبيعة الإنسان السوية في الغالب الأعم ميالة ومنحازة إلى جانب الخير·الحروب التي حاقت بالبشرية منذ قديم العصور بواعثها مكنونات شريرة لا تقدر الجمال· والجمال المكتمل لا يتوفر في فن من الفنون بقدر ما هو عليه في المسرح، فهو الوعاء الجامع لكل فنون الجمال، ومن لا يتذوق الجمال لا يدرك قيمة الحياة· والمسرح حياة، فما أحوجنا اليوم إلى نبذ كل أنواع الحروب العبثية والاختلافات العقائدية التي تؤجج من دون وازع من ضمير حي، ومشاهد العنف والقتل العشوائي تكاد تغلف المعمورة بأسرها، مصحوبة بهذه الفوارق الشاسعة بين غنى فاحش وفقر مدقع، بين أجزاء من العالم منكوبة بأوبئة لا تتضافر قوى الخير من أجل القضاء عليها كأمراض الأيدز وغيرها من الأوبئة المستوطنة، إلى مشكلات التصحر والجفاف في ظل انعدام الحوار الحقيقي مع بعضنا بعضاً من أجل العالم الذي نعيش فيه مكاناً أفضل· يا أهل المسرح، إن عاصفة قد حلت بساحتنا من شدة ما يثار حولنا من غبار الشك والريبة، حتى كادت أن تحجب وضوح الرؤية لدينا، وأصواتنا لا تصل آذان كل منا من كثرة الصراخ والفرقــة التــي تباعــد بين الشعوب، وتكاد العاصفة تطوح بنــا لتبعدنا عن بعـضنا لولا إيماننـا الراسخ بدور المسرح القائــم على الحــوار أصــلا· إذا، لا بد لنا من التصــدي والتحدي لمن ينفخ في تلك الأبــواق لإثارة تلك العواصف، ليس لتحطيم هذه الأبـــواق، ولكـــن بالنأي بأنفسنا عن تلك الأجواء الملوثة، وتكريس جهـــودنا بالتـــواصل وإقامة علاقات المودة مع المنادين بالتآخي بين الشعوب· نحن كبشر زائلون، ويبقى المسرح ما بقيت الحياة''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©